الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بابُ دخول مكة
الأَفْضَلُ: دُخُولُهَا قَبْلَ الْوُقُوفِ، وَأَنْ يَغْتَسِلَ دَاخِلُهَا مِنْ طَرِيقِ الْمَدِينَةِ بِذِي طَوىً، وَيَدْخُلَهَا مِنْ ثَنِيَّةِ كَدَاءٍ،
===
(باب دخول مكة) زادها الله شرفًا
مكة أفضل الأرض عندنا خلافًا لمالك في تفضيل المدينة.
ومحل الخلاف: في غير موضع قبر النبي صلى الله عليه وسلم، أما هو .. فهو أفضلُ الأرض بالإجماع؛ كما نقله القاضي عياض (1)، وبيت خديجة الذي بمكة أفضل موضع منها بعد المسجد الحرام، قاله المحب الطبري (2).
(الأفضل: دخولها قبل الوقوف) للاتباع (3)، ومحله: ما لم يخش فوتَ الوقوف.
(وأن يغتسل داخلُها من طريق المدينة بذي طَوىً) للاتباع، متفق عليه (4)، والداخل من غير طريق المدينة يغتسل من نحو مسافته.
وطوى: مثلث الطاء، والفتح أجود، وسمي بذلك: لاشتماله على بئر مطوية بالحجارة؛ يعني: مبنية بها، والطّيُّ: البناء.
(ويدخلها من ثنية كَداء) بفتح الكاف والمد، وإذا خرج .. خرج من ثنية كُدىً بالضم والقصر؛ للاتباع (5).
وقضيته: اختصاصُ استحباب الدخول منها بالداخل من طريق المدينة، وهو ما جزم به في "المحرر"، ونقله في "الشرح الكبير" عن الأصحاب، قالوا: وإنما
(1) إكمال المعلم (4/ 511).
(2)
القِرى لقاصد أم القُرى (ص 664).
(3)
أخرجه البخاري (1642)، ومسلم (1235) عن عائشة رضي الله عنها.
(4)
صحيح البخاري (1573)، صحيح مسلم (1259) عن ابن عمر رضي الله عنهما.
(5)
أخرجه البخاري (1578)، ومسلم (1258) عن عائشة رضي الله عنها
وَيَقُولَ إِذَا أَبْصَرَ الْبَيْتَ: (اللَّهُمَّ؛ زِدْ هَذَا الْبَيْتَ تَشْرِيفًا وَتَعْظِيمًا وَتَكْرِيمًا وَمَهَابَةً، وَزِدْ مَنْ شَرَّفَهُ وَعَظَّمَهُ مِمَّنْ حَجَّهُ أَوِ اعْتَمَرَهُ تَشْرِيفًا وَتَكْرِيمًا وَتَعْظِيمًا وَبِرًّا، اللَّهُمَّ؛ أَنْتَ السَّلَامُ وَمِنْكَ السَّلَامُ، فَحَيِّنَا رَبَّنَا بِالسَّلَامِ). ثُمَّ يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ مِنْ بَابِ بَنِي شَيْبَةَ
===
دخلها عليه السلام منها؛ لكونها في طريقه، لكن صحح المصنف في "زيادة الروضة"، و"شرح المهذب" استحبابَ ذلك لكلّ أحد، ومنع كون الثنية على طريقه (1)، قال السبكي: وهو الحق.
(ويقول إذا أبصر البيتَ: "اللهم؛ زِدْ هذا البيتَ تشريفًا وتعظيمًا وتكريمًا ومهابة (2)، وزد من شرَّفه وعظَّمه ممن حجَّه أو اعتمره تشريفًا وتكريمًا وتعظيمًا وبرًّا) هكذا رواه الشافعي عن ابن جريج عن النبي صلى الله عليه وسلم، لكن إسناده مرسل ومعضل؛ كما قاله في "شرح المهذب"(3).
(اللهم؛ أنت السلام ومنك السلام، فحيِّنا ربنا بالسلام) رواه البيهقي عن عمر بإسناد ليس بقوي؛ كما قاله في "شرح المهذب" أيضًا) (4).
