الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني في المصالح المرسلة أو الاستصلاح
تعريف المصالح المرسلة:
المصلحة لغة: هي المنفعة، والمرسلة: أي المطلقة، والمصلحة المرسلة في الاصطلاح: هي المصلحة التي لم ينص الشارع على حكم لتحقيقها، ولم يدل دليل شرعي على اعتبارها أو إلغائها (1).
مثالها المصلحة التي شرع لأجلها عمر رضي الله عنه اتخاذ السجون وتدوين الدواوين للجند، وهي مصلحة لم يرد فيها دليل شرعي بالتأييد والاعتبار أو بالإلغاء والإبطال.
أنواع المصالح:
ومن هنا يظهر لنا أن المصالح ثلاثة أنواع (2):
1 -
المصالح المعتبرة: وهي المصالح التي جاءت الأحكام الشرعية لتحقيقها ومراعاتها من أجل المحافظة على مقصود الشرع في جلب المصالح أو دفع المفاسد والمضار (3)، مثل المصلحة في حفظ النفس
(1) علم أصول الفقه، خلاف: ص 94، ضوابط المصلحة: ص 329.
(2)
المستصفى: 1 ص 284.
(3)
المستصفى: 1 ص 286.
والمال والعرض التي شرع اللَّه لحفظها القصاص وحد السرقة وحد القذف.
2 -
المصالح الملغاة: وهي المصالح التي وردت الأحكام بإلغائها وعدم مراعاتها، لأنها مصالح من سط الظاهر وتخفي وراءها أضرارًا ومفاسد ومخاطر دينية واجتماعية، مثل الربا، فإن فيه مصلحة ظاهرية آنية للمقرض بالفائدة وللمستقرض بالاستفادة من المال، ومثل قتل المريض اليائس من الشفاء، وذبح الأضاحي على الأصنام لإطعام الفقراء، وشرب المسكرات للنشوة، أو المخدرات للتأمل الخيالي والهرب من الواقع، ففي كل منها مصلحة ولكنها تنطوي على الشر والفساد، وتخفي في طياتها الضرر والخراب، فنص الشارع على إلغاء المصلحة فيها وعدم اعتبارها.
وهذان القسمان متفق عليهما بين جميع المسلمين، لأن الشريعة جاءت لتحقيق مصالح العباد في الدنيا والآخرة، ولرعاية أحوالهم ومنافعهم، فشرعت كل ما يحقق مصلحتهم، وحرمت كل ما يضرهم ويوقع الإيذاء بهم (1).
3 -
المصالح المرسلة: وهي المصالح التي لم ينص الشارع على اعتبارها ولا على إلغائها، وهذه المصالح هي مجال الاختلاف بين العلماء، علمًا أنهم متفقون على تحقيق المصالح والتعليل بها، وبناء الأحكام عليها في جميع المذاهب، ولكن الاختلاف في اعتبارها دليلًا شرعيًّا مستقلًا، وهل هي مصدر من مصادر التشريع أم لا؟
(1) الموافقات، للشاطبي: 2 ص 3، المستصفى: 1 ص 286، المدخل إلى مذهب أحمد: ص 136، أثر الأدلة المختلف فيها: ص 32، ضوابط المصلحة: ص 330.