المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل [في بيان كيفية الإخراج] - بداية المحتاج في شرح المنهاج - جـ ١

[بدر الدين ابن قاضي شهبة]

فهرس الكتاب

- ‌الإهداء

- ‌كلمة الشكر

- ‌اسمه ونسبه

- ‌مولده ونشأته

- ‌طلبه للعلم

- ‌شيوخه

- ‌تصدره للتدريس

- ‌ذكر بعض المدارس في عصره

- ‌تلامذته

- ‌وصفه وملبسه

- ‌بعض مناقبه

- ‌ثناء العلماء عليه

- ‌مؤلفاته

- ‌وفاته

- ‌رثاؤه

- ‌اسمه ونسبه وشهرته ومذهبه

- ‌ولادته ونشأته

- ‌طلبه للعلم والرحلة في ذلك

- ‌شيوخه

- ‌تلامذته

- ‌مؤلفاته

- ‌مكانته العلمية وثناء العلماء عليه

- ‌وفاته

- ‌ملامح عن منهج الإمام ابن قاضي شهبة في الكتاب

- ‌المكتبة السليمانية، وقصَّة المحقِّق مع الكتاب

- ‌وصف النُّسَخ الخطيَّة

- ‌منهج العمل في الكتاب

- ‌[خُطْبَة الشَّرح]

- ‌[خُطْبَة المَتن]

- ‌كتابُ الطّهارة

- ‌بابُ أسباب الحَدَث

- ‌فَصْلٌ [في آداب الخلاء]

- ‌بابُ الوضوء

- ‌بابُ مسح الخُفِّ

- ‌بابُ الغَسْل

- ‌بابُ النَّجاسة

- ‌بابُ التَّيَمُّم

- ‌فصل [في شروط التيمم وكيفيته]

- ‌بابُ الحَيْض

- ‌فصل [فيما تراه المرأة من الدماء]

- ‌كتابُ الصَّلاة

- ‌فصل [فيمن تجب عليه الصلاة]

- ‌فصل [في بيان الأذان والإقامة]

- ‌فصل [في بيان القبلة وما يتبعها]

- ‌بابُ صفة الصّلاة

- ‌بابٌ [شروط الصلاة]

- ‌فَصْلٌ [في ذكر بعض مبطلات الصلاة]

- ‌بابٌ [سجودُ السَّهْو]

- ‌بابٌ في سجود التّلاوة والشّكر

- ‌بابٌ [في صلاة النّفل]

- ‌كتاب صلاة الجماعة

- ‌فصلٌ [في صفات الأئمة]

- ‌فصلٌ [في بعض شروط القدوة ومكروهاتها وكثير من آدابها]

- ‌فصلٌ [في بعض شروط القدوة أيضًا]

- ‌فصلٌ [في متابعة الإمام]

- ‌فَصْلٌ [في زوال القدوة وإيجادها]

- ‌باب صلاة المسافر

- ‌فَصْلٌ [في شروط القصر وتوابعها]

- ‌فَصْلٌ [في الجمع ببن الصلاتين]

- ‌بابٌ صلاة الجمعة

- ‌فَصْلٌ [في الأغسال المستحبة في الجمعة وغيرها]

- ‌فَصْلٌ [في بيان ما يحصل به إدراك الجمعة]

- ‌بابُ صلاة الخوف

- ‌فصلٌ [فيما يجوز لبسه وما لا يجوز]

- ‌بابُ صلاة العيدين

- ‌فصلٌ [في التكبير المرسل والمقيد]

- ‌باب صلاة الكسوفين

- ‌باب صلاة الاستسقاء

- ‌بابٌ [في حكم تارك الصلاة]

- ‌كتاب الجنائِز

- ‌فصل [في تكفين الميت]

- ‌فصلٌ [في الصلاة على الميت]

- ‌فرعٌ [في بيان الأولى بالصلاة]

- ‌فصلٌ [في دفن الميت]

- ‌كتاب الزكاة

- ‌باب زكاة الحيوان

- ‌فصلٌ [في بيان كيفية الإخراج]

