المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌الإهداء

- ‌كلمة الشكر

- ‌اسمه ونسبه

- ‌مولده ونشأته

- ‌طلبه للعلم

- ‌شيوخه

- ‌تصدره للتدريس

- ‌ذكر بعض المدارس في عصره

- ‌تلامذته

- ‌وصفه وملبسه

- ‌بعض مناقبه

- ‌ثناء العلماء عليه

- ‌مؤلفاته

- ‌وفاته

- ‌رثاؤه

- ‌اسمه ونسبه وشهرته ومذهبه

- ‌ولادته ونشأته

- ‌طلبه للعلم والرحلة في ذلك

- ‌شيوخه

- ‌تلامذته

- ‌مؤلفاته

- ‌مكانته العلمية وثناء العلماء عليه

- ‌وفاته

- ‌ملامح عن منهج الإمام ابن قاضي شهبة في الكتاب

- ‌المكتبة السليمانية، وقصَّة المحقِّق مع الكتاب

- ‌وصف النُّسَخ الخطيَّة

- ‌منهج العمل في الكتاب

- ‌[خُطْبَة الشَّرح]

- ‌[خُطْبَة المَتن]

- ‌كتابُ الطّهارة

- ‌بابُ أسباب الحَدَث

- ‌فَصْلٌ [في آداب الخلاء]

- ‌بابُ الوضوء

- ‌بابُ مسح الخُفِّ

- ‌بابُ الغَسْل

- ‌بابُ النَّجاسة

- ‌بابُ التَّيَمُّم

- ‌فصل [في شروط التيمم وكيفيته]

- ‌بابُ الحَيْض

- ‌فصل [فيما تراه المرأة من الدماء]

- ‌كتابُ الصَّلاة

- ‌فصل [فيمن تجب عليه الصلاة]

- ‌فصل [في بيان الأذان والإقامة]

- ‌فصل [في بيان القبلة وما يتبعها]

- ‌بابُ صفة الصّلاة

- ‌بابٌ [شروط الصلاة]

- ‌فَصْلٌ [في ذكر بعض مبطلات الصلاة]

- ‌بابٌ [سجودُ السَّهْو]

- ‌بابٌ في سجود التّلاوة والشّكر

- ‌بابٌ [في صلاة النّفل]

- ‌كتاب صلاة الجماعة

- ‌فصلٌ [في صفات الأئمة]

- ‌فصلٌ [في بعض شروط القدوة ومكروهاتها وكثير من آدابها]

- ‌فصلٌ [في بعض شروط القدوة أيضًا]

- ‌فصلٌ [في متابعة الإمام]

- ‌فَصْلٌ [في زوال القدوة وإيجادها]

- ‌باب صلاة المسافر

- ‌فَصْلٌ [في شروط القصر وتوابعها]

- ‌فَصْلٌ [في الجمع ببن الصلاتين]

- ‌بابٌ صلاة الجمعة

- ‌فَصْلٌ [في الأغسال المستحبة في الجمعة وغيرها]

- ‌فَصْلٌ [في بيان ما يحصل به إدراك الجمعة]

- ‌بابُ صلاة الخوف

- ‌فصلٌ [فيما يجوز لبسه وما لا يجوز]

- ‌بابُ صلاة العيدين

- ‌فصلٌ [في التكبير المرسل والمقيد]

- ‌باب صلاة الكسوفين

- ‌باب صلاة الاستسقاء

- ‌بابٌ [في حكم تارك الصلاة]

- ‌كتاب الجنائِز

- ‌فصل [في تكفين الميت]

- ‌فصلٌ [في الصلاة على الميت]

- ‌فرعٌ [في بيان الأولى بالصلاة]

- ‌فصلٌ [في دفن الميت]

- ‌كتاب الزكاة

- ‌باب زكاة الحيوان

- ‌فصلٌ [في بيان كيفية الإخراج]

- ‌باب زكاة النبات

- ‌باب زكاة النّقد

- ‌بابُ زكاة المعدن والرِّكاز والتجارة

- ‌فصْلٌ [في أحكام زكاة التجارة]

