الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباحث المنصف أن يرجع إلي الإضافات الجديدة التي ظهرت بعد الخمسينات والتي تكشف فساد ما كتبه جورجي زيدان وفارس نمر وسليم سركيس.
والجديد يجلو الحقيقة، فما كتبه جواد رفعت ومحمد جميل، وعبد الله التل والعقاد وخليفه التونسي وعجاج نويهض وتوفيق برو فإن هذه الكتابات قد غيرت تلك الصورة الزائفة التي ما زال يعتمد عليها خصوم الإسلام.
والقضية: أن اليهود عندما أحسوا بأن السلطان عبد الحميد قد وقف في طريقهم نهائيًّا عملوا على تصفيته، ومهدوا لذلك باتهامه بالاستبداد والفساد، وأذاعوا ذلك في صحف الموارنة في مصر مثل المقطم والهلال والمقتطف وغيرها.
ثم جاء أحمد أمين وأمثاله فنقلوا منهم؛ لأن الحقائق لم تكن قد تكشفت بعد، ولم تكن البروتوكولات قد ترجمت. إلى العربية، فلماذا هذا التزييف بحجب مرحلة من الحقائق، والعودة إلى إذاعة ما قبلها من الضلال بإعلاء شأن مدحت وأتاتورك، وهما من هما في الخيانة والتبعية.
*
الرجل الصنم .. والخائن الأكبر مصطفى كمال أتاتورك الذي أسقط دولة الخلافة وأتى بالعلمانية:
- قال هذا الزنديق في افتتاح البرلمان التركي عام 1923:
"نحن الآن في القرن العشرين لا نستطيع أن نسير وراء كتاب تشريع يبحث عن التين والزيتون"(1).
*
اصطناع البطل الوهمي أتاتورك:
لقد كانت اللعبة العالمية تقتضي اصطناع (بطل) تتراجع أمامه جيوش
(1)"كلهم سلمان رشدي"(ص 27).
الحلفاء الجرارة! وتعلق الأمة الإسلامية اليائسة فيه أملها الكبير وحلمها المنشود، وفي أوج عظمته وانتفاخه ينقض على الرمق الباقي في جسم الأمة فينهشه ويجهز عليها إلى الأبد! وهذا أفضل قطعًا من كل الـ "مائة مشروع لتقسيم تركيا"(1) وهدم الإسلام.
- وتمت صناعة البطل بنجاح باهر ووقف يتحدى الحلفاء وألقى باليونان في البحر (2)، ولم ير الحلفاء بدًا من التفاوض معه! وكانت ثمرة المفاوضات هي - الاتفاقية المعروفة باتفاقية "كيرزن" عام 1923 ذات الشروط الأربعة:
"1 - إلغاء الخلافة الإسلامية نهائيًّا من تركيا.
2 -
أن تقطع تركيا كل صلة مع الإسلام.
3 -
أن تضمن تركيا تجميد وشل حركة جميع العناصر الإسلامية الباقية في تركيا.
4 -
أن يستبدل الدستور العثماني القائم على الإسلام بدستور مدني بحت (3).
- ويصف المؤرخ (آرمسترونج) خطوات تنفيذ الاتفاقية قائلاً:
"انطلق كمال أتاتورك يكمل عمل التحطيم الشامل الذي شرع فيه وقد قرر أنه يجب عليه أن يفصل تركيا عن ماضيها المتعفن الفاسد، يجب عليه أن يزيل جميع الأنقاض التي تحيط بها، هو حطم فعلاً النسيج السياسي القديم، ونقل السلطنة إلى ديمقراطية، وحول الامبراطورية إلى قطر فحسب، وجعل
(1) عنوان كتاب ألفه جوفار ولخصه الأمير شكيب أرسلان في حاضر العالم الإسلامي.
(2)
الأبطال الحقيقيون لحرب الاستقلال ذكرهم مؤلف كتاب "الرجل الصنم" وعلى العموم، فإن شجاعة المجاهدين الاتراك هي التي مكنت أتاتورك من ركوب الموجة، انظر الفصل الرابع من الكتاب المذكور.
