الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصلٌ [في الوقوف بعرفة]
يُسْتَحَبُّ لِلإِمَامِ أَوْ مَنْصُوبِهِ أَنْ يَخْطُبَ بِمَكَّةَ فِي سَابِعِ ذِي الْحِجَّةِ بَعْدَ صَلَاةِ الظُّهْرِ خُطْبَةً فَرْدَةً، يَأْمُرُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ إِلَى مِنىً، وَيُعَلِّمُهُمْ مَا أَمَامَهُمْ مِنَ الْمَنَاسِكِ،
===
وهو الأصحُّ، قال في "شرح المهذب": بل ذلك مستحب (1)، وظاهره: أن ستر العورة ليس بواجب، وفيه نظر.
* * *
(فصل: يستحب للإمام أو منصوبه: أن يَخطُب بمكة في سابع ذي الحجة بعد صلاة الظهر خطبةً فَردة، يأمر فيها بالغُدوّ إلى منىً، ويُعلّمهم ما أمامهم من المناسك) للاتباع؛ كما رواه البيهقي عن ابن عمر رضي الله عنهما بإسناد جيد (2).
وأفهم: أنهم لو توجهوا إلى الموقف قبلَ دخول مكة .. لا يستحب ذلك، وقال المحب الطبري: إنه يستحب لإمامهم أن يفعل كما يفعل بمكة، وهو غريب.
وذِكْر (الظهر) جريٌ على الغالب، فلو كان يوم جمعة .. خطب بعد صلاة الجمعة، ولا تكفي عنها خطبة الجمعة.
وتعبيره (بالغدوّ) يقتضي أن يكون خروجهم إلى منىً بكرةَ النهار قبل الزوال، فإن العرب تقول: الغدوّ لما قبل الزوال، والرواح لما بعده، وهو المرجّح في "الشرح"، و"الروضة" هنا، فقالا: المشهور: استحباب الخروج بعد الصبح بحيث يصلون الظهر بمنى (3)، وقالا في الباب قبله في المتمتع الواجد للهدي: يستحب أن يحرم بالحجّ يوم التروية، وهو الثامن، ويتوجه بعد الزوال إلى منىً (4)، قال في "المهمات": والفتوى على ما قالاه هنا؛ لتصريحهما بأنه المشهور (5).
(1) المجموع (8/ 79).
(2)
سنن البيهقي (5/ 111)، وأخرجه الحاكم (1/ 461).
(3)
الشرح الكبير (3/ 411)، روضة الطالبين (3/ 92).
(4)
الشرح الكبير (3/ 356)، روضة الطالبين (3/ 53).
(5)
المهمات (4/ 270).
وَيَخْرُجَ بِهِمْ مِنْ غَدٍ إِلَى مِنىً وَيَبِيتُوا بِهَا، فَإِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ .. قَصَدُوا عَرَفَاتٍ. قُلْتُ: وَلَا يَدْخُلُونَهَا بَلْ يُقِيمُونَ بِنَمِرَةَ بِقُرْبِ عَرَفَاتٍ حَتَّى تزولَ الشَّمْسُ، وَاللهُ أَعْلَمُ. ثُمَّ يَخْطُبَ الإِمَامُ بَعْدَ الزَّوَالِ خُطْبَتَيْنِ،
===
نعم؛ يستثنى من خروجهم بعد الصبح: ما إذا كان يوم جمعة؛ فإنهم يخرجون قبل الفجر على المشهور، كذا أطلقوه، قال السبكي: وهو محمول على من تلزمه الجمعة؛ كالمكي، والمقيم إقامة مؤثرة، أما حاجّ لم يقم بها الإقامة المؤثرة .. فله الخروج بعد الفجر.
قالا: ويأمر المتمتعين أن يطوفوا للوداع قبل الخروج (1)، ولا معنى لتخصيص المتمتعين؛ فإن المكيَّ كالمتمتع، وقد نقل في "شرح المهذب" بعد ذلك أن الشافعي والأصحاب اتفقوا على أن من أحرم .. استُحب له طوافُ الوداع، قال: وهذا الطواف مستحب، وليس بواجب (2).