- ‌بابُ زكاة الفِطر

- ‌باب من تلزمه الزكاة، وما تجب فيه

- ‌فَصْلٌ [في أداء الزكاة]

- ‌فصلٌ [في تعجيل الزكاة]

- ‌كتابُ الصِّيام

- ‌فَصْلٌ [في أركان الصوم]

- ‌فَصْلٌ [في شرط الصوم]

- ‌فصْلٌ [شرط صحة الصوم من حيث الفاعل والوقت]

- ‌فَصْلٌ [في شروط وجوب صوم رمضان]

- ‌فَصْلٌ [في فدية الصوم الواجب]

- ‌فَصْلٌ [في موجب كفارة الصوم]

- ‌باب صوم التَّطوُّع

- ‌كتابُ الاعتكاف

- ‌فَصْلٌ [في حكم الاعتكاف المنذور]

- ‌(كتاب الحج)

- ‌بابُ المواقيت

- ‌بابُ الإحرام

- ‌فَصْلٌ [في ركن الإحرام]

- ‌بابُ دخول مكة

- ‌فصلٌ [فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن]

- ‌فصلٌ [فيما يختم به الطواف]

- ‌فصلٌ [في الوقوف بعرفة]

- ‌فصلٌ [في المبيت بالمزدلفة والدفع منها]

- ‌فصلٌ [في المبيت بمنى ليالي التشريق]

- ‌فصلٌ [في بيان أركان الحج والعمرة]

- ‌بابُ محرَّمات الإحرام

- ‌باب الإحصار والفوات

الفصل: ‌باب زكاة النبات

‌باب زكاة النبات

تَخْتَصُّ بالْقُوتِ، وَهُوَ مِنَ الثِّمَارِ: الرُّطَبُ وَالْعِنَبُ، وَمِنَ الحَبِّ: الْحِنْطَةُ وَالشعِيرُ وَالأرُزُّ وَالْعَدَسُ وَسَائِرُ الْمُقْتَاتِ اخْتِيَارًا. وَفِي الْقَدِيمِ: تَجِبُ في الزَّيْتُونِ، وَالزَّعْفَرَانِ، وَالْوَرْسِ، وَالْقُرْطِمِ، وَالْعَسَلِ. وَنصَابُهُ: خَمْسَةُ أَوْسُقٍ،

===

(باب زكاة النبات)

الأصل في الباب: الإجماع وما يأتي من الكتاب والسنة.

(تختص بالقوت) لأنه الصالح من النبات للمواساة.

(وهو من الثمار: الرطب، والعنب) خاصة، فلا زكاة في التين، والخَوْخ وغيرهما.

(ومن الحب: الحنطة، والشعير، والأرز، والعدس، وسائر المقتات اختيارًا) كالحمِّص، والبَاقِلَاء، والذُّرَة، وغيرها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ الزكاة في كثير منها، وألحقوا به الباقي؛ لشمول معنى الاقتيات والادخار.

واحترز بقيد الاختيار: عمّا يؤكل في الجَدْب اضطرارًا من حبوب البوادي؛ كحبّ الحَنْظَل، وحبّ الغاسُول وغيرهما، فلا زكاة فيها؛ كما لا زكاة في الوحشيات من الظباء.

وأبدل "التنبيه" وغيره قيد الاختيار بما يستنبته الآدميون (1)؛ لأن ما لا يستنبتونه ليس فيه شيء يقتات اختيارا.

(وفي القديم: تجب في الزيتون، والزعفران، والورس، والقِرطِم، والعسل) لآثار عن الصحابة في ذلك، وحكى في "الرونق" قولين في الموز والبَلُّوط، ووقع في "العجالة" اللوز بدل الموز، وهو تحريف (2).

(ونصابه: خمسة أوسق) لحديث: "لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ" متفق عليه (3).

(1) التنبيه (ص 40).

(2)

عجالة المحتاج (1/ 478).

(3)

صحيح البخاري (1447)، صحيح مسلم (979) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.

