الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كيف أنه وضع اسمًا وشهرة بحيث أن اسمه يتكرر في كل لحظة، وفي جميع أنحاء العالم إذا أخذنا فرق الساعات بنظر الاعتبار؛ ليهدموا هذه المنارة".
وانظر إلى شذوذ هذا الزنديق وفجوره وسكره لتعلم أي قزم كان هذا الخائن - انظر إلى "الجزاء من جنس العمل"(1/ 399 - 405).
أفتى خُزْعبلة وقال ضلالة
…
وأتى بكفر في البلاد بُواحِ
فلتسمعنَّ بكل أرض داعيا
…
يدعو إِلى الكذاب أو لِسجاح
ولتشهدن بكل أرض فتنة
…
فيها يُباع الدين بيع سماح
يُفتَى على ذهبِ المعِزِّ وسيفه
…
وهوى النفوس وحقدها الملحاح (1)
*
الدكتور عبد الرزّاق السنهوري واضع القانون الدني الوضعي الذي حجب نور الشريعة عامله الله بما يستحق:
تمهيد:
- يقول الدكتور عمر سليمان الأشقر:
أحب أن ألقي ضوءًا على القانون المدني الذي حكم مصر قرابة سبعين عامًا، من سنة (1883) إلى سنة (1949)، ثم القانون المدني الذي جاء من بعده، وقد اخترت هذا القانون بالذات؛ لأن لمصر في الدول العربية والإسلامية مكانة كبيرة، ولذلك فإن الحكام ورجال الفكر في مصر إذا قاموا بعمل ما فإن أثر هذا العمل يظهر ويتردد صداه في أكثر الدول العربية والإسلامية، ولذلك فإن قانون (1949) أنتقل إلى كثير من الدول العربية، يقول واضعه: "إن القانون المصري الجديد ليؤذن بعهد جديد، لا في مصر فحسب، بل أيضًا في البلدين الشقيقين العربيين: سورية والعراق، ويكفي أن
(1) لأحمد شوقي رحمه الله في رثاء الخلافة.
يكون هذا الشرح للقانون المصري الجديد في الوقت ذاته شرح للقانون السوري الجديد .. (1).
القانون المدني المصري الأول:
هذا القانون هو نفس قانون نابليون الذي صدر في سنة (1804)، مع كثير من التشويه والتحريف لذلك القانون، وقد وصفه رجال القانون بأنه قانون معيب لا يصلح لأن يحكم الحياة في مصر. يقول الدكتور السنهوري في كتابه "الوسيط":
"وأول ما يعيب هذا التقنين أنه محض تقليد للتقنين الفرنسي العتيق، فجمع بين عيوب التقليد وعيوب الأصل الذي قلده"(2).
ويقول: "لم يقتصر التقنين المصري على نقل عيوب التقنين الفرنسي، بل زاد عليها عيوبًا من عنده"(3).
ويقول: "ففي تقنيننا المدني القديم فضول واقتضاب، وفيه غموض وتناقض، ثم هو يقع في كثير من الأخطاء الفاحشة"(4).
وقد شرح هذه العيوب في عدة صفحات لاحقة.
- وتقول المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون المدني الذي أقر في سنة 1948: "يمكن القول أن قانوننا المدني فيه نقص، ثم فيه فضول، وهو غامض حيث يجب البيان، مقتضب حيث تجب الإفاضة، ثم هو يسترسل في التافه من الأمور، فيعنى به عناية لا تتفق مع أهميته المحدودة، يقلد التقنين الفرنسي تقليدًا أعمى فينقل من عيوبه، وهو بعد متناقض في نواح مختلفة،
(1)"الوسيط"(1/ 9).
(2)
"الوسيط" مصادر الالتزام (1/ 14).
(3)
"الوسيط" مصادر الالتزام (1/ 15).
(4)
المصدر السابق.
ويضم إلى هذا التناقض أخطاء معيبة" (1)، وقد شرحت المذكرة هذا الإيجاز وبينته.
