الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
- العدد (200 - 726) الصادر (11/ 1/1991) يكتب غالي شكري "مكاشفات بين الأضواء والظلال، يتحدث فيها عن ثقافة الإرهاب، كما يسميها التي تتحدث عن الإسلام ولا تؤمن بزعماء العلمانية في مصر الذين يرون الدين مجرد عبادات ولا يؤمنون بالخلافة ويصرّون على التبعية للغرب"(1).
ويكتب مدير التحرير في العدد ذاته مرحبًا بهجرة اليهود السوفيت إلى العالم العربي - وهذه المجلة "مجلة الوطن العربي" ممولة من العراق وتخدم "حزب البعث العربي الاشتراكي ومبادئه" وما خفي كان أعظم يا صدام .. أيها الخائن القذر والعميل الوقح .. وعدو الإسلام وقاتل المسلمين.
*
د. محمد النويهي، حملته الشرسة على الإسلام، واعتباره حجر عثرة في سبيل تحقيق الغزو الفكري، ويدعو المسلمين إِلى التخلي عن مقدساتهم وتصوراتهم وقيمهم:
- يقول الدكتور محمد النويهي: "ليس هدفي أن أبسط رأي الشخصي في العقيدة الدينية وصحتها أو فسادها، وحاجة الإنسان إليها أو استطاعته الاستغناء عنها، ويقول: هل أعني أن يتجه مثقفونا إلى العمل على اقتلاع العقيدة الدينية من قلوب الناس، وإزاحة العقيدة الدينية عن طريق ثورتنا الثقافية الشاملة، هل عنيت الحملة على الدين ومحاولة تحرير الناس من سطوته، هكذا يبدأ محمد النويهي حملة التشكيك في القيم الأساسية لأمتنا العربية الإسلامية، ثم يقول: إن موقف المعاداة للدين نفسه ومحاولة إلغائه هو ما اتخذه بعض المحررين وأنفقوا جهودهم فيه في مختلف الثورات
(1)"الصحافة المهاجرة دراسة وتحليل" لحلمي القاعود (ص 169 - 171) - دار الاعتصام.
التحريرية وبخاصة في الثورتين العظيمتين اللتين عرفهما تاريخ الإنسانية، الثورة الفرنسية (أواخر القرن الثامن عشر) والثورة الشيوعية (أواخر القرن العشرين)، ويقول: إن الأديان الكبرى كانت في بدايتها حركات تحرير عظيمة وإنما صارت أداة جمود وتحجر وأداة ابتزاز وسلب حين زالت عنها فورتها الثورية الأولى واستولت عليها الطبقات الحاكمة فحولتها إلى وسيلة لاستيفاء الامتيازات الموروثة وعرقلة حركات التجديد في شئون الفكر والتغيير في شئون المجتمع، والذي يقرأ هذه النصوص في كتابات النويهي يدهش؛ لأنه يجدها منقولة نقلاً يكاد يكون تامًا من بروتوكولات صهيون، ومن البيان الذي أصدره ماركس ولينين بالدعوة الشيوعية الماركسية، فهو يجمع بين العنصرين المتفرقين المتكاملين "الماركسية والصهيونية" في إهاب واحد، فتلك دعواهما وهكذا طريقهما، وهكذا فهمهما للدين ودعوتهما إلى التخلص منه، إن النويهي يعلن في صراحة تامة وجرأة كاملة أنه يقوم بمهمة أساسية هي: محاولة تغيير فهم الناس لماهية الدين ورسالته في الحياة الإنسانية، وكيف يقنع الناس بألا يتخذوا من الدين حجر عثرة يقيمونه أمام كل رأي جديد ومذهب جديد، وما يدعو إليه النويهي هذا ليس إلا مفهومًا باطلاً وزائفًا لعلاقة الدين بالحياة الإنسانية بعامة من ناحية، وبعلاقة الإسلام بالمجتمعات الإسلامية، فالدين إطار لحركة الناس والمجتمعات في الطريق الصحيح يرسم لهم رسالة الإنسان في هذه الحياة ويضع الضوابط التي تحمي شخصيتهم والعلاقات بين الفرد والفرد، وبين الفرد والمجتمع وبين الفرد والخالق الكبير؛ فإذا صدقت دعوى النويهي فهو يريد أن يعود الناس هملاً يتصرفون وكأنهم ليسوا مسئولين عن حركتهم في الحياة، وهذا مفهوم لا ديني محض، لا يقول به إلا الماديون الذين ينكرون علاقة المجتمعات والأمم بالأديان، ثم يجهل مفهوم الإسلام الجامع بين تشكيل العلاقة بين الله
