الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
مدرسة يوسف الخال (مدرسة الحزب القومي السوري) منطلق العمل الشعوبي وأساس البناء التغريبي وحاملة لواء الفينيقية والوجودية:
- يوسف الخال - غسان تويني - لويس الحاج - أدونيس - توفيق صايغ - جبرا إِبراهيم - غادة السمان - ليلى بعلبكي:
"تمثل مدرسة الحزب القومي السوري الأدبية منطلق العمل الشعوبي وأساس البناء التغريبي في هذه المرحلة، فهي تحمل لواء الإقليمية والفينيقية، والوجودية وكل شتات الدعوات الوافدة لتزييف أصالة الأدب العربي.
وعلى قمة هذه المؤسسة: يوسف الخال، غسان تويني، لويس الحاج، وقد أفرزت: أدونيس، وتوفيق صايغ، ويوسف حبش الأشقر، وجبرا إبراهيم جبرا، وليلى بعلبكي، وغادة السمان، وقد احتضنت هذه المؤسسة التيار الماركسي والوجودي والبعثي، وفي أحضانها نمت كتابات وأشعار: البياتي، وكاظم حداد وعبد المعطي حجازي، والسياب وصلاح عبد الصبور، ومن أكبر دعاتها: أدونيس ولويس عوض وقد تصدروا مجلات أدب وحوار وشعر، ويصور الباحثون منطلق هذا العمل بأن القوميين السوريين الذين صودرت دعوتهم الهدامة منذ سنوات، قد وجدوا في الأدب والشعر منطلقًا جديدًا، يقول: فيشعر القوميون السوريون أن "فينيقيا" هي فردوسهم المفقود، وهي أرضهم الموعودة التي يحلمون بها ويحاولون إعادتها إلى الواقع الحي" وهذا الحنين إلى فينيقيا أو إلى سوريا الكبرى بلغة الاصطلاحات الحديثة يملأ شعر القوميين السوريين وخاصة أدونيس وهو أنضج هؤلاء الشعراء فنًا وأكثرهم تعبيرًا عن هذه الفكرة، وكانت جريدة النهار هي بوتقة العمل، يقول طلال رحمة: كانت الأسماء التي ظهرت على صفحات جريدة النهار بمجملها من الناحيتين السياسية والفكرية، امتدادًا طبيعيًا لأوائل المبشرين اللبنانيين والسوريين فيما يسمى عصر النهضة الأدبية، وفي أواخر الأربعينات هزمت
الحركة النازية وتقدمت على أنقاضها الحركة الشيوعية، وعربيًا اتضح الصراع الصهيوني -العربي- ومعه جاءت الهزيمة الأولى، واستعان غسان تويني (بكالوريس الاقتصاد والسياسة من جامعة هارفارد الأمريكية) برفيقه في الحزب السوري القومي الاجتماعي ورفيقه في الجامعة (الرفيق يوسف الخال) ورسمه عرابًا على صقلية الأدب والفن في النهار، ومع يوسف الخال بدأ عهد جديد كان مطلعًا على الأدب العربي، ومتأثرًا بشارل مالك الذي لم يكن معجبًا بالتراث العربي، فأقام نوعًا من التوازن، وحمل يوسف الخال عن أستاذه شارل مالك لواء (الفكرة اللبنانية - الفينيقية).
- يقول طلال رحمة: امتازت هذه المرحلة تحت ستار التجديد والتحديث بتسخيف التراث العربي بما في ذلك ابن خلدون وابن سينا، وابن المقفع وابن الرومي، وبتقديس كل ما هو أجنبي.
