الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دليل على التغيير، وأن ظن البقاء أغلب من ظن التغير، والظن حجة متبعة في الأحكام الشرعية، كالخمر تبفى حرامًا حتى يثبت تغيرها إلى خل مثلًا، ودم الإنسان مصون حتى يثبت موجب الهدر والقصاص (1)، والعقل يؤيد ذلك، فالإنسان يحكم على الأمور بعقله في الحاضر بناء على معرفته السابقة ما لم يثبت العكس، فالبداهة العقلية تؤيد الاستصحاب (2).
القول الثاني: الاستصحاب ليس حجة شرعية، ولا يصح لاعتماد الأحكام عليه، وهو مذهب الحنفية (3)، لأن إثبات الدليل والحجة للحكم الشرعي في الزمن الأول يحتاج إلى دليل، وكذلك في الزمن الحاضر يحتاج إلى دليل لاحتمال وجوده أو عدمه، وقال أكثر محققي الحنفية: إن الاستصحاب يصلح دليلًا للدفع والرفع أي لإبقاء ما كان على ما كان، ولا يصلح لإثبات أمر لم يكن، مثل استصحاب حياة المفقود إلى الزمن الحاضر، فهو حجة لدفع الموت ونفيه عنه، ومنع ورثته من اقتسام أمواله، ولكن لا يصلح حجة لإثبات ما لم يكن، فلا يثبت له إرث من مورثه الذي يتوفى في هذه الأثناء (4).
أنواع الاستصحاب:
يتنوع الاستصحاب بحسب الحالة الأولى السابقة إلى ثلاثة أنواع:
(1) الإحكام، الآمدي: 4 ص 112.
(2)
تيسير التحرير: 4 ص 177، حاشية العطار: 2 ص 387، الإحكام، الآمدي: 4 ص 111، أصول الفقه، أبو زهرة: ص 284.
(3)
تيسير التحرير: 4 ص 177، الإحكام، الآمدي: 4 ص 111، أصول السرخسي: 2 ص 223.
(4)
تيسير التحرير، المرجع السابق، تسهيل الوصول: ص 238، أصول السرخسي: 2 ص 140، 225، الأشباه والنظائر، ابن نجيم: ص 73، أثر الأدلة المختلف فيها: ص 188 وما بعدها.
1 -
استصحاب الحكم الأصلي للأشياء، وهو الإباحة عند عدم الدليل، فالأصل في الأشياء الإباحة، ما لم يرد دليل يخالفه، فإن لم يجد المجتهد حكمًا في الشيء، وكان فيه منفعة، حكم بإباحته بناء على الأصل في أن الله خلق الأرض وما فيها للإنسان.
وهذا النوع متفق على العمل به بين العلماء، وإن خالف بعضهم في تسميته استصحابًا، ويدخله بعضهم في الإباحة.
2 -
استصحاب العدم الأصلي، أو البراءة الأصلية، كالحكم ببراءة الذمة من التكاليف الشرعية وحقوق الناس حتى يوجد دليل شغلها.
وهذا النوع لم يخالف أحد من أهل العلم به.
3 -
استصحاب ما دل الشرع على ثبوته لوجود سببه حتى يقوم الدليل على زواله، كثبوت الملك لشخص من البيع والإرث فيبقى ملكه قائمًا حتى يقوم الدليل على انتفائه ونقله، ومثل ثبوت الحل بين الزوجين عند العقد فتبقى الزوجية قائمة إلى أن تحصل الفرقة، ومثل شغل الذمة بدين أو ضمان فتبقى الذمة مشغولة حتى يقوم الدليل على البراءة (1).
وقد استنبط الفقهاء عدة مبادئ فقهية وقواعد كلية من الاستصحاب منها:
1 -
الأصل بقاء ما كان على ما كان حتى يثبت ما يغيره.
2 -
إن كل شيء لم يقم الدليل المعين على حكمه فهو على الإباحة الأصلية.
3 -
اليقين لا يزول بالشك (2).
(1) أصول الفقه الإسلامي، شعبان: ص 210، أثر الأدلة المختلف فيها: ص 187.
(2)
المرجع السابق: ص 214، وانظر تفصيل القواعد الفقهية في كتابي: النظريات الفقهية، وكتابي: القواعد الفقهية في المذهب الحنفي والشافعي ص 121، 92.