- ‌باب زكاة النبات

- ‌باب زكاة النّقد

- ‌بابُ زكاة المعدن والرِّكاز والتجارة

- ‌فصْلٌ [في أحكام زكاة التجارة]

- ‌بابُ زكاة الفِطر

- ‌باب من تلزمه الزكاة، وما تجب فيه

- ‌فَصْلٌ [في أداء الزكاة]

- ‌فصلٌ [في تعجيل الزكاة]

- ‌كتابُ الصِّيام

- ‌فَصْلٌ [في أركان الصوم]

- ‌فَصْلٌ [في شرط الصوم]

- ‌فصْلٌ [شرط صحة الصوم من حيث الفاعل والوقت]

- ‌فَصْلٌ [في شروط وجوب صوم رمضان]

- ‌فَصْلٌ [في فدية الصوم الواجب]

- ‌فَصْلٌ [في موجب كفارة الصوم]

- ‌باب صوم التَّطوُّع

- ‌كتابُ الاعتكاف

- ‌فَصْلٌ [في حكم الاعتكاف المنذور]

- ‌(كتاب الحج)

- ‌بابُ المواقيت

- ‌بابُ الإحرام

- ‌فَصْلٌ [في ركن الإحرام]

- ‌بابُ دخول مكة

- ‌فصلٌ [فيما يطلب في الطواف من واجبات وسنن]

- ‌فصلٌ [فيما يختم به الطواف]

- ‌فصلٌ [في الوقوف بعرفة]

- ‌فصلٌ [في المبيت بالمزدلفة والدفع منها]

- ‌فصلٌ [في المبيت بمنى ليالي التشريق]

- ‌فصلٌ [في بيان أركان الحج والعمرة]

- ‌بابُ محرَّمات الإحرام

- ‌باب الإحصار والفوات

الفصل: ‌فصل [في بيان كيفية الإخراج]

وَلَا شَيْءَ في الْبَقَرِ حَتَّى تبلُغَ ثَلَاثِينَ فَفِيهَا: تبِيع ابْنُ سَنَةٍ، ثُمَّ في كُلِّ ثَلَاثِينَ: تبِيع، وَكُلِّ أَرْبَعِينَ: مُسِنَّة لَهَا سَنَتَانِ. وَلَا الْغَنَمِ حَتَّى تبلُغَ أَرْبَعِينَ فَشَاةٌ جَذَعَةُ ضَأْنٍ أَوْ ثَنِيَّةُ مَعْزٍ، وَفِي مِئَةٍ وَإِحْدَى وَعِشْرِينَ: شَاتَانِ، وَمِئَتَيْنِ وَوَاحِدَةٍ: ثَلَاث، وَأَرْبَعِ مِئَةٍ: أَرْبَعٌ، ثُمَّ في كُلِّ مِئَةٍ: شَاةٌ.

‌فصلٌ [في بيان كيفية الإخراج]

إِنِ اتَّحَدَ نَوْعُ الْمَاشِيَةِ .. أُخِذَ الْفَرْضُ مِنْهُ،

===

(ولا شيء في البقر حتى تبلغ ثلاثين ففيها تبيع ابن سنة) ودخل في الثانية، سمي بذلك؛ لأنه يتبع أمّه في المَسْرَح، وقيل: لأن قرنه يتبع أذنه؛ أي: يساويها، ولو أخرج تبيعة .. أجزأت؛ لأنه زاد خيرًا.

(ثم في كلّ ثلاثين تبيع، و) في (كلّ أربعين مسنة لها سنتان) ودخلت في الثالثة، سميت بذلك؛ لتكامل أسنانها؛ لأنه عليه الصلاة والسلام بعث معاذًا إلى اليمن وأمره أن يأخذ من البقر من كلّ ثلاثين تبيعًا، ومن كلّ أربعين مُسنَة، رواه الترمذي وحسنه (1).

ولا جبران في زكاة البقر والغنم؛ لعدم وروده، ولو أخرج عن أربعين تبيعين .. أجزأه على الأصحِّ.

(ولا) شيء في (الغنم حتى تبلغ أربعين فشاة جذعة ضأن، أو ثنية معز، وفي مئة وإحدى وعشرين شاتان، ومئتين وواحدة ثلاث، وأربع مئة أربع، ثم في كل مئة شاةٌ) لحديث أنس في ذلك، رواه البخاري (2).

