الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَإِنِ اخْتَلَفَ فِعْلُهُمَا؛ كَمَكْتُوبَةٍ وَكُسُوفٍ أَوْ جَنَازَةٍ .. لَمْ يَصِحَّ عَلَى الصَّحِيحِ.
فصلٌ [في متابعة الإمام]
تَجِبُ مُتَابَعَةُ الإِمَامِ فِي أَفْعَالِ الصَّلَاةِ؛ بِأَنْ يَتَأَخَّرَ ابْتِدَاءُ فِعْلِهِ عَنِ ابْتِدَائِهِ، وَيَتَقَدَّمَ عَلَى فَرَاغِهِ مِنْهُ، فَإِنْ قَارَنَهُ .. لَمْ يَضُرَّ إِلَّا تَكْبِيرَةَ الإِحْرَامِ
===
(فإن اختلف فعلُهما؛ كمكتوبة وكسوفٍ أو جنازةٍ .. لم يصح) الاقتداء (على الصحيح) لتعذر المتابعة مع المخالفة في الأفعال، والثاني: يصح؛ لإمكانها في البعض، ويراعي ترتيبَ نفسه ولا يتابعه.
* * *
(فصل: تَجب متابعةُ الإمام في أفعال الصلاةِ؛ بأن يتأخر ابتداءُ فعله عن ابتدائه، ويتقدم على فراغه منه) ففي "الصحيح": "إِنَّمَا جُعِلَ الإمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا كَبَّرَ .. فَكَبِّرُوا، وَإِذَا رَكَعَ .. فَأرْكَعُوا"(1).
واحترز بالأفعال: عن الأقوال؛ كالتشهد والقراءة؛ فإنه يجوز فيهما التقدم والتأخر، وما ذكره من تفسير المتابعة .. يناقضه قوله بعد:(فإن قارنه .. لم يضر)، وجمع بين كلاميه: بأن المراد: تفسيرُ المتابعة الكاملة لا الواجبة، وفيه نظر.
(فإن قارنه .. لم يضر) لأن القدوة منتظمة لا مخالفة فيها.
نعم؛ هي مكروهة ومُفوِّتة لفضيلة الجماعة أيضًا.
(إلّا تكبيرةَ الإحرام) فإنه تضرّ مقارنةُ المأموم الإمامَ فيها، للحديث السالف، بل لا بدّ من تأخر جميعها عن تكبيرة الإمام جميعها، فإن قارنه فيها أو في شيء منها، أو شك في المقارنة، أو ظن أنه تأخر، ثم بان خلافه .. لم تنعقد صلاته، واستثناء التكبير من الأفعال استثناء منقطع؛ فإنه ركن قولي.
وقوله: (قارنه) هو الصواب، بخلاف قول "المحرّر":(ساوقه)(2)؛ لأن المساوقة مجيءُ واحدٍ بعد واحد لا معًا.
(1) أخرجه البخاري (378)، ومسلم (411) عن أنس بن مالك رضي الله عنه.
(2)
المحرر (1/ 209).
وَإِنْ تَخَلَّفَ بِرُكْنٍ؛ بِأَنْ فَرَغَ الإِمَامُ مِنْهُ وَهُوَ فِيمَا قَبْلَهُ .. لَمْ تبطُلْ فِي الأَصَحِّ، أَوْ بِرُكْنَيْنِ؛ بِأَنْ فَرَغَ مِنْهُمَا وَهُوَ فِيمَا قَبْلَهُمَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عُذْر .. بَطَلَتْ. وإِنْ كَانَ بِأَنْ أَسْرَعَ قِرَاءَتَهُ وَرَكَعَ قَبْلَ إِتْمَامِ الْمَأْمُومِ (الْفَاتِحَةَ) .. فَقِيلَ: يَتْبَعُهُ وَتسقُطُ الْبَقِيَّةُ، وَالصَّحِيحُ: يُتِمُّهَا وَيَسْعَى خَلْفَهُ مَا لَمْ يُسْبَقْ بِأَكْئَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَرْكَانٍ مَقْصودَةٍ -وَهِيَ الطَّوِيلَةُ-
===
(وإن تخلّف بركن) بلا عذر، (بأن فرغ الإمام منه وهو فيما قبله .. لم تَبطُل في الأصح) لأنه تخلف يسير، والثاني: تبطل؛ لما فيه من المخالفة، وأفهم قوله: (بأن فرغ
…
) إلى آخره: أنه لو ركع الإمام وأدركه المأموم فيه .. أنه لا يكون مُتخلِّفًا بركن، فلا تبطل الصلاة قطعًا، وهو كذلك، فلو اعتدل الإمامُ والمأمومُ بعدُ في القيام .. لم تبطل على الأصحِّ في "زوائد الروضة"(1).
