الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
- منهاج الطالبين، وقد صدر بحمد الله عن دار المنهاج محققًا مضبوطًا على أربع نسخ خطية برواية ابن البيشي عن عدَّة علماء منهم: الحافظ العراقي والحافظ ابن الملقن رحمهم الله تعالى.
- مهمات الأحكام، وصل فيه إلى أثناء طهارة البدن والثوب.
- نُكت المهذب.
هذه ما تمكنَّا من الوصول إليه من مؤلفات الإمام النووي رضي الله عنه، ولعله فاتنا ذكر بعضها، والعذر من الكرام مأمول.
ويمكن القول: إن تصانيفه رضي الله عنه كلها بديعة مفيدة.
قال الإمام السخاوي رحمه الله تعالى: (قال اليافعي: ولقد بلغني أنه حصلت له نظرة جمالية من نظرات الحق سبحانه وتعالى بعد موته، فظهرت بركتها على كتبه، فحظيت بقبول العباد، والنفع في سائر البلاد.
وقال العثماني قاضي صفد في ترجمته من "طبقات الشافعية" له: سمعت الخطيب جمال الدين محمود بن جملة، الخطيب بالجامع الأموي يقول بحضرة جماعة من مشايخ العصر: إنه سمع من شخص يخاطبه وهو بين النائم واليقظان: إن الله أفاض على النووي في قبره فيضًا، فصرف ذلك الفيض إلى كتبه، فمن ثَمَّ شاعت وذاعت) (1).
وفاته
وهكذا بعد مسيرة حافلة بالعمل الصالح، وخدمة الدين الحنيف، آن للفارس أن يترجَّل، والمسافر أن يحطَّ الرحال، فقد كاد الآمل أن يبلغ الغاية، ويدرك المرام.
لقد شعر الإمام النووي رضي الله عنه بدنوِّ الأجل، وقرب الرحيل عن هذه الدار، ولنصغِ إلى العلامة ابن العطار رحمه الله تعالى وهو يحدثنا عن ذلك، إذ يقول:
قال لي: قد أُذِن لي في السفر، فقلت: كيف أُذِنَ لك؟
قال: بينا أنا جالس هنا - وأشار إلى بيته بالرواحية وتجاهه طاقة مشرفة عليها - مستقبل القبلة، إذ مر عليَّ شخص في الهواء من هنا، ومر كذا - يشير من غرب
(1) حياة الإمام النووي (ص 22).
المدرسة إلى شرقها - وقال: قم سافر لزيارة القدس.
قال: وكنت حملت كلام الشيخ على ظاهره، ثم تبين لي أنه إنما عنى السفر الحقيقي، ولما انتهى من حكاية ذلك .. قال لي: قم حتى نودع أصحابنا وأحبابنا.
قال: فخرجت معه إلى المقبرة التي بها بعض شيوخه، فزار وقرأ شيئًا، ودعا وبكى، ثم زار أصحابه الأحياء؛ كالشيخ يوسف الفقاعي (ت 679 هـ)، والشيخ محمد الأخميمي (ت 684 هـ)، والشيخ شمس الدين ابن أبي عمر (ت 682 هـ).
وسافر صبيحة ذلك اليوم إلى نوى، ثم زار القدس والخليل عليه السلام، ثم عاد إلى نوى، ومرض عقب زيارته بها وهو في بيت والده.
فبلغني مرضه، فتوجهت من دمشق لعيادته، فسُرَّ بذلك، ثم أمرني بالرجوع إلى أهلي، فودعته بعد أن أشرف على العافية في يوم السبت العشرين من رجب، وانصرفت.
فتوفي بعد أيام (1).
وقد كانت وفاته في الثلث الأخير من الليل، ليلة الأربعاء في الرابع والعشرين من شهر رجب، سنة ست وسبعين وست مئة، ودفن في مسقط رأسه نوى.
رضي الله عنه ورحمه رحمة المقربين الأبرار، وحشرنا وإياه في زمرة المصطفَيْن الأخيار.
ويحسُن القول أخيرًا: إنه بعد وفاة الإمام رضي الله عنه أراد أهله وجيرانه - في نوى أن يبنوا على ضريحه قبة، واستقر رأيهم على ذلك، فرأته إحدى قريباته - ويُظن أنها عمته - في المنام وهو يقول لها: قولي لهم لا يفعلوا هذا الذي عزموا عليه من البنيان؛ فإنهم كلما بنوا أشياء .. تهدمت، فاستيقظت منزعجة وأخبرتهم، فامتنعوا عن البنيان، وحوطوا على قبره بحجارة تمنع الدواب وغيرها.
ذكر ذلك العلامة ابن العطار رحمه الله تعالى في "تحفة الطالبين"(ص 47)، وأضاف قائلًا: (وقال لي جماعة من أقاربه وأصحابه بـ "نوى": إنهم سألوه يومًا ألَّا ينساهم في عرصات القيامة، فقال لهم: إن كان ثَمَّ جاهٌ .. والله لا دخلتُ الجنة
(1) تحفة الطالبين (ص 417).