الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القائل: "لو وقف الدين الإسلامي حاجزًا بيننا وبين فرعونيتنا لنبذناه". إن المصري مصري قبل كل شيء فهو لم يتنازل عن مصريته مهما تقلّبت الظروف".
إن طه حسين يكشف بذلك انغماسه حتى الأذنين في وثنية عميقة يتنقل بها من اليونان إلى الرومان إلى الفراعنة، وفي نفس ذلك الحقد المتصل على الإسلام فضلاً عن أن هناك فارقًا واسعًا وعميقًا بين دراسة الآثار وبين الدعوة إلى الفرعونية.
وما استطاعت كتابات طه حسين هذه أن تزيح سمومه الفرعونية التي بثها على طول حياته، تلك التي شكلت مدرسة الإقليمية المصرية البغيضة وقوامها: حسين مؤنس، وتوفيق الحكيم، وحسين فوزي ولويس عوض، وهم الخلفاء الطبيعيون للثقافة الوثنية التي أنشاها طه حسين وهيكل، ومحمود عزمي، وسلامة موسى، هؤلاء جميعًا كانوا يعتقدون بأن انتماء مصر يجب أن يكون انتماء غربيًا أوربيًا في التعليم والثقافة وفي الحكم والسياسة وفي الاقتصاد وفي الاجتماع وفي التشريع.
- ولكن أخطر ما دعا إليه الدكتور طه حسين هو إنكار فضل الحضارة الإسلامية على الحضارة الحديثة، ورد عليه شيخ العروبة أحمد زكي ردًا مفحمًا بيَّن هراءه ودجله.
*
طه حسين وتزييف التراث وإِحياء التراث الزائف الذي صنعته الباطنية كـ "رسائل إِخوان الصفا
":
كان أكبر أهداف طه حسين تزييف التراث، وكان موقفه من التراث الإسلامي واضحًا وهو موقف الاستهانة والامتهان له باطلاق اسم القديم عليه، ومحاولة إعادة كتابته بمفهوم التفسير المادي للتاريخ ومنهج الجبرية
التاريخية وإزالة طابع الإيمان والبطولة والتضحية. وتركيزه على القول بأنه لم يجد في الأدب العربي القديم ما يستحق أن يُبعث وينشر إلا أخبار المجونيين الذين ابتلي بهم الأدب العربي كأبي نواس ووالبة والخليع ومن إليهم.
وعمل على إحياء التراث الزائف الذي صنعته الشعوبية والباطنية، فقد حرص على إعادة إحياء بعض الكتب القديمة واعتبرها مراجع لدراسة المجتمع الإسلامي، وقد ركّز على كتاب "الأغاني" تركيزًا شديدًا مع أن هذا الكتاب بإجماع المؤرخين لا يصلح للغرض الذي قصد إليه.
- وقصد إلى إحياء بعض الكتب القديمة ذات الأثر الخطير في طرح مفاهيم الباطنية والمجوسية وذلك باهتمامه بكتاب "رسائل إخوان الصفا".
وطمع في إحياء كتب المعتزلة والفلاسفة والتصوف الفلسفي وهو تيار بدأه المستشرقون وسار فيه أستاذه "ماسنيون" الذي أحيا الفكر الباطني للحلاج.
- يقول طه حسين: "إنه استكشف كتابًا عظيم الخطر في تاريخ الفلسفة الإسلامية هو كتاب "المغني" للقاضي عبد الجبار، وهو كتاب يصور مذاهب المعتزلة في علم الكلام" وهو بنشره هذا الكتاب في فكر المعتزلة يضلل الناس عن مفهوم التوحيد الخالص ويردهم إلى الشبهات.
- وهكذا نجده في المجمع اللغوي ولجنة الثقافة بالجامعة العربية يهدف إلى نشر مثل هذه الكتب ويسميها "الخطيرة القيمة"، وهو في لجنة الثقافة يهتم بكتاب "أنساب الأشراف" للبلاذري وهو كتاب مضطرب طبعه اليهود في إسرائيل؛ لأنه يبرئ عبد الله بن سبأ.
كتاب "رسائل إِخوان الصفا":
كشف كثير من الباحثين أخطاء طه حسين في كلامه عن "رسائل إخوان الصفا"، ومنهم الأستاذ محمود الملاح، والأستاذ عبد الآمر غلوس على
النحو التالي:
- قال طه حسين عن إخوان الصفا أنهم مفكرون مستقلون يحاولون أن يصبغوا ما انتهى إليه المسلمون من آثار الأمم بصبغة إسلامية، وكان من زعمائهم جماعة كالفارابي وابن سينا.
وقد أجاب الأستاذ الملاح عن ذلك الأفتراء بقوله: "إن هذه النحلة الهدامة تحاول صبغ الملة الإسلامية صبغة الأساليب الوثنية المتضمنة للشرك والرجوع بالمسلمين إلى الوراء بعد أن ذاقوا نعمة التوحيد الخالص".
- كذلك قال طه حسين: إن رسائل إخوان الصفا أشبه شيء بدائرة معارف فلسفية جمعت كل ما لم يكن بد من تحصيله للرجل المثقف في هذا العصر، وأن هذه الرسائل ليست إلا مدخلاً إلى رسالة جامعة هي خلاصة العلم وغاية الغايات. هل يبعد أن يكون رجل كالغزالي قد تأثر إلى حد قريب أو بعيد بفلسفة هذه الجماعة ولا سيما حينما نلاحظ أنه نشأ فيلسوفًا وانتهى صوفيًّا؟!
