الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بالجرأة الكافية، ويقدم على حلها.
- ويقول في موضع آخر: "إن الدين يأبى إلا أن يخوض على غير بينة (!!! ) في مسائل الطبيعة والكونيات، وهو ينتظر مصلحين جرآء يقدمون دون مخافة ولا وجل على إصلاح هذا الفساد وعلى إبعاد الدين عما ليس من اختصاصه" وهو هنا يُسقط الموقف الكنسي على المنهج الإسلامي، ومحاولته الوصول بالإسلام إلى ما آلت إليه النصرانية، على ما بين المنهج المحرف وكتاب الله المحفوظ من تضاد" (1).
*
إبراهيم مصطفى وكتابة "إِحياء النحو
":
دعا طه حسين دعوة خبيثة إلى ما يسميه تيسير النحو فقال: "إن أبينا إلا أن نمضي كما كان النحو وكما كانت الكتابة، فلا بد أن ينشأ عن هذه اللغة العربية الفصحى القديمة لغات مختلفة كما نشأت الإيطالية والبرتغالية عن اللغة اللاتينية القديمة". وهي دعوة إلى تبديل قواعد النحو والصرف.
- يقول الدكتور محمد محمد حسين: إن أصحاب النحو الجديد أو ما يسمونه (تيسير النحو) شعبة من تلك الفرقة الموكلة بهدم تراثنا وقطع كل صلة تربطنا به، فهم لا يهدمون لأن الهدم هو وسيلتهم إلى البناء من جديد، كما يزعمون، ولكنهم يهدمون في حقيقة الأمر لأن الهدم هو هدفهم وغايتهم، وهم بهذا الهدم يمهدون الأرض ويسوونها لبناء جديد ولكنه للأجنبي لا لنا، يسيطر فيها الذين يسخرونهم لما يعملون من بعد ما يشاءون.
زعم أصحاب القواعد الجديدة أن قواعد النحو التي صنعتها اثنا عشر قرنًا سخيفة معقدة.
(1)"اليسار الإسلامي خنجر في ظهر الإسلام" للأستاذ عبد السلام البسيوني - ص (29) - مكتبة الأقصى - الدوحة - قطر.
وبقي أن نسأل أصحاب التيسير: كيف يصنع الناس بكتب التفسير والحديث والفقه وشروح دواوين الشعر التي تمتلئ صفحاتها باصطلاحات النحو المتبادلة والتي حكموا عليها بالإعدام، وبقي أن نسألهم: هل استشرتم العرب جميعًا فيما صنعتموه بل وهل استشرتم المسلمين الذين لا يستغني فقهاؤهم عن هذه اللغة التي لا تستعمل غير اصطلاحات النحو الذي يريدون أن يلحقوه بكل ما يريدون إعدامه والقضاء عليه من قديم، أم أنهم لا يعرفون أن هذه اللغة ليست ملكًا لطه حسين وإبراهيم مصطفى والقوصي ومن شايعهم ممن يخافهم أو يرجوهم أو يضله شيطانهم؛ بل هي ليست ملكًا للمصريين وحدهم، بل هي ليست ملكًا للعرب وحدهم ولا للمسلمين وحدهم من أهل هذا الجيل، وإنما هي أمانة يتحتم علينا أن نحفظها للأجيال من بعدنا كما تلقيناها عمن قبلنا، زعم طه حسين في تقريره الذي قدمه إلى وزير المعارف عام 1935 فألقاه في سلة المهملات أن الناس مجمعون على أن تعلم اللغة العربية وآدابها في مصر في حاجة شديدة إلى الإصلاح، ورد نفور الطلبة من الدراسات العربية إلى اللغة العربية وما يتصل بها من العلوم والفنون ما زال قديمًا في جوهره بأدق معاني الكلمة، فالنحو والصرف والأدب تعلم الآن كما كانت تعلم منذ ألف سنة.
ولم يمض على هذا التقرير سوى سنتين حتى صدر كتاب في النحو نسقه إبراهيم مصطفى على ما تخيله طه حسين في تقريره ذاك، وقدم له طه حسين واقترح له اسمًا ضخمًا عريضًا فيه كثير من التبجح والادعاء فسماه "إحياء النحو" والمقول بأن إحياء النحو هو الحلقة الثانية من سلسلة تيسير النحو وهو الصورة التنفيذية لمذكرة طه حسين، ومذكرة طه حسين صريحة في أن الخطوط الأولى ليست إلا تمهيدًا لما يجيء بعد من التطور الذي سيأتي وسيتحقق شيئًا فشيئًا.