الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
وهو يهدم أصول الدين على طريقة الفكر الماركسي:
- يقول: "لا يوجد دين في ذاته، بل يوجد تراث لجماعة معينة، ظهر في لحظة تاريخية محددة، ويمكن تطويرها للحظة تاريخية قادمة"(1).
*
الموقف من التراث:
يقف اليسار من التراث موقفًا نقديًا تاريخيًا، فهو يعني إبراز مواطن التقدم في التراث من عقلانية وطبيعية وديمقراطية، وهو ما نحتاجه في قرننا هذا (2)، وحتى تعود للإنسان قيمته التي فقدها عندما اعترف بالله، يدعو اليسار الإسلامي الإنسان إلى التحرر من كل سلطة إلا من سلطة العقل والواقع، وهذا العمل يقتضي ضرب كل الأطروحات الرجعية، والانطلاق في التجديد.
ويرى حسن حنفي أن السبب في فقد الإنسان لقيمته في تراثنا الإسلامي يرجع إلى سيادة الاختيار الأشعري، وقد تكون هذه السيادة هي إحدى معوقات العصر؛ لأنها تعطي الأولوية لله في الفعل، وفي العلم والحكم وفي التقويم، في حين أن وجداننا المعاصر يعاني من أخذ زمام المبادرة هذه باسم الله مرة، وباسم السلطان مرة أخرى، ومن ثم فالاختيار البديل: هو الخيار الاعتزالي .. الذي قد يكون أكثر تعبيرًا عن حاجات العصر، وأكثر تلبية لمطالبه (3).
يريد الكاتب انتزاع السيادة من الله جل جلاله، كبرت كلمة تخرج من أفواههم، وما تخفي صدورهم أعظم، ولا شك أن هذه نزعة إلحاد ماركسية
(1)"التراث والتجديد" لحسن حنفي (ص 22).
(2)
ماذا يعني اليسار الإسلامي (مقال) لحسن حنفي.
(3)
"التراث والتجديد" لحسن حنفي (ص 21).
لا تحتاج إلى بيان وإن موهوا وخدعوا.
- وهناك تجديد على مستوى اللغة والمصطلحات (1): يرى حسن حنفي أن اللغة التقليدية في تراثنا قاصرة، وتتضمن عيوبًا كثيرة منها:
أنها لغة إلهية، تدور الألفاظ فيها حول الله .. بل إن لفظ الله لا يعبر عن معنى معين، فهو صرخة وجودية .. إذ أن الله عند الجائع هو الرغيف، وعند المستعبد هو الحرية، وعند المظلوم هو العدل، أي: أنه في معظم الحالات "صرخة المضطهدين" ثم ينتهي حنفي إلى أنه لا يمكن إيصال أي معنى بلفظ "الله"؛ لأن الله حوى كثرة من المعاني لدرجة أنه يدل على معانٍ متعارضة (2).
فلا داعي إذن طبقًا لهذا الكلام إلى استعمال لفظ الجلالة، لتحل محلها كلمات: الخبز والحرية والعدل والحب، والإشباع والإنسان الكامل!!!.
إن كل الأقنعة والتموية باسم الإسلام، قد انقشعت وها هو منهج المصطلحات الماركسية يبث سمومه بلا وجل ولا تردد، وانظر إلى قوله كذلك: "إن اللغة القديمة لغة دينية تشير إلى موضوعات دينية خالصة مثل: دين، ورسول، ومعجزة، ونبوة .. وهي لغة عاجزة عن إيصال مضمونها في العصر الحاضر!! وهي -كذلك- لغة تاريخية صورية مجردة .. ولذلك فاليسار يروم تأسيس لغة جديدة تستعمل الألفاظ التي يقبلها العصر!!.
- يقول حنفي: إن في العصر ألفاظًا تجري مجرى النار في الهشيم مثل: الأيديولوجيا، والتقدم والحركة والتغير، والتحرر والجماهير، والعدالة .. وهي ألفاظ لها رصيد نفسي لدى الجماهير، والتي يمكن أن تعبر
(1) انظر "ظاهرة اليسار الإسلامي" لمحسن الميلي (ص 62 - 64).
(2)
"التراث والتجديد"(ص 129) وما بعدها.