الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبيعات في دفتر خاص، وتعارف منطقة على تسجيل الأثاث للزوجة أو للزوج.
حجية العرف:
يتفق الأئمة عمليًّا على اعتبار العرف الصحيح حجة ودليلًا شرعيًّا (1)، ولكنهم يختلفون في اعتباره مصدرًا مستقلًا قائمًا بذاته على قولين:
القول الأول: العرف حجة ودليل شرعي مستقل، وهو مذهب الحنفية والمالكية وابن القيم من الحنابلة، واحتجوا بالكتاب والسنة والمعقول.
أما الكتاب فقوله تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ (199)} [الأعراف: 199]، فالأمر بالعرف في الآية يدل على وجوب الرجوع إلى عادات الناس، وما جرى تعاملهم به، وهذا يدل على اعتبار العادات في الشرع بنص الآية.
أما السنة فقوله صلى الله عليه وسلم: "ما رآه المسلمون حسنًا فهو عند اللَّه حسن"(2) يدل الحديث أن الأمر المتعارف عليه تعارفًا حسنًا بين المسلمين يعتبر من الأمور الحسنة التي يقرها اللَّه تعالى، وما أقره الله تعالى فهو حق وحجة ودليل، ولذا يعتبر الحنفية أن الثابت بالعرف ثابت بدليل شرعي، وأن المعروف عرفًا كالمشروط شرطًا.
أما المعقول: فنلاحظ أن العرف له سلطان كبير على النفس، ويتمتع بالاحترام العظيم في القبول، وهو طبيعة ثانية للناس، يرضون به بسهولة، ويحقق مصالحهم ومنافعهم، والشريعة جاءت لتحقيق
(1) العرف والعادة، أبو سنة: ص 23، تنقيح الفصول: ص 144.
(2)
حديث موقوف على ابن مسعود رواه أحمد، وسبق تخريجه ص؟؟؟.
المصالح، فيكون العرف الصحيح مصدرًا ودليلًا وأصلًا من أصول الاستنباط.
القول الثاني: أن العرف ليس حجة ودليلًا شرعيًّا إلا إذا أرشد الشارع إلى اعتباره، وهو مذهب الشافعية، واحتجوا بأن العادة لا تعتبر إلا إذا جرى الشرع على قبولها، وأن العرف دليل ظاهر يرجع إلى الأدلة الصحيحة (1).
ونلاحظ أن جميع العلماء يحتجون بالعرف ويرجعون إلى عادات الناس في بناء الأحكام عليها وتفسير النصوص والوقائع على ضوئها (2)، ووضع الفقهاء عدة قواعد تعتمد على العرف والعادة، وإنما اختلفوا في شروط العرف، وفي درجته التشريعية بين المصادر.
ويشترط للعمل بالعرف شرطان:
1 -
أن يكون عامًّا شاملًا مستفيضًا بين الناس، فلا يكون عادة شخص بعينه، أو عادة جماعة قليلة.
2 -
أن لا يعارضه نص أو إجماع، وإلا كان عرفًا باطلًا لا قيمة له، وهو العرف الفاسد، كتعارف الناس ارتكاب المحرمات من الربا وشرب الخمر واختلاط النساء مع الرجال، وكشف العورة، ولبس الحرير والذهب للرجال وغير ذلك مما ورد فيه نص بالتحريم، فلا قيمة لهذا العرف، ولا اعتبار له، فهو عرف فاسد مردود، واتباع للهوى وإبطال للنصوص، وهو غير مقبول قطعًا (3).
(1) حاشية العطار على جمع الجوامع: 2 ص 395، العرف والعادة: ص 32، أثر الأدلة المختلف فيها: ص 250، المدخل إلى مذهب أحمد: ص 134، ابن حنبل، أبو زهرة: ص 331، 361، روضة الناظر: ص 33، 82.
(2)
المدخل الفقهي العام: 1 ص 112.
(3)
العرف والعادة، أبو سنة: ص 61.