وجاء في تقرير لجنة الشئون التشريعية بمجلس النواب المصري: "وضع القانون المدني الحالي سنة (1883) باللغة الفرنسية، ثم ترجم إلى اللغة العربية ترجمة لم تسلم من الأخطاء، وقد جاء في معظم أجزائه صورة مقتضبة مشوهة من القانون الفرنسي الذي أصبح هو ذاته قانونًا عتيقًا في حاجة ماسة إلى تنقيح شامل وقانوننا المدني -في اقتضابه وغموضه، مما دعا الكثيرين من رجال القانون إلى توجيه النقد إليه معددين أخطاءه- لم يعد يجاري تقدم العمران في مختلف نواحيه واتساع المعاملات بين الناس، لذلك ازداد قصورًا فوق قصوره، عن مسايرة مقتضيات العصر الحاضر، وأصبح رجل القانون يسبح في بحر خضم من نصوص غامضة، وأحكام قضائية مطرد بعضها متنافر بعضها الآخر، وتفسيرات متفقة أحيانًا متجافية أحيانًا أخرى، فهو تارة يستوحي مواد القانون الغامضة ويستقرئها، وتارة أخرى يولي نظره شطر أحكام القضاء يستلهمها ويسترشدها -ما استقر عليه الرأي منها وما تشعبت الآراء فيه- وطورًا يرجع إلى المعجمات الفرنسية ومؤلفات الشراح من رجال الفقه المصريين وغيرهم مستقصيًا باحثًا. وبقدر كثرة المفسرين وتعدد الآراء التي يذهب إليها كل منهم، تتشعب الآراء فيضل الباحث فيما احتوتها من مجلدات"(2).
وقد تحدثت المناقشات التي دارت في جلسات اللجنة القانونية لمجلس الشيوخ المصري كثيرًا عن عيوب القانون المدني ومصدره (3).
(1)"القانون المدني" الأعمال التحضيرية (1/ 13).
(2)
"القانون المدني: مجموعة الأعمال التحضيرية"(ص 27).
(3)
"القانون المدني: مجموعة الأعمال التحضيرية"(ص 142 - 147).
لماذا حكم ذلك القانون المشوه ديار مصر الإِسلامية؟
إذا كان القانون المدني المصري الذي حكم مصر الإسلامية فيه هذه العيوب فلماذا أقر؟ ولم حكم الديار المصرية سبعين عامًا؟ هل كان ذلك بإرادة المسلمين؟ مهما قيل في عيوب الفقه الإسلامي الذي كان يحكم بلاد المسلمين فإن عيوب هذا القانون تفوق كل وصف. فلماذا ألغيت قوانين الأحكام الشرعية ووضع بديلاً عنها قانون نابليون؟
الجواب: أن الذين أمروا بوضعه من الحكام المصريين كانوا مخدوعين مبهورين بكل ما جاءهم من الدول الأوربية، ويظنون أن قوانينهم وثقافتهم هي الحضارة التي لا غاية بعدها.
- يقول السلطان عبد الحميد في مذكراته: "خدع الإنجليز المصريين بأفكارهم لدرجة أن بعضهم يؤمن بأن طريق الإنجليز هو السبيل إلى الأمن والنجاة، ويفضل القومية على الدين، إنهم يظنون أن حضارتهم ستمتزج بحضارة الغرب دون أن يشعروا بأن هناك تضادًا بين الحضارة الإسلامية والحضارة النصرانية بحيث لا يمكن أبدًا التوفيق بينهما"(1).
هذا جانب، والجانب الآخر أن الشعب المصري المسلم كان مغلوبًا على أمره، فقد اجتمع عليه حكم الكفار الذين احتلوا دياره، وظلم الطغاة الذين ساروا في ركب الكفار ينفذون مطالبهم بلا توان، فلم يكن يملك من أمره شيئًا، ولذلك فرض عليه القانون الفرنسي، جاء في مناقشات مجلس الشيوخ لمشروع القانون المدني الذي أقر في (سنة 1948 م) قول الدكتور ملش بك: "إن الأستاذ الوكيل بك وضع يده على مفتاح التشريع حينما قال: إن مصر كانت مغلة بالامتيازات الأجنبية التي كانت أول الأمر منحًا من الولاة ثم
(1)"مذكرات السلطان السياسية"(ص 133).