والإنسان وبين الإنسان والإنسان والإنسان والمجتمع، فالذي يقول به النويهي هو ما قال به رجال الفكر الحر من الملاحدة والماديين والإباحيين في الفكر الغربي الذين كانوا في الحقيقة من خريجي المحافل الماسونية ومن أتباع الفلسفة التلمودية الصهيونية التي تهدف إلى تدمير المجتمعات والتي أقامت الثورة الفرنسية والثورة الشيوعية جميعًا لتحطم القيم الخلقية والدينية في المجتمعات الغربية ولتحتويها داخل أتون الفكر الأممي الذي يستهدف تمزيقها وضربها، والذي كان دائمًا متقررًا في عقول وأذهان دعاتها وفي ذهن الدكتور النويهي أن الشيوعية وليدة اليهودية العالمية كالصهيونية تمامًا، وإنهما يحاولان احتواء البشرية كلها وأن النويهي واحد من دعاة هذه المحاولة في أفق الفكر الإسلامي، فهو حين يبدأ حياته تابعًا للفكر الغربي في بريطانيا تنم كتاباته عام 1940، وما بعدها في مجلات الدعاية البريطانية على هذا الولاء، ثم هو حين يكتب عن الشعر الحر في مجلة الرسالة ويمجد الذين يتخذون الرموز المسيحية من الشعراء المسلمين أمثال صلاح عبد الصبور وأدونيس، إنما يكشف جانبًا من هويته وهدفه ثم هو حين يقول لمناقشيه (في مجلة الآداب) عن الماركسيين أنه وهم دعاة للتقدمية يجب أن يتضامنوا للقضاء على الفكر الأصيل، ثم يجابه الإسلام وتاريخه وجماعته بما لا يقبله الماركسيون أنفسهم اقرأ (الآداب - نوفمبر 1971) وما قبلها تعرف ما هي الرسالة وما هي الدعوة التي جند النويهي نفسه لها مرتين: المرة الأولى حين دعا إلى ثورة ثقافية جعل قوامها الحملة على الإسلام نفسه الذي اعتبره كحجر عثرة في سبيل تحقيق الغزو الفكري والسيطرة التلمودية الماركسية، وقد جاءت دعوته هذه بعد النكسة إعلانًا منه بضرورة أن يتخلى المسلمون عن كل مقدساتهم وتصوراتهم وقيمهم وأنه لا سبيل لانتصارهم على الصهيونية إلا بأن يصبحوا غربيين تمامًا، قد تجردوا من التراث والتاريخ والقيم وفي مقدمتها القرآن،
ومن هنا نجد محاولته في إيجاد الالتباس إزاء مفاهيم الإسلام كقوة قادرة على بناء المجتمعات وما حاوله من التشكيك في شريعته ونظامه بجمع خيوط واهية وشبهات مضللة شأنه في ذلك شأن أبو رية في الحديث النبوي وعلي عبد الرازق في مسألة الخلافة - وقد كان جل اعتماده على ما كتبه شعوبي آخر عن (أزمة الفكر الإسلامي) وكل هذه محاولات لا تلبث أن تتجمع لتظهر بصورة أشد عنفًا في مؤتمر الحضارة الذي عقد في الكويت حيث برز القادة الشعوبيون: زكي نجيب محمود، والنويهي، وأدونيس، وطرحوا سمومهم وأحقادهم في وجه المسلمين والعرب، واستعملوا كل أساليب الاحتقار والانتقاص للإسلام ودعوته ورسوله وقيمه ولغته وتاريخه.