ص: 496

وَهِيَ: أَلْفٌ وَسِتُّ مِئَةِ رِطْلٍ بَغْدَادِيَّةٍ، وَبِالدِّمَشْقِيِّ: ثَلَاثُ مِئَةٍ وَسِتةٌ وَأَرْبَعُونَ رِطْلًا وَثُلُثَانِ. قُلْتُ: الأَصَحُّ: ثَلَاثُ مِئَةٍ وَاثنانِ وَأَرْبَعُونَ وَسِتَةُ أَسْبَاعِ رِطْلٍ؛ لِأنَّ الأَصَحَّ: أَنَّ رِطْلَ بَغْدَادَ: مِئَةٌ وَثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَما وَأَرْبَعَةُ أَسْبَاع دِرْهَمٍ، وَقِيلَ: بِلَا أَسْبَاعٍ، وَقِيلَ: ثَلَاثُونَ، وَاللهُ أَعْلَمُ. وَيُعْتبَرُ تَمْرًا أَوْ زَبِيبًا إِنْ تَتَمَّرَ أوْ تَزَبَّبَ،

===

(وهي: ألف وست مئة رطل بغدادية) لأن الوَسْق ستون صاعًا بالإجماع، فالخمسة الأوسق ثلاث مئة صاع، والصاع أربعة أمداد، وذلك ألف ومئتا مدّ، والمدّ رطل وثلث، فيكون الحاصل ما ذكره المصنف، وإنما قدر بالبغدادي؛ لأنه الرطل الشرعي؛ كما قاله المحب الطبري.

والأصحُّ: اعتبار المكيال لا الوزن إذا اختلفا.

(وبالدمشقي: ثلاث مئة وستة وأربعون رطلا وثلثان) لأن الرطل الدمشقي ست مئة درهم، ورطلَ بغداد مئة وثلاثون درهمًا عند الرافعي، فيكون المدّ مئة وثلاثة وسبعين درهمًا وثلث درهم، والصاع ست مئة وثلاثة وتسعون وثلث، فاضرب ست مئة وثلاثة وتسعين وثلثًا في ثلاث مئة، واجعل كلّ ست مئة رطلًا، فيحصل من مجموع ذلك ما ذكره المصنف (1).

(قلت: الأصح) في زنة الأوسق بالرطل الدمشقي (ثلاث مئة واثنان وأربعون وستة أسباع رطل؛ لأن الأصح: أن رطل بغداد: مئة وثمانية وعشرون درهمًا وأربعة أسباع درهم) أي: فإذا ضرب ذلك في ألف وست مئة وقسم على الرطل الدمشقي .. بلغ ذلك.

(وقيل: بلا أسباع، وقيل: وثلاثون، والله أعلم) وهذا الأخير هو ما قواه الرافعي.

(ويعتبر) بلوغه خمسةَ أوسق حالةَ كونه (تمرًا، أو زبيبًا إن تتمر أو تزبب) لقوله

(1) وقع في "شرح الإسنوي" أنه يضرب ثلاث وتسعون في ثلاث مئة

يحصل ذلك، وكأنه سقط لفظة (ست مئة) إما من ناسخ، أو من المصنف، لكن العجب أن ابن الملقن [1/ 478] ، والسبكي، والدميري [3/ 169] جَرَوْا على نقل كلام الإسنوي من غير تدبّر. اهـ هامش (أ)، وهذه اللفظة موجودة في "النجم الوهاج"(3/ 169) المطبوع.

ص: 497

وَإِلَّا .. فَرُطَبًا وَعِنَبًا، وَالْحَبُّ مُصَفىً مِنْ تِبْنِهِ، وَمَا ادُّخِرَ في قِشْرِهِ -كَالأَرُزِّ وَالْعَلَسِ- فَعَشَرَةُ أَوْسُقٍ. وَلَا يُكَمَّلُ جِنْسٌ بِجِنْسٍ،

===

عليه السلام: "لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ مِنَ التَّمْرِ صَدَقَةٌ" رواه مسلم (1)، فاعتبر الأوسق من التمر.