وأخرج يوسف الخال مجلة شعر التي لعبت دورًا كبيرًا وخطيرًا في الحياة الثقافية، ثم اتجه جبرًا إلى أن يتخلص من أداة الوصل، فبدلاً من أن يقول:(أيها الشاب الذي يموت باكرًا) خرج بتطبيقات لتحطيم اللغة العربية تحت بند التجديد من مثل (يا الشاب اليموت باكرًا)، وكان سعيد عقل يتابع جهوده من أجل تحديث اللغة وتطويرها عبر دعوته الصريحة إلى الكتابة باللغة العامية الدارجة (لبنان أن حكى)، وبالحرف اللاتيني (يارا)، فالتقى مع جماعة النهار وكان لقاءً عظيمًا نجم عنه انسداد نوافذ لبنان الفكرية على المنطقة العربية ونحو انعزالية ثقافية دعمت الانعزالية السياسية في ذلك الحين، ثم تولى أنسى الحاج جريدة النهار، وتولى توفيق صايغ مجلة حوار، وتولى أدونيس مجلة مواقف، وقد كشف طلال رحمة عن مبادئ هذه الجماعة، فذكر أن أهمها هي: نهش اللغة العربية كلغة وكتراث واستخدام الكلمات واللهجة العامية بالإضافة إلى تركيب الجملة وفق الأسلوب الفرنسي.
كذلك نهش جميع المفكرين والكتاب الأحياء منهم الأموات الذين تجرأوا وآمنوا إما بالعروبة السياسية أو بالحضارة العربية ثقافيًا (لا أعترف بوجود الكتاب الكبار أمثال طه حسين، وعباس محمود العقاد، وتوفيق الحكيم .. إلخ) هذه هي الخلفية للمخطط الذي سارت عليه مؤسسة الشعوبية والتغريب التي اتصلت خيوطها بما قام في مختلف العواصم العربية من محاولات لبناء الواجهة الشعوبية، فكانت بيروت بمجلاتها ومؤسساتها هي العامل الموجه للحركة في هذه المرحلة التي نؤرخها، ويتابع الاستشراق هذه المحاولة ويؤيدها، فنجد أمثال (جاك بيرك) يصدر كتابًا يسجل فيه المحاولة التي تعاونت الشعوبية والتغريب والماركسية عليها في سبيل تحويل مجرى الأدب العربي، والتأثير في مجالاته بالأدب الجنسي المكشوف في القصة وكسر عمود الشعر في النظم وإقامة الأسلوب اللبناني التوراتي في النثر، فقد أصدر كتابه (في الأدب العربي) عام 1966، وحشد فيه دعاة التجديد في هذه المؤامرة الخطيرة، وهم: نجيب محفوظ، لويس عوض، بشر فارس، حسين فوزي، محمود أمين العالم، عبد الرحمن الخميسي، سعيد عقل، أدونيس، ميخائيل نعيمة، محمد كامل حسين، جبران، سلامة موسى، طه حسين، الجوهري، أمين الخولي، صلاح عبد الصبور، هذه الواجهة الشعوبية العريضة التي كانت سببًا في نكسة 1967.
- يقول الأستاذ محمد التازي تحت عنوان "نكسة الأدب": إن الأدب المغربي الذي لم تفاجئه الهزيمة وما نجم عنها من أحداث بل وجد في الهزيمة دليلاً على صدق حدسه وإحساسه، ففي الوقت الذي ظهر فيه أدب التشاؤم واليأس والشك في كل القيم والمقومات الأخلاقية والإنسانية، حرص الأدب المغربي على التأكيد على ضرورة التمسك بالأصالة الروحية للإنسان العربي، ونحن على خلاف واضح مع بعض النقاد العرب، فعندما لاحظوا سطحية
الأدب العربي بعد الهزيمة وتعبيره المباشر عن آثارها، زعموا أن ذلك يرجع إلى فقدان العمق والأصالة في الثقافة العربية المعاصرة، بينما زعمنا أن الثقافة العربية غنية بالعمق والأصالة، وأن مرد السطحية الملاحظة هي سقوط الأدب بين براثن الإعلام، فلا الأدب استمر على أصالته محافظًا على مقوماته، وكانت كارثة الإعلام العربي الممهدة للكارثة العسكرية، وبذلك فقدت الكلمة إشراقها وصدقها ونفاذها، وأخذ المواطن العربي يكذب كل ما يسمع ويقرأ بعد أن كان يصدق كل ما يسمع وما يقرأ، وأصبحت المشكلة في نظرنا ليست مشكلة تعبير وقول تبليغ، وإنما المشكلة تصديق ما يكتب وما ينشر، فقد فقدت الثقة بين الأديب والإنسان العربي حين اكتشف هذا الإنسان الطيب المكافح أنه كان ضحية للمذياع والتلفاز والصحيفة والكتاب قبل أن تزحف عليه قوى الشر بأسلحتها الفتاكة لتغتاله وتحرقه وتشرده، وقد انفصل الأدباء العرب بعد النكسة إلى ثلاث فئات:
1 -
"فئة النكسة": التي تعتقد أن ما حدث يوم 5 يونيو هو مجرد نكسة أصابت الكفاح العربي، وأنها لا يجب أن تؤثر بأي حال في السياسة والمنهج والأسلوب والتفكير وكل ما كان خطه العمل قبل 5 يونيه، وهؤلاء الذين أريد لهم أن يرفعوا علم النكسة بعد الحرب واتخذوا من الكلمة مسوغًا للاستمرار في السياسة.
