الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثالثًا: المعقول:
وهو أن أهل الحل والعقد من مجتهدي الأمة كثيرون، وإذا اتفقوا على الحكم في قضية ما، وجزموا بها جزمًا قاطعًا، فالعادة تحيل هذا الحكم القاطع الجازم لو لم يستندوا إلى سند قوي قاطع، وإلا تنبه إلى الخطأ في القطع أحدهم، فاتفاق جميع المجتهدين مع اختلاف أنظارهم وبيئاتهم وتوافر الأسباب لاختلافهم دليل على أن وحدة الحق والصواب هي التي جمعتهم على الحكم (1).
ركن الإجماع وشروطه:
ركن الإجماع هو الاتفاق على الحكم من جميع المجتهدين مع اختلاف أجناسهم وطوائفهم وبلادهم، وهذا الاتفاق إما أن يكون صريحًا بالقول أو بالفعل، وهو الإجماع الصريح الحقيقي المتفق عليه، وهو المراد عند إطلاق العلماء لفظ الإجماع، وإما أن يصدر بعض المجتهدين حكمًا ويسكت الآخرون عليه دون إقرار ولا إنكار، وهو الإجماع السكوتي، وهذا مختلف فيه، فقال الشافعية والظاهرية بعدم حجيته، وقال الحنفية والمالكية وأحمد: إنه حجة؛ وهاتان مرتبتان للإجماع، وله مراتب أخرى في كتب الأصول (2).
(1) الإحكام، الآمدي: 1 ص 202، المستصفى: 1 ص 179، أصول الفقه، خلاف: ص 51، وأكد البزدوي التعليل بالعقل بأن انقطاع الوحي مع كثرة الحوادث والوعد بثبات الشريعة وحفظها يقتضي العقل أن يكون إجماعهم حجة. (كشف الأسرار: 3 ص 976).
(2)
اختلف الفقهاء والأصوليون في الركن فبعضهم اقتصره على الماهية، وبعضهم أضاف إليه ما تحتاج إليه الماهية من أطراف وغيرها، فتختلف الأركان بناء على ذلك، وانظر: مراتب الإجماع في: كتاب أصول الفقه، أبو زهرة: ص 198، شرح الكوكب المنير 2/ 212، 254.
أما شروط الإجماع فكثيرة، بعضها متفق عليه، وبعضها مختلف فيه، وأهمها:
1 -
أن لا يعارضه نص من القرآن أو السنة أو إجماع سابق؛ لأن النص يأتي في المرتبة الأولى، والإجماع في المرتبة الثانية، وأن الإجماع السابق قطعي فلا يصح الإجماع على خلافه، ولأن الإجماع لا بد أن يستند على أصل شرعي من كتاب أو سنة (1).
2 -
أن يكون الإجماع مستندًا إلى دليل شرعي، وِإن لم يصلنا الدليل؛ لأن المجتهد مقيد في اجتهاده في الحدود الشرعية، وأكد ابن حزم أنه لا إجماع إلا بناء على نص (2).
3 -
أن يوجد عدد من المجتهدين في عصر واحد، يؤمن تواطؤهم على الكذب.
4 -
أن يكون الاتفاق من جميع المجتهدين.
5 -
أن يكون الإجماع على أمر شرعي عند الجمهور، وقال آخرون: يصح على كل أمر.
6 -
أن ينقرض العصر ويموت جميع المجتهدين حتى لا يرجع أحدهم عن رأيه، وهو شرط مختلف فيه (3).
7 -
أن ينتفي سبق الخلاف في المسألة عند أبي حنيفة خلافًا
(1) الرسالة: ص 599.
(2)
الإحكام، ابن حزم: 4 ص 495، إرشاد الفحول: ص 79، أصول السرخسي: 1 ص 301، تسهيل الوصول: ص 175، اللمع: ص 51، تيسير التحرير: ص 254، المستصفى: 2 ص 244، مصادر التشريع الإِسلامي: ص 154، أصول الفقه، أبو النور: ص 214، شرح الكوكب المنير: 2 ص 259.
(3)
انظر تفصيل ذلك مع بيان آراء العلماء والأئمة وأدلتهم في (شرح الكوكب المنير: 2 ص 246 وما بعدها).