الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التعريف الواجب والمندوب، فإن الفاعل يستحق الثواب عليهما، ويخرج المباح والمكروه لأن فاعلهما لا يستحق ثوابًا، ويخرج المحرم لأن فاعله يستحق عقوبة لا ثوابًا.
2 -
ويعاقب تاركه: العقوبة من اللَّه تعالى على المكلف لمخالفة أمره، وارتكاب محارمه، وعصيان شريعته، فالمكلف الذي يترك الواجب الثابت بخطاب اللَّه تعالى يستحق العقاب الذي يثبت عن طريق الشرع فقط، وهذا احتراز عن الحرام، فإن تاركه لا يعاقب بل يثاب تاركه ويعاقب فاعله، وقلنا: ما يستحق تاركه العقاب، بمعنى أنه لو عاقبه اللَّه تعالى لكان مستحقًا له، لاحتمال أن يعفو اللَّه عنه كرمًا منه وفضلًا (1).
والتعريف الأول يتفق مع التعريفات السابقة للإيجاب والندب والكراهة والإباحة والتحريم من حيث الحقيقة والماهية، والتعريف الثاني من حيث العوارض والصفات التي تميزه عن غيره، وتظهر به حقيقته.
وحكم الواجب -كما سبق بيانه- أنه يجب القيام به، ويكفر منكره إذا ثبت بدليل شرعي، وأن فاعله يستحق الثواب وتاركه يستحق العقاب (2).
الأساليب التي تفيد الوجوب:
يثبت الواجب بخطاب اللَّه تعالى بالاتفاق، ولكن الشارع الكريم استعمل عدة أساليب، يدل كل منها على الطلب الحتمي الذي يفيد
(1) الإحكام في أصول الأحكام، الآمدي: 1 ص 90، نهاية السول: 1 ص 55، 56.
(2)
يقول الإمام الشاطبي: وإذا كان واجبًا بالجزء، فهو كذلك بالكل من باب أولى، (الموافقات، له: 1 ص 80) أي من ترك الظهر يستحق العقاب، ومن ترك كل صلاة فيستحق العقاب بالأولى.
الإيجاب (1)، وذلك لبيان إعجاز القرآن باختلاف الصيغ، حتى لا يكثر تكرار اللفظ الواحد عدة مرات، لأن النفوس تسأم التكرار، والأساليب التي تدل على الواجب بعضها حقيقة، وبعضها مجاز، وأهمها هي:
1 -
فعل الأمر، مثل قوله تعالى:{وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة 110]، وقوله تعالى:{فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً} [النساء: 24].
2 -
المصدر النائب عن الفعل، مثل قوله تعالى:{فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ} [محمد: 4]، فلفظ ضرب مصدر ناب عن فعل الضرب.
3 -
الفعل المضارع المقترن بلام الأمر، مثل قوله تعالى:{لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ} [الطلاق: 7].
4 -
اسم الفعل، مثل مَهْ وعليكم، مثل قوله تعالى:{عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ} [المائدة: 105]، أي الزموا أنفسكم، وقوله صلى الله عليه وسلم:"مَهْ، عليكم من الأعمال ما تطيقون، فإن اللَّه لا يمل حتى تملوا"(2).
5 -
التصريح بلفظ الأمر، مثل قوله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ} [النحل: 90]، وقوله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء: 58].
6 -
أساليب اللغة العربية الأخرى التي تستعمل للدلالة على الطلب الجازم مجازًا، مثل قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} [البقرة: 183]، وقوله تعالى:{وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} [آل عمران: 97].
(1) مباحث الحكم، مدكور: ص 68، أصول الفقه، خلاف: 119، منهج التربية، محمد قطب: ص 235، المسودة في أصول الفقه: ص 42، المعتمد: 1 ص 385، أثر الاختلاف في القواعد الأصولية: ص 294، الإمام في أدلة الأحكام، للعز بن عبد السلام: ص 87 وما بعدها.
(2)
رواه الطبراني عن عمران بن حصين.