الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من القوانين الكافرة، وحاول الذين وضعوه وناقشوه استرضاء الرأي العام بجعل الشريعة الإسلامية المصدر الثالث، يرجع إليها القاضي حينما لا يجد مراده في نصوص القانون ولا العرف" (1).
*
دعوى موافقة القانون المدني للشريعة الإِسلامية:
زعم واضع القانون المدني أن نصوصه موافقة للشريعة الإسلامية ولا تعارض بينهما، يقول في المذكرة الإيضاحية للمشروع التمهيدي:"ما ورد في المشروع من نصوص يمكن تخريجه على أحكام الشريعة الإسلامية دون كبير مشقة، فسواء وجد النص أم لم يوجد، فإن القاضي بين اثنين، إما أنه يطبق أحكامًا لا تتناقض مع مبادئ الشريعة الإسلامية، وإما أنه يطبق الشريعة الإسلامية ذاتها"(2).
والدكتور السنهوري يتناقض مع نفسه ففي المناقشة التي جرت بينه وبين الأستاذ الدكتور حامد بك زكي أستاذ القانون المدني في كلية الحقوق بجامعة فؤاد، قال الدكتور السنهوري:"المشروع في أساسه وفي بعض نصوصه يتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية"(3)، فهو هنا يقول: إن القانون متفق مع الشريعة في بعض أحكامه لا كلها، وأحب أن أنقل للقارئ الكريم شيئًا من المناقشة التي جرت بين حامد بك والسنهوري في مجلس الشيوخ المصري.
قال حامد بك زكي: إن الجزء العام في القانون خاص بنظرية الالتزامات ومصادرها، وهذا الجزء على ما أذكر قد تناولته المواد من 19 إلى 450 فهو كله أوربي أي روماني.
(1)"المدخل" لعلي علي منصور (ص 103).
(2)
"القانون المدني - الأعمال التحضيرية"(1/ 20).
(3)
المصدر السابق (1/ 90).
معالي السنهوري باشا: إنه قضاء مصري متفق مع الشريعة الإسلامية (1).
حامد بك زكي: أنا عندما أقول إنه أوربي إنما أعني بذلك أنه روماني.
معالي السنهوري باشا: قل ما شئت، والمهم أنني أقول. إن هذا إنما هو قضاء مصري.
حامد بك زكي: أريد أن أصل إلى القول بأن الأحكام الخاصة بالعقود إنما هي تطبيقات للأحكام الواردة في باب الالتزامات تحت اسم العقود، وأنا من هذه الناحية - أعلن صراحة أن المشروع إنما هو مشروع أوربي بحت، وأعلن أنني أوافق على هذه الفكرة، ولكن أريد أن أصل إلى القول بأن الشريعة الإسلامية قد رجع إليها في بعض المسائل الخاصة باستلهام بعض أحكامها.
الرئيس: إذا نظرنا إلى العلاقات بين الأفراد منذ الخليقة الأبدية نجد أن فلسفة الحياة الموضوعية تتقارب (2).
لقد كان حامد زكي صريحًا عندما أعلن أمرين: الأول أن القانون المدني قانون أوربي روماني بحت، والثاني: أنه راض عن هذا، وأنه لا يرضى بأن تكون الشريعة الإسلامية مصدرًا للتشريع، وقد وضح رأيه هذا في بقية المناقشة.
أما الدكتور السنهوري فإنه يريد أن يجعل القانون المأخوذ من القوانين الأوربية موافقًا للشريعة الإسلامية (3).
(1) هذا الاتفاق لا قيمة له، فإن الشريعة الإسلامية كما بينا في مبحث "خصائص الشريعة" وحدة منسجمة مستقلة، وما يلاحظ بينها وبين غيرها فإنما هو اتفاق عرضي، ثم إن هذه القوانين كما يقول الدكتور محمد عبد الجواد مهما نقلت أو اقتبست من الشريعة لا تزال تحتفظ بأصولها الأجنبية، راجع "بحوث في الشريعة والقانون"(ص 39).
(2)
"القانون المدني - الأعمال التحضيرية"(1/ 91).
(3)
هذا الذي قام به السنهوري لا يأبى أضل أهل الأرض عن القيام به، فالكفار لا يمتنعون =