الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
و
الأهلية
في اللغة: الصلاحية والاستحقاق (1)، أما في الاصطلاح: فهي صلاحية الشخص للإلزام والالتزام (2)، أي أن يكون الشخص صالحًا لأن يلزم له حقوق على غيره، ويَلزمه حقوق لغيره، وأن يكون صالحًا لأن يلتزم بهذه الأمور بنفسه.
ولما كانت هذه التكاليف متفاوتة، وكان الحكم الشرعي منقسمًا إلى حكم تكليفي وحكم وضعي، فقد قسم علماء الأصول الأهلية إلى قسمين: أهلية وجوب وأهلية أداء، وكل منهما تعتبر مناطًا ومحلًا لتعلق بعض الأحكام الشرعية فيها (3).
الأهلية:
وهذا يقودنا للكلام عن حالات الأهلية للإنسان، ثم عن عوارضها:
أولًا: حالات الأهلية:
تنقسم الأهلية إلى قسمين: أهلية الوجوب، وأهلية الأداء، ولكل منهما حالات.
أما أهلية الوجوب: فهي صلاحية الإنسان لأن تثبت له حقوق وتجب عليه واجبات، وتتعلق أهلية الوجوب بالإنسان بمجرد إنسانيته، فهي ملازمة لحياة الإنسان منذ بدء حياته حتى انتهائه منها، مهما كانت صفته وأحواله، سواء أكان ذكرًا أم أنثى، جنينا أم طفلًا أم بالغًا، عاقلًا أم مجنونًا، ويترتب على أهلية الوجوب وصف معنوي ملازم لها هو الذمة.
(1) القاموس المحيط: 3 ص 331، المصباح المنير: 1 ص 39.
(2)
أصول الفقه، للعلامة المرحوم محمد أبو زهرة: ص 316، وانظر: كشف الأسرار: 4 ص 1357.
(3)
التوضيح: 3 ص 152، أصول الفقه، خلاف: ص 156، مباحث الحكم: ص 237، 249، الوسيط في أصول الفقه الإسلامي: ص 171، المدخل للفقه الإسلامي، للمؤلف: ص 113 وما بعدها.
وأهلية الوجوب قسمان: ناقصة، وكاملة، وكل منهما تختص ببعض الأحكام:
1 -
أهلية الوجوب الناقصة: وهي صلاحية الإنسان لأن تثبت له حقوق دون أن تجب عليه واجبات، وأهلية الوجوب الناقصة تختص بالجنين قبل الولادة، فله بعض الحقوق بشرط ولادته حيًّا، فيثبت له حق الإرث والوصية والنسب والوقف، وأخيرًا أقروا له الهبة في قول بعض شراح القوانين (1).
2 -
أهلية الوجوب الكاملة: وهي صلاحية الإنسان لأن تثبت له حقوق وتجب عليه واجبات، وتتوفر هذه الأهلية في كل إنسان منذ ولادته حتى وفاته، فتثبت له جميع الحقوق، وتجب عليه بعض الواجبات قبل البلوغ كالضمان والنفقة والزكاة، وتجب عليه جميع الواجبات بعد البلوغ (2)، ولكن أهلية الوجوب الكاملة قبل البلوغ لا تخول الإنسان صلاحية التعامل، ولا تكفي لاعتبار أقواله وأفعاله ما لم تتحقق فيه أهلية الأداء.
أما أهلية الأداء فهي صلاحية المكلف لأن تعتبر أقواله وأفعاله، سواء أكانت في العقيدة أم في العبادات أم في المعاملات أم في العقوبات، وهذه الأهلية تساوي المسؤولية، وأساسها البلوغ مع العقل (3).
(1) تسهيل الوصول: ص 306، التلويح على التوضيح: 3 ص 152، المستصفى: ص 84، تيسير التحرير: 2 ص 250، الأحوال الشخصية للمرحوم الدكتور مصطفى السباعي والدكتور الصابوني: ص 106.
(2)
كشف الأسرار: 4 ص 1357، أصول الفقه، خلاف: ص 158، أصول الفقه، الخضري: ص 100.
(3)
التلويح على التوضيح: 3 ص 152، أصول السرخسي: 2 ص 340، تسهيل الوصول: ص 307، مباحث الحكم: ص 251، أصول الفقه، أبو زهرة: ص 319، أصول الفقه، خلاف: ص 157.
ويمر الإنسان في أهلية الأداء عند الجمهور في ثلاث مراحل، وهي:
1 -
الإنسان عديم أهلية الأداء أصلًا، وهو الطفل من ولادته حتى سن التمييز، كذا المجنون طوال جنونه، فالطفل والمجنون لا عقل لهما، وبالتالي ليس لهما أهلية أداء، ولا تعتبر التصرفات التي تصدر منهما، ولا يترتب عليها أثر شرعي، فالإيمان غير معتبر، والصلاة لا أثر لها، والعقود والتصرفات باطلة، أما الجنايات فيتعلق بها الضمان المالي، ولا يقتص من الطفل والمجنون بدنيًّا.
2 -
الإنسان ناقص أهلية الأداء، وهو الصبي المميز الذي بدأ يدرك بعض الأشياء، ويمر في مرحلة التطور والنماء العقلي الذي يكتمل بالحلم والبلوغ، ويلحق به المعتوه ضعيف العقل.
فالتصرفات التي تصدر عن المميز أو المعتوه في المعاملات ينظر فيها: فإن كانت نافعة له نفعًا محضًا، كقبول الهدية والصدقة، فهي صحيحة بدون إذن وليه، وإن كانت ضارة به ضررًا محضًا كالتبرع وإسقاط حقه فهي باطلة، ولا تصح إجازتها من الولي، وإن كانت تصرفاته دائرة بين النفع والضرر، كالبيع والشراء، فهي صحيحة، ولكنها موقوفة على إجازة وليه، فإن أجازها الولي نفذت، وإن لم يجزها بطلت، وهذا عند الجمهور خلافًا للشافعية.
وإن الصبي المميز، وإن كان عنده عقل وفهم وتمييز، ولكنه ليس كاملًا، فلا تتعلق به بالتالي أحكام التكليف، لأن اللَّه تعالى قال:{لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلا وُسْعَهَا} [البقرة: 286]، وقد اختلف العلماء في اعتبار أقواله وأفعاله في الإيمان والعبادة، أما في الجنايات فيعامل معاملة الصبي غير المميز في الضمان المالي دون البدني (1).
(1) التلويح على التوضيح: 3 ص 150، 158، كشف الأسرار: 4 ص 1350، 1359، =