ولو توجهوا إلى الموقف قبل دخول مكة .. استُحب لإمامهم أن يفعل كما يفعل بمكة لو دخلها، قاله المحب الطبري.
(ويخرجَ بهم من غد إلى منىً ويبيتوا بها) ندبًا (فإذا طلعت الشمس) على ثبَير، وهو جبل هناك ( .. قصدوا عرفات، قلت: ولا يدخلونها، بل يقيمون بنَمِرَةَ بقرب عرفات حتى تزول الشمس، والله أعلم) للاتباع؛ كما رواه مسلم في حديث جابر (3).
(ثم يخطبَ الإمام بعد الزوال خطبتين) بمسجد إبراهيم؛ للاتباع؛ كما رواه الشافعي من حديث جابر (4).
واقتصر المصنف على هذه الخطبة، والخطبة التي بمكة، ويستحب أيضًا ثالثة في يوم النحر بمنىً، ورابعة في الثاني من أيام التشريق بمنىً أيضًا، والكلّ فرادى بعد الصلاة إلا التي بنَمِرَةَ.
(1) الشرح الكبير (3/ 411)، روضة الطالبين (3/ 92).
(2)
المجموع (8/ 86).
(3)
صحيح مسلم (1218).
(4)
مسند الشافعي (ص 58)، صحيح مسلم (1218).
ثُمَّ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمْعًا، وَيَقِفُوا بعَرَفَةَ إِلَى الْغُرُوب، وَيَذْكُرُوا اللهَ تَعَالَى وَيَدْعُوهُ، وَيُكْثِرُوا التَّهْلِيلَ،
===
(ثم يصليَ بالناس الظهر والعصر جمعًا) للاتباع؛ كما رواه مسلم في حديث جابر (1)، ويسرّ بالقراءة؛ لأن الأصل الإسرارُ، ولم يُنقل خلافُه، وهو جمع سفر لا نسك على الأصح، فلا يجوز للمقيم.
(ويقفوا) أي: الإمام والناس (بعرفة إلى الغروب) للاتباع (2)، وعطف الوقوف على المستحبات؛ لقصد إدامةِ الوقوفِ إلى الغروب، ووجوبُ أصلِ الوقوف معلومٌ (3).
(ويذكروا الله تعالى، ويدعوه، ويكثروا التهليل) لقوله عليه السلام: "خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْم عَرَفَةَ، وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لَا إِلهَ إِلَّا الله وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" رواه الترمذي، وحسنه مع الغرابة (4).
وفي "كتاب الدعوات" للمستغفري من حديث ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعًا: "مَنْ قَرَأَ (قل هو الله أحد) أَلْفَ مَرَّةٍ يَوْمَ عَرَفَةَ .. أُعْطِيَ مَا سَأَلَ"(5).
ويستحب: رفع اليدين في الدعاء، وأن يقف مستقبلَ القبلة، متطهرًا راكبًا عند الصخرات إلا المرأة، فقال الماوردي: تجلس في حاشية الموقف (6).
وليحسن الواقف الظنّ بالله تعالى، فقد نظر الفضيل بن عياض إلى بكاء الناس بعرفة، فقال: أرأيتم لو أن هؤلاء صاروا إلى رجل، فسألوه دانقًا، أكان يردهم؟ فقالوا: لا والله، فقال: والله؛ لَلمغفرة عند الله أهونُ من إجابة رجل بدانق.
(1) صحيح مسلم (1218).
(2)
أخرجه مسلم (1218).
(3)
بلغ مقابلة على خط مؤلفه، عفا الله عنه. اهـ هامش (أ).
(4)
سنن الترمذي (3585) عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما.
(5)
أورده الهندي في "كنز العمال"(2737)، والمناوي في "فيض القدير"(6/ 203)، وعزياه لأبي الشيخ عن ابن عمر رضي الله عنهما.