وقول طه حسين كله كذب فلقد كان الغزالي معروفًا بمحاربة الباطنية فرسائل إخوان الصفا جب ملئ بالأفاعي والعقارب، وهذه الرسائل بخسة الغاية والهدف.
* طه حسين والسيرة النبوية: "على هامش السير" أو "على هامش الشعر الجاهلي" وبعث الأساطير "المثيولوجية" الإِسلامية:
جمع طه حسين كل السموم والشبهات التي أثارها الاستشراق في مختلف كتبه وفي دائرة المعارف الإسلامية وأدخلها في دراسته عن النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان والصحابة رضي الله عنه حتى يمكن القول بأن "على هامش السيرة" يمكن أن يُسمى "على هامش الشعر الجاهلي"، ولقد وضع الكتاب على نمط كتاب غربي كتبه "الفريد أورشيم" الأستاذ بجامعة أكسفورد
تحت عنوان "على هامش سيرة المسيح" ذكر ذلك الأستاذ عبد الله كنون في كتابه "التعاشيب". وأشار الدكتور محمد برادة إلى أن طه حسين كتبه تقليدًا لكتاب "على هامش الكتب القديمة" لجيل لومتير.
- يقول طه حسين في كتاب "الإسلام والغرب" الصادر عام 1946 في باريس "ويتحتم أن نعترف بأن كتابين فرنسيين كانا بمثابة الشرارتين اللتين أشعلتا موقدين مختلفين، أحد الكتابين لجيل لومتير وعنوانه "على هامش الكتب القديمة"، والثاني "حياة محمد" لإميل درمنجم". قال هذا الكلام في أول مؤتمر للحوار بين المسيحية والإسلام ويعد كتابه خطوة في هذا السبيل من حيث دمج الأديان كلها في كتاب واحد، وفي اختراع أخطر بدعة من إحياء الأساطير في الأدب العربي.
- وقد ردّ عليه الأستاذ غازي التوبة في كتابه عن الفكر الإسلامي المعاصر، والأستاذ محمد النايف في مقالاته المستفيضة عن السيرة التي نشرها في مجلة المجتمع الكويتية سنوات (1394 و1395 هـ) والدكتور محمد حسين هيكل، وقال الدكتور محمد حسين هيكل: "في رأيي أن لا تتخذ حياة النبي صلى الله عليه وسلم مادة الأدب الأسطوري، وإنما يُتخذ من التاريخ وأقاصيصه مادة لهذا الأدب ..
والنبي صلى الله عليه وسلم وسيرته وعصره تتصل بحياة ملايين المسلمين جميعًا بل هي فلذة من هذه الحياة، ومن أعز فلذاتها عليها وأكبرها أثرًا، واعلم أن هذه الإسرائيليات قد أُريد بها إقامة (ميثولوجية إسلإمية) لإفساد العقول والقلوب من سواد الشعب، ولتشكيك المستنيرين ودفع الريبة إلى نفوسهم في شأن الإسلام ونبيه صلى الله عليه وسلم، وقد كانت هذه غاية الأساطير التي وضعت عن الأديان الأخرى، من أجل ذلك ارتفعت صيحة المصلحين الدينيين في جميع العصور لتطهير العقائد من هذه الأوهام".
ولا ريب أن كلام الدكتور محمد حسين هيكل هذا هو اتهام صريح للدكتور طه حسين في اتجاهه وتحميل له لمسئولية من أخطر المسئوليات، وهي إعادة إضافة الأساطير التي حرر المفكرون المسلمون سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم منها طوال العصور، وإعادتها مرة أخرى لخلق جو معين يؤدي إلى إفساد العقول في سواد الشعب، وتشكيك المستنيرين ودفع الريبة إلى نفوسهم في شأن الإسلام ونبيه صلى الله عليه وسلم.
ومن أخطر مزاعمه أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أحب زينب بنت جحش وهي زوجة لزيد وهذا بهتان عظيم (1).
ولقد وصف الأستاذ مصطفى صادق الرافعي كتاب "على هامش السيرة" بأنه تهكم صريح (2).
- ويقول الأستاذ غازي التوبة: "إن طه حسين ينصب نفسه إمامًا للأساطير اليونانية ويضع السيرة في مصاف الإلياذة ويطلب من المؤلفين والكتاب أن يفتتنوا في الحديث عنها افتتان أوربا بأساطير اليونان، كي يرضوا ميول الناس إلى السذاجة، ويمتعوا عواطفهم وأخيلتهم. ولكن هل يتساوى الأثران في المجتمعين: " الإلياذة" في المجتمع اليوناني، والسيرة في المجتمع الإسلامي، وهل كانت السيرة يومًا ما في التاريخ موضوعًا لتسلية قصصية أو مباراة لفظية"(3).
وفي الجزائر نشرت مجلة "الشباب الجزائرية"(ذي القعدة عام 1352 هـ - 1934م) تحت عنوان "دسائس طه حسين" قالت: "ألف طه حسين كتابًا أسماه "على هامش السيرة" يعني السيرة النبوية الطاهرة، فملأه من الأساطير
(1)"محاكمة فكر طه حسين"(ص 185، 187).
(2)
المصدر السابق (ص 189).
(3)
المصدر السابق (ص 188 - 189).