الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الطريق وعلى ضرورة تعميقها والسير فيها إلى النهاية" (1). اهـ.
*
الدكتور حسن حنفي على درب القطيعة مع ثوابت الإِسلام وأصوله .. إلحاد وزندقة:
على درب القطيعة المعرفية الكبرى مع ثوابت الإسلام وأصوله سار الدكتور حسن حنفي حذو النعل بالنعل، وذهب على درب تأويل الإسلام تأويلاً يفرغ الدين من الدين، فيقول عن الذات الإلهية التي أجمع المسلمون على تنزيهها، وفي الذات والصفات والأفعال، عن مماثلة أو مشابهة المحدثات {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 11]، ويقول عن التوحيد والوحي، والنبوة والرسالة والإيمان والغيب، والتراث وغيرها من مفاهيم ثوابت الدين ومصطلحاته: "إنه -أي الله- هو الأرض .. والخبز .. والحرية .. والعدل .. والعتاد .. والعُدّة .. وصرخات الألم .. وصيحات الفرح .. فهو تعبير أدبي أكثر منه وصفًا لواقع، وتعبير إنشائي أكثر منه وصفًا خبريًا، ولذلك وجب التخلي عن ألفاظ ومصطلحات كثيرة في علم أصول الدين من مثل: الله، والرسول والدين، والجنة والنار، والثواب والعقاب؛ لأن هذه الألفاظ والمصطلحات قطعية؛ ولأنها تجاوز الحس والمشاهدة .. ولأنها تشير إلى مقولات غير إنسانية .. فما الله إلا وعي الإنسان بذاته .. وما صفاته وأسماؤه إلا آمال الإنسان وغاياته التي يصبو إليها .. وكل صفات الله -العلم، والقدرة، والحياة، والسمع، والبصر، والكلام، والإرادة- كلها صفات الإنسان الكامل، وكل أسماء الله الحسنى تعني آمال الإنسان وغاياته التي يصبو إليها .. فالحقيقة هي الإنسان والواقع الذي يعيش فيه، ولذلك فتعبير الإنسان الكامل أكثر تعبيرًا من لفظ الله.
(1)"مقدمات العلوم والمناهج" - "محاولة لبناء منهج إسلامي متكامل"(ص 544 - 547).
والتوحيد ليس توحيد الذات الإلهية، كما هو الحال في علم الكلام الموروث، وإنما هو وحدة البشرية ووحدة التاريخ، ووحدة الحقيقة، ووحدة الإنسان ووحدة الجماعة، ووحدة الأسرة .. فالمهم هو إيجاد الدلالة المعاصرة للموضوع القديم، وتخليصه من شوائبه اللاهوتية، فليس للعقائد صدق داخلي، ولا يوجد دين في ذاته، والوحي هو البناء المثالي للعالم .. والمطلوب هو تحويل الوحي إلى أيديولوجية وإلى علم إنساني.
- والعلمانية هي أساس الوحي، فالوحي علماني في جوهره، والدينية طارئة عليه من صنع التاريخ، تظهر في لحظات تخلف المجتمعات وتوقفها عن التطور، والتراث قضية وطنية لا دينية، ومادة التراث نسقطها كلها من الحساب، ونستبدل بها مادة أخرى جديدة من واقعنا المعاصر.
والإلحاد هو التجديد، والتحول من القول إلى العمل، ومن النظر إلى السلوك، ومن الفكر إلى الواقع إنه وعي بالحاضر .. ودرء للأخطار .. بل هو المعنى الأصلي للإيمان، والمطلوب هو الانتقال من العقل إلى الطبيعة، ومن الروح إلى المادة، ومن الله إلى العالم ومن النفس إلى البدن، ومن وحدة العقيدة إلى وحدة السلوك، ومن العقيدة إلى الثورة" (1).
هكذا بلغ "التأويل - العبثي" الذروة إن لم يكن قد تجاوزها! فكل ثوابت الإسلام، وجميع عقائده، ومضامين مصطلحاته -من الله إلى الرسول إلى الدين إلى الجنة إلى النار إلى الثواب والعقاب- قد جردت من محتواها الديني "فنفس الكلمات لم يعد لها نفس المعاني" كما قال الحداثيون الغربيون، وانقلبت مصطلحات الدين وعقائده الثوابت إلى هذا العبث
(1)"مستقبلنا بين التجديد الإسلامي والحداثة الغربية" للدكتور محمد عمارة (ص 28 - 29) مكتبة الشروق الدولية.