(6)
الحاوي الكبير (5/ 123).
فَإِذَا غَرَبَتِ الشَّمْسُ .. قَصَدُوا مُزْدَلِفَةَ وَأَخَّرُوا الْمَغْرِبَ لِيُصَلُّوهَا مَعَ الْعِشَاءِ بِمُزْدَلِفَةَ جَمْعًا. وَوَاجِبُ الْوُقُوفِ: حُضُورُهُ بِجُزْءٍ مِنْ أَرْضِ عَرَفَاتٍ، وَإِنْ كَانَ مَارًّا فِي طَلَبِ آبِقٍ وَنَحْوِهِ
===
(فإذا غربت الشمس .. قصدوا مزدلفة، وأخّروا المغربَ ليصلّوها مع العشاء بمزدلفة جمعًا) للاتباع، متفق عليه (1).
ويكون قبل حطّ الرحال إن تيسر؛ كما فعلت الصحابة رضي الله عنهم، وأطلق ذلك تبعًا للأكثرين، لكن نصّ الشافعي في "الأم"، و"الإملاء": على أنه لو خاف فوتَ وقت اختيار العشاء .. جمع بالناس في الطريق (2)، وتابعه جماعات، قال في "شرح المهذب": ولعل إطلاق الأكثرين محمول عليه؛ ليتفق قولهم مع النصّ، وهذه الطائفة الكثيرة الكبيرة (3).
قال في "المهمات": ولا اعتبار مع نصّ صاحبنا بمخالفة غيره فضلًا عن إطلاقه (4)، وهذا الجمع بسبب السفر لا النسك؛ كما تقدم في عرفة.
قال صاحب "الخصال": ويقول عند منصرفه من عرفة: (اللهم؛ إليك أقبلت، ومن عذابك أشفقت، اللهم؛ اقبل نسكي، وأعظم أجري)، وقال الإمام أحمد: إذا أفضت من عرفة .. فهلّل وكبّر ولبِّ، وقل:(اللهم؛ إليك أفضت، وإليك رغبت، ومنك رهبت؛ فاقبل نسكي، وأعظم أجري، وتقبل توبتي، وارحم تضرّعي، واستجب دعائي، وأعطني سؤلي).
(وواجب الوقوف: حضورُه بجزء من أرض عرفات) لقوله عليه السلام: "وَقَفْتُ ههنَا، وَعَرَفَاتٌ كُلُّهَا مَوْقِفٌ" رواه مسلم (5)، وأما الدليل على وجوب الوقوف. فسيأتي.
(وإن كان مارًّا في طلب آبق ونحوه) ولا يشترط المكث، ولا معرفة كونه بعرفة على الصحيح.
(1) صحيح البخاري (1672)، صحيح مسلم (1280) عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما.
(2)
الأم (3/ 548).
(3)
المجموع (8/ 121).
(4)
المهمات (4/ 351).
(5)
صحيح مسلم (1218/ 149).
بِشَرْطِ كَوْنِهِ أَهْلًا لِلْعِبَادَةِ لَا مُغْمَىً عَلَيْهِ، وَلَا بَأْسَ بِالنَّوْمِ. وَوَقْتُ الْوُقُوفِ: مِنَ الزَّوَالِ يَوْمَ عَرَفَةَ،
===
وأشار بقوله: (في طلب آبق ونحوه) إلى أن صرفه إلى جهة أخرى لا يقدح، قال الإمام: ولم يذكروا فيه الخلافَ في صرف الطواف إلى جهة أخرى، ولعل الفرق: أن الطواف قربة مستقلة، بخلاف الوقوف، قال: ولا يمتنع طرد الخلاف فيه إذا صرف قصدًا عن جهة النسك، ولكن الظاهر: أنه لا يجزئ. انتهى (1).