(3)
"المخططات الاستعمارية لمكافحة الإسلام" لمحمد محمود الصواف (ص 174).
الدولة الدينية جمهورية عادية، إنه طرد السلطان (الخليفة) وقطع جميع الصلات عن الامبراطورية العثمانية، وقد بدأ الآن في تغيير عقلية الشعب بكاملها وتصوراته القديمة وعاداته ولباسه وأخلاقه وتقاليده وأساليب الحديث ومناهج الحياة المنزلية التي تربطه بالماضي" (1).
- وامتدح توينبي عمله واعتبره أعظم من هتلر عبقرية في فن الهدم وقطع الصلة بالماضي، وقال:"إن الدولة القومية التركية التي أقامها مصطفى كمال على النسق الغربي تبدو -وقت كتابة هذه السطور- عملاً ناجحًا لم يتحقق مثله حتي ذلك الوقت في أي بلد إسلامي آخر"(2).
- وامتدحه ولفرد كانتول سمث -على طريقته الخاصة- قائلاً: " .. رأينا تركيا في سبيل رفعة شأنها وخلق مثل عليا جديدة لم تتردد في سحق السلطات الدينية وألغت تعاليمها وحررت الإسلام وكشفت النقاب عن الدين الحق القويم!! "(3).
نصب مصطفى كمال نفسه إلهًا من دون الله يشرع للأمة كما يشاء، فلفق قانونًا فريدًا يتكون أكثره من القانون السويسري والقانون الإيطالي وغيرهما وأكمل الباقي من عنده، ومع ذلك فهو يدعي أنه كله من عنده قائلاً:
"نحن لا نريد شرعًا فيه قال وقالوا ولكن شرعًا فيه قلنا ونقول"(4).
- ويصف أحد الكتاب الغربيين جلسة في مجلس النواب فيقول أن مصطفى كمال وقف قائلاً:
(1)"الصراع بين الفكرة الغربية والفكرة الإسلامية"(ص 16).
(2)
"مختصر دراسة التاريخ" لأرنولد توينبي (3/ 113).
(3)
"الإسلام والخلافة" لعلي الخربوطلي (ص 285).
(4)
"حاضر العالم الإسلامي" لستودارد (3/ 343).
"إن التشريع والقضاء في أمة عصرية يجب أن يكونا عصريين مطابقين لأحوال الزمان لا للمبادئ والتقاليد".
- ثم اقتفاه وزير العدل شارحاً ومفسراً:
"إن الشعب التركي جدير بأن يفكر بنفسه بدون أن يتقيد بما فكر غيره من قبله، وقد كان كل مادة من مواد كتبنا القضائية مبدوءة بكلمة قال المقدسة، فأما الآن فلا يهمنا أصلاً ماذا قالوا في الماضي بل يهمنا أن نفكر نحن ونقول نحن"(1).
- ويعترض عليه مرة أحد القانونيين بقوله:
"إن هذا النظام الذي تريدون وضعه لا يوجد في أي كتاب للقانون".
فيتلقى الجواب التالي:
- "إن النظم ليست إلا أشياء وأموراً تكيفت ومرت من التجارب .. على أن أنفذ ما أريد وعليكم أن تدرجوا ما أعمل في الكتب!! "(2).
ونتيجة التطرف والغلو المفرط والأعمال التي لا مبرر لها إلا تنفيس الحقد الأوربي على الإسلام ومركب النقص الذي كان يستشعره الكماليون -اتخذت تركيا المتعلمة تدبيرات وإجراءات غريبة حقًّا:
فقد ألغت بالعنف والإرهاب الكتابة التركية بالأحرف العربية ثم تجرأت فحرمت الأذان بالعربية، وكتبت المصحف أو ترجمته بلغتها الهجين، وحددت عدد المساجد وأقفلت كثيراً منها أو حولته إلى ما لا يتفق وقداسته كما فعلت بجامع أيا صوفيا، وألغت وزارة الأوقاف. وفرضت بقوة السلاح المسخ الفكري وحتى المظهري على الأمة لا سيما معركة القبعة الأوروبية التي
(1) المصدر السابق (3/ 344، 345).
(2)
"الرجل الصنم" لضابط تركي سابق (ص 205).