الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والفن هي وجهات نظر وتجارب يقوم بها الأدباء والفنانون في مجالات مختلفة في الشكل والمضمون والأداء ولا بد أن يكون هناك تطوير لأدوات التعبير.
وهذا الكلام المسموم الذي يقوله أنيس منصور هو ذلك النص المكتوب الذي قدمه الاستشراق والتبشير لطه حسين وسلامة موسى وكل أعداء الفصحى ليقولوا به خداعًا؛ وإلا فمن قال أن اللغة العربية الفصحى تخضع لمثل هذه المفاهيم، وهي لغة القرآن الكريم ولغة ألف مليون من البشر من حيث العقيدة والفكر، ولغة مائة مليون من العرب وكل محاولة ترمي إلى ما تسمى بتطوير أدوات التعبير إنما تستهدف إيجاد فاصل عميق بين بلاغة القرآن وبيانه وبين أسلوب الأداء العربي، ولا ريب أن كل ما يُدعَى بالتقريب بين العامية والفصحى أو اللغة الوسطى أو غير ذلك، إنما هو من محاولات التغريب والغزو الثقافي التي يراد بها فصل الأجيال الجديدة عن أسلوب القرآن وعن التراث الإسلامي، ويكذب أنيس منصور حين يقول أن اللغة وسيلة من وسائل المواصلات بين الناس، وأنها تتطور فإن هذا القول إن كان معروفًا ما وراءه فإنه يمثل دعوة خطيرة، وإن كان لا يعرف ما وراءه فإنه يمثل جهلاً بأبعاد قضية مرتبطة بالعقيدة والفكر والثقافة إلى أبعد حد.
*
الدكتور إِبراهيم بيوفي مدكور وتصوّره الزائف لحركة اليقظة الإِسلامية:
هناك محاولة جديدة لاتهام حركة اليقظة الإسلامية التي تمضي اليوم على مفهوم الإسلام الأصيل، الذي يستمد وجهته من المنابع الصحيحة، القرآن الكريم والسنة المطهرة بأن هذه الحركة قد خرجت عن الخط الذي رسمه لها الشيخ محمد عبده، والذي يدعي بأن لطفي السيد وقاسم أمين وطه حسين قد ساروا فيه، وتخلف عنه الذين نقلوا اليقظة الإسلامية من مرحلة الفكرة إلى مرحلة الدعوة، وهي دعوى مبطلة تمامًا لأن المستقرئ لتاريخ
اليقظة الإسلامية منذ ظهور دعوة التوحيد التي دعا بها الشيخ محمد بن عبد الوهاب في الجزيرة العربية ودعا بها كثير من تلاميذ فكر التوحيد الخالص الذي قدمه ابن تيمية وابن القيم وأتباعهما يؤمن بأن الأمة الإسلامية كانت قادرة على الانبعاث من داخلها عندما تنحرف بها الطريق أو تتجمد الخطوات، ولا ريب أن هناك مرحلة غلبت فيها جبرية الصوفية على المفاهيم الإسلامية بعد أن مرت مرحلة الجهاد في مقاومة حملات الصليبيين والتتار وتَوقَّفَ المسلمون عن فتح باب الأجتهاد خوفًا من دخول الفكر الوافد وحرصًا على سلامه مفاهيم الإسلام، وقد كسر هذا الجمود انطلاقة المصلحين الإسلاميين أمثال محمد بن عبد الوهاب والشوكاني وخطيب مسجد المؤيد في القاهرة بالدعوة إلى التوحيد الخالص.
- ومنذ ذلك الوقت سارت حركة اليقظة الإسلامية في طريقها مرحلة بعد مرحلة، فسرعان ما دخلت مرحلة الجهاد بالسيف في مواجهة الغاصب، ثم انتقلت حركة اليقظة الإسلامية إلى مقاومة حملات الهجوم على الإسلام التي بدأها التبشير والاستشراق وهي مرحلة خصبة انتقلت فيها حركة اليقظة الإسلامية إلى منطلقات واسعة في سبيل رسم التصور الإسلامي الصحيح عقيدة وفكرًا، وكان من أبرز ما قامت به إعادة مفهوم الإسلام إلى منطلقه الأصيل من التوحيد الخالص وتحرير إرادة المسلم والخضوع وكسر قيود الجبرية الصوفية وإنكار الأنسحاب من الحياة ودفع المسلم إلى إصلاح المجتمع، غير أن هذه المرحلة لم تصل إلى جوهر المفهوم الإسلامي الأصيل بل شابها بعض القصور؛ لأنها صدرت من منطق مفاهيم المعتزلة، وعلماء الكلام فمضت بها ثمة وكان اهتمامها بإعلاء العقل على النقل، واعتمادها على المنطق، هنالك كان لا بد لحركة اليقظة الإسلامية أن تصحح نفسها وأن تدخل مدرسة التفسير القرآني للإسلام وأن تتحرر تمامًا من أسلوب الاعتزال والتأويل،
كذلك فقد خرجت حركة اليقظة الإسلامية من الفكرة إلى الدعوة حيث بدأت تربي جيلاً جديدًا تربية إسلامية على النحو الذي فعله النبي صلى الله عليه وسلم في مكة قبل الهجرة، ومن ناحية ثالثة فقد استعلنت اليقظة مفهومها الصحيح للإسلام بوصفة منهج حياة ونظام المجتمع، وأعلنت لأول مرة وقوفها في وجه الحضارة الغربية وأساليب الغزو الثقافي والتغريب وإعادة الفكر الإسلامي إلى مجرى الأصالة والمنابع، وتحريره من التبعية والإذابة التي جرت خطة العمل بها عن طريق الصحافة والجامعة وقبول مفاهيم المستشرقين الذين جاءت بهم الجامعة ليسيطيروا على علوم الفلسفة والنفس والاجتماع، والاقتصاد والأدب ومن ثم فرضوا مناهجهم الغربية عليها وأصبح الفكر الإسلامي محجوبًا تمامًا عن أهله.
