الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب من تلزمه الزكاة، وما تجب فيه
شَرْطُ وُجُوبِ زَكَاةِ الْمَالِ: الإِسْلَامُ، وَالْحُرِّيَّةُ، وَتلزَمُ الْمُرْتَدَّ إِنْ أَبْقَيْنَا مِلْكَهُ، دُونَ الْمُكَاتبَ. وَتَجِبُ فِي مَالِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ،
===
(باب من تلزمه الزكاة، وما تجب فيه)
أي: شروط من تجب عليه، وشروط المال الذي تجب فيه.
(شرط وجوب زكاة المال) السالفِ ذكرُه، وهو: الحيوان والنبات والنقدان والمعدن والركاز والتجارة (الإسلامُ) فلا تجب على كافر أصلي؛ بمعنى: أنه لا يطالب بها في حال كفره، ولا بعد إسلامه، أما أصل الوجوب المقتضي للعقاب .. فعلى الخلاف في تكليفه بالفروع، (والحرية) فلا زكاة على قِنٍّ ولو مدبرًا، وأم ولد؛ لعدم مِلكه.
(وتلزم المرتدّ إن أبقينا مِلكه) مؤاخذةً له بحكم الإسلام، فإن قلنا بزواله .. فلا تلزمه، أو موقوف .. فموقوف.
وصورة المسألة: إذا مضى عليه حول في الردة أو ارتدّ قبل تمامه بساعة ولم يُقتل، أو لم يسلم إلا بعد انقضاء الحول، فلو قتل في أثنائه .. فلا زكاة، أما إذا وجبت الزكاة، ثم ارتدّ .. أُخذت من ماله بالاتفاق، كما قاله في "شرح المهذب"(1).
(دون المكاتب) لضعف مِلكه، ولم يكن به حاجة إلى هذا؛ لأنه عُلم من اشتراط الحرية.
ويشترط أيضًا: كون المالك معينًا، فلا زكاة في الموقوف على جهة عامة بخلاف المعيَّن، وكونه متيقن الوجود، فلا زكاة في مال الحمل بإرث أو وصية على الأصحِّ.
(وتجب في مال الصبي والمجنون) لحديث: "ابْتَغُوا فِي أَمْوَالِ الْيتامَى لَا تَسْتَهْلِكْهَا الصَّدَقَةُ" رواه الشافعي مرسلًا (2)، وقد اعتضد بقول خمسة من الصحابة رضي الله عنهم؛ كما قاله الإمام أحمد، وبالقياس على زكاة المُعشَّرات وزكاة الفطر،
(1) المجموع (5/ 292).
(2)
الأم (3/ 69)، وأخرجه البيهقي (4/ 107) عن يوسف بن ماهك رحمه الله تعالى.
وَكَذَا مَنْ مَلَكَ بِبَعْضِهِ الْحُرِّ نِصَابًا فِي الأَصَحِّ، وَفِي الْمَغْصُوبِ وَالضَّالِّ وَالْمَجْحُودِ فِي الأَظْهَرِ، وَلَا يَجِبُ دَفْعُهَا حَتَّى يَعُودَ،
===
فإن الخصم -وهو أبو حنيفة- قد وافق عليهما.
وهل يقال: وجبت عليهما في مالهما والولي مخاطب بالأداء؛ كنفقة الأقارب، أو لا يجب عليهما وإنما تجب في مالهما والولي مخاطب بأدائها؟ وجهان في "الكفاية"، والأصحُّ: أنها تجب عليهما، والولي مخاطب بالأداء؛ كنفقة الأقارب (1).
قال القفال في "فتاويه": والاحتياط لقيِّم الصبي إذا كان حنفيًا: أن يحبس زكاته حتى يبلغ فيخبره، ولا يخرجها فيغرمه الحاكم.
(وكذا من ملك ببعضه الحرِّ نصابًا في الأصح) لتمام مِلكه عليه، ولهذا قال الشافعي: يُكَفِّر كالموسر (2)، وتلزمه زكاة الفطر بقدر ما فيه من الحرية، والثاني: لا؛ لنقصانه بالرقِّ، كالمكاتب.
