الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
الحمد لله الذي نزَّل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرًا، والصلاة والسلام على رسول الله، المبعوث رحمة للعالمين، الذي أدى الأمانة، وبلّغ الرسالة، ونَصَحَ الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، وترك أمته على بيضاء نقية، ليلها كنهارها لا يزيغُ عنها إلا هالك.
وبعد:
فقد عشت مع علم أصول الفقه أكثر من أربعين سنة، فدرَسْته في الثانوية الشرعية، وفي كلية الشريعة وكلية الحقوق بجامعة دمشق، وفي جامعة القاهرة وجامعة الأزهر، ثم درّسته أكثر من ربع قرن.
ومارست كتبه في التأليف والتحقيق، ولمست أهميته وفائدته النظرية والعملية، وأحببت أن أكتب فيه كتابًا مبسطًا يغطي مباحثه؛ لأن دراسة علم الأصول تصقل الذهن، وتشحذ العقل، وتفتح الدماغ، وتنير الطريق، وتكوِّن الملكة الفقهية، وترشد الإنسان إلى ينابيع المعرفة، ومصادر الخير، وتضع اليد على الموازين السليمة، والمعايير الدقيقة، والضوابط الحكيمة، لإدراك الأحكام الشرعية، وبيان مدى الالتزام بشرع الله ودينه القويم، ليكون المؤمن على المحجَّةِ البيضاء، ويقف الإنسان لمامة على محاسبة نفسه قبل أن يحاسب.
وإن علم أصول الفقه يشكل المنارة الوضَّاءة بين العلوم الشرعية، ويعتبر مفخرة الأمة في حضارتها وعلومها، وذلك أنه عبارة عن القواعد والمبادئ التي سار عليها الفقهاء في استنباط الأحكام وبيانها للناس، وأنه يكوِّن الضوابط التي يلتزم بها الفقيه، بقصد أن يكون طريقه مستقيمًا واضحًا، لا يعتريه وهن أو انحراف، ولا خبط أو اضطراب.
كما أن هذا العلم هو المصباح الذي ورثته الأجيال، وحمله العلماء على مر العصور، لبيان الأحكام الشرعية في كل جديد، ومعالجة المشاكل التي تطرأ، وغير ذلك من تفسير النصوص، وبيان دلالات الألفاظ، والتوفيق بين الأدلة، وإزالة التعارض وكيفية الترجيح، ومنهج الاجتهاد، ومقوماته، وفق منهج محدد يسير عليه العالم في الاجتهاد والاستنباط (1).
ومما يبهج النفس، ويسعد القلب أنه ظهر في هذه السنوات الثلاثين الأخيرة عدد من أمهات كتب الأصول، التي تعتبر من مصادره الأصلية، ومراجعه المعتمدة، كالبرهان لإمام الحرمين الجُويني، والمحصول لفخر الدين الرازي، والعُدَّة لأبي يَعْلى الفراء الحنبلي، وشرح الكوكب المنير لابن النجار الفتوحي، وشرح تنقيح الأصول للقرافي المالكي، والتبصرة للشيخ أبي إسحاق الشيرازي، والمنخول لحجة الإسلام الغزالي، وشفاء الغليل للشيخ أبي جامد الغزالي أيضًا، والمختصر في أصول الفقه لابن اللحام البعلي، والمغني للخبازي الحنفي، والتمهيد لأبي الخطاب الكلوداباذي .. ، وغيرها كثير (2).
(1) انظر فوائد علم أصول الفقه في الفصل الثاني من الباب التمهيدي.
(2)
منها الوصول إلى علم الأصول لابن بَرْهان، والفصول في الأصول للجصاص، وميزان الأصول للسمرقندي، وإحكام الفصول في أحكام الأصول للباجي، وبيان المختصر للأصفهاني في شرح مختصر ابن الحاجب، وتقريب الأصول إلى علم الأصول لابن جزئ المالكي، وغيرها.