الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 -
قال الله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [آل عمران: 110].
فالآية وصفت المسلمين بأنهم خير الأمم؛ لأنهم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، فإذا أمرت الأمة كلها -الممثلة بعلمائها- بشيء فيكون معروفًا بنص الآية، وإذا نهت عن شيء كان منكرًا، وبالتالي فإن أمرهم ونهيهم حجة على المسلمين، ويكون إجماعهم على أمر مصدرًا من مصادر التشريع؛ لأن الآية وصفتهم بصفة المشرع في الأمر والنهي (1).
وهناك آيات كثيرة كقوله تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} [آل عمران: 103]، وقوله تعالي:{أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: 59] وأولو الأمر الديني هم المجتهدون والعلماء وأهل الفتيا، وقوله تعالى:{وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ} [الشورى: 10] وقوله تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} [النساء: 59].
والواقع أن هذه الآيات الكريمة لا تدل دلالة صريحة على حجية الإجماع، وناقش العلماء ما يرد على الاحتجاج فيها، وأن أظهرها دلالة هي الآية الأولى، ولذا قال الغزالي رحمه الله:"فهذه كلها ظواهر، ولا تنص على الغرض، بل لا تدل دلالة الظواهر، والأقوى هو التمسك بقوله صلى الله عليه وسلم: "لا تجمع أمتي على الخطأ" (2).
ثانيًا: السنة:
وهي أقرب الطرق في إثبات حجية الإجماع، وذلك أنه وردت عدة
= منهاج الوصول: ص 73، كشف الأسرار: 3 ص 97، أصول الفقه، أبو النور: 3 ص 189، أصول السرخسي: 1 ص 297.
(1)
الإحكام، الآمدي: 1 ص 195، إسناد الفحول: ص 77، كشف الأسرار: 3 ص 976، أصول السرخسي: 1 ص 296، شرح الكوكب المنير: 2 ص 217.
(2)
المستصفى: 1 ص 185.
أحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تدل على عصمة الأمة عن الخطأ والضلالة، وأن المعنى المشترك بين هذه الأحاديث بلغ حد التواتر، من ذلك قوله صلى الله عليه وسلم:"لن تجمع أمتي على الضلالة"، "أمتي لا تجتمع على الخطأ"، "أمتي لا تجتمع على الضلالة"، "ولم يكن الله بالذي يجمع أمتي على الضلالة، وسألت الله أن لا يجمع أمتي على الضلالة فأعطانيه".
وقوله صلى الله عليه وسلم: "ما رآه المسلمون حسنًا فهو عند الله حسن"(1)، وقوله صلى الله عليه وسلم:"ألا من سَرّه بَحْبَحَة الجنة فليلزم الجماعة، فإن الشيطان مع الفذ، وهو من الاثنين أبعد"، وقوله:"يد الله مع الجماعة"، وقوله:"عليكم بالسواد الأعظم"، وقوله:"لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين، لا يضرهم خلاف من خالفهم، ومن خرج عن الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإِسلام من عنقه، ومن فارق الجماعة ومات فميتته جاهلية، عليكم بالسواد الأعظم"(2).
فالأحاديث تدل على قصد الرسول صلى الله عليه وسلم بتعظيم هذه الأمة وعصمتها من الخطأ، وأن الله تعالى لا يجمع هذه الأمة على الخطأ والضلالة، وأن ما اتفقوا عليه فهو حجة شرعية يجب على المسلمين الأخذ به، والالتزام بأحكامه، وأن الإجماع مصدر من مصادر التشريع الإسلامي (3).
(1) حديث موقوف على ابن مسعود، رواه أحمد (1/ 379)، وانظر: مجمع الزوائد 1/ 178، كشف الخفا 2/ 263، الأشباه والنظائر للسيوطي: ص 89.
(2)
انظر تحقيق هذه الأحاديث في هامش الرسالة، للشيخ أحمد شاكر: ص 474، وكشف الخفا: 2 ص 488، المستدرك: 4/ 506 ، 507، جامع الترمذي: 4/ 416، السنة، لابن أبي عاصم: ص 39 - 40.
(3)
المستصفى: 1 ص 175، منهاج الوصول: ص 73، أصول الفقه، أبو النور: 3 ص 190، أصول السرخسي: 1 ص 229، شرح الكوكب المنير: 2 ص 218.