الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَأَنْ يَعْتَكِفَ لَا سِيَّمَا فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْهُ.
فَصْلٌ [في شروط وجوب صوم رمضان]
شَرْطُ وُجُوبِ صَوْمِ رَمَضَانَ: الْعَقْلُ، وَالْبُلُوغُ، وَإِطَاقَته. وَيُؤْمَرُ بِهِ الصَّبِيُّ لِسَبْعٍ إِذَا أَطَاقَ
===
مضاعفة، ولما فيه من تفطير الصائم، وأما التلاوة .. ففي "الصحيحين":(أن جبريلَ عليه السلام كان يلقي النبي صلي الله عليه وسلم في كلِّ سنة في رمضان حتي ينسلخ، فيعرض عليه النبي صلي الله عليه وسلم القرآن)(1).
(وأن يعتكف) فيه؛ لأنه أقرب إلى صيانة النفس (لا سيَّما في العشر الأواخر منه) رجاءَ مصادفةِ ليلة القدر؛ إذ هي منحصرةٌ فيه عندنا.
وكان الأولى أن يقول: (وأن يكثر الصدقة، والتلاوة، والاعتكاف) لأن الاعتكاف مستحبّ مطلقًا، لكنه يتأكد في رمضان؛ كالصدقة، والتلاوة.
* * *
(فصل: شرط وجوب صوم رمضان: العقل، والبلوغ) فلا يجب على صبي، ومجنون؛ لرفع القلم عنهما.
نعم؛ يرد السكران المأثوم؛ لأنه غير عاقل، ومع ذلك يجب عليه، ولا يصح منه، خلافًا للقفال.
(وإطاقته) فلا يلزم العاجز بمرض، أو كِبَرٍ بالإجماع، ولا يشترط لوجوبه الإسلام، فإن المرتد يجب عليه قطعًا، وكذا علي الكافر الأصلي على الصحيح.
(ويؤمر به الصبي لسبع إذا أطاق) وميزَّ، ويُضرَب على تركه لعشر؛ ليتمرن عليه؛ كالصلاة، والصبية كالصبي.
قال المحب الطبري: إنما ضرب على الصلاة؛ للحديث، والصومُ فيه مشقة ومكابدة، بخلاف الصلاة، فلا يصح الإلحاق، فالأولى: أن يؤمر به ليعتاده، ولا يعاقب على تركه.
(1) صحيح البخاري (1902)، صحيح مسلم (2308) عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما.
ويُبَاحُ تَرْكُهُ: لِلْمَرِيضِ إِذَا وَجَدَ بِهِ ضَرَرًا شَدِيدًا، وَللْمُسَافِرِ سَفَرًا طَوِيلًا مُبَاحًا. وَلَوْ أَصْبَحَ صَائِمًا فَمَرِضَ .. أَفْطَرَ، وَإِنْ سَافَرَ .. فَلَا. وَلَوْ أَصْبَحَ الْمُسَافِرُ وَالْمَرِيضُ صَائِمَيْنِ ثُمَّ أَرَادَا الْفِطْرَ .. جَازَ، فَلَوْ أَقَامَ وَشُفِيَ .. حَرُمَ الْفِطْرُ عَلَى الصَّحِيحِ. وَإِذَا أَفْطَرَ الْمُسَافِرُ وَالْمَرِيضُ .. قَضَيَا، وَكَذَا الْحَائِضُ،
…
===
(ويباح تركه للمريض إذا وَجد به ضررًا شديدًا) بالنصِّ والإجماع، (وللمسافر سفرًا طويلًا مباحًا) لما مر في (باب صلاة المسافر).
(ولو أصبح صائمًا فمرض .. أفطر) لوجود المعني المحوج إلي الفطر من غير اختياره، ولا يجوز له الفطر حتى ينوي به الخروجَ من الصوم؛ كالمحصر يريد التحلل، قاله صاحب "البيان" والمحب الطبري (1)، وقال: إن فائدةَ اقترانها بالفطر: تمييزُ الفطر المباح من غيره.
(وإن سافر .. فلا) يفطر؛ تغليبًا لحكم الحضر؛ لأنه الأصل؛ كالصلاة إذا شرع فيها ثم سافر.
(ولو أصبح المسافر والمريض صائمين، ثم أرادا الفطرَ .. جاز) لأن المقتضي للترخص قائمٌ، وقيل: لا يجوز؛ كما لو نوى الإتمام .. ليس له القصر.
وفرق الأول: بأن تدارك ما شَرَع فيه واجبٌ بالقضاء، بخلاف القصر، وعلي
الأصح: لا كراهة في ذلك على الأصح في "شرح المهذب"(2).
(فلو أقام) المسافر (وشُفي) المريض ( .. حَرُمَ الفطر علي الصحيح) لانتفاء المبيح، والثاني: لا يحرم؛ اعتبارًا بأول اليوم، ولهذا لو أصبح صائمًا ثم سافر .. لم يكن له الفطر، وهذا إذا قلنا: إنه يفطر في المسالة التي قبلها؛ كما جزم به المصنف، أما إذا قلنا: لا يفطر .. فهنا أولي، قاله صاحب "المعين".
(وإذا أفطر المسافر والمريض .. قضيا) لقوله تعالي: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} التقدير: فأفطر فعدة، (وكذا الحائض) بالإجماع،
(1) البيان (3/ 494).
(2)
المجموع (6/ 260).