* * *

(فصل: إن اتحد نوع الماشية) بأن كانت إبَلُه كلُّها أَرْحَبِيّة أو مَهْرِيَّة، أو بقره كلُّها عِرابًا أو جواميسَ، أو غنمه كلُّها ضأنًا أو معزًا ( .. أخذ الفرض منه) لأنه المالك المشترك.

(1) سنن الترمذي (623)، وأخرجه الحاكم (1/ 398)، وأبو داوود (1576)، والنسائي (5/ 25 - 26)، وابن ماجه (1803).

(2)

صحيح البخاري (1454).

ص: 486

فَلَوْ أَخَذَ عَنْ ضَأْنٍ مَعْزًا أَوْ عَكْسُهُ .. جَازَ في الأَصَحِّ بِشَرْطِ رِعَايَةِ الْقِيمَةِ. وَإِنِ اخْتَلَفَ كَضَأْنٍ وَمَعْزٍ .. فَفِي قَوْلٍ: يُؤْخَذُ مِنَ الأَكْثَرِ، فَإِنِ اسْتَوَيَا .. فَالأَغْبَطُ. وَالأَظْهَرُ: أَنَّهُ يُخْرِجُ مَا شَاءَ مُقَسَّطًا عَلَيْهِمَا بِالْقِيمَةِ، فَإِذَا كَانَ ثَلَاثُونَ عَنْزًا وَعَشْرُ نَعَجَاتٍ .. أُخِذَ عَنْزٌ أَوْ نَعْجَة بِقِيمَةِ ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ عَنْزٍ وَرُبُعِ نَعْجَةٍ. وَلَا تُؤْخَذُ مَرِيضَة، وَلَا مَعِيبَةٌ

===

(فلو أخذ عن ضأن معزًا، أو عكسه) أي: أخذ جذعة ضأن عن أربعين من المعز، أو ثنيةَ معز عن أربعين من الضأن ( .. جاز في الأصح بشرط رعاية القيمة) لاتفاق الجنس؛ كالمَهْرِيَّة مع الأَرْحَبيَّة، والثاني: المنع، كالبقر عن الغنم.

وتصحيح أخذ الضأن عن المعزَ، وبالعكس كالمستثنى ممّا تقدم أولًا، وعبارة "الروضة" و"أصلها" و"شرح المهذب" تقتضي تصحيح المنع؛ فإنهما جزما به أولًا، فقالا: إن اتحد نوعُ الماشية .. أُخذ الفرضُ منه، ثم حكيا الخلافَ عن "التهذيب" وأنه صحح الجواز (1)، وكلام "التنبيه" يُفهم المنعَ أيضًا، وأقره عليه في "التصحيح"(2).

(وإن اختلف) النوع (كضأن ومعز) من الغنم، وكالأَرْحَبيّة والمَهْرِيَّة من الإبل، والجواميس مع العِراب من البقر ( .. ففي قول: يؤخذ من الَأكثر) وإن كان الأحظّ خلافه؛ اعتبارًا بالغلبة، كما نظرنا إلى الغالب في المُركَّب من الحرير وغيره.

(فإن استويا .. فالأغبط) كما في اجتماع الحِقاق وبنات اللبون.

(والأظهر: أنه يخرج ما شاء) من النوعين (مُقسطًا عليهما بالقيمة) رعاية للجانبين، والخيرةُ في إخراج أحد النوعين للمالك؛ كما اقتضاه كلام المصنف، وقيل: للساعي، وقال المتوفي: إنه المذهب.

(فإذا كان ثلاثون عنزًا وعشر نعجات .. أُخذ عنز أو نعجة بقيمة ثلاثة أرباع عنز وربع نعجة) فإذا قيل مثلًا: قيمةُ عنزٍ مجزئةٍ دينار، وقيمة نعجة مجزئة ديناران .. أخرج عنزًا أو نعجة قيمتُها دينار وربع، وعلى القول الأول يخرج المعز.

