الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومثال ذلك: الصلاة الصحيحة، وهي التي استوفت أركانها وشروطها، وتسقط عن المكلف وتبرأ ذمته، ويكسب بها الأجر والثواب، وإلا فهي غير صحيحة، ويجب إعادتها، وعقد البيع الصحيح هو ما استكمل أركانه وشروطه وترتبت عليه آثاره من نقل الملكية، وإلا فهو غير صحيح، ولا تنتقل الملكية به، والوضوء الصحيح هو ما يصح به أداء الصلاة، وإلا فهو غير صحيح، ويجب إعادته.
وعرف البيضاوي الصحة: بأنها استتباع الغاية (1)، أي طلب الفعل بأن تتبعه غايته، والغاية هي الأثر المقصود من الفعل، واتفق العلماء على أن الغاية من المعاملات هي الانتفاع بكل من العوضين، انتفاعًا مباحًا لا حرمة فيه، واختلفوا في الغاية من العبادات، فقال علماء الأصول: هي موافقة الفعل أمر الشارع، ولو ظنًّا، وقال الفقهاء: إن غاية العبادة هي سقوط القضاء، أي براءة الذمة أمام اللَّه تعالى، فلا يحاسب عليه (2).
وبناء على هذا المعنى للصحة وعدم الصحة ينقسم الحكم باعتبار اجتماع الأركان والشروط المعتبرة في الفعل وعدم اجتماعها فيه، أو بحسب تحقق الغاية منه، وترتيبها عليه، أو عدم تحققها، إلى حكم صحيح، وحكم غير صحيح، وهو الفاسد والباطل.
هل الصحة الفساد والبطلان من الحكم الوضعي
؟
انقسم العلماء في وصف الصحة والفساد والبطلان، وهل تدخل في الحكم الوضعي أم في الحكم التكليفي؟ على أربعة أقوال:
= 1 ص 47، وما بعدها، تيسير التحرير: 2 ص 234، المستصفى: 1 ص 95، المدخل للفقه الإسلامي، للمؤلف: ص 65.
(1)
نهاية السول: 1 ص 72، وانظر: جمع الجوامع وحاشية البناني: 1 ص 99.
(2)
شرح الكوكب المنير: 1 ص 467.
1 -
قال ابن الحاجب: إن الصحة والبطلان أو الحكم بهما أمر عقلي، فالفعل إما أن يكون مسقطًا للقضاء، أو يكون موافقًا أمر الشارع، فالفعل الصحيح بحكم العقل، وإما أن لا يسقط القضاء، أو لا يوافق أمر الشرع فهو باطل وفاسد بحكم العقل (1).
2 -
وقال بعض العلماء: إن الصحة أو الفساد صفة للفعل وليس للحكم، وتدخل في المحكوم فيه، وليس في الحكم، وإنها أوصاف ترد على الأحكام الشرعية سواء كانت تكليفية أو كانت وضعية (2).
3 -
قال جماعة: الصحة والفساد من الحكم التكليفي، فالصحيح هو المباح، والباطل والفاسد هو المحرم (3).
4 -
وقال أكثر العلماء: إنهما من خطاب الوضع، بمعنى أنه حكم بتعلق شيء بشيء تعلقًا زائدًا على التعلق الذي لا بد منه في كل حكم، فالشارع حكم بتعلق الصحة بهذا الفعل، وحكم بتعلق الفساد أو البطلان بذلك (4).
والراجح أن الصحة والفساد من خطاب الوضع، وأن الصحة والفساد في المعاملات من أحكام الوضع باتفاق، لأن المعاملات لا تستتبع ثمراتها المطلوبة إلا بتوقيف من الشارع، وأن ترتب المقصود من العقد يدل على أنه صحيح، وعدم ترتبه عليه يدل على الفساد، فالصحة موافقة الفعل لأمر الشارع على وجه، والفساد عدم موافقة الفعل لأمر الشارع.
وينحصر الخلاف في الصحة والفساد المتعلقين بالعبادات لاختلاف
(1) مختصر ابن الحاجب: ص 43، وانظر: شرح الكوكب المنير: 1 ص 464.
(2)
أصول الفقه، أبو زهرة: ص 62، التلويح على التوضيح: 3 ص 73.
(3)
شرح الكوكب المنير: 1 ص 464.
(4)
تسهيل الوصول: ص 259، فواتح الرحموت: 1 ص 120، مختصر ابن الحاجب: ص 43، التلويح: 3 ص 73، شرح الكوكب المنير: 1 ص 464.