(وإلا) أي: وإن لم يتتمر الرطب ولم يتزبب العنب ( .. فرطبًا وعنبًا) أي: فيُوسق رطبًا وعنبًا، وتخرج الزكاة أيضًا منه؛ لأن ذلك أكملُ أحواله، وكذا لو كان يجفّ إلا أن جافّه رديء .. فحكمه كذلك.

(والحب مصفّى من تبنه) لأنه الذي يوسق وتجب فيه الزكاة.

(وما ادخر في قشره) الذي لا يؤكل معه (كالأرز، والعلس فعشرة أوسق) لأن خالصهُ يجيء منه خمسة أوسق، قال ابن الرفعة: ولو كان خالص دون العشرة من ذلك خمسةَ أوسق .. كان ذلك نصابًا (2).

والمراد: القشرة العليا من الأَرُزّ، أما السفلى، وهي الحمراء .. ففي "الحاوي" عن ابن أبي هريرة أنه لا تجب الزكاة حتى تبلغ عشرة أوسق؛ كالعلس، قال: وقال سائر أصحابنا: لا تأثير لهذه القشرة، فإذا بلغ خمسةَ أوسق .. تجب الزكاة، قال في "شرح المهذب": وما نقله عن سائر الأصحاب ضعيف (3)، قال الأَذْرَعي: بل هو المذهب الظاهر، والشاذّ إنما هو قول ابن أبي هريرة.

وإنما قيدت كلامه بالقشر الذي لا يؤكل معه احترازًا عما يدخر في قشره ويؤكل معه؛ كالذُّرَة، فإن قشره يدخل في الحساب، فإنه طعام وإن كان قد يزال؛ كما تقشر الحنطة.

(ولا يكمل جنس بجنس) كالتمر مع الزبيب، والحنطة مع الشعير؛ لاختصاص كلّ باسم وطبع؛ قياسًا على الماشية.

(1) صحيح مسلم (980) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، وهو عند البخاري برقم (1459) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.

(2)

كفاية النبيه (5/ 371).

(3)

الحاوي الكبير (4/ 236)، المجموع (5/ 448).

ص: 498

وَيُضَمُّ النَّوْعُ إِلَى النَّوْعِ، وَيُخْرِجُ مِن كُلٍّ بِقِسْطِهِ، فَإِنْ عَسُرَ .. أُخْرِجَ الْوَسَطُ، وَيُضَمُّ الْعَلَسُ إِلَى الْحِنْطَةِ؛ لِأنَّهُ نَوْعٌ مِنْهَا، وَالسُّلْتُ جِنْسٌ مُسْتَقِلٌّ، وَقِيلَ: شَعِير، وَقِيلَ: حِنْطَةٌ. وَلَا يُضَمّ ثَمَرُ عَامٍ وَزَرْعُهُ إِلَى آخَرَ. ويُضَمُّ ثَمَرُ الْعَامٍ بَعْضُهُ إِلَى بَعْضٍ وَإِنِ اخْتَلَفَ إِدْرَاكُهُ، وَقِيلَ: إِنْ طَلَعَ الثَّاِني بَعْدَ جَدَادِ الأَوَّلِ .. لمْ يُضَمَّ. وَزَرْعَا الْعَامِ يُضَمَّانِ،

===

(ويضم النوع إلى النوع) كالحنطة المصرية مع الشامية، والتمر المَعْقِلي مع البَرْني؛ لاشتراكهما في الاسم، (ويخرج من كلّ بقسطه) لأنه الأصل، ولا مشقة في ذلك.

(فإن عسر) لكثرة الأنواع وقلة الحاصل من كلّ نوع ( .. أخرج الوسط) من الأنواع، لا أعلاها ولا أدناها؛ رعاية للجانبين.

(ويضم العلس إلى الحنطة؛ لأنه نوع منها) والعلس قوت صنعاء اليمن.

(والسلت جنس مستقلّ) فلا يضمّ إلى غيره، (وقيل: شعير) فيضمّ إليه؛ لشبهه به في برودة الطبع، (وقيل: حنطة) فيضمّ إليها؛ لشبهه بها لونًا ومَلاسة.

