الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أضحت قيودًا على استقلال وسلطان البلاد" (1).
وجاء في تلك المناقشات قول مقرر المجلس: "قد احتملت البلاد ذلك القانون على ما به بسبب ظروفنا وأحوالنا الماضية الأليمة".
وقال أيضًا: "اقتصر الأمر في وضع التقنين المدني المختلط على مجرد النقل في اقتضاب جائر عن التقنين المدني الفرنسي بسبب الظروف القاهرة التي كانت تدعو إلى التعجيل من ناحية، وبسبب الرغبة في تيسير إقناع الأجانب بوجوب إقرار الوضع الجديد من ناحية أخرى .. "(2).
*
نظرة في قانون مصر المدني المنفذ في عام 1949 والذي وضعه عبد الرزاق السنهوري:
- لقد بين رجال القانون شيئًا من عيوب قانون (1876)، وقانون (1883) فكيف كان العلاج؟
كنا نظن أن الأمر سيعود إلى نصابه، وذلك بتكليف رجال القانون المسلمين، أعني فقهاء الإسلام بوضع القانون الإسلامي المأخوذ من كتاب الله وسنة رسوله، ليحكم المسلمون بالإسلام الذي فرض عليهم أعداؤهم هجره وإقصاءه.
ولكننا وجدنا الذين يشكلون اللجان لوضع قانون مدني مصري جديد يقعون في الخطأ نفسه الذي وقع فيه من سبقهم، فاللجان تكون من أعداء الإسلام الصليبيين ومن بعض المسلمين الذين غرقوا إلى آذانهم في فقه القوانين الوضعية، وهؤلاء لا يستطيعون أن يفكروا إلا كما فكر أساتذتهم
(1)"القانون المدني" الأعمال التحضيرية (1/ 93).
(2)
"القانون المدني" الأعمال التحضيرية (1/ 142).
الفرنسيون والإيطاليون وغيرهم، يقول المستشار محمد صادق فهمي بك، المستشار في محكمة النقض المصرية في مناقشته لمشروع القانون في جلسات مجلس الشيوخ:
"إننا نعرف تاريخنا، فبعد الشريعة أتت القوانين الجديدة ووضع التشريع وهو مأخوذ من التشريع الفرنسي، ثم انتقلنا منه إلى القانون المدني الأهلي، وقد استحضرنا أساتذة من فرنسا وأرسلنا البعوث إليها، وبدأنا نتعلم اللغة الفرنسية، وأصبحنا نعتبر أن الفرنسية لغة ضرورية كلغة للقانون. والسبب في هذا أن تغيير القوانين لا يكفي فيه التطبيق العملي ولا التفسير الفقهي بل يلزم الرجوع في هذا التفسير إلى المصادر، وحيث إن قانوننا مأخوذ من فرنسا فيجب أن نفسر القانون المصري جنبًا إلى جنب مع القانون الفرنسي حتى نستفيد بهذه الثروة التي أصبحت ثقافتنا متصلة بها كل الاتصال، كما يجب أن نستفيد بهذا الذخر العظيم ألا وهو الأسلوب الفرنسي في القانون، ولا يخفى على حضراتكم ما للفرنسيين من مركز سام خصوصًا فيما يتعلق بالتشريعات المنظمة والموضوعة في مجموعات. وهذه الثقافة التي وصلنا إليها الآن أخشى عليها فيما لو كان المشروع يؤثر عليها ويحاول أن يخرجنا منها فلو كان الأمر كذلك فتكون الطامة الكبرى"(1)، أرأيتم الطامة الكبرى في نظره؟ إنها تتمثل في الخروج عن الثقافة التي وردت من فرنسا.
- ويقول المستشار صادق فهمي في موضع آخر مبينًا مدى تغلغل القانون الفرنسي في عقول رجال القضاء: "لما كان مصدرنا هو القانون الفرنسي في كل أحكامنا وفي كل فقهنا وفي كل تفكيرنا، فإنكم تجدون أن الأحكام تسير بانسجام، وإذا ما رجعتم إلى القضاء الفرنسي فإنكم تجدون أننا
(1)"القانون المدني: الأعمال التحضيرية"(1/ 53).