(وفي المغصوب والضالّ والمجحود في الأظهر) لملك النصاب وتمام الحول، والثاني: لا؛ لامتناع النماء والتصرف، فأشبه مال المكاتب، لا تجب فيه الزكاة على السيد، وقيل: إن عاد بالنماء؛ كالسائمة .. وجبت، وإلا؛ كالنقد .. فلا.
ومن أمثلة القولين: المسروق، وما إذا وقع في بحر ونحوه، وما دفنه ثم نسي مكانه.
وشرط المغصوب والمجحود: ألَّا يكون له به بينة، فإن كان .. وجب الإخراج قطعًا؛ لأنه مقصِّر، وكذلك إذا علم القاضي به وقلنا: يقضي بعلمه، قاله الرافعي (3).
(ولا يجب دفعها حتى يعود) أي: المغصوب وغيره مما تقدم، لعدم التمكن قبله، فإذا عاد .. زكَّاه للأحوال الماضية، بشرط كون الماشية: سائمة عند المالك
(1) كفاية النبيه (5/ 187)، هنا في (أ) بعد كلمة (الأقارب) لحق ولم يصحح، وهو (أو لا يجب عليهما).
(2)
الأم (8/ 163).
(3)
الشرح الكبير (2/ 539).
وَالْمُشْتَرَى قَبْلَ قَبْضِهِ، وَقِيلَ: فِيهِ الْقَوْلَانِ. وَتَجِبُ فِي الْحَالِ عَنِ الْغَائِبِ إِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ، وَإِلَّا .. فَكَمَغْصُوبٍ. وَالدَّيْنُ إِنْ كَانَ مَاشِيَةً، أَوْ غَيْرَ لَازِمٍ كَمَالِ كِتَابَةٍ .. فَلَا زَكَاةَ،
===
والغاصب، وألَّا ينقص النصاب بما يجب إخراجه؛ فإن كان نصابًا فقط وليس عنده من جنسه ما يُعوّض قدرَ الواجب .. لم تجب زكاة ما زاد على الحول الأول.
(والمشترى قبل قبضه) أي: تجب فيه الزكاة قطعًا إذا مضى عليه حول من حين دخوله في مِلكه لا من الشراء؛ لتمكنه من قبض المبيع بدفع الثمن (1)، (وقيل: فيه القولان) في المغصوب ونحوه؛ لأن التصرف فيه لا يصح.
(وتجب في الحال عن الغائب إن قَدَرَ عليه) لأنه كالمال الذي في صندوقه، ويجب أن يخرج في بلد المال إن منعنا نقل الزكاة، هذا إذا كان المال مستقرًا في بلد، فإن كان سائرًا .. لم تُخرج زكاته حتى يصل إليه، نقلاه عن صاحب "العدة"، وأقراه، وقاله الماوردي أيضًا (2).
(وإلا) أي: وإن لم يقدر عليه؛ لانقطاع الطريق ونحوه ( .. فكمغصوب) فيأتي فيه ما سلف؛ لعدم القدرة في الموضعين.
(والدين إن كان ماشيةً) بأن أقرضه أربعين من الغنم، أو أسلم إليه فيها، ومضى عليه حول قبل قبضه.
(أو غير لازم؛ كمال كتابةٍ .. فلا زكاة) لأن علة الزكاة في الماشية النماءُ ولا نماء فيها في الذمة، بخلاف النقد؛ فإن العلة فيه كونه نقدًا وهو حاصل، ولأن السوم شرط، وما في الذمة لا يتصف بالسوم، وأما دين الكتابة .. فلكونه غير لازم، كما ذكره المصنف (3)؛ إذ للعبد إسقاطه متى شاء بتعجيز نفسه.
(1) وقال في "العجالة"[1/ 503]: (إنه تجب الزكاة فيه قطعًا إذا مضى عليه حول من يوم الشراء).
انتهى، وقوله:(من يوم الشراء) ليس كذلك، بل إنما يكون بعد انقضاء الخيار إذا لم يكن الخيار للمشتري وحده. اهـ هامش (أ).
(2)
الشرح الكبير (2/ 543)، روضة الطالبين (2/ 195)، الحاوي الكبير (4/ 331).
(3)
روضة الطالبين (2/ 194).