هذا هو الخط الذي سارت فيه حركة اليقظة وهو خط طبيعي وتصور صحيح، وانتقال من المرحلة التي قام بها محمد عبده ورشيد رضا إلى المرحلة التالية تمامًا فهل يمكن أن يوصف هذا بأنه تراجع، أو انحدار أو تحول عن الطريق الصحيح، لقد بدأت الفكرة الإسلامية طريقها واستعلنت ثم مضت في نفس الوقت تبنى جيلاً على مفاهيمها.
- أما جماعة المجددين الذين ادعوا كذبًا وضلالاً أنهم تلاميذ جمال الدين، ومحمد عبده أمثال لطفي السيد وقاسم أمين وطه حسين وغيرهم فهؤلاء هم الذين خانوا أمانة اليقظة الإسلامية، أو أمانة حركة الإصلاح بانحرافهم إلى التبعية وقبولهم مفاهيم الغرب وانزلاقهم إلى خدمة أهداف التغريب.
لقد أصبحت هذه المجموعة السائرة في فلك النفوذ الغربي والقابلة لفكرة التأويل والعمل لتحقيق أهداف الحاكمين سواء في قبول الربا والفتوى به، أو صنع القانون المدني استمدادًا من القانون الوضعي حيث لا يذكر فيه
التشريع الإسلامي إلا في المرحلة الثالثة حيث لا يوجد نص غربي أو عرف أقليمي، وكذلك الفتوى بالتأمين وشهادات الاستثمار.
كذلك فقد تكشف انحراف المجموعة التي عملت في ميدان كتابة التاريخ الإسلامي والسيرة: هيكل والعقاد وطه حسين وأحمد أمين وغيرهم.
ولولا يقظة حركة اليقظة الإسلامية لذلك كله لما انكشف أمره ولمضى التغريب بأيدي علماء لهم أسماء إسلامية.
لقد نعى الدكتور إبراهيم بيومي مدكور على حركة اليقظة انطلاقتها ووصفها بأنها نكسة تهدم ولا تبني؛ لأنها وقفت أمام ذلك الخط الذي رسمه النفوذ الأجنبي واستخدم له الذين تسموا كذبًا بخلفاء الشيخ محمد عبده من أمثال لطفي السيد وقاسم أمين وطه حسين، ومن بعدهم كل الذين حاولوا التأويل لخدمة الربا وتحرير المرأة وتبرير القانون الوضعي.
- إن الدكتور إبراهيم بيومي مدكور يرى في ارتباط الدين بالسياسة خلطًا وضلالاً ويتابعه في هذا كل أعداء حركة اليقظة الإسلامية، الذين يرثون انزواء مدرسة تجديد الفكر الديني، هذه المدرسة التي كان يطمع النفوذ الغربي بأن تحقق أهدافه من خلال مجموعة من علماء الإسلام يفتون بإباحة الربا، وبتحرير المرأة، والقانون المدني والتبعية للفكر الغربي، والذين لا يقفون أي موقف بالنسبة لفساد المجتمعات وانهيارها ولا يطالبون بتطبيق الحدود الإسلامية لأنها تتنافى مع المدنية.
ومن العجيب أن ترى رجلاً مثل الدكتور إبراهيم بيومي مدكور يحاول أن يؤرخ للحياة الفكرية على هذا النحو المضطرب الزائف ونراه يدافع عن انحدار المرأة في المجتمعات تحت اسم تحريرها يقول: لا رجعة في هذا المضمار بحال، ولن تنزل المرأة عن حق اكتسبته وهي جادة في كسب حقوق أخرى، لعلك تدهش يا سيدي الدكتور بأن المرأة قبلت بإرادتها العودة