(ولا يضمّ ثمر عام وزرعه إلى آخر) في تكميل النصاب ولو فرض اطّلاع ثمر العام الثاني قبل جَداد الأول بالإجماع.

(ويضم ثمر العام بعضه إلى بعض وإن اختلف إدراكه) لاختلاف الأنواع والبلاد بالإجماع؛ كما نقله ابن الصباغ، والمراد بالعام: أربعة أشهر؛ كما نقله في "الكفاية" عن الأصحاب (1).

(وقيل: إن طلع الثاني بعد جَداد الأول .. لم يضمّ) لحدوثه بعد انصرام الأول، فأشبه ثمرة العام الثاني، وهذا ما جزم به الماوردي، وقال: من قال بالضم .. فقد أخطأ نصّ المذهب، وجهل عادةَ الثمر، وقال الإِمام: إنه لا خلاف فيه، وصححه الرافعي في "الشرح الصغير"، ولم يرجح في "الكبير" شيئًا (2).

(وزرعا العام يُضَمّان) وإن اختلفت زراعتُه في الفصول؛ لما مرّ، ويتصور ذلك

(1) كفاية النبيه (5/ 373).

(2)

الحاوي الكبير (4/ 199)، نهاية المطلب (3/ 362)، الشرح الكبير (3/ 65).

ص: 499

وَالأَظْهَرُ: اعْتِبَارُ وُقُوعِ حَصَادَيْهِمَا في سَنَةٍ وَوَاجِبُ مَا شَرِبَ بِالْمَطَرِ أَوْ عُرُوقِهِ لِقُرْبِهِ مِنَ الْمَاءِ مِنْ ثَمَرٍ أَوْ زَرْع: الْعُشْرُ، وَمَا سُقِيَ بِنَضْحٍ أَوْ دُولَابٍ أَوْ بِمَاءٍ اشْتَرَاهُ: نِصْفُهُ، وَالْقَنَوَاتُ كَالْمَطَرِ عَلى الصَّحِيحِ. وَمَا سُقِيَ بِهِمَا سَوَاءً: ثَلَاثةُ أَرْبَاعِهِ، فَإِنْ غَلَبَ أَحَدُهُمَا .. فَفِي قَوْلٍ: يُعْتبَرُ هُوَ، وَالأَظْهَرُ: يُقَسَّطُ بِاعْتِبَارِ عَيْشِ الزَّرْعِ وَنَمَائِهِ، وَقِيلَ: بِعَدَدِ السَّقَيَاتِ

===

في الذُّرَة؛ لأنها تزرع في الربيع والصيف والخريف.

(والأظهر: اعتبار وقوع حصاديهما في سنة) بأن يكون بين حَصيد الأول والثاني أقلّ من اثني عشر شهرًا؛ لأن الحصاد هو المقصود، وعنده يستقر الوجوب، والثاني: اعتبار زرعهما في سنة؛ لأن الزراعة هي الأصل، والحصادَ ثمرتُه.

(وواجب ما شرب بالمطر أو عروقه لقربه من الماء) وهو البعل (من ثمر أو زرع: العشر، وما سُقي بنضح أو دولاب، أو بماء اشتراه: نصفُه) بالإجماع، والمعنى فيه: كثرة المؤنة وخفتها؛ كما في المعلوفة والسائمة.

والنضح: هو السقي من بئر أو نهر بحيوان، كبعير، ويسمى هذا الحيوان: ناضحًا.

(والقنوات كالمطر على الصحيح) لأن مؤنة القناة تتحمل لعمارة القرية، والأنهارَ إنما تحفر لإحياء الأرض، فإذا تهيأت .. وصل الماء إلى الزرع بطبعه مرة بعد أخرى، بخلاف السقي بالنواضح ونحوها، فإن المؤنة للزرع نفسه، والثاني: يجب فيها نصف العشر؛ لمؤنة عمارتها.

(وما سقي بهما) أي: بماء السماء والنضح (سواءً: ثلاثة أرباعه) عملًا بالتقسيط.