أَوْ عَرْضًا أَوْ نَقْدًا .. فَكَذَا فِي الْقَدِيمِ، وَفِي الْجَدِيدِ: إِنْ كَانَ حَالًّا وَتَعَذَّرَ أَخْذُهُ لإِعْسَارٍ وَغَيْرِهِ .. فَكَمَغْصُوبٍ، وَإِنْ تَيَسَّرَ .. وَجَبَ تَزْكِيَته فِي الْحَالِّ. أَوْ مُؤَجَّلًا .. فَالْمَذْهَبُ: أَنَّهُ كَمَغْصُوبٍ، وَقِيلَ: يَجِبُ دَفْعُهَا قَبْلَ قَبْضِهِ. وَلَا يَمْنَعُ الدَّيْنُ وُجُوبَهَا فِي أَظْهَرِ الأَقْوَالِ،
===
(أو عرضًا) للتجارة (أو نقدًا .. فكذا في القديم) أي: لا زكاة فيه؛ إذ لا ملك فيه حقيقة، فأشبه دين المكاتب، (وفي الجديد: إن كان حالًّا وتعذر أخذه لإعسار وغيره) كغيبة ومطل وجحود، ولا بينة ( .. فكمغصوب) فيأتي فيه الخلاف السالف، فلو كان مُقَرًّا له في الباطن .. وجبت الزكاة دون الإخراج قطعًا، قاله في "الشامل".
(وإن تيسر) بأن كان على مقرٍّ مليء باذل، أو جاحد وبه بينة، أو يعلمه القاضي وقلنا: يقضي بعلمه ( .. وجبت تزكيته في الحال) لأنه مقدور على قبضه؛ فهو كالمودع.
(أو مؤجلًا .. فالمذهب: أنه كمغصوب) فيجيء فيه ما سلف؛ لأنه لا يتوصل إلى التصرف فيه قبل الحلول، وقيل: تجب الزكاة قطعًا، وقيل: عكسه.
ومثار الخلاف: أن الدين مملوك أم لا؟ وفيه خلاف، وإذا قلنا بالمِلك .. فتصرفه فيه متعذر.
(وقيل: يجب دفعها قبل قبضه) كالغائب الذي يسهل إحضاره، والأصحُّ: الأول؛ لأن المؤجل إذا كان مثلًا مئتين .. فلا سبيل إلى القناعة بما دون الخمسة، ولا إلى التكليف بالخمسة؛ لأن الخمسة نقدًا أكثر منها نسيئة.
قال السبكي: وينبغي أن يكون المراد بقولهم: (قبل قبضه): قبل حلوله؛ فإن محل الخلاف: إذا كان الدين على مليء مُقِرّ، ولا مانع سوى الأجل، وحينئذ فمتى حلَّ .. وجب الإخراج قبض أم لم يقبض.
(ولا يمنع الدينُ وجوبَها في أظهر الأقوال) لإطلاق النصوص الموجبة، والثاني: يمنع؛ لأن الزكاة حقّ يجب في الذمة بوجود مال، فمنع الدينُ وجوبها كالحج.
ومحل الخلاف: ما إذا لم يزد المال على الدين، فإن زاد وكان الزائد نصابا ..
وَالثَّالِثُ: يَمْنَعُ فِي الْمَالِ الْبَاطِنِ، وَهُوَ النَّقْدُ وَالْعَرْضُ. فَعَلَى الأَوَّلِ: لَوْ حُجِرَ عَلَيْهِ لِدَيْنٍ، فَحَالَ الْحَوْلُ فِي الْحَجْرِ .. فَكَمَغْصُوبٍ. وَلَوِ اجْتَمَعَ زَكَاةٌ وَدَيْنُ آدَمِيٍّ فِي تَرِكَةٍ .. قُدِّمَتْ، وَفِي قَوْلٍ: الدَّيْنُ، وَفِي قَوْلٍ: يَسْتَوِيَانِ
===
وجبت زكاتُه قطعًا، ومحله أيضًا: ما إذا لم يكن له من غير المال الزكوي ما يقضي به الدين، فإن كان .. لم يمنع قطعًا.
(والثالث: يمنع في المال الباطن، وهو النقد والعرض) دون الظاهر، وهو المواشي، والزروع والثمار، والمعادن، والفرق: أن الظاهر ينمو بنفسه، أو هو نماء في نفسه، والباطنَ ليس كذلك، وإنما ألحق بالنامي؛ لاستعداده للاسترباح بالتصرف فيه وإخراجه، والدين يمنع من ذلك.
