الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحالة الرابعة:
إذا تعددت الجهة، وكانت الجهتان غير متلازمتين كالصلاة في الأرض المغصوبة، فهنا اختلف العلماء في اجتماع الوجوب والحرمة في هذا الفعل على قولين:
القول الأول: جواز تعلق الطلب مع تعلق النهي في فعل المكلف، ويصح التكليف به، وهو رأي الجمهور من الحنفية والمالكية والشافعية وأحمد في قول، لأن النهي لأمر خارج عن ذات الفعل فلا يقتضي الفساد، فالصلاة والغصب جهتان منفكتان ولا تلازم بينهما، لإمكان وجود أحدهما دون الآخر، ولتغاير الفعل المحكوم عليه باعتبار اختلاف الجهتين من الغصب والصلاة، فتكون الصلاة في الأرض المغصوبة واجبة بالنظر إلى جهة الصلاة، ومحرمة بالنظر إلى جهة الغصب، ويقيسون ذلك على الأمر لشخص بالخياطة وعدم السفر، فإذا خاط وسافر فهو مطيع في الخياطة عاص في السفر قطعًا، ولأن التغاير بين الشيئين إما أن يكون بتعدد النوع تارة كالإنسان والفرس، وإما بتعدد الشخص تارة كزيد وعمرو، وإما أن يكون باختلاف الصفات في الموضوع الواحد كهذا المثال (1).
واحتجوا أيضًا بإجماع السلف على عدم أمر الظالمين عند التوبة بقضاء الصلوات المؤداة في الدور المغصوبة، وعدم نهي الظالمين عن الصلاة في الأراضي المغصوبة (2).
(1) تسهيل الوصول: ص 266، المستصفى: 1 ص 76، فواتح الرحموت: 1 ص 105، 106، المدخل إلى مذهب أحمد: ص 63، الإحكام الآمدي: ص 107، مختصر ابن الحاجب: ص 39، أصول الفقه، الخضري: ص 55، الفروق: 2 ص 85، البرهان، للجويني: 1 ص 284.
(2)
المستصفى: 1 ص 77، فواتح الرحموت: 1 ص 109، تيسير التحرير: 1 ص 220، =
القول الثاني: عدم تعلق الطلب والنهي في أمر واحد ولو تعددت جهته، وهو مذهب الإمام أحمد وأكثر المتكلمين والظاهرية (1).
وقالوا: إن الصلاة لا تصح في الأرض المغصوبة، ولا يسقط الواجب عندها، لأن الصلاة استمرار ومكث في الأرض المغصوبة، وهذا منهي عنه، والمنهي عنه يستحيل أن يكون واجبًا، وإن إقامة الصلاة في المكان المغصوب ليست الإقامة المأمور بها في الصلاة، وإن الفعل الصادر من المكلف واحد، فلا يكون مثابًا عليه ومعاقبًا عليه في آن واحد (2).
= مختصر ابن الحاجب: ص 39، البرهان: 1 ص 288.
(1)
قال الباقلاني والرازي في قول ثالث: إن الصلاة في الأرض المغصوبة تسقط عن المكلف، ولكن أداءها واجب بدليل الإجماع السابق، (انظر: المراجع السابقة، البرهان، للجويني: 1 ص 287).
(2)
انظر الرد على هذا القول وأدلته في تسهيل الوصول: ص 267، المستصفى: 1 ص 77، المدخل إلى مذهب أحمد: ص 63، الإحكام، الآمدي: 1 ص 107، المسودة: ص 83، مختصر ابن الحاجب: ص 39، أصول الفقه، الخضري: ص 53.