المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل [في أركان الصوم] - بداية المحتاج في شرح المنهاج - جـ ١

[بدر الدين ابن قاضي شهبة]

فهرس الكتاب

- ‌الإهداء

- ‌كلمة الشكر

- ‌اسمه ونسبه

- ‌مولده ونشأته

- ‌طلبه للعلم

- ‌شيوخه

- ‌تصدره للتدريس

- ‌ذكر بعض المدارس في عصره

- ‌تلامذته

- ‌وصفه وملبسه

- ‌بعض مناقبه

- ‌ثناء العلماء عليه

- ‌مؤلفاته

- ‌وفاته

- ‌رثاؤه

- ‌اسمه ونسبه وشهرته ومذهبه

- ‌ولادته ونشأته

- ‌طلبه للعلم والرحلة في ذلك

- ‌شيوخه

- ‌تلامذته

- ‌مؤلفاته

- ‌مكانته العلمية وثناء العلماء عليه

- ‌وفاته

- ‌ملامح عن منهج الإمام ابن قاضي شهبة في الكتاب

- ‌المكتبة السليمانية، وقصَّة المحقِّق مع الكتاب

- ‌وصف النُّسَخ الخطيَّة

- ‌منهج العمل في الكتاب

- ‌[خُطْبَة الشَّرح]

- ‌[خُطْبَة المَتن]

- ‌كتابُ الطّهارة

- ‌بابُ أسباب الحَدَث

- ‌فَصْلٌ [في آداب الخلاء]

- ‌بابُ الوضوء

- ‌بابُ مسح الخُفِّ

- ‌بابُ الغَسْل

- ‌بابُ النَّجاسة

- ‌بابُ التَّيَمُّم

- ‌فصل [في شروط التيمم وكيفيته]

- ‌بابُ الحَيْض

- ‌فصل [فيما تراه المرأة من الدماء]

- ‌كتابُ الصَّلاة

- ‌فصل [فيمن تجب عليه الصلاة]

- ‌فصل [في بيان الأذان والإقامة]

- ‌فصل [في بيان القبلة وما يتبعها]

- ‌بابُ صفة الصّلاة

- ‌بابٌ [شروط الصلاة]

- ‌فَصْلٌ [في ذكر بعض مبطلات الصلاة]

- ‌بابٌ [سجودُ السَّهْو]

- ‌بابٌ في سجود التّلاوة والشّكر

- ‌بابٌ [في صلاة النّفل]

- ‌كتاب صلاة الجماعة

- ‌فصلٌ [في صفات الأئمة]

- ‌فصلٌ [في بعض شروط القدوة ومكروهاتها وكثير من آدابها]

- ‌فصلٌ [في بعض شروط القدوة أيضًا]

- ‌فصلٌ [في متابعة الإمام]

- ‌فَصْلٌ [في زوال القدوة وإيجادها]

- ‌باب صلاة المسافر

- ‌فَصْلٌ [في شروط القصر وتوابعها]

- ‌فَصْلٌ [في الجمع ببن الصلاتين]

- ‌بابٌ صلاة الجمعة

- ‌فَصْلٌ [في الأغسال المستحبة في الجمعة وغيرها]

- ‌فَصْلٌ [في بيان ما يحصل به إدراك الجمعة]

- ‌بابُ صلاة الخوف

- ‌فصلٌ [فيما يجوز لبسه وما لا يجوز]

- ‌بابُ صلاة العيدين

- ‌فصلٌ [في التكبير المرسل والمقيد]

- ‌باب صلاة الكسوفين

- ‌باب صلاة الاستسقاء

- ‌بابٌ [في حكم تارك الصلاة]

- ‌كتاب الجنائِز

- ‌فصل [في تكفين الميت]

- ‌فصلٌ [في الصلاة على الميت]

- ‌فرعٌ [في بيان الأولى بالصلاة]

- ‌فصلٌ [في دفن الميت]