والتعبير بـ (النقد) مخرج غير المضروب؛ فالصواب: التعبير بـ (الذهب والفضة).
(فعلى الأول) وهو أن الدين لا يمنع الوجوب (لو حُجر عليه لدين، فحال الحول في الحجر .. فكمغصوب) لأنه حيل بينه وبين ماله؛ لأن الحَجْر مانع من التصرف.
هذا إذا لم يُفرّق القاضي ماله، ولا عَيّن لكل واحد شيئًا من المال بدينه؛ لأن الحَجْر منعه التصرف فأشبه المغصوب، أما إذا عيَّن لكل واحد شيئًا من مال المفلس بحسب التقسيط، وأذن له في أخذه، فحال الحول قبل أخذه .. فنقل الرافعي هنا عن قطع المعظم بأنه لا زكاة؛ لضعف مِلكه، فلو فَرَّق القاضي ماله بين الغرماء .. فقد زال ملكه، فلا زكاة عليه قطعًا (1).
(ولو اجتمع زكاة ودين آدمي في تركة .. قُدمت) لتعلُّقها بالعين، وفي الخبر:"فَدَيْنُ الله أَحَقُّ بِالْقَضَاءِ"(2)، ولأن مَصرِفها أيضًا إلى الآدميين، فقدمت؛ لاجتماع الأمرين فيها، (وفي قول: الدين) لأن حقوق الآدميين مبنية على المضايقة، (وفي قول: يستويان) فيوزع المال عليهما؛ لأن الحقّ المالي المضاف إلى الله تعالى يعود إلى الآدميين أيضًا، وهم المنتفعون به.
(1) الشرح الكبير (2/ 547).
(2)
أخرجه البخاري (1953)، ومسلم (1148) عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما.
وَالْغَنِيمَةُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ إِنِ اخْتَارَ الْغَانِمُونَ تَمَلُّكَهَا وَمَضَى بَعْدَهُ حَوْلٌ، وَالْجَمِيعُ صِنْفٌ زَكَوِيّ، وَبَلَغَ نَصِيبُ كُلِّ شَخْصٍ نِصَابًا، أَوْ بَلَغَهُ الْمَجْمُوعُ فِي مَوْضِعِ ثبُوتِ الْخُلْطَةِ .. وَجَبَتْ زَكَاتُهَا، وَإِلَّا .. فَلَا. وَلَوْ أَصْدَقَهَا نِصَابَ سَائِمَةٍ مُعَيَّنًا .. لَزِمَهَا زَكَاتُهُ إِذَا تَمَّ حَوْلٌ مِنَ الإِصْدَاقِ. وَلَوْ أَكْرَى دَارًا أَرْبَعَ سِنِينَ بِثَمَانِينَ دِينَارًا وَقَبَضَهَا .. فَالأَظْهَرُ: أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُخْرِجَ إِلَّا زَكَاةَ مَا اسْتَقَرَّ، فَيُخْرِجُ عِنْدَ تَمَامِ السَّنَةِ الأُولَى زَكَاةَ عِشْرِينَ لِسَنَةٍ،
===
ويجري الخلاف في اجتماع حقّ الله تعالى مطلقًا مع الدين، فيدخل في ذلك الحج، وجزاء الصيد، والكفارة، والنذر " كما صرح به في "شرح المهذب" (1).
نعم؛ يستثنى: اجتماع الجزية والدين، فإن الأصحَّ: استواؤهما، مع أن الجزية حقّ الله تعالى.
(والغنيمة قبل القسمة) وبعد الحيازة (إن اختار الغانمون تملّكها، ومضى بعده حولٌ، والجميع صنفٌ زكويّ، وبلغ نصيب كلّ شخص نصابًا، أو بلغه المجموع في موضع ثبوت الخُلطة .. وجبت زكاتها) كسائر الأموال، (وإلا) أي: وإن لم يختاروا التملك، أو اختاروا ولم يمض حول، أو مضى وهي أصناف، أو صنف غير زكوي، أو لم يبلغ نصيب كل واحد نصابًا، ولم يوجد شرط الخُلطة ( .. فلا) زكاة؛ لعدم المِلك، أو ضعفه عند عدم اختيار التملّك، بدليل أنها تسقط بمجرد الإعراض، ولعدم معرفة كلّ واحد ما يحصل له، وما مقداره عند تعدد الأصناف.