- إن على النويهي أن يدرك أنه لن يخدع أحدًا فالغربيون والمستشرقون قَبْل المسلمين أهل الدين يعلمون أن الإسلام يختلف من المسيحية، وأن هذه الحملة التي بدأها فولتير وروسو وديدرو، وتابعها نيتشه وماركس وفرويد على التفسيرات المسيحية وعلى الدين بجملة، لا يمكن بأي حال أن تنتقل إلى أفق الفكر الإسلامي، وإذا أغرتهم التلمودية بنقلها رغبة في إثارة الشبهات والسموم بين أبناء الإسلام فإننا نؤمن بأنها لن تكون إلا زوبعة في فنجان وأنها لن تستطيع أن تصل إلى شيء، وإن الإسلام عميق الجذور لا تستطيع أعتى القوى أن تدمرها أو تستأصلها.
- ليس الإسلام مذهبًا لعصر من عصور الإنسان، ولا لبيئة من البيئات حتى يتصور النويهي وأضرابه أنه لا يستطيع الاستجابة لعصر آخر أو بيئة أخرى، وأن نظرية النويهي هذه نظرية مادية، وهو يكشف بكتاباته تلك من هويته الخصيمة وعن مادية فكره وعن اعتقاده الباطل بأن الإسلام ليس دينًا ربانيًا سماويًا؛ بل إن عباراته توحي بأسوأ من هذا، توحي بأنه يرى أن الدين شر على البشرية، وأن على البشرية أن تتخلص منه، ولكنه يرى أن من
الكياسة أن تتم هذه العملية على مراحل، وهو في هذه المرحلة يرى مسايرة الدين ثمة مع دعوة الناس إلى التحرر منه، وإذا كان هذا هو رأيه فماذا في ذلك يختلف عما تقول "بروتوكولات صهيون" أو عما يقول جارودي في كتابه "ماركسية القرن العشرين" أو عما يقول دعاة الفلسفة المادية والشيوعية والوجودية وغيرهم، الحق أن النويهي بهذا الأسلوب قد كشف نفسه وحرق أوراقه، ولم يستطع أن يكسب مثقفًا واحدًا فضلاً عن تلك الحملات العنيفة التي وُجِّهت إليه في كتابات الكُتّاب ومنابر المساجد، والأندية والجماعات الأدبية والثقافية في العالم الإسلامي كله مما وضعه في صفوف الشعوبيين والتلموديين والتغريبيين العتاة" (1).
- محمد حسنين هيكل عرَّاب الناصرية ودجالها الكبير، جنرال وفيلسوف هزيمة يونيو 67:
يبوء سادن الناصرية هيكل بعبارات التقديس التي أضفيت على عبد الناصر .. إنه كبير حملة المباخر له، وكبير مقربي القرابين له، وكبير محترفي الارتزاق، كال مع الناصريين كلمات الإطراء لناصر وتجاوز إطراؤه حد اللامعقول.
في زيارة لأسيوط تهلل وجه عبد الناصر بشْرًا وصفّق مع المصفقين لشاعر هزيل قال:
مصر بلا جمال ما لها صفة
…
مصر بَلا جمال أمة عدم
وحين قال محافظ أسيوط يومئذ: "اللهم إننا نحبك، ولكننا نحب جمالاً .. فما حيلتنا؟ وكان أن رُقِّي بعد ذلك ليكون محافظ القاهرة، وحين قال مدير جامعة أسيوط المعين قبل أن يكتمل إنشاؤها: "إن كان عيسى المسيح
(1)"محاولة لبناء منهج إسلامي متكامل"(4/ 601 - 604).
قد أحيا ميتًا أو اثنين أو ثلاثة، فقد أحييت يا سيادة الرئيس مائة مليون عربي، وإذا كان موسى عليه السلام قد ضرب بعصاه البحر فشقّ فيه طريقًا يبسًا، فقد صنعت بالسد العالي أكثر مما صنع موسى، وكان أن رُقِّي المتحدث بعد ذلك فعُيِّن وزيرًا للثقافة" (1).