- ‌كتاب الزكاة

- ‌باب زكاة الحيوان

- ‌فصلٌ [في بيان كيفية الإخراج]

- ‌باب زكاة النبات

- ‌باب زكاة النّقد

- ‌بابُ زكاة المعدن والرِّكاز والتجارة

- ‌فصْلٌ [في أحكام زكاة التجارة]

- ‌بابُ زكاة الفِطر

- ‌باب من تلزمه الزكاة، وما تجب فيه

- ‌فَصْلٌ [في أداء الزكاة]

- ‌فصلٌ [في تعجيل الزكاة]

- ‌كتابُ الصِّيام

- ‌فَصْلٌ [في أركان الصوم]

- ‌فَصْلٌ [في شرط الصوم]

- ‌فصْلٌ [شرط صحة الصوم من حيث الفاعل والوقت]

- ‌فَصْلٌ [في شروط وجوب صوم رمضان]

- ‌فَصْلٌ [في فدية الصوم الواجب]

- ‌فَصْلٌ [في موجب كفارة الصوم]

- ‌باب صوم التَّطوُّع

- ‌كتابُ الاعتكاف

- ‌فَصْلٌ [في حكم الاعتكاف المنذور]

- ‌(كتاب الحج)

- ‌بابُ المواقيت

- ‌بابُ الإحرام

- ‌فَصْلٌ [في ركن الإحرام]

- ‌بابُ دخول مكة

- ‌فصلٌ [فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن]

- ‌فصلٌ [فيما يختم به الطواف]

- ‌فصلٌ [في الوقوف بعرفة]

- ‌فصلٌ [في المبيت بالمزدلفة والدفع منها]

- ‌فصلٌ [في المبيت بمنى ليالي التشريق]

- ‌فصلٌ [في بيان أركان الحج والعمرة]

- ‌بابُ محرَّمات الإحرام

- ‌باب الإحصار والفوات

الفصل: ‌فصل [في أركان الصوم]

‌فَصْلٌ [في أركان الصوم]

النِّيَّةُ شَرْطٌ لِلصَّوْمِ، وَيُشْتَرَطُ لِفَرْضِهِ التَّبْيِيتُ.

===

(فصل: النية شرط للصوم) لما سبق في الوضوء، ومحلها: القلب، والمراد بالشرط هنا: ما لا بدّ منه، لا المعني المصطلح عليه؛ لأن النية هنا ركن داخل في الماهية؛ كما صرح به الرافعي، وعبارة "المحرر":(ولا بدّ من النية في الصوم)(1).

وكلام المصنف قد يوهم أنه لو تسحّر ليقوي علي الصوم .. لم يكن ذلك نية، وبه صرح أبو المكارم في "العدة"، وعن أبي العباس الروياني: أنه لو تسحَّر للصوم، أو شرب لدفع العطش نهارًا، أو امتنع من الأكل والشرب؛ مخافةَ الفجر .. كان ذلك نيةً للصوم، قال الشيخان: وهذا هو الحقّ إن خطر بباله الصوم بالصفات التي يشترط التعرض لها؛ لأنه إذا تسحَّر ليصوم صومَ كذا .. فقد قصده (2).

(ويشترط لفرضه التبييت) لحديث: "مَنْ لَمْ يُجْمِعِ الصِّيَامَ قَبْلَ الْفَجْرِ .. فَلَا صِيَامَ لَهُ" صححه الدارقطني والخطابي والبيهقي (3)، وفي لفظ:"مَنْ لَمْ يُبَيِّت" رواه الدارقطني، وقال: رجاله كلّهم ثقات (4).

والمراد بقوله: "لَا صِيَامَ": نفي الصحة؛ لأنه الحقيقة، لا نفي الكمال.

ولا بدّ من التبييت لكلّ يوم، وقد يفهم هذا من قوله بعد:(صوم غد)، وكلام المصنف قد يخرج الصبي المميز، فإنه لا فرض عليه، والذي في "شرح المهذب" تبعًا للروياني وغيره أنه كالبالغ في ذلك (5).