(بشرط كونه أهلًا للعبادة، لا مغمى عليه) لعدم أهليته لها، ولهذا لا يجزئه الصوم إذا أغمي عليه جميعَ النهار، وقيل: يجزئه؛ اكتفاءً بالحضور، ووقع في "الروضة"، و"شرح المهذب" أن الرافعي صحح هذا، ثم اعترض عليه، وصحح المنع، وتبعه ابن الرفعة (2) والقمولي، وهو سهو، والذي في الرافعي الجزم بعدم الإجزاء، ثم حكى وجهًا بأنه يجزئه (3)، وكذا هو في "الشرح الصغير" أيضًا.
والسكران كالمغمى عليه، وقيل: إن تعدى بسكره .. لم يصحّ، وإلا .. فيصحّ، قاله في "شرح المهذب"(4)، والمجنون أولى بعدم الإجزاء من المغمى عليه، وصرح به في "المحرر"(5).
ويشترط: الإفاقة أيضًا عند الإحرام، والطواف، والسعي، ولم يتعرضوا لحالة الحلق، قال الشيخان: وقياس كونه نسكًا: اشتراطُ الإفاقة عنده (6).
(ولا بأس بالنوم) المستغرق على الصحيح؛ لحضوره، وكما في (الصوم).
(ووقت الوقوف: من الزوال يوم عرفة) لأنه عليه السلام وقف بعده وقال: "خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ"(7)، ولنا وجه: أنه يشترط كونه بعد الزوال، وبعد
(1) نهاية المطلب (4/ 313).
(2)
روضة الطالبين (3/ 95)، المجموع (8/ 104)، كفاية النبيه (7/ 441).
(3)
الشرح الكبير (3/ 416).
(4)
المجموع (8/ 104).
(5)
المحرر (ص 128).
(6)
الشرح الكبير (3/ 454)، روضة الطالبين (3/ 123).
(7)
أخرجه مسلم (1218، 1297) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.
والصَّحِيحُ: بَقَاؤُهُ إِلَى الْفَجْرِ يَوْمَ النَّحْرِ، وَلَوْ وَقَفَ نَهَارًا ثُمَّ فَارَقَ عَرَفَةَ قَبْلَ الْغُرُوبِ وَلَمْ يَعُدْ .. أَرَاقَ دَمًا اسْتِحْبابًا، وَفِي قَوْلٍ: يَجِبُ،
===
مُضيّ إمكان صلاة الظهر.
قال ابن الملقن: وينبغي اعتبار مُضيّ الظهر والعصر جمعًا، وإمكان الخطبتين؛ تأسيًا؛ كما قالوا بمثله في دخول وقت الأضحية. انتهى (1)، وفيه نظر، فقد نقل ابن المنذر وابن عبد البر الإجماع على اعتبار الزوال لا غير؛ كما حكاه الأَذْرَعي.
(والصحيح: بقاؤه إلى الفجر يوم النحر) لقوله عليه السلام حين خرج للصلاة بمزدلفة: "مَنْ أَدْرَكَ مَعَنَا هَذه الصلَاةَ، وَأَتىَ عَرَفَاتٍ قَبْلَ ذَلِكَ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا .. فَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ، وَقَضَى تفثَهُ" رواه أصحاب السنن الأربعة، وصححه الترمذي وابن حبان (2).
وقوله عليه السلام: "الْحَجُّ عَرَفَةُ، مَنْ جَاءَ لَيْلَةَ جَمْعٍ قَبْلَ صَلَاةِ الصُّبْحِ .. فَقَدْ أَدْرَكَ حَجَّهُ" صححه ابن حبان والحاكم (3).
والثاني: يخرج بالغروب؛ لعمل النبي صلى الله عليه وسلم والناس قاطبة على عدم الاقتصار على الليل، والثالث: إن أحرم نهارًا .. جاز الوقوف ليلًا، وإلا .. فلا.
