الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
- ويقول الأستاذ شاكر مصطفى:
"ترى ما الرأي لو جاء باحث بعد قرن من الزمان فنظر في التقارير الأمنية عن الدكتور لويس عوض فوجد أنها خليط شيوعي أمريكي فاتهمه بالذبذبة، والتلون، ونظر في تراثه الفكري فوجد فيه ريح الطائفية فرماه بالباطنية والنفاق وفي تراثه السياسي فوجده متصلاً بأمريكا وإنجلترا فدمغه بالعمالة وكتب عنه فتحدث عن أسطورة لويس عوض وأن له دورا كان يؤديه لحساب مجهول، وإن له ماضيًا مريبًا وتعاونًا كاملاً مع جهة ما وأنه مزدوج الشخصية أو مثلثها أو مربعها حسب الظروف وأن مواقفه وتحركاته جملة من المتناقضات كل ذلك بوثائق أمريكية وإنجليزية وفرنسية"(1).
*
اليساري محمد مندور رئيس تحرير مجلة " الشرق " الشيوعية ودعوته إِلى فصل الدين عن الدولة في مقاله "الدين والتشريع" وصداقته الحميمة للويس عوض:
كتب محمد مندور اليساري مقالاً بعنوان "الدين والتشريع" عام 1944 في جريدة "المصري" التي كان يعمل بها، دعا فيه صراحة إلى فصل الدين عن الدولة، وضرورة سن القوانين الوضعية التي لا ترتبط بالشريعة الإسلامية، ولكن الجريدة رفضت نشره ويعلق لويس عوض على دعوة مندور قائلاً: "وواضح أن هذا الكلام الذي نشره مندور في 1944 مؤسس على ذلك الركن الركين في الفلسفة الديمقراطية الليبرالية وهو فصل الدين عن الدولة، وإقامة فقه دستوري وفقه تشريعي على أساس وضعي بدلاً من الأساس الثيوقراطي الذي كانت تقوم عليه المجتمعات الإقطاعية في العصور
(1)"جيل العمالقة"(ص 280).
الوسطى" (1).
لقد كان مندور صريحًا في تطلعاته وتصوراته فهو رجل يساري لم ينكر ذلك، وانتهى به المطاف إلى أن يكون رئيسًا لتحرير مجلة "الشرق" التي تصدرها سفارة موسكو في القاهرة، وتعبّر عن الفكر الشيوعي الذي يرّوج له الاتحاد السوفيتي (قبل سقوطه مؤخرًا) .. ولذا فعندما أعلن مندور رفضه للشريعة أو الإسلام فهو متسق مع نفسه .. ونحن نرفضه ونرفض فكره جميعًا.
لقد كان مندور صديقًا حميمًا للويس عوض شاركه فكره وتصوراته وزامله فترة طويلة من العمر في داخل البلاد وخارجها. وكان لويس عوض يشبهه بآخيل في مملكة الربة أثينا، بينما يشبه نفسه بأجاكس، وقد ذهبا معًا إلى أثينا لتصنع لهما دروعًا كي يحاصر طروادة مدينة الموت ذات الأبراج السوداء والأسوار العالية (2).
والرمز في هذه المرثية لا يخفى على من يتابع كتابات لويس، وغاياته الفكرية والأدبية، وقد كشف عنها على مدى المرثية حينما تحدث عن الرجعية وأعداء الموت وأنصار الحياة.
لقد اتخذ لويس عوض من موت محمد مندور الشيوعي فرصة للهجوم وهجاء الإسلام والمسلمين الرجعيين حيث شبه مصر المسلمة بطروادة مدينة الموت ذات الأبراج السوداء والأسوار العالية .. ويقول كلامًا عن محمد مندور يبين خطر محمد مندور وعمله المستمر ضد الإسلام .. يقول لويس عوض في رثاء مندور:
"هي الرجعية يا صاحبي، وهذه الرجعية هي التي قضى محمد مندور
(1)"الثورة والأدب" للويس عوض (ص23) - دار الكاتب العربي للطباعة والنشر 1967.
(2)
"الثورة والأدب"(ص 6 - 7).
