الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العرض (1).
والمال شقيق الروح كما يقولون، وهو ما يقع عليه الملك ويستبد به المالك عن غيره، وهو الوسيلة التي تساعد الناس على تأمين العيش وتبادل المنافع والاستفادة من جوانب الحياة الكثيرة، وما سخره الله تعالى للإنسان في هذا الكون، ولذلك كان المال مصلحة ضرورية للناس، وإلا صارت حياتهم فوضى وبدائية وهمجية.
وقد شرع الإِسلام لإيجاده وتحصيله السعي في مناكب الأرض والكسب المشروع والمعاملات الشرعية التي تكفل الحصول عليه وتوفيره للمسلم.
وشرع الإِسلام لحفظه وحمايته ومنع الاعتداء عليه أحكامًا كثيرة، فحرم السرقة، وأقام الحد على السارق، وحرم أكل أموال الناس بالباطل، واعتبر العقد عليها باطلًا، ومنع إتلاف أموال الآخرين وشرع الضمان والتعويض على المتلف والمتعدي (2).
وهكذا نلاحظ أن الإِسلام شرع لكل مصلحة ضرورية للناس أحكامًا تكفل إيجادها وتكوينها، وأحكامًا ترعى حفظها وصيانتها، ليؤمن لهم المصالح الضرورية، ويكفل لهم حفظها وبقاءها واستمرارها، ثم أباح الله تعالى المحظورات إذا تعرضت المصالح الضرورية للخطر والتهديد.
2 - الوسائل الشرعية لحفظ المصالح الحاجية:
شرع الله تعالى أحكامًا لا حصر لها لرعاية المصالح الحاجية
(1) انظر الأصول العامة: ص 149، والمراجع السابقة.
(2)
انظر الموافقات: 2 ص 5، علم أصول الفقه، خلاف: ص 201، ط 8، الأصول العامة: ص 153، قواعد الأحكام: 2 ص 5.
للناس، فشرع الرخص في العبادات والعقيدة لرفع الحرج والمشقة عن الناس للتخفيف عنهم، فأباح الفطر في رمضان، وشرع قصر الصلاة وجمعها للمسافر والحاج، وأجاز للعاجز صلاة الفرض قاعدًا ومستلقيًا وعلى جنب، وأباح التيمم والمسح على الجبيرة والمسح على الخفين للمعذور، وشرع البيوع والشركات والإجارة لتأمين التعامل الصحيح بين الناس وإرشادهم إلى القواعد السليمة والأسس العادلة في التبادل والأخذ والعطاء، لتأمين حاجيات الناس وجلب النفع لهم ودفع الضرر والظلم والغش عنهم.
وشرع للحفاظ على الحاجيات الضمان في المال، والبطلان والفساد في العقود، ورغب في الرخص، فرخص تعالى في بعض العقود التي لا تنطبق عليها الأسس العامة في العقود، فشرع السلم وهو بيع للمعدوم، وشرع الاستصناع والمزارعة والمساقاة
…
لرفع الحرج عن الناس في التعامل، كما شرع الطلاق كدواء لأمراض الزوجية المستعصية، وهو أبغض الحلال إلى الله، وأحل الله الصيد
…
، وفي العقوبات فرض الدية على العاقلة في القتل الخطأ تخفيفًا على القاتل، وأن الحدود تدرأ بالشبهات، ورغب ولي المقتول بالعفو عن القصاص والإحسان إلى الجاني (1).
وقد وردت النصوص الشرعية صريحة واضحة لتأكيد هذه المعاني، وبيان الحِكَم في مشروعية الأحكام التي تحقق المصالح الحاجية للناس، وترفع الحرج عنهم فقال تعالى:{يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا} [النساء: 28] وقال تعالى: {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ} [المائدة: 6]، وقال تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ
(1) انظر الموافقات: 2 ص 5، علم أصول الفقه، خلاف: ص 202 ط 8، قواعد الأحكام 2 ص 8، المستصفى: 1 ص 289.