الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المعرِّي - انتزع دار الحديث الأشرفية من ابن كثير
…
ولم يلتفت لكون شرطها أن تكون لأعلم أهل البلد بالحديث) (1).
وقال الإمام السخاوي نقلًا عن الحافظ الذهبي رحمهما الله تعالى: إن تولِّي الإمام النووي لدار الحديث كان مع صغر سنِّه، ونزول روايته في حياة مشايخه (2).
وهذا لم يكن من باب المحاباة للإمام، أو أنه كان حريصًا على ذلك، ومما يدل له قوله لابن النجار في رسالة وجهها إليه:(أَوَ ما علمتَ - لو أنصفتَ - كيف كان ابتداء أمرها، أَوَ ما كنتَ حاضرًا مشاهدًا أخذي لها؟ ! )(3).
وقد كان تولِّيه رضي الله عنه لدار الحديث الأشرفية بعد وفاة الإمام أبي شامة عبد الرحمن بن إسماعيل سنة (665 هـ) رحمه الله تعالى، وبقي فيها حتى أتاه داعي ربه سنة (676 هـ).
ذكر بعض المدارس في عصره
المدرسة الرَّوَاحيَّة: بناها التاجر أبو القاسم هبة الله بن عبد الواحد بن رواحة الحموي (ت 622 هـ)، وقد كان من أصحاب الثراء والصلاح، ووقفها على الشافعية في حدود سنة (600 هـ)، وموقعها شرقي الجامع الأموي، وغربي المدرسة الدولعية، وفوض تدريسها إلى الحافظ ابن الصلاح، وناب عنه فيها الكمال المغربي شيخ الإمام النووي، وقد كانت الإعادة فيها بأمر شيخه الكمال المغربي (4).
المدرسة الإقبالية الشافعية: أنشأها جمال الدولة إقبال، عتيق ستِّ الشام، أخت صلاح الدين الأيوبي، المتوفى سنة (653 هـ) في بيت المقدس، وتقع بين باب الفرج وباب الفراديس، شمالي الجامع الأموي، وجعل فيها خمسة وعشرين فقيهًا، وأعطاهم رواتب ضخمة في كل شهر، وقد ناب بها الإمام النووي عن شمس الدين ابن خلكان سنة (669 هـ)، ثم تولَّاها بعده ابن الجوَّاب (5).
(1) وجيز الكلام (1/ 256) في أثناء ترجمة الكمال عمر بن عثمان المعرِّي.
(2)
حياة الإمام النووي (ص 39).
(3)
حياة الإمام النووي (ص 40).
(4)
الدارس في تاريخ المدارس (1/ 265) وما بعدها.
(5)
الدارس في تاريخ المدارس (1/ 158) وما بعدها.
المدرسة الركنية الجوَّانية: أنشأها الأمير ركن الدين منكورس الفلكي، عتيق فلك الدين، أخي الملك العادل لأمه (ت 631 هـ)، وقد كان محتشمًا عفيفًا، كثير الصدقات، شيَّد الركنية في حدود سنة (625 هـ)، وتقع شرقي المدرسة الفلكية، في حي العمارة، في زقاق عبد الهادي، وقد تولَّى التدريس فيها ثلَّة من العلماء الأجلاء؛ أمثال الشيخ أبي شامة، وشمس الدين ابن خلكان، والإمام النووي رحمهم الله جميعًا (1).
المدرسة الفلكية: أنشأها الأمير فلك الدين سليمان (ت 599 هـ)، أخو الملك العادل سيف الدين أبي بكر لأمه، وقد كانت دارًا له، ثم وقفها مدرسة في سنة وفاته أو قبل ذلك بقليل، وتقع بحارة الأفتريس، غربي المدرسة الركنية الجوَّانية، في حي العمارة، في زقاق عبد الهادي. وَلِيَها شمس الدين بن سنيِّ الدولة، وابنه صدر الدين قاضي القضاة، أبو العباس أحمد، والإمام النووي رضي الله عنه كان ممن تولَّى التدريس فيها (2).
دار الحديث الأشرفية: بناها الملك الأشرف مظفر الدين موسى بن العادل (ت 635 هـ)، أخي صلاح الدين الأيوبي، وتقع جوار باب قلعة دمشق الشرقي، غربي سوق العصرونية، وقد درَّس بها عمالقة علماء الحديث، كانت في الأصل دارًا للأمير صارم الدين قايماز، واشتراها منه الملك الأشرف، وأعاد بناءها، وجعلها دارًا للحديث، وأنشأ فيها سكنًا للشيخ الذي يتولَّى مشيختها.
بدأ العمل بعمارتها سنة (628 هـ)، وانتهى تشييدها وافتتحت في ليلة النصف من شعبان سنة (635 هـ)، ووقف عليها الملك الأشرف أوقافًا عدة، وجعل فيها نعل النبي صلى الله عليه وسلم، وأَوَّل من درَّس فيها وفي الرواحيَّة الحافظ ابن الصلاح رحمه الله تعالى، ثم آلت في سنة (665 هـ) إلى الإمام النووي، وكان لا يأخذ من عطائها شيئًا، بل كان يكتفي بما يرسله له أبوه من (نوى)، وقد بقي فيها حتى أجاب داعي ربِّه رضي الله عنه (3).
(1) الدارس في تاريخ المدارس (1/ 253) باختصار.
(2)
الدارس في تاريخ المدارس (1/ 431)، وحياة الإمام النووي (ص 40).
(3)
الدارس في تاريخ المدارس (1/ 19) بتصرف واختصار.