شبابه ورجولته في حصارها، فمذ أن عرفته في باريس في الحادي والعشرين من أكتوبر 1937 حتى لفظ أنفاسه الأخيرة في 19 مايو 1965 لم يكن لمحمد مندور من همّ في الحياة غير محاربة الرجعية في كل صورة من صورها: رجعية الفكر، ورجعية السياسة، ورجعية المال، ورجعية النظم الاجتماعية، فتاريخ محمد مندور إذن ليس إلا فصلاً كبيرًا في كتاب الحرية العظيم في بلادنا، كتاب الحياة الجديدة الذي وضع فاتحته رفاعة الطهطاوي، وسطر أبوابه محمد عبده (!!! ) وقاسم أمين ولطفي السيد وطه حسين وسلامة موسى وعلي عبد الرازق، ومن حولهم كوكبة عظيمة من أعداء الموت وأنصار الحياة" (1).
والدكتور مندور تلميذ مخلص لليونان وعاشق لفنهم، وعارف بحضارتهم ومتحدث في صفحات كبار عن الالياذة والأوديسا ووثنيات اليونان وآلهتهم الزور.
"وقد حاول لويس عوض أن يرسم صورة مضللة لمرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية فأعطى قيادتها الأدبية لثلاثة "محمد مندور ونجيب محفوظ ولويس عوض" مدعيًا أن هؤلاء الثلاثة هم الذين وضعوا بذور النهضة والتقدم خلفًا للمدرسة التي خرجت طه حسين وسلامة موسى ومحمود عزمي وأنهم كانوا النور المضيء في ظلمات هذه المرحلة.
- وقد ردت الدكتورة بنت الشاطئ على لويس عوض فقالت:
إن أحدًا لم يدر شيئًا عن البذور الخفية التي قال: إنه ألقاها هو ومحمد مندور ونجيب محفوظ في أحشاء التربة المعتمة والأرض الخراب؛ لأن هذه البذور بصريح اعترافه لم تكن لترى النور قط. إذن فمن أين استمد الشعب
(1) المرجع السابق (ص 7).
زاد وعيه ونور بصيرته وري وجدانه. والذي يسجله الواقع التاريخي أنه كان هناك دائمًا نبع سخي لم يغض أبدًا، يمد جماهير الشعب الأمي بالري المستديم ويفيض عليها من منهله الصافي ما يرهف وجدانها وينير بصيرتها ويشحذ إرادتها للنضال من أجل الوجود الحر الكريم. كان هناك (القرآن) يتلى في البيوت والأكواخ والمساجد والزوايا وينفذ إلى أعماق القرى ونائي النجوع منفردًا بالسيطرة الكاملة على الوجدان الشعبي، الذي لم ينفذ إليه قط من أي سبيل دعوات التقدميين ومقالات التطوريين، وإذا كانت الأمية قد فرضت على عامة الشعب وحيل بينهم وبين قراءة أي كتاب أو مجلة فقد بقي لهم كتابهم الخالد ينسخ أميتهم بمدد سخي من الوعي ويمزق عن بصيرتهم حجب الجهل وغشاوة العمى وغطاء الغفلة ويلح على عقولهم ونفوسهم بكلمات الله في حقوق الإنسان وكرامة البشر، من هذا النوع السخي وجدت الأرض الطيبة من الري المستديم ما يحميها من العقم والجدب، من هذه المدرسة تلقى الشعب الأمي الشحنة للاقتحام العنيد لكل العوائق والمواقع التي تعترض حياته عصيًا على كل المحاولات التي تغير نصًا لكلمات الله التي يتلوها الأميون مصبحين وممسين دينا وعقيدة لن يرفضوا الإقرار بالعبودية إلا لله وحده وأن يقاوموا البغي والظلم والباطل ويسحقوا جبروت الطغاة".
- وتقول الدكتورة بنت الشاطئ في دحض هذه الدعوات المسمومة التي حمل لواءها لويس عوض في الدعاية لطائفة المضللين من التقدميين والعلمانيين ودعاة المادية والماركسية في صدر جريدة الأهرام: يجهل تاريخنا من يظن أن هذا الشعب في جمهرته العامة بقي جامد الضمير مخدر الحواس بصليل الأغلال حتى جاء دعاة التطور وأنصار التقدم فعلموه، ويجهل شخصية هذه الأمة من يتصور أنها اطمأنت إلى شيء من البضاعة الفكرية والثقافة المجلوبة أو انفعلت بها وهي تتأهب للاقتحام العنيد لكل العوائق