(فإن غلب أحدهما .. ففي قول: يعتبر هو) ترجيحًا لجانب الغلبة (والأظهر: يُقسَّط) لأنه القياس، فإن كان ثلثاه بماء السماء، وثلثُه بالنضح .. وجب خمسة أسداس العشر؛ ثلثا العشر للثلثين، وثلث نصف العشر للثلث (باعتبار عيش الزرع) والثمر (ونمائه) لأنه المقصود، (وقيل: بعدد السَّقَيات) المفيدة دون غيرها؛ لأن المؤنة تكثر بكثرة السَّقَيات، فإذا كانت المدّة من يوم الزرع إلى يوم الإدراك ثمانيةَ

ص: 500

وَتَجِبُ بِبُدُوِّ صَلَاحِ الثَّمَرِ، وَاشْتِدَادِ الْحَبِّ. وَيُسَنُّ خَرْصُ الثَّمَرِ إِذَا بَدَا صَلَاحُهُ عَلَى مَالِكِهِ،

===

أشهر، واحتاج في ستة أشهر زمنَ الشتاء والربيع إلى سَقْيتين، فسُقي بماء السماء، وفي شهرين زمنَ الصيف إلى ثلاث سَقَيات، فسُقي بالنضح؛ فإن اعتبرنا عدد السَّقَيات .. فعلى قول التوزيع: يجب خمسا العشر وثلاثة أخماس نصف العشر، وعلى اعتبار الأغلب: يجب نصف العشر، وإن اعتبرنا المدّة .. فعلى قول التوزيع: يجب ثلاثة أرباع العشر وربع نصف العشر، وعلى اعتبار الأغلب: يجب العشر.

ولو سُقي بهما جميعًا، وجهل المقدار .. وجب ثلاثة أرباع العشر على الصحيح، وقيل: يجب نصف العشر؛ لأن الأصل براءة الذمة ممّا زاد.

(وتجب ببدوّ صلاح الثمر، واشتداد الحبّ) لأنه حينئذ يقتات، وقبله كالخُضْراوات.

نعم؛ لا يجب الإخراج، بل لا يجوز إلا بعد التصفية والجفاف.

وسيأتي في البيع ضابط بدوّ الصلاح، وأن حصوله في البعض كافٍ، والمراد: بدوّ اشتداده، ولا يشترط تناهيه.

(ويسن خرص الثمر إذا بدا صلاحه على مالكه) لأنه عليه السلام أَمر أن يُخرص العنبُ كما يُخرص النخلُ، وتُؤخذ زكاتُه زبيبًا كما تُؤخذ صدقةُ النخل تمرًا، رواه الترمذي، وقال: حسن غريب (1).

واستثنى الماوردي من الخرص: نخيل البصرة، ونقل عن إجماع الصحابة وعلماء الأمصار: أنه لا يجوز خرصها؛ لكثرتها، وللمؤنة في خرصها، وتبعه الروياني (2).

والمراد بالثمر: الرطب والعنب، واحترز به: عن الحبّ، فإنه لا يخرص؛ لعدم إمكان الوقوف على ما فيه؛ لاستتاره، ولأنه لا يؤكل غالبًا وهو رطب، بل بعد جفافه وتصفيته، والثمار تؤكل بُسْرًا ورطبًا وعنبًا، فاحتيج إلى خرصها؛ ليتمكن المالك من التصرف فيها، وينضبط حقّ الفقراء.

(1) سنن الترمذي (644)، وأخرجه ابن حبان (3279)، والحاكم (3/ 595)، وأبو داوود (1603) عن عَتّاب بن أَسِيد رضي الله عنه.

(2)

الحاوي الكبير (4/ 210)، بحر المذهب (4/ 120).

