الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من الأرض وقتلت من العرب، ودمرت فلم يراجع سارتر نفسه ولم يعدل موقفه إلا بعد أن اشتعل النضال الفلسطيني بعد الهزيمة، وامتدت نيرانه إلى بعض العواصم الأوربية.
وبعد، فلقد سقط فكر سارتر قبل أن يذهب لأن دعوته هي نوع من هوى النفس، وهي مواجهة لتحد عاشه في عصره .. ولكن الزمن يتحول، والفكرة التي تكون اليوم استجابة لوضع معين .. فإنها سرعان ما تسقط مع تحولات الزمن والبيئات، ولذلك فإن الوجودية لم تستطع أن تكون مذهبًا قائمًا أو مستمرًا، وهكذا كل الأيدلوجيات البشرية التي صنعها الفلاسفة وظنوا أنهم قد استطاعوا بها حل مشاكل عصرهم ذلك أن هناك منهجًا واحدًا: هو الذي يستطيع أن يحل مشاكل الإنسان في كل العصور والبيئات؛ ذلك هو منهج الله الحق (لا إله إلا الله).
*
الدكتور عبد الرحمن بدوي أول فليسوف وجودي مصري:
وفي مصر تقدم عبد الرحمن بدوي برسالة دكتوراه عن "الزمان الوجودي" ورأس الحفل الدكتور طه حسين واشترك مع المستشرقين بول كراوس وأعلن طه حسين أن عبد الرحمن بدوي أول فليسوف وجودي مصري، وقد قدم بدوي الفكر الوجودي وترجم كل المصطلحات الوجودية الشاقة وترجم كتاب سارتر الضخم (الوجود والعدم)، ولم يلبث عبد الرحمن بدوي أن اختفى وطوته الموجة التي تطوي كل المذاهب الضالة والمنحرفة، وكشف الفكر الإسلامي عن أصالته في أنه يرفض كل ما ليس متصلاً بقيمه الأصيلة مهما بدأ يومًا وله بريق أخاذ، لقد كانت فلسفة سارتر شؤمًا عليه، فقد أضفت عليه ظلاً مظلمًا ما زال يلاحقه.
- وقد كان عبد الرحمن بدوي قبل سارتر تابعًا للفلسفات الباطنية والمجوسية يحييها ويرد إليها الروح، ويقدم شخصيات قلقة في تاريخ الإسلام
ويشيد بأمثال الراوندي والحلاج وغيرهما من الزنادقة، وإلى جانب ذلك فقد قدم في الفلسفة الإسلامية الجانب الصوفي المتصل بوحدة الوجود والحلول وأشاد بالسهروردي وابن عربي وابن سبعين، تلك الشخصيات الضالة التي عمل أستاذه الأول (ماسينون) على إحيائها، وكان طه حسين هو صاحب الدعوة إليها في الأدب العربي منذ أعاد انبعاث (إخوان الصفا) وكما سقط الفكر الباطني سقط الفكر الوجودي وانهارت تلك الصروح على رءوس أصحابها {أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ} .
وإذا كان الأدب الغربي قد عرف وجودية كير كجارد، وكافي وسارتر؛ فإن ذلك كله مستمد من أصول أصيلة فيه تقوم على فكرة الخطيئة المسيحية، أما الفكر الإسلامي فإن محاولة زكي نجيب محمود عن الوضعية المنطقية، وفؤاد زكريا عن الفلسفة الماركسية، وعبد الرحمن بدوي عن الفلسفة الوجودية هي محاولات ضالة باطلة سرعان ما لفظها الفكر الإسلامي صاحب الصرح الشامخ القائم على فكرة التوحيد الخالص والإخاء الإنساني والعدل والرحمة.
وقد ذابت محاولات إحياء الفلسفة الصوفية التي قادها (ماسينون) أربعين عامًا بإحياء الحلاج لأن المسلمين عرفوا طريقهم إلى التوحيد الخالص، فقد أسقطت حركة اليقظة محاولات إحياء الفلسفة والتصوف الفلسفي، والكلام والاعتزال، وجعلته ركامًا حين أحيت (المنهج القرآني) الأصيل حيث بدت كل محاولات الفلاسفة الإسلاميين المعاصرين وكأنها مقدمات موقوفة انطوت صفحتها حين برز نور المفهوم القرآني، مفهوم أهل السنة والجماعة على نفس النسق الذي واجه المشائين القدامى أمثال ابن سينا والفارابي، وقد تكشفت نزعتهما إلى الباطنية الإسماعيلية في الأخير بعد أن خدع بهما الكثيرون، وحين يتنادى باسمه غلمان المستشرقين فإن الأمر لا يخدع أحدًا، ذلك أن