(ولو وقف نهارًا، ثم فارق عرفة قبل الغروب، ولم يَعُد .. أراق دمًا استحبابًا) للحديث السالف: "فَقَدْ تمَّ حَجُّهُ" فلو وجب الدم .. لكان حجه ناقصًا محتاجًا إلى الجبر، (وفي قول: يجب) لأنه ترك نسكًا، وقد صحّ عن ابن عباس:(من ترك نسكًا .. فعليه دم)(4).
(1) عجالة المحتاج (2/ 616).
(2)
صحيح ابن حبان (3850)، سنن أبي داوود (1950)، سنن الترمذي (891)، سنن النسائي (5/ 263)، سنن ابن ماجه (3016) عن عروة بن مُضرِّس الطائي رضي الله عنه.
(3)
صحيح ابن حبان (3850)، المستدرك (2/ 278)، وأخرجه أبو داوود (1949)، والترمذي (889)، والنسائي (5/ 256)، وابن ماجه (3015) عن عبد الرحمن بن يعمر الديلي رضي الله عنه.
(4)
أخرجه مالك في "الموطأ"(1/ 419)، والدارقطني (2/ 244)، والبيهقي (5/ 175).
وَإِنْ عَادَ فَكَانَ بِهَا عِنْدَ الغُرُوبِ .. فَلَا دَمَ، وَكَذَا إِنْ عَادَ لَيْلًا فِي الأَصَحِّ. وَلَوْ وَقَفُوا الْيَوْمَ الْعَاشِرَ غَلَطًا .. أَجْزَأَهُمْ، إِلَّا أَنْ يَقِلُّوا عَلَى خِلَافِ الْعَادَةِ فَيَقْضُون فِي الأَصَحِّ. وَإِنْ وَقَفُوا فِي الثَّامِنِ وَعَلِمُوا قَبْلَ فوْتِ الْوَقْتِ .. وَجَبَ الْوُقُوفُ فِي الْوَقْتِ،
===
وأصل هذا الخلاف: أنه هل يجب الجمع بين الليل والنهار على من تمكن منه أم لا؟ فيه خلاف، وصحح ابنُ الصلاح الوجوبَ.
(وإن عاد فكان بها عند الغروب .. فلا دم) لأنه جمع بين الليل والنهار (وكذا إن عاد ليلًا في الأصح) لما قلناه، وصحح في "شرح المهذب" القطعَ به (1)، والثاني: يجب؛ لأن الوارد هو الجمعُ بين آخر النهار وأول الليل، ولم يؤخر.
(ولو وقفوا اليوم العاشر غلطًا .. أجزأهم) بالإجماع؛ كما قاله في "شرح المهذب"(2)؛ لأن في تكليف أهلِ الموقفِ القضاءَ مشقةً عظيمةً، ولأنهم لا يأمنون من وقوع مثله في القضاء.
وصور الرافعي المسألة بما إذا غمّ هلال ذي الحجة، فأكملوا عدة ذي القعدة ثلاثين، ثم قامت بينة إما بعد وقوفهم في العاشر، أو فيه على رؤيته ليلة الثلاثين (3)، قال الإسنوي: وفي إطلاق الغلط على هذا التصوير نظرٌ، إنما هو جهل.
نعم؛ التعبير بالغلط يدخل فيه ما إذا وقع ذلك بسبب الحساب، مع أنه لا يجزئه بلا شك، وقد صرح الرافعي بذلك في الكلام على الغلط بالتقديم، فما اقتضاه كلام المصنف ليس الحكم فيه ذلك، وما الحكم فيه ذلك لا يقتضيه كلامه.
(إلا أن يَقِلُّوا على خلاف العادة، فيقضون في الأصح) لعدم المشقة العامة، والثاني: لا قضاء؛ لأنهم لا يأمنون مثلَه في القضاء.
(وإن وقفوا في الثامن، وعلموا قبل فوت الوقت .. وجب الوقوف في الوقت) تداركًا له.
(1) المجموع (8/ 103).
(2)
المجموع (8/ 221).
(3)
الشرح الكبير (3/ 419).