الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أولًا:
الواجب المؤقت بوقت مضيق:
هو الواجب المؤقت الذي يستغرق فعله جميع الوقت المحدد له، والوقت معيار له، فلا يسع واجبًا آخر معه من جنسه، مثل الصيام في شهر رمضان، فالصيام يستغرق جميع الشهو، ولا يستطيع المكلف أن يصوم في شهر رمضان تطوعًا أو نذرًا أو قضاء، لأن الوقت بقدر الواجب فلا يزيد عنه ولا ينقص (1)، ووقته سبب لوجوبه، لقوله تعالى:{فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: 185].
الواجب المؤقت بوقت موسع:
وهو الواجب المؤقت الذي يتسع وقته لأدائه ولأداء غيره من جنسه، فالوقت أوسع من الواجب، مثل الصلوات الواجبة المؤقتة بأوقات معينة، فإن وقت كل منها يتسع لأداء الفرض وأداء غيره من الصلوات الأخرى، ويستطيع المكلف أن يصلي في وقت الظهر فرض الظهر وسننه ونوافله وما يرغب من التطوع، وأن يقضي فرضًا آخر عليه (2).
= فعله، وهذا لا يجوز التكليف به عند من لا يجوز التكليف بالمحال إلا أن يكون بغرض القضاء فيجوز، كوجوب الظهر مثلًا على من زال عذره قبل آخر الوقت بمقدار تكبيرة مثلًا، (انظر نهاية السول: 1 ص 112، أصول الفقه، أبو النور: 1 ص 104، المدخل إلى مذهب أحمد: ص 60، القواعد والفوائد الأصولية: ص 61، أصول السرخسي: 1 ص 30، التوضيح: 2 ص 188، إرشاد الفحول: ص 6).
(1)
يطلق الحنفية على الواجب المضيق اسم المعيار، لأن الواجب يقدر بمقدار الوقت، انظر تيسير التحرير: 2 ص 207، نهاية السول: 1 ص 112، المستصفى: 1 ص 69، فواتح الرحموت: 1 ص 69، المدخل إلى مذهب أحمد: ص 60.
(2)
يطلق الحنفية على الواجب الموسع اسم الظرف أي الوعاء، لأن الظرف يضم أجزاء الموضوع سواء امتلأ أم لا، انظر التوضيح: 2 ص 189، تيسير التحرير: 1 ص 188، المستصفى: 1 ص 69، فواتح الرحموت: 1 ص 69، أصول الفقه، خلاف: ص 120.
واتفق العلماء في الواجب الموسع على أن وقته سبب لوجوبه، فوقت دلوك الشمس سبب لوجوب الظهر، ولا تجب الصلاة قبل دخول وقته، لقوله تعالى:{أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا (78)} [الإسراء: 78].
وذهب جمهور الأصوليين إلى أن جميع وقت الظهر وقت لأدائه، والمكلف مخير في الأداء في أي جزء منه، وأن الشارع وسعه على المكلف، خلافًا للحنفية الذين يرون أن الوقت هو الجزء المتصل بالأداء لعدم إمكان جعل الوقت كله سببًا للأداء، وعدم إمكان تعيين جزء خاص منه، فربط الواجب بوقت الأداء، فإن لم يؤده المكلف انحصر الواجب في الجزء الأخير من الوقت (1).
والواجب الموسع ينقلب إلى واجب مضيق إذا غلب على ظن المكلف العجز عن أداء الواجب طوال وقته، كمن ظن الموت بالإعدام بعد فترة من دخول الوقت، وأنه لن يعيش إلى آخر الوقت الموسع، فيصبح الموسع مضيقًا عليه ويجب أداؤه فورًا، ومثل إذا اعتادت المرأة أن ترى الحيض بعد دخول الوقت بفترة تستطيع فيها الصلاة فيجب عليها الأداء فورًا، وإن أخرت فهي آثمة.
فإن لم يصلِّ المكلف في مثل هذه الحالة ولم يُعدَمْ، أو لم يأت الحيض، ثم أدى الواجب، فاختلف العلماء فيه، فقال أكثرهم: يعتبر
(1) مختصر ابن الحاجب: ص 37، تيسير التحرير: 1 ص 189، فواتح الرحموت: 1/ 73، أصول الفقه، أبو النور: 1 ص 105، الإحكام، الآمدي: 1 ص 98، التوضيح: 2 ص 205، المدخل إلى مذهب أحمد: ص 60، التبصرة للشيرازي: ص 60، لكن يرى أكثر الجمهور أن الواجب تعلق بأول الوقت، ويجب على المكلف أداؤه فورًا، أو العزم عليه خلال الوقت، انظر: شرح الكوكب المنير: 1/ 369، 371، وقارن ما قاله السيوطي في الأشباه والنظائر: ص 13.