وَالْمُفْطِرُ بِلَا عُذْرٍ، وَتَارِكُ النِّيَّةِ الْوَاجِبَةِ. وَيَجبُ قَضَاءُ مَا فَاتَ بِالإِغْمَاءِ وَالرِّدَّةِ دُونَ الْكُفْرِ الأَصْلِيِّ وَالصِّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ. وَلَوْ بَلَغَ بِالَنَّهَارِ صَائِمًا .. وَجَبَ إِتْمَامُهُ بِلَا قَضَاءٍ. وَلَوْ بَلَغَ فِيهِ مُفْطِرًا أَوْ أَفَاقَ أَوْ أَسْلَمَ .. فَلَا قَضَاءَ فِي الأَصَحِّ، وَلَا يَلْزَمُهُمْ إِمْسَاكُ بَقِيَّةِ النَّهَارِ فِي الأَصَحِّ،
===
(والمفطر بلا عذر) لأنه إذا وجب على المعذور .. فغيره أولى، (وتارك النية الواجبة)(1) عمدًا أو سهوًا؛ لأنه لم يصم؛ إذ صحته متوقفة عليها.
(ويجب قضاء ما فات بالإغماء) لأنه نوع مرض (والردةِ) لأنه التزم الوجوب بالإسلام، وقدر على الأداء؛ فهو كالمحدث (دون الكفر الأصلي) بالإجماع؛ لما في وجوبه من التنفير عن الإسلام.
(والصبي والمجنون)(2) لرفع القلم عنهما، ولو ارتدّ ثم جنّ، أو سكر ثم جنّ .. فالأصحُّ في "شرح المهذب" في الأولى: قضاء الجميع، وفي الثانية: أيام السكر؛ لأن حكم الردة مستمرٌّ، بخلاف السكر (3).
(ولو بلغ بالنهار صائمًا .. وجب إتمامه بلا قضاء) لأنه صار من أهل الوجوب في أثناء العبادة، فلزمه الإتمام؛ كما لو دخل في صوم تطوع ثم نذر إتمامه، وعلى هذا: لو جامع بعد البلوغ .. لزمته الكفارة، وقيل: يستحب إتمامه، ويجب القضاء.
(ولو بلغ فيه مفطرًا، أو أفاق، أو أسلم .. فلا قضاء في الأصح) لعدم التمكن من زمنٍ يسع الأداءَ؛ كما لو أدرك من أول الوقت ركعة ثم جنّ، والثاني: يجب القضاء؛ لأنهم أدركوا أجزاءً من وقت الفرض، ولا يمكن فعله إلا بيوم فيكمل؛ كما يصوم في الجزاء عن بعض مدٍّ يومًا، وقيل: لا يلزم المجنون قطعًا، ويلزم الكافر قطعًا؛ لتعدِّيه، بخلاف المجنون، قال ابن الصلاح: وهو متجه.
(ولا يلزمهم) يعني: هؤلاء الثلاثة (إمساكُ بقية النهار في الأصح) لأنهم أفطروا
(1) كلمة (الواجبة) في غير (أ) من الشرح.
(2)
في المطبوع من "المنهاج"(ص 183): (والصّبي والجنون).
(3)
المجموع (6/ 251 - 252).
وَيَلْزَمُ مَنْ تَعَدَّي بِالْفِطْرِ أَوْ نَسِيَ النِّيَّةَ، لَا مُسَافِرًا وَمَرِيضًا زَالَ عُذْرُهُمَا بَعْدَ الْفِطْرِ، وَلَوْ زَالَ قَبْلَ أَنْ يَأْكُلَا وَلَمْ يَنْوِيَا لَيْلًا .. فَكَذَا فِي الْمَذْهَبِ. وَالأَظْهَرُ: أَنَّهُ يَلْزَمُ مَنْ أَكَلَ يَوْمَ الشَّكِّ ثُمَّ ثَبَتَ كَوْنُهُ مِنْ رَمَضَانَ
===
لعذر، فأشبهوا المسافر والمريض، والثاني: يلزمهم؛ لأنهم أدركوا وقت الإمساك، وإن لم يدركوا وقت الصوم.
(ويلزم) الإمساك (من تعدى بالفطر) عقوبة له، ومعارضة لتقصيره (أو نسي النية) من الليل؛ لأن نسيانه يُشعر بترك الاهتمام بأمر العبادة، فهو ضربٌ من التقصير.
(لا مسافرًا ومريضًا زال عذرُهما بعد الفطر) لأن زوال العذر بعد الترخص لا يؤثر؛ كما لو قصر المسافر، ثم أقام والوقت باق.
نعم؛ يستحب؛ لحرمة الوقت.
(ولو زال قبل أن يأكُلا، ولم ينويا ليلًا .. فكذا في المذهب) أي: لا يلزمهما الإمساكُ؛ لأن تارك النية مفطر حقيقة، فكان كما لو أكل، وقيل: فيه وجهان: أحدهما: يلزمه؛ حرمةً لليوم؛ كما لو لم يصلّ المسافر حتى أقام .. يلزمه الإتمام، وأصحُّهما: لا؛ لما سلف.
وقوله: (قبل أن يأكلا) تعبير ناقص، فلو قال:(قبله) أي: قبل الفطر .. لكان أخصر وأعم.
وإذا طهرت الحائض والنفساء في أثناء النهار .. لم يلزمهما الإمساكُ على الصحيح.
(والأظهر: أنه يلزم) الإمساك (من أكل يوم الشك، ثم ثبت كونه من رمضان) لأن صومه واجب عليه إلا أنه كان لا يعرفه، فإذا بان له .. لزمه الإمساك، والثاني: لا؛ لأنه أفطر بعذر؛ فأشبه المسافر إذا قدم بعد الإفطار.
وأجاب الأول: بأن المسافر يباح له الأكلُ مع العلم بأنه من رمضان، بخلاف يوم الشك، أما إذا ثبت كونه منه قبل الأكل، ولم يكن نوى .. فالأكثرون على ما دلّ عليه كلام "الكفاية" على القطع بالوجوب، لكن الذي في "أصل الروضة" عن "التتمة"