(أو بركنين؛ بأن فرغ منهما وهو فيما قبلهما) بأن سجد الإمام والمأمومُ بعدُ في القيام، وكذا لو هوى الإمام للسجود على المذهب في "التحقيق"(2).
(فإن لم يكن عذرٌ) كأن تخلف لقراءة السورة ( .. بطلت) طويلًا كان الركن أو قصيرًا؛ لكثرة المخالفة.
(وإن كان) عذر (بأن أسرع) الإمام (قراءتَه وركع قبل إتمام المأموم الفاتحة .. فقيل: يَتبعه وتسقط البقيةُ) فعلى هذا: لو اشتغل بإتمامها .. كان متخلفًا بغير عذر.
(والصحيح: يُتمُّها ويسعى خلفه) على ترتيب نفسه (ما لم يُسبَق بأكثر من ثلاثة أركانٍ مقصودةٍ، وهي الطويلة) لأن ترك الفاتحة إنما اغتفرناه للمأموم في الركعة الأولى؛ لتفاوت الناس في الحضور غالبًا والإحرام، بخلاف الإسراع في القراءة؛ فإن الناس غالبًا لا يختلفون فيه.
واحترز بـ (الطويلة) عن الاعتدال والجلوس بين السجدتين؛ فإنهما قصيران، وكونُ الركن القصير غيرَ مقصود تبع فيه "المحرّر"، وهو قول البغوي، وجزم به الرافعي في "الشرحين"، والمصنف في "الروضة" و"التحقيق" و"شرح المهذب"
(1) روضة الطالبين (1/ 370).
(2)
التحقيق (ص 264).
فإِنْ سُبِقَ بِأَكْثَرَ .. فَقِيلَ: يُفَارِقُهُ، وَالأَصَحُّ: يَتْبَعُهُ فِيمَا هُوَ فِيهِ، ثُمَّ يَتَدَارَكُ بَعْدَ سَلَامِ الإِمَامِ. وَلَوْ لَمْ يُتِمَّ (الْفَاتِحَةَ) لِشُغْلِهِ بِدُعَاءِ الافْتِتَاحِ .. فَمَعْذُورٌ. هَذَا كُلُّهُ فِي الْمُوَافِقِ، فَأمَّا مَسْبُوقٌ رَكَعَ الإِمَامُ فِي فَاتِحَتِهِ .. فالأَصَحُّ: أَنَّهُ إِنْ لَمْ يَشْتَغِلْ بِالافْتِتَاحِ وَالتَّعَوُّذِ .. تَرَكَ قِرَاءَتَهُ وَرَكَعَ، وَهُوَ مُدْرِكٌ لِلرَّكْعَةِ، وَإِلَّا .. لَزِمَهُ قِرَاءَةٌ بِقَدْرِهِ.
===
في الكلام على الاعتدال، وقال السبكي: إنه الحق (1).
لكن في "أصل الروضة" و"شرح المهذب" عن الأكثرين: أن الأركان كلها مقصودة وهو الأصحُّ في "الشرح الصغير" و"التحقيق " هنا (2).
(فإن سُبِقَ بأكثر) من ثلاثة أركان مقصودة ( .. فقيل: يفارقه) لتعذر الموافقة، (والأصح: يَتبعه فيما هو فيه، ثم يتدارك بعد سلام الإمام) كالمسبوق
(ولو لم يُتم الفاتحةَ لشغله بدعاء الافتتاح .. فمعذور) كبطيء القراءة، (هذا كلّه في) المأموم (الموافق) وهو من أحرم مع إمامه.
(فأمّا مسبوقٌ ركع الإمام في فاتحته .. فالأصح: أنه إن لم يشتغل بالافتتاح والتعوذ .. تَرك قراءتَه وركع، وهو مُدرِك للركعة) لأنه لم يدرك إلا ذلك القدرَ، فلا تلزمه زيادة عليه؛ كما إذا لم يدرك شيئًا من القيام.
(وإلّا) أي: وإن اشتغل بهما أو بأحدهما ( .. لزمه قراءةٌ بقدره) لتقصيره بالعدول عن الفريضة إلى غيرها، والثاني: يركع معه مطلقًا؛ للمتابعة، ويسقط عنه ما بقي من (الفاتحة) لحديث:"فَإِذَا رَكَعَ .. فَارْكَعُوا"(3)، قال الأَذْرَعي: ورجحه جماعة، وهو المختار، ولم يذكر المعظمُ غيرَه وما بعده، والثالث: يتم الفاتحة
(1) المحرر (ص 58)، التهذيب (2/ 272)، الشرح الكبير (1/ 512)، روضة الطالبين (1/ 251)، ولم أجده في "التحقيق"، و"شرح المهذب" في (الاعتدال) قد تكلم على أن الركن القصير غير مقصود، وعبارةُ الإمام الدميري في "النجم الوهاج"(2/ 394 - 395) أدق، وهي (وعبارة المصنف تقتضي: أن القصير غيرُ مقصود، وبه جزم في "الروضة" و"الشرحين"، ووقع في "التحقيق" و"الشرح الصغير ": أنها مقصودة، وفي "أصل الروضة " هنا، وفي "شرح المهذبـ ": أن الأكثرين قالوا به)، والملاحظ: أن الأمام الدميري عندما تكلم على أن الركن القصير غير مقصود نقله عن " الروضة " فقط من كتب الامام النووي رحمه الله تعالى، وهو كذلك.
