الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أولًا: الواجب العيني:
وهو ما طلب الشارع فعله من كل فرد من أفراد المكلفين (1)، وسمي واجبًا عينيًا لأن خطاب الشارع يتوجه إلى كل مكلف بعينه، ولا تبرأ ذمة المكلف منه إلا بأدائه بنفسه، ولا يجزئه قيام مكلف آخر به، فلا بد من أدائه من جميع المكلفين كالصلاة والزكاة والحج والوفاء واجتناب الخمر والميسر.
وحكمه أن كل مكلف ملتزم به، وأن ذمته مشغولة به حتى يؤديه بنفسه، فإن قام به فله الأجر والثواب، وإن تركه فهو آثم وعليه العقاب (2).
ويقصد الشارع من هذا الواجب أمرين: القيام بالواجب من جهة، والتزام كل فرد بعينه به من جهة أخرى (3).
ثانيًا: الواجب الكفائي:
وهو ما طلب الشارع فعله من مجموع المكلفين، لا من كل فرد بعينه، فإن قام به بعض المكلفين فقد تأدى الواجب وسقط الإثم عن الباقين، وسمي واجبًا كفائيًا لأن قيام بعض المكلفين به يكفي للوصول إلى مقصد الشارع، كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ورد السلام،
(1) نهاية السول: 1 ص 117، أصول الفقه، خلاف: ص 122، ويقول الإسنوي: إن
فرض العين قد يتناول واحدًا معينًا كالضحى والتهجد وغيرها من خصائص النبي
صلى الله عليه وسلم، وانظر الموافقات: 1 ص 100.
(2)
أصول الفقه، خلاف: ص 122.
(3)
وقد يكون الواجب العيني مطلوبًا من فرد واحد بعينه، وذلك في حالات انقلاب الواجب الكفائي إلى واجب عيني، كطبيب واحد في بلد، وسباح واحد أمام الغريق، وعالم واحد يصلح للقضاء وتتوفر فيه شروطه، فكل مهم يجب عليه بعينه القيام بالعمل، وهذا واجب عيني عليه.
والجهاد واكتساب أنواع العلوم المختلفة وأنواع الصنائع وصلاة الجنازة
…
وغيرها (1).
وحكمه أنه يتعلق بكل المكلفين عند الجمهور، فالقادر عليه يقوم بنفسه به، وغير القادر يحث غيره على القيام به، لأن الخطاب موجه لكل مكلف، كقوله صلى الله عليه وسلم:"طلب العلم فريضة على كل مسلم"(2)، وقوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (123)} [التوبة: 123]، وإذا قام به بعضهم فقد برئت ذمة الجميع، وإن لم يؤده أحد أثم الجميع، لأن القادر لم يؤده، وغير القادر لم يحث عليه (3)، وهذا القسم يعطي صورة من صور التضامن في المجتمع المسلم.
وفي قول بعض الأصوليين: إن الواجب الكفائي يتعلق ببعض المكلفين، وهو بعض مبهم أو معلوم عند اللَّه تعالى، ولا نعلمه، أو هو متعلق بالمشاهد لمقتضى الواجب، بدليل أن الواجب يسقط عن الكل بفعل البعض، ولو كان واجبًا على الكل لم يسقط، إلا بفعلهم، وردَّ عليهم الجمهور بأنه لا تلازم بين وجوب الفعل وبين سقوطه، لأن المقصود وجود الفعل في الواقع، وقد وجد، فلم تبق علة الوجوب (4).
ويقصد الشارع من الواجب الكفائي القيام به فقط دون اعتبار للقائم به، ويتحقق مقصد المشرع متى قام به بعض المكلفين بدون تعيين،
(1) مختصر ابن الحاجب: ص 35، نهاية السول: 1 ص 119، تيسير التحرير: 2 ص 213، الموافقات: 1 ص 100، فواتح الرحموت: 1 ص 63، الإحكام، الآمدي: 1 ص 94، الفروق، القرافي: 1 ص 116.
(2)
رواه ابن ماجه وابن عبد البر عن أنس.
(3)
المراجع السابقة في الهامش قبل السابق، الموافقات: 1 ص 112، الفروق: 1/ 116.
(4)
فواتح الرحموت: 1 ص 64، أصول الفقه، أبو النور: 1 ص 177.