(1) الشرح الكبير (3/ 183)، المحرر (ص 109).

(2)

الشرح الكبير (3/ 184)، روضة الطالبين (2/ 351).

(3)

سنن الدارقطني (2/ 172)، معالم السنن (2/ 134)، سنن البيهقي (4/ 202)، وأخرجه أبو داوود (2454)، والترمذي (730)، والنسائي (4/ 196)، وابن ماجه (1700) عن حفصة بنت عمر رضي الله عنهما.

(4)

سنن الدارقطني (2/ 172) عن عائشة رضي الله عنها، وأخرجه النسائي (4/ 196)، والدارمي (1740) عن حفصة بنت عمر رضي الله عنهما.

(5)

المجموع (6/ 295).

ص: 556

وَالصَّحِيحُ: أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ النِّصْفُ الآخِرُ مِنَ اللَّيْلِ، وَأَنَّهُ لَا يَضُرُّ الأَكْلُ وَالْجِمَاعُ بَعْدَهَا، وَأَنَّهُ لَا يَجِبُ التَّجْدِيدُ إِذَا نَامَ ثُمَّ تَنَبَّهَ. وَيَصِحُّ النَّفْلُ بِنِيَّةٍ قَبْلَ الزَّوَالِ، وَكَذَا بَعْدَهُ فِي قَوْلٍ،

===

(والصحيح: أنه لا يشترط النصف الأخير من الليل) لإطلاق التبييت في الحديث، ولما فيه من المشقة، والثاني: يشترط؛ لأن الأصل وجوبُ اقتران النية بأول العبادة؛ وهو طلوع الفجر، فلما سقط ذلك .. أوجبنا النصف الأخير؛ كما في أذان الصبح، وغسل العيد.

(وأنه لا يضرّ الأكل والجماع بعدها) وكذا غيرهما من المنافيات؛ لأن الله تعالي أحلَّ الأكل إلي طلوع الفجر، ولو كان يبطل النية .. لما جاز أن يأكل إليه؛ لأنه يبطل النية، ومقابله غلط بالاتفاق؛ كما قاله في "شرح المهذب"(1).

(وأنه لا يجب التجديد إذا نام ثم تنبَّه) ليلًا؛ لما سبق، بل أولى؛ لعدم منافاة النوم الصوم، والثاني: يجب؛ تقريبًا للنية من العبادة بقدر الوسع، أما إذا استمرّ النوم إلي الفجر .. لم يضرّ قطعًا.

(ويصحّ النفل بنية قبل الزوال) لأنه عليه السلام دخل على عائشة رضي الله عنها يومًا، فقال:"هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ غَدَاءٍ" قالت: لا، قال:"فَإِنِّي إِذَنْ أَصُومُ"، رواه الدارقطني، وقال: إسناده صحيح (2).

والغداء: اسم لما يؤكل قبل الزوال، والذي يؤكل بعده يسمى: عَشاء.

ويستثنى: صوم الصبي رمضان، فإنه نفل، ولا بدّ فيه من التبييت؛ كما مرّ.

(وكذا بعده في قولٍ) إن لم تتصل آخر نيته بالغروب؛ تسويةً بين أجزاء النهار؛ كما في النية ليلًا، أما إذا اتصلت نيته بالغروب .. فلا يصح قطعًا، قاله البَنْدَنيجي، والصحيح: عدم الصحة؛ لخلوّ معظم العبادة عن النية، بخلاف ما قبل الزوال، وللمعظم تأثير إدراكًا وفواتًا؛ كما في إدراك المسبوق الركعة.

(1) المجموع (6/ 295).

(2)

سنن الدارقطني (2/ 176)، وأخرجه البيهقي (4/ 204).

