الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والمرغب فيه والمستحب والإحسان، قال ابن السبكي: والمندوب والمستحب والتطوع والسنة مترادفة (1)، وخص بعض العلماء لفظ السنة بما واظب عليه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كالوتر، والمستحب بما لم يواظب عليه، والتطوع باختيار بعض الأفعال اقتداء برسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كاللبس والأوراد (2).
الأساليب التي تفيد الندب:
الأساليب التي تدل على الندب كثيرة، وأهمها هي:
1 -
التعبير الصريح بلفظ يندب أو يسن، مثل قوله صلى الله عليه وسلم في رمضان:"سننت لكم قيامه"(3).
2 -
الطلب غير الجازم، وذلك بأسلوب الأمر السابق المقترن بقرينة لفظية تصرف الأمر عن الوجوب إلى الندب، وقد تكون القرينة قاعدة شرعية عامة، مثل قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} فلفظ {اكتبوه} أمر يقتضي الوجوب، وصرف من الوجوب إلى الندب بقرينة لاحقة في الآية بقوله تعالى:{فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ} [البقرة: 283]، فكتابة الدَّيْن مندوب، لأن الدائن إن وثق بمدينه فلا حاجة لكتابة الدين عليه، ومثل قوله تعالى:{وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} [النور: 33]، فلفظ كاتبوهم أمر بمكاتبة العبد ليصبح حرًّا فيما بعد، ولكن هذا
(1) حاشية البناني على جمع الجوامع: 1 ص 89.
(2)
منهاج الوصول: ص 5، إرشاد الفحول: ص 6، حاشة البناني: 1 ص 89، 90، كشف الأسرار: 1 ص 622، نهاية السول: 1 ص 59، ألمدخل إلى مذهب أحمد: ص 62، المجموع للنووي: 3/ 496.
(3)
رواه النسائي وابن ماجه، انظر سنن النسائي: 4 ص 158، ط مصطفى محمد، سنن ابن ماجه: 1 ص 421.
الأمر يفيد الندب للنص على القرينة بعده {إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} فعلق الكتابة على علم المالك بأن الكتابة خير للعبد، ولوجود قرينة أخرى وهي قاعدة عامة في الشريعة أن المالك له حرية التصرف في ملكه، وأول الآية نصت على ثبوت الملك له {مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} مما يدل على أن الأمر مصروف من الإيجاب إلى الندب (1).
3 -
عدم ترتيب العقوبة على ترك الفعل، مع طلبه من الشارع، كقوله صلى الله عليه وسلم:"إن اللَّه يحب أن تؤتى رخصه كما يجب أن تؤتى عزائمه"(2)، فالحديث لم يرتب عقوبة على ترك الرخصة.
4 -
مواظبة الرسول صلى الله عليه وسلم على الفعل في معظم الأحيان، وتركه في حالة أو في بعض الأحيان، ليدل على عدم العقاب على الترك، كالسنن المؤكدة قبل صلاة الفرض أو بعدها.
5 -
الأساليب العربية الأخرى التي تدل على عدم الإلزام وعدم التحتيم (3)، مثل قوله صلى الله عليه وسلم:"من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت، ومن اغتسل فالغسل أفضل"(4) ومثل قوله: "إن اللَّه يحب أن يرى أثر نعمته على عبده"(5)، وقوله:"إن اللَّه جميل يحب الجمال"(6).
فهذه الأحاديث تدل على طلب الفعل، ولكن بدون إلزام ولا تحتيم، وبدون ترتيب العقوبة على التارك، وإنما اقتصر الطلب على التحبيب وبيان الفضل والترغيب في الفعل.
(1) مباحث الحكم، مدكور: ص 93، الوسيط في أصول الفقه الإسلامي: ص 77.
(2)
رواه أحمد والبيهقي والطبراني.
(3)
مباحث الحكم: ص 93، وانظر: المعتمد: 1 ص 386.
(4)
رواه أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن خزيمة عن سمرة.
(5)
رواه الترمذي والحاكم عن عبد اللَّه بن عمرو.
(6)
رواه مسلم والترمذي والحاكم عن ابن مسعود رضي الله عنه.