ص: 501

وَالْمَشْهُورُ: إِدْخَالُ جَمِيعِهِ فِي الْخَرْصِ، وَأَنَّهُ يَكْفِي خَارِصٌ، وَشَرْطُهُ: الْعَدَالَةُ، وَكَذَا الْحُرِّيَّةُ وَالذُّكُورَةُ فِي الأَصَحِّ. فَإِذَا خَرَصَ .. فَالأَظْهَرُ: أَنَّ حَقَّ الْفُقَرَاءِ يَنْقَطِعُ مِنْ عَيْنِ الثَّمَرِ، وَيَصِيرُ فِي ذِمَّةِ الْمَالِكِ التَّمْرُ وَالزَّبِيبُ لِيُخْرِجَهُمَا بَعْدَ جَفَافِهِ، وَيُشْتَرَطُ: التَّصرِيحُ بِتَضْمِينهِ وَقَبُولِ الْمَالِكِ عَلَى الْمَذْهَبِ،

===

واحترز بقوله: (بدا صلاحه) عمّا قبل ذلك، فإن الخرص لا يأتي فيه؛ إذ لا حقّ للفقراء فيه حينئذ، ولا ينضبط المقدار؛ لكثرة العاهات قبل بدو الصلاح.

وكيفية الخرص: أن يطوف بالنخلة، ويرى جميع عناقيدها، ويقول: عليها من الرطب كذا، ويجيء منه تمرًا كذا، ثم يفعل كذلك بنخلة بعد نخلة إن اختلف النوع؛ فإن اتحد .. جاز أن يخرص الجميع رطبًا ثم تمرًا.

(والمشهور: إدخال جميعه في الخرص) لعموم الأدلة المقتضية لوجوب العشر أو نصفه، والثاني: أنه يُترك لرب الحائط قدرُ ما يأكله هو وأهله - لا يخرص عليه -؛ ليكون ذلك في مقابلة قيامه بحفظ الثمار وتجفيفها.

(وأنه يكفي خارص) واحد؛ كالحاكم؛ لأنه يجتهد، ويعمل، والثاني: يشترط اثنان؛ كالشاهد.

(وشرطه: العدالة) لأن الفاسق لا يقبل قوله على غيره، ويشترط أيضًا: أن يكون عالمًا بالخرص؛ لأن الجاهل بالشيء ليس من أهل الاجتهاد فيه.

(وكذا الحرية والذكورة في الأصح) لأنه ولاية، وليس الرقيق والمرأة من أهلها، والثاني: لا يشترطان؛ كما في الكيّال والوزّان.

(فإذا خرص .. فالأظهر: أن حقَّ الفقراء ينقطع من عين الثمر، ويصير في ذمّة المالك التمر والزبيب؛ ليخرجهما بعد جفافه) لأن الخرص يبيح له التصرفَ في الجميع، وذلك يدلّ على انقطاع حقّهم عنه، والثاني: لا ينتقل حقّهم إلى ذمّته، بل يبقى متعلقًا بالعين كما كان؛ لأنه ظنّ وتخمين، فلا يؤثر في نقل حقّ إلى الذمة، والقول الأول يُعبَّر عنه بأن الخرص تضمين، والثاني: أنه عبرة؛ أي: لاعتبار القدر.

(ويشترط: التصريح بتضمينه، وقبول المالك على المذهب) بناء على الأظهر؛

ص: 502

وَقِيلَ: يَنْقَطِعُ بِنَفْسِ الْخَرْصِ. فَإِذَا ضَمِنَ .. جَازَ تَصَرُّفُهُ فِي جَمِيعِ الْمَخْرُوصِ بَيْعًا وَغَيْرَهُ، وَلَوِ ادَّعَى هَلَاكَ الْمَخْرُوصِ بَسَبَبٍ خَفِيٍّ كَسَرِقَةٍ، أَوْ ظَاهِرٍ عُرِفَ .. صُدِّقَ بيَمِينِهِ، فَإِنْ لَمْ يُعْرَفِ الظَّاهِرُ .. طُولبَ بِبينَةٍ عَلَى الصَّحِيحِ، ثُمَّ يُصَدَّقُ بِيَمِينهِ فِي الْهَلَاكِ بِهِ

===

لأن الحقّ ينتقل من العين إلى الذمة، فلا بدّ من رضاهما؛ كالبائع والمشتري، فإن لم يضمنه أو ضمنه فلم يقبله .. بقي حقّ الفقراء كما كان، والمُضمِّن: هو الساعي أو الإمام (1)، (وقيل: ينقطع) حقّ الفقراء (بنفس الخرص) لأن التضمين لم يرد في الحديث.