كان مقال هيكل الأسبوعي "بصراحة" والذي كان يُنشر في الأهرام يوم الجمعة يلف ويدور حول معاني منها "سنحارب إسرائيل ومن هم وراء إسرائيل""إن لم يعجب أمريكا أن تشرب من البحر الأبيض فأمامها البحر الأحمر" لن نسمح لأحد أن يجرنا إلى المعركة وسنحدد نحن يوم المعركة، ومن فاتته قراءة المقال في الأهرام فما عليه إلا أن يدير مفتاح المذياع ليستمع إليه من إذاعة إسرائيل، ومن العجيب أن التشويش على إذاعة إسرائيل كان يتوقف أثناء إذاعة حديث هيكل؛ لأن أحاديث عبد الناصر إلى الغرائز لم تكن قاصرة على الشعب المصري، وإنما يعني عبد الناصر أن تصل إلى كل عربي، وإذاعة إسرائيل تساهم بنصيب نشيط في هذا المجال، ومع الفارق، فالناصرية تخاطب به غزائر المغلوبين على أمرهم من المصريين والعرب، وإسرائيل تخاطب به عقول المتعاطفين معها، وقادة الدول العظمى، ولا تمل من إسماعهم تهديدات الزعيم لإسرائيل ومن هم وراء إسرائيل، ولسان حالهم يقول:"احذروا هتلر الجديد".
أكبر جريمة ارتكبتها الناصرية هي الديكتاتورية، وكان غلو الناصرية في الديكتاتورية، وتسخيرها السلطة العمياء في هدم الشرفاء والتنكيل بهم أول طريق الضياع صوب هيكل سهامه ضد ديكتاتورية السادات ونسي صاحبه (2) ديكتاتورية عبد الناصر لا تحتاج إلى دليل ولقد موّه الإعلام الناصري وعلى
(1)"الذين طغوا في البلاد" لمحمد عبد الله السمان (ص 126) - الكلمة الطيبة.
(2)
"تذكير الحكّام بأيام الله" للدكتور جابر الحاج (ص 27 - 28) - دار الاعتصام.
رأسه هيكل على أقبح الأعمال وأردأها، غطّى على الإرهاب والتسلط الذي اختير له صنف من الناس تأنف الحيوانات أن تنتسب إليهم على حد تعبير محمد نجيب في مذكراته، وإذا كان هذا هو وصف نجيب للصنف من الزبانية الذين تعاملوا معه، فكيف يكون حال الصنوف والضروب الأخرى الذين عُلقوا وسحلوا وقتلوا ونهبوا وشردوا وأحرقوا، وانتهكوا الحرمات، وتسلّطوا على الأعراض، ونهبوا الأموال وألقوا بأصحابها في السجون أو في الطرقات.
- حدثنا هيكل عن آلاف الجنيهات التي أنفقها السادات على استراحاته وعلى مظهره وعلى أمنه، ولم يحدثنا عن المليارات التي بددها صاحبه على المؤامرات في الداخل وفي الحروب الفاشلة والتجارب الخائبة (1).
إن الادعاء بنزاهة عبد الناصر، أو تعففه عن المال العام هو مجرد لغو من القول، لقد ترك المال العام نهبًا لكل من هَبّ ودَبّ، كان أخوه "الليثي عبد الناصر" حاكمًا بأمره في الإسكندرية، و"علي شفيق" الضابط من الصف الثاني، قُتِل في لندن وسُرِق منه مليون دولار، وكان له مليون آخر بالبنك، وفي المحاكمات التي جرت إثر هزيمة عام 1967 م ثبت أن المشير عبد الحكيم عامر كان له ثماني عشرة شقة خاصة، وصهر الزعيم أشرف مروان أصبح فيما بعد مليارديرًا، وأخيرًا وليس آخرًا باعت ابنة الزعيم فيلا بسبعة ملايين ونصف مليون جنيه، وقيل إن الزعيم اشتراها في حياته بعشرة آلاف جنيه فقط، وما خفي كان أعظم" (2).
ترك عبد الناصر مصر غارقة في الديون، مصر التي تسلمها دائنة لإنجلترا بخمسمائة مليون جنيه إسترليني" (1).
(1) المصدر السابق (ص 31).
(2)
"الذين طغوا في البلاد"(ص 138 - 139).