ص: 557

وَالصَّحِيحُ: اشْتِرَاطُ حُصُولِ شَرْطِ الصَّوْمِ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ. وَيَجِبُ التَّعْيِينُ فِي الْفَرْضِ،

===

وإذا نوى في أثناء النهار وجوزناه .. انعطفت النية علي ما مضي، وكان صائمًا من أول النهار علي الصحيح.

(والصحيح: اشتراط حصول شرط الصوم من أول النهار) أي: الخلوّ عن أكل، وجماع، واستقاءة، وحيض، وجنون، وكفر، وإلا .. لم يحصل مقصود الصوم، وهو خلوّ النفس عن الموانع في اليوم بكماله، والثاني: أنه لا يشترط ذلك؛ لأن الصوم إذا كان محسوبًا من وقت النية .. كان بمثابة جزء من الليل.

ومحل الخلاف: إذا قلنا: إنه صائم من وقت النية، أما إذا قلنا بالأصح: أنه صائم من أول النهار .. فلا بدّ من اجتماع شرائط الصوم من أول النهار جزمًا.

(ويجب التعيين في الفرض) بأن ينوي كلَّ ليلة أنه صائم غدًا عن رمضان، أو عن نذر، أو كفارة؛ لأنه عبادةٌ مضافةٌ إلي وقت؛ فوجب التعيين في نيتها؛ كالصلوات الخمس.

وخرج بـ (الفرض): النفل؛ فإنه يصحّ بنية مطلقة؛ كما أطلقه الأصحاب، واستثني ابن أبي الدم: صوم الصبي، فلا بدّ فيه من التعيين؛ كالتبييت.

قال في "شرح المهذب": وينبغي: اشتراط التعيين في الصوم الراتب؛ كعرفة، وعاشوراء، وأيام البيض، وستة من شوال؛ كرواتب الصلاة (1)، والحق الإسنوي بذلك ما له سبب؛ كصوم الاستسقاء إذا لم يأمر به الإمامُ؛ كما في نظيره من الصلاة أيضًا.

ويستثنى من إطلاق المصنف: ما لو تيقن أن عليه صوم يوم وشك في كونه قضاءً، أو نذرًا، أو كفارةً .. ينوي الصوم الواجب، ويجزئه، واغتفر التردّد، حكاه في "شرح المهذب" عن رواية صاحب "البيان" عن الصَّيْمَري، وأقره (2).

(1) المجموع (6/ 300).

(2)

المجموع (6/ 304).

ص: 558

وَكَمَالُهُ فِي رَمَضَانَ: أَنْ يَنْوِيَ صَوْمَ غَدٍ عَنْ أَدَاءِ فَرْضِ رَمَضَانِ هَذِهِ السَّنَةِ للهِ تَعَالَي. وَفِي الأَدَاءِ وَالْفَرْضِيَّةِ وَالإِضَافَةِ إِلَي اللهِ تَعَالَي الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ فِي الصَّلَاةِ. وَالصَّحِيحُ: أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ السَّنَةِ. وَلَوْ نَوَى لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ مِنْ شَعْبَانَ صَوْمَ غَدٍ عَنْ رَمَضَانَ إِنْ كَانَ مِنْهُ، فَكَانَ مِنْهُ

===

(وكماله) أي: كمال التعيين؛ كما قاله في "المحرر"(1)(في رمضان: أن ينوي صوم غدٍ عن أداء فرض رمضان هذه السنة لله تعالي) لأنه إذا نوى كذلك .. صحت نيته بالاتفاق، والتعرض للغد قد يكون بخصوصه، وقد يكون بإدخاله في عموم؛ فإنه لو نوى في أول ليلة من رمضان صوم رمضان .. صحت لليوم الأول على الأصحِّ.

واحترز بـ (الأداء): عن القضاء، وبـ (الفرض): عن النفل، وبـ (رمضان): عن النذر والكفارة، وبـ (هذه السنة): عن سنة أخري إلا أن فرض غيرها لا يكون إلا قضاء، وقد خرج بقيد الأداء، وبقيد الغد.