قال في "الكفاية": واختلفوا في كيفية التضمين، فقال ابن سُرَيج: يقول: (أقرضتك نصيب الفقراء من الرطب بما يجيء منه من التمر)، وقال الشيخ أبو حامد: يقول: (خذه بكذا، وكذا تمرًا)، وقال البغوي: يقول: (ضمنتك إياه بكذا)(2)، وليس هذا التضمين على حقيقة الضمان؛ لأنه لو تلفت الثمار جميعها بآفة سماوية، أو سرقت من الشجر أو الجَرِين قبل الجفاف بلا تفريط .. فلا شيء عليه قطعًا؛ لفوات الإمكان.

(فإذا ضمن .. جاز تصرفه في جميع المخروص بيعًا وغيره) لأنه ملكه، ولا تعلق لأحد فيه.

(ولو ادعى هلاك المخروص بسبب خفي؛ كسرفة، أو ظاهر) كحريق (عرف) دون عمومه أو عرف عمومه، ولكن اتُّهم في هلاك الثمار به ( .. صدق بيمينه) في دعوى التلف بذلك السبب، فإن عرف الظاهر وعمومه، ولم يتهم .. صدق بلا يمين، واليمين هنا مستحبة على الأصحِّ (3).

(فإن لم يعرف الظاهر .. طولب ببينة) على وقوعه (على الصحيح) لسهولة إقامتها، والثاني: لا؛ لأنه أمين، (ثم يُصدَّق بيمينه في الهلاك به) أي: بذلك

(1) بهامش (أ) لحق، وهو:(أو من يقوم مقامه)، وقد صحِّح، ولم يشر إلى مكانه، ولعله بعد كلمة (أو الإمام)، ويمكن أن يكون بعد (ويشترط: التصريح) كما في بعض شروح "المنهاج"؛ مثل: ("ويشترط: التصريح" من الخارص، أو من يقوم مقامه)، والله تعالى أعلم.

(2)

كفاية النبيه (5/ 395).

(3)

بلغ مقابلة وتصحيحًا على نسخة المصنف التي بخطه، أمتع الله بحياته. اهـ هامش (أ).

ص: 503

وَلَوِ ادَّعَى حَيْفَ الْخَارِصِ أَوْ غَلَطَهُ بِمَا يَبْعُدُ .. لَمْ يُقْبَلْ، أَوْ بِمُحْتَمِلٍ .. قُبِلَ فِي الأَصَحِّ.

===

السبب؛ لاحتمال سلامة ماله بخصوصه، فلو اقتصر على دعوى الهلاك من غير تعرّض لسبب .. قال الرافعي: فالمفهوم من كلام أصحابنا: قبوله مع اليمين (1)، وبه جزم المصنف في آخر الوديعة (2).

(ولو ادعى حَيْفَ الخارص) أي: إخباره عمدًا بزيادة على ما عنده، قليلًا كان أو كثيرًا، (أو غَلَطَه بما يبعد) أي: لا يقع عادة، كالثلث أو الربع ( .. لم يُقبل) أما الحَيْفُ .. فقياسًا على دعوى الجَوْر على الحاكم، وأما الغلط بما يبعد .. فللعلم ببطلانه عادةً.

(أو بمحتمل) بفتح الميم ( .. قُبل في الأصح) لما نبه عليه من التعليل، والثاني: لا؛ لعدم تحققه.

ومحل الخلاف: إذا كان المدعى به نقصًا يقع بين الكيلين؛ كالوَسْق في المئة، أما إذا ادعى شيئًا محتمَلًا، وهو فوق ذلك؛ كخمسة أوسق في مئة .. فإنه يقبل جزمًا ويحطّ عنه الزائد، كما قاله الرافعي (3)، ومحله أيضًا: إذا كان المخروص تالفًا؛ فإن كان موجودًا .. أعيد كيله وعمل به.

* * *

(1) شرح الكبير (3/ 85).

(2)

منهاج الطالبين (ص 363).

(3)

الشرح الكبير (3/ 85).

ص: 504