(ولو أصدقها نصاب سائمة مُعيَّنًا) وعلمت بسومها ( .. لزمها زكاته إذا تمّ حولٌ من الإصداق) سواء استقر بالدخول والقبض أم لا؛ لأنها ملكته بالعقد.
وخرج بالمعين: ما في الذمة، لأن ما في الذمة لا يتصف بالسوم؛ كما مرّ.
(ولو أكرى دارًا أربع سنين بثمانين دينارًا، وقبضها .. فالأظهر: أنه لا يلزمه أن يخرج إلا زكاة ما استقرَّ) لضعف المِلك قبل الاستقرار، لتعرضه للسقوط بانهدام الدار.
(فيُخرج عند تمام السنة الأولى زكاةَ عشرين لسنة) وهو نصف دينار؛ لأنها التي استقرَّ عليها مِلكه الآن.
(1) المجموع (5/ 309).
ولِتَمَامِ الثَّانيَةِ زَكَاةَ عِشْرِينَ لِسَنَةٍ، وَعِشْرِينَ لِسِنَتَيْنِ، وَلِتَمَامِ الثَّالِثَةِ زَكَاةَ أَرْبَعِينَ لِسَنَةٍ وَعِشْرِينَ لِثَلَاثِ سِنِينَ، وَلِتَمَامِ الرَّابِعَةِ زَكَاةَ سِتِّينَ لِسَنَةٍ وَعِشْرِينَ لِأرْبَعٍ، وَالثَّانِي: يُخْرِجُ لِتَمَامِ الأُولَى زَكَاةَ الثَّمَانِينَ.
===
(ولتمام الثانية زكاةَ عشرين لسنة، وعشرين لسنتين) لأنه استقرَّ مِلكه على أربعين دينارًا، وكانت في مِلكه سنتين، ففيها ديناران، فيسقط منها ما أخرجه في السنة الأولى، وهو نصف دينار فيبقى عليه دينار ونصف.
(ولتمام الثالثة زكاةَ أربعين لسنة، وعشرين لثلاث سنين) لأنه استقرَّ مِلكه على ستين ثلاثَ سنين، وفيها أربعة دنانير ونصف، فيسقط منها ما أخرجه في الحولين، وهو ديناران فيبقى عليه ديناران ونصف.
(ولتمام الرابعة زكاةَ ستين لسنة، وعشرين لأربع) لأنه استقرَّ مِلكه على الثمانين، وكان يملكها أربع سنين، وفيها ثمانية دنانير، فيسقط منها ما أخرجه قبل ذلك، وهو أربعة دنانير ونصف، فيخرج الباقي وهو ثلاثة ونصف.
(و) القول (الثاني: يُخرج لتمام الأولى زكاةَ الثمانين) لأنه ملكها مِلكًا تامًّا؛ بدليل أنه لو كانت الأجرة جارية .. حلَّ له وطؤها، واحتمال سقوطها بالانهدام لا يقدح؛ كما في الصداق قبل الدخول.
وفرق الأول بين الأجرة والصداق: بأن الأجرة تجب في مقابلة المنافع، فينفسخ العقد بفواتها، والصداقَ ليس في مقابلتها؛ بدليل استقراره بموتها قبل الدخول.
وقضية حكايته الخلاف في الإخراج: أن الوجوب ثابت قطعًا، وهو المرجَّح، ومنهم من طرده في الوجوب.
وقوله: (وقبضها) ذكره لأجل الخلاف فقط، فإنه إذا لم يقبضها؛ فإن كانت في الذمة .. ففيها الخلاف في الدين، وإن كانت معينة .. فكالمبيع قبل القبض، والصحيح في الحالتين: وجوب الزكاة.
ومحل ما ذكره: إذا كان الإخراج من غيره؛ فإن كان من عينه .. نقص الواجب في السنة الثانية وما بعدها بقدر واجب ما أخرجه، ولا يخفى أن المثال فيما إذا كانت أجرة السنتين متساوية، فإن كانت متفاوتة .. زاد القدر المستقرّ في بعض السنين، ونقص في بعضها.