(2)
روضة الطالبين (1/ 370)، المجموع (4/ 204)، التحقيق (ص 264).
(3)
أخرجه البخاري (722)، ومسلم (415) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
وَلَا يَشْتَغِلُ الْمَسْبُوقُ بسُنَّةٍ بَعْدَ التَّحَرُّمِ، بَلْ بِـ (الْفَاتِحَةِ) إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ إِدْرَاكَهَا. وَلَوْ عَلِمَ الْمَأْمُومُ فِي رُكُوعِهِ أَنَّهُ تَرَكَ (الْفَاتِحَةَ) أَوْ شَكَّ .. لَمْ يَعُدْ إِلَيْهَا، بَلْ يُصَلِّي رَكْعَةً بَعْدَ سَلَامِ الإِمَامِ. فَلَوْ عَلِمَ أَوْ شَكَّ وَقَدْ رَكَعَ الإِمَامُ وَلَمْ يَرْكَعْ هُوَ .. قَرَأَهَا وَهُوَ مُتَخَلِّفٌ بعُذْرٍ، وَقِيلَ: يَرْكَعُ وَيَتَدَارَكُ بَعْدَ سَلَامِ الإِمَامِ. وَلَوْ سَبَقَ إِمَامَهُ بِالتَّحَرُّمِ .. لَمْ تنعَقِدْ، أوْ بِـ (الْفَاتِحَةِ) أَوِ التّشهُّدِ .. لَمْ يَضُرَّهُ وَيُجْزِئُهُ، وَقِيلَ: تَجِبُ إِعَادَتُهُ. وَلَوْ تَقَدَّمَ بِفِعْلٍ - كَرُكُوعٍ وَسُجُودٍ - إِنْ كَانَ بِرُكْنَيْنِ .. بَطَلَتْ،
===
مطلقًا؛ لأنه أدرك القيام الذي هو محلها فلزمته.
فإن قلنا: عليه إتمام الفاتحة، فتخلف ليقرأ .. كان تخلُّفًا بعذر، فإن لى يتمها وركع مع الإمام .. بطلت صلاته، وإن قلنا: يركع فاشتغل بإتمامها .. كان متخلفًا بلا عذر، فإن سبقه الإمام بالركوع وقرأ هذا المسبوق الفاتحة، ثم لحقه في الاعتدال .. لم يكن مدركًا للركعة، والأصحُّ: أنه لا تبطل صلاته إذا قلنا: التخلف بركن لا يبطل؛ كما في غير المسبوق، والثاني: تبطل؛ لأنه ترك متابعة الإمام فيما فاتته به ركعة، فكان كالتخلف بركعة.
(ولا يشتغل المسبوق بسنةٍ بعد التحرُّم، بل بالفاتحة) ويخففها؛ حذرًا من فواتها (إلّا أن يَعلم إدراكها) أي: يظن ذلك؛ لعادة الإمام، فيأتي بالمسنون؛ ليحوز فضله.
(ولو علم المأمومُ في ركوعه أنه ترك الفاتحةَ أو شك .. لم يَعُدْ إليها) لفوات محلّ القراءة (بل يصلي ركعةً بعد سلام الإمام) تداركًا؛ كالمسبوق.
(فلو علم) تركها (أو شك) فيه (وقد ركع الإمام ولم يركع هو .. قرأها) لبقاء محلها (وهو متخلف بعذر) فيأتي فيه ما مرّ، (وقيل: يَركع ويَتدارك بعد سلام الإمام) ما فاته؛ لأجل المتابعة.
(ولو سبق إمامَه بالتحرم .. لم تنعقد) لتلاعبه، وهذا يُفهَم من منع المقارنة، (أو بالفاتحة أو التشهد .. لم يضره ويجزئه) لأنه لا تظهر به المخالفة، (وقيل: تجب إعادتُه) لأن فعلَه مترتبٌ على فعل الإمام، فلا يعتد بما يأتي به قبله، وسواء أعاده مع قراءة الإمام أو بعدها، وهو الأولى إن تمكن.
(ولو تقدم بفعل؛ كركوع وسجود إن كان بركنين .. بطلت) إذا كان عامدًا عالمًا