(وفي الأداء والفرضية والإضافة إلي الله تعالي الخلافُ المذكور في الصلاة) كذا ذكره الرافعي في كتبه، والمصنف في "الروضة"، وظاهره: أن يكون الأصحُّ: اشتراط الفرضية، دون الأداء والإضافة (2)، لكن صحح في "شرح المهذب": عدم اشتراط الفرضية، وحكاه عن تصحيح الأكثرين (3).

وفرِّق بين البابين: بأن صوم البالغ رمضانَ لا يكون إلا فرضًا، وصلاة الظهر قد تكون نفلًا في حقّ من صلاها ثانيًا، قال في "المهمات": والفتوي علي ما في "شرح المهذب"(4).

(والصحيح: أنه لا يشترط تعيين السنة) لأن تعيين اليوم وهو الغد يغني عنه، والثاني: يشترط؛ ليمتاز عما يأتي به في سنة أخري.

(ولو نوى ليلةَ الثلاثين من شعبان صومَ غدٍ عن رمضان إنْ كان منه، فكان منه ..

(1) المحرر (ص 109). بلغ مقابلة علي خط مؤلفه عفا الله عنه. اهـ هامش (أ).

(2)

الشرح الكبير (3/ 183)، روضة الطالبين (2/ 350).

(3)

المجموع (6/ 307).

(4)

المهمات (4/ 54).

ص: 559

لَمْ يَقِعْ عَنْهُ إِلَّا إِذَا اعْتَقَدَ كَوْنَهُ مِنْهُ بِقَوْلِ مَنْ يَثِقُ بِهِ؛ مِنْ عَبْدٍ أَوِ امْرَأَةٍ أَوْ صِبْيَانٍ رُشَدَاءَ. وَلَوْ نوَى لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ مِنْ رَمَضَانَ صَوْمَ غَدٍ إِنْ كَانَ مِنْ رَمَضَانَ .. أَجْزَأَهُ إِنْ كَانَ مِنْهُ ..

===

لم يقع عنه) وكذا إن يقل، ولم ينو إن كان منه؛ لأن النية ليست جازمة.

(إلا إذا اعتقد) أي: ظنّ (كونه منه بقول من يثق به؛ من عبد أو امرأة أو صبيان رشداء) لأن غلبة الظنّ هنا كاليقين؛ كما في أوقات الصلاة.

وقضية كلامه؛ كـ "الشرحين" و"الروضة": أن الصبي الواحد لا يجوز اعتماده، بل لا بدّ من جمع منهم، لكن في موضعين من "شرح المهذب" أنه يكفي الاعتماد عليه، قال في "المهمات": والفتوي على المنع؛ ففي "البحر" ما حاصله: أن الجمهور عليه (1).

وليس المراد بالرشد هنا المرادَ به في قوله: (شرط العاقد: الرشد)، بل المراد: ألَّا يُجرَّب عليه الكذب، قال في "المهمات": ولا يبعد [اعتبار] اجتناب النواهي خصوصًا الكبائر، والظاهر: أن الرشد قيد في الصبيان، ويحتمل عوده إلي الباقي (2).

وقد استشكل ما ذكروه هنا من صحة الصوم اعتمادًا علي قول من ذكر، مع تفسيرهم يوم الشك باليوم الذي يتحدث برؤيته فيه مَنْ لا يعتمد قوله؛ من عبيد وصبيان ونساء وفسقة، فإن مقتضاه: تحريم صومه.

وجمع بينهما: بأن الكلام هنا فيما إذا تبين كونه من رمضان، وهناك فيما إذا لم يتبين شيء، فليس الاعتماد علي هؤلاء في الصوم، بل في النية فقط؛ فإذا نوي اعتمادًا علي قولهم، ثم تبَّين ليلًا كونُ غدٍ من رمضان .. لا يحتاج إلي تجديد نية أخرى، ألا تراهم لم يذكروا هذا فيما يثبت به الشهر، وإنما ذكروه فيما يعتمد عليه في النية.

