الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بابٌ [في حكم تارك الصلاة]
إِنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ جَاحِدًا وجُوبَهَا .. كَفَرَ، أَوْ كَسَلًا .. قُتِلَ حَدًّا،
===
(باب)
أي: هذا (باب تارك الصلاة).
(إن ترك الصلاة) أي: إحدى الخمس (جاحدًا وجوبها .. كفر) بالإجماع؛ كما نقله الماوردي (1).
وخرج بالجحود: من قرب عهدُه بالإسلام، ومن نشأ ببادية بعيدة، ومن بلغ مجنونًا ثم أفاق؛ فإنهم لا يكفرون، بل يُرشَدون؛ لأن من لا يعرف الوجوب لا يُسمّى جاحدًا له. وكان الأولى حذف الترك؛ فإن الجحود كاف في الكفر، سواء قال: أنا أصلّي أم لا.
(أو كسلًا .. قتل) لأن الله تعالى أمر بقتال المشركين، ثم قال:{فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} فدلّ على أنّ القتل لا يرتفع إلا بالإيمان والصلاة والزكاة، وفي "الصحيحين":"أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلهَ إلَّا الله، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ الله، وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ .. عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ، وَأَمْوَالَهُمْ إلَّا بِحَقِّ الإسْلَامِ"(2).
نعم؛ فاقد الطهورين إذا ترك الصلاة متعمدًا .. لا يُقتَل؛ لأنه مُختلَف فيه، وكذا لو مسّ الذكر أو لمس امرأة أجنبية وهو معتقد مذهبنا، وصلّى متعمدًا، وكذا لو توضأ ولم ينو، قاله القفال في "فتاويه".
(حدًّا) لا كفرًا؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "خَمْسُ صَلَوَاتٍ كَتبَهُنَّ الله عَلَى الْعِبَادِ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ؛ فَمَنْ جَاءَ بِهِنَّ، فَلَمْ يُضَيِّعْ مِنْهُنَّ شَيْئًا، اسْتِخْفَافًا بِحَقِّهِنَّ .. كَانَ لَهُ عِنْدَ الله عَهْدٌ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَةَ، وَمَنْ لَمْ يَأْتِ بِهِنَّ .. فَلَيْسَ لَهُ عِنْدَ الله عَهْدٌ؛ إِنْ
(1) الحاوي الكبير (3/ 158).
(2)
صحيح البخاري (25)، صحيح مسلم (22) عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.
والصحِيحُ: قَتْلُهُ بِصَلَاةٍ فَقَطْ بِشَرْطِ إِخْرَاجِهَا عَنْ وَقْتِ الضَّرُورَةِ. وَيُسْتَتَابُ ثُمَّ تُضْرَبُ عُنُقُهُ -وَقِيلَ: يُنْخَسُ بِحَدِيدَةٍ حَتَّى يُصَلِّيَ أَوْ يَمُوتَ- وَيُغَسَّلُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ ويدْفَنُ مَعَ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا يُطْمَسُ قَبْرُهُ.
===
شاءَ .. عَذَّبَهُ، وَإِنْ شَاءَ .. أَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ" رواه أبو داوود، وصححه ابن حبان (1)، فلو كفر بذلك .. لاستحال دخوله الجنة.
قال الخفاف في "الخصال": وكلّ من ترك ركنًا من العبادات .. لم يجز قتله إلا تارك الصلاة، قال: وقد زعم بعض أصحابنا أن من ترك شيئًا من الصلاة أو الزكاة .. وجب قتله، قال: وليس بشيء.
(والصحيح: قتله بصلاة فقط) لمفهوم الحديث المار (بشرط إخراجها عن وقت الضرورة) أي: الوقت الذي تُجمَع تلك الصلاةُ فيه؛ فإذا ترك الظهر .. لم يقتل حتى تغرب الشمس، وإذا ترك المغرب .. لم يقتل حتى يطلع الفجر؛ لأن الوقتين كالوقت الواحد في حقّ أرباب الأعذار، وقد يكون له عذر في زعمه، فصار شبهة في تأخير القتل إليه، والثاني: لا يعتبر وقت الضرورة، والثالث: إنما يقتل إذا ضاق وقت الصلاة الرابعة؛ لأن الثلاث أقلّ الجمع، فاغتفرناها؛ لاحتمال عذر، بخلاف الأربعة.
(ويستتاب) لأن المرتد يستتاب، فهذا أولى منه، وهي مستحبة في الحال على الأصحِّ في "التحقيق"(2).
(ثم تضرب عنقه) إذا لم يتب؛ كالمرتد (وقيل: ينخس بحديدة حتى يصلي أو يموت) إذ القصد حملهُ على الصلاة، لا قتله.
(ويغسل ويصلى عليه ويدفن مع المسلمين، ولا يطمس قبره) كسائر أصحاب الكبائر من المسلمين.
* * *
(1) صحيح ابن حبان (1732)، سنن أبي داوود (1420)، وأخرجه النسائي (1/ 230)، وابن ماجه (1401) عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه.
(2)
التحقيق (ص 160).