وقضية تعبيره تبعًا للشافعي والأصحاب: أن هذا الدعاء لا يستحب للأعمى، ولا لمن دخل في ظلمة، لكن عبارة "الحاوي الصغير" تفهم استحبابَه؛ فإنه قال: ودعا للقاء البيت (5)، ولا نَقْل في المسألة.
ويستحب: رفع اليدين عند رؤية البيت دون التكبير، وقيل: يستحب أيضًا.
(ثم يدخل المسجدَ من باب بني شيبة) لأنه عليه السلام دخل منه في عمرة القضاء، رواه البيهقي بإسناد صحيح عن ابن عباس؛ كما قاله في "شرح المهذب"(6)، والمعنى فيه: أنَّ باب الكعبة في جهة ذلك الباب، والبيوت تؤتى من أبوابها، ولأن جهة باب الكعبة أشرفُ الجهات الأربع؛ كما قاله ابن عبد السلام في
(1) المحرر (ص 125)، الشرح الكبير (3/ 385)، روضة الطالبين (3/ 75)، المجموع (8/ 6).
(2)
في (د): (تشريفًا وتكريمًا وتعظيمًا).
(3)
الأم (3/ 422)، المجموع (8/ 9).
(4)
سنن البيهقي (5/ 73)، المجموع (8/ 9).
(5)
الحاوي الصغير (ص 245).
(6)
سنن البيهقي (5/ 72)، المجموع (8/ 11).
وَيَبْدَأُ بِطَوَافِ الْقُدُومِ. وَيَخْتَصُّ طَوَافُ الْقُدُومِ بِحَاجٍّ دَخَلَ مَكَّةَ قَبْلَ الْوُقُوفِ،
===
"القواعد"(1)، فكان الدخول من الباب الذي تشُاهَد منه تلك الجهةُ أولى.
(ويبدأ بطواف القدوم) للاتباع، متفق عليه (2)، والمعنى فيه: أن الطواف تحية البيت لا المسجد.
ويستثنى: ما لو خاف فوت مكتوبة أو سنة مؤكدة، أو وجد جماعةً قائمة، وكذا لو تذكر فائتةً مكتوبةً .. فإنه يبدأ بذلك، ويقدم على الطواف؛ كما ذكره في "شرح المهذب" عن الأصحاب (3).
والمرأة الجميلة أو الشريفة التي لا تبرز للرجال إذا قدمت نهارًا .. فإنها تؤخره إلى الليل، والخنثى كالأنثى.
ويستثنى أيضًا: ما إذا كان له عذر؛ فيبدأ بإزالته قبل الطواف، حكاه في "الكفاية" عن الماوردي، وفي "الأم": أنه لو دخل وقد مُنع الناس من الطواف .. صلى تحيةَ المسجد (4).
(ويختص طواف القدوم بحاجّ دخل مكة قبل الوقوف) لأن الحاجّ بعد الوقوف، والمعتمرَ قد دخل وقت طوافهما المفروض وخوطبا به؛ فلا يصحّ قبل أدائه أن يتطوعا بطواف؛ قياسًا على أصل الحجّ والعمرة.
وقضيته: أن غير المحرم إذا دخل مكة .. لا يُشرع له طواف قدوم، والذي في "الروضة" و"أصلها": أنه يأتي به كلّ من دخلها، سواء أكان تاجرًا أم حاجًّا أم غيرهما (5).
قال المنكت: وتعبير المصنف مقلوب، وصوابه:(ويختص حاجّ دخل مكة به)، فإن (الباء) تدخل على المقصود (6).
(1) القواعد الكبرى (2/ 287).
(2)
صحيح البخاري (1615)، صحيح مسلم (1235) عن عائشة رضي الله عنها.
(3)
المجموع (8/ 12).
(4)
كفاية النبيه (7/ 356)، الأم (3/ 425).
(5)
الشرح الكبير (3/ 387)، روضة الطالبين (3/ 76).
(6)
السراج (2/ 273).