الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المصلحة، ويتعدى بالهمزة والتضعيف (1).
أما في الاصطلاح فقد اختلف العلماء في معنى الفساد على قولين، كما سبق في اختلافهم في غير الصحيح، فقال جمهور العلماء: إن الفساد بمعنى البطلان، وقال الحنفية: الفساد يغاير البطلان، والفاسد قسيم للباطل، فالحكم إما أن يكون صحيحًا أو غير صحيح، وغير الصحيح إما أن يكون باطلًا، وإما أن يكون فاسدًا، وعرفوا الفساد بأنه مرتبة بين الصحة والبطلان، يختل فيها العقد في بعض نواحيه الفرعية، وأنه مشروع بأصله لا بوصفه كبيع مال الربا، أما الباطل فهو ما ليس مشروعًا بأصله ووصفه، فالعقد إما أن يكون صحيحًا أو فاسدًا أو باطلًا (2).
أساس الاختلاف في الفساد والبطلان:
يرجع الاختلاف في الحكم غير الصحيح وتقسيمه إلى فاسد وباطل، وظهور مرتبة الفساد والبطلان عند الحنفية خلافًا للجمهور، لسببين رئيسيين:
الأول: مقتضى النهي: فقال الجمهور: النهي يقتضي البطلان والفساد، سواء ورد على ذات الأمر وحقيقته أو ورد علي وصف فيه، كما سبق الكلام عنه في أنواع الحرام، وسيرد مزيد تفصيل لذلك في
(1) القاموس المحيط: 2 ص 323، المصباح المنير: 1 ص 646.
(2)
القواعد والفوائد الأصولية ص 110، المدخل إلى مذهب أحمد: ص 69، الإحكام، الآمدي: 1 ص 122، جمع الجوامع على حاشية البناني: 1 ص 105، نهاية السول، الإسنوي: 1 ص 75، المستصفى: 1 ص 95، تيسير التحرير: 2 ص 236، فواتح الرحموت: 1 ص 122، وانظر تفصيل أحكام البطلان والفساد والآثار التي تترتب على كل منهما في: المدخل الفقهي العام: 1 ص 649 وما بعدها.
بحث الأمر والنهي إن شاء اللَّه تعالى (1)، وقال الحنفية: إذا ورد نهي الشارع على ذات الشيء وحقيقته فهو باطل، وإن ورد النهي على وصف في الشيء مع مشروعية الأصل فالنهي يفيد الفساد، ولذا عرفوا الفاسد بأنه مشروع بأصله لا بوصفه، فالربا بيع مع زيادة ومنفعة لأحد العاقدين، والبيع مشروع، والنهي ورد على الوصف الزائد، فكان البيع مع الربا فاسدًا لا باطلًا.
الثاني: الفرق بين الركن والشرط: سبق الكلام عن الفرق بين الركن والشرط، وأن الركن والشرط يتوقف عليهما الشيء، ولكن الركن داخل في الماهية، والشرط خارج عن الماهية، فإذا اختل الركن فالعقد باطل باتفاق العلماء، وإن اختل الشرط فقال الجمهور: العقد باطل وفاسد بمعنى واحد، وقال الحنفية: العقد فاسد لكون الخلل في وصف خارج عن الشيء (2).
(1) انظر: مباحث الكتاب والسنة، الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي: ص 67.
(2)
الوسيط في أصول الفقه: ص 102، تيسير التحرير: 2 ص 236، المدخل الفقهي العام: 1 ص 681، أصول البيوع الممنوعة، عبد السميع إمام: ص 144، وانظر: المدخل للفقه الإسلامي، للمؤلف: ص 68 وما بعدها، مباحث الكتاب والسنة، البوطي: 67، 87.