(ولو نوى ليلة الثلاثين من رمضان صومَ غد إن كان من رمضان .. أجزأه إن كان منه) لأن الأصل: بقاؤه.

(1) الشرح الكبير (3/ 188)، روضة الطالبين (2/ 353)، المجموع (6/ 301)، المهمات (4/ 61).

(2)

المهمات (4/ 62).

ص: 560

وَلَوِ اشْتَبَهَ .. صَامَ شَهْرًا بِالاجْتِهَادِ، فَإِنْ وَافَقَ مَا بَعْدَ رَمَضَانَ .. أَجْزَأَهُ، وَهُوَ قَضَاءٌ عَلَى الأَصَحِّ، فَلَوْ نَقَصَ وَكَانَ رَمَضَانُ تَامًّا .. لَزِمَهُ يَوْمٌ آخَرُ، وَلَوْ غَلِطَ بِالتَّقْدِيمِ وَأَدْرَكَ رَمَضَانَ .. لَزِمَهُ صَوْمُهُ، وَإِلَّا .. فَالْجَدِيدُ: وُجُوبُ الْقَضَاءِ. وَلَوْ نَوَتِ الْحَائِضُ صَوْمَ غَدٍ قَبْلَ انْقِطَاعِ دَمِهَا، ثُمَّ انْقَطَعَ لَيْلًا .. صَحَّ إِنْ تَمَّ فِي اللَّيْلِ أَكْثَرُ الْحَيْضِ، وَكَذَا قَدْرُ الْعَادَةِ فِي الأَصَحِّ

===

(ولو اشتبه) رمضان علي أسير، أو محبوس، أو نحوهما ( .. صام شهرًا بالاجتهاد) كما يجتهد للصلاة في القبلة والوقت.

(فإن وافق ما بعد رمضان .. أجزأه) قطعًا، وغايته: أنه أوقع القضاء بنية الأداء (وهو قضاء على الأصح) لوقوعه بعد الوقت، والثاني: أنه أداء؛ لأن العذر قد يَجعل غيرَ الوقت وقتًا؛ ، كما في الجمع بين الصلاتين.

وفائدة الخلاف: ذكرها المصنف بقوله: (فلو نقص) الشهر الذي صامه بالاجتهاد (وكان رمضان تامًّا .. لزمه يوم آخر) بناء على أنه قضاء، وعلى مقابله: لا يلزمه شيء، ولو انعكس الحال؛ فإن قلنا: إنه قضاء .. فله إفطارُ اليوم الأخير إذا عرف الحال، وإن قلنا: أداء .. فلا.

(ولو غَلِط بالتقديم وأدرك رمضان .. لزمه صومه) لتمكنه منه في وقته.

(وإلا) أي: وإن لم يدرك رمضان ( .. فالجديد: وجوب القضاء) لأنه أتى بالعبادة قبل الوقت فلا تجزئه؛ كما في الصلاة، والقديم: المنع؛ كالحجيج إذا وقفوا العاشرَ غلطًا.

وبناهما جماعةٌ على ما إذا وافق ما بعده هل يكون قضاء أو أداء؟ إن قلنا: قضاء .. لم يجزه هنا؛ لأن القضاء لا يسبق الأداء، وإن قلنا: أداء .. أجزأه.

ولو أدرك بعضَ رمضان .. لزمه صوم ما أدرك منه قطعًا، وفي قضاء ما مضى القولان.

(ولو نوت الحائض صومَ غد قبل انقطاع دمها، ثم انقطع ليلًا .. صحّ إن تمَّ في الليل أكثر الحيض) لأنها جازمة بأنَّ غدها كلَّه طهر.

(وكذا قدر العادة في الأصح) لأن الظاهر استمرارُ عادتها؛ فقد بنت نيتها على

ص: 561