2 -
"فئة النكبة": أولئك الأدباء الذين أطلقوا على ما حدث يوم 5 يونيه اسم النكبة ليعبروا من خلال هذه التسمية عن استمرار شكهم في السياسة والمنهج والأسلوب الذي كان سائدًا قبل 5 يونيه وزادتهم النكسة اقتناعًا بتفكيرهم وتأكيدًا لشكهم.
3 -
"الفئة الثالثة": "وتسمى ما وقع بعد الخامس من يونيه بالهزيمة العسكرية لتحدد مسئولية ما وقع، ولتضع خطًا فاصلاً بين المسئولية الشعبية التي انزوت وخفتت، وبين المسئولية العسكرية التي أوشكت أن تقضى عليها،
وإذا كان المستقبل من صنع الحاضر؛ فإن الحاضر من صنع الماضي، والذين لا يتذكرون الماضي محكوم عليهم أن يعيدوا أخطاءه ولو لم يريدوا ذلك، ومجرد رفض الماضي لا يقيم حاضرًا ولا يعد لمستقبل، إن المثقفين العرب قصروا في واجبهم نحو الجماهير التي تحولت من فعل مؤثر إلى متفرج في حلبة الصراع، حيث يتصارع الطموح الشخصي على حساب قضية الجماهير، فأوشكت هذه الجماهير أن تفقد حس المعركة، إن المثقفين كانوا يجهلون كل شيء عن العدو المتربص بهم، إن المثقف العربي أكره في كثير من أجزاء الوطن العربي على تجنب تحليل هذا الرفض وتعميقه لدى الإنسان العربي". اهـ.
- "ونضيف إلى ذلك أن الذين تولوا الثقافة في أغلب البلاد العربية كانوا ماركسيين وشعوبيين، وكانوا على هوى مع الصهيونية الشيوعية، ولذلك فقد وجهوا الأدب بمختلف فنونه وجهة أخرجته عن الأصالة وردته إلى أساليب جوفاء، ثم كان لهم بعد النكسة الادعاء الباطل بأن التراث العربي الإسلامي هو سبب الهزيمة وأن النصر لا يأتي إلا بالانصهار الكامل في الفكر الغربي وخاصة الماركسية، وقد كشف هذا عن مؤامراتهم الخطيرة في بناء الواجهة الشعوبية، ومدى الخطر الذي لحق بالقيم وبالأمة وبالكيان من جراء هذه السيطرة التي بدأت عام 1960 تقريبًا على الصحافة ووسائل الإعلام والسينما والمسرح، ولكن السنوات التي تلت النكسة ما لبثت أن حطمت هذا الاتجاه وكشفت عن فساد التماس العالم الإسلامي والعرب لمنهج الماركسية، كما تكشف من قبل فساد تبعيته لمنهج الليبرالية تمامًا، وتبين للعرب أنه ليس هناك إلا طريق واحد: هو طريق الأصالة الذي يستمد مقوماته من القيم الإسلامية التي بناها القرآن، وكان مجرد الاتجاه نحو هذا الهدف هو منطلق النصر الذي تحقق في العاشر من رمضان، فدل بذلك على سلامة