(ولا تؤخذ مريضة، ولا معيبة) لحديث: "لَا تُؤْخَذُ في الصَّدَقَةِ هَرِمَة، وَلَا ذَاتُ

(1) روضة الطالبين (2/ 168)، والشرح الكبير (2/ 499)، والمجموع (5/ 378).

(2)

التنبيه (ص 39)، وتصحيح النبيه (1/ 195).

ص: 487

إِلَّا مِنْ مِثْلِهَا، وَلَا ذَكَر إِلَّا إِذَا وَجَبَ، وَكَذَا لَوْ تَمَحَّضَتْ ذُكُورًا في الأَصَحِّ -وَفِي الصِّغَارِ: صَغِيرَة في الْجَدِيدِ- وَلَا رُبَّى،

===

عَوَارٍ، وَلَا تيسُ الْغَنَمِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ الْمُصَدِّقُ" رواه البخاري عن أنس في كتاب أبي بكر (1).

(إلا من مثلها) إذ لو أخذ غيره .. لأجحف برب المال، وإذا كان البعض أردأ من بعض .. أخرج الوسط؛ جمعًا بين الحقين، والمعيب هنا: ما يُردُّ به المبيع على الأصحِّ.

(ولا ذكر) لأن النص ورد بالإناث (إلا إذا وجب) كابن لبون في خمس وعشرين عند فقد بنت المخاض، والتبيع في ثلاثين من البقر، (وكذا لو تمحضت ذكررًا في الأصح) كما يجوز أخذ المريضة والمعيبة من مثلها.

فعلى هذا: يؤخذ في ست وثلاثين ابنُ لبون أكثر قيمة من ابن لبون يؤخذ في خمس وعشرين عند فقد بنت المخاض.

والثاني: لا يؤخذ إلا أنثى؛ لورود النص بالأنثى، لكن لا تؤخذ أنثى تؤخذ من الإناث (2)، بل تُقوَّم ماشيتُه بتقدير الأنوثة، وتُقوَّم الأنثى المأخوذةُ منها، وتعرف نسبتها من الجملة، ثم تُقوَّم ماشيتُه المذكور، وتؤخذ منها أنثى قيمُتها ما تقتضيه النسبة.

(وفي الصغار صغيرة في الجديد) كالمريضة في المِراض، والقديم: لا تؤخذ إلا كبيرة، لكن دون الكبيرة المأخوذة من الكبار في القيمة؛ لعموم الأخبار.

ويتصور كون الماشية صغيرةً مع حولان الحول: بأن تموت الأمهات في أثناء الحول، وبأن يملك أربعين من صغار المعز، ويمضىَ عليها حول فتجبَ فيها الزكاة وإن لم تبلغ سنّ الإجزاء؛ لأن واجبها: ما له سنتان.

(ولا) تؤخذ (رُبَّى) وهي الحديثة العهد بالنتاج، سميت رُبَّى؛ لأنها تُربِّي ولدها.

(1) صحيح البخاري (1455).

(2)

في (ب): (كأخذها من الإناث).

ص: 488

وَأَكُولَةٌ، وَحَامِلٌ، وَخِيارٌ إِلَّا بِرِضا الْمَالِكِ. وَلَوِ اشْتَرَكَ أَهْلُ الزكَاةِ في مَاشِيَة .. زَكَّيَا كَرَجُلٍ، وَكَذَا لَوْ خَلَطَا مُجَاوَرَةً بِشَرْطِ أَلَّا يَتَمَيَّزَ في الْمَشْرَعِ، وَالمَسْرَحِ، وَالمراحِ، وَمَوْضِعِ الْحَلَبِ،

===

(وأَكُولة) وهي المُسمّنة للأكل.

(وحامل وخيار) لأن هؤلاء من كرائم الأموال، وقد ورد النهي عنها (1)(إلا برضا المالك) في الجميع؛ لتطوعه بالزيادة.

(ولو اشترك أهل الزكاة في ماشية) بإرث، أو شراء، أو غيرهما ( .. زكيا كرجل) لأن خُلطة الجوار تفيد ذلك، كما سيأتي، فخُلطة الأعيان أولى، وتسمى هذه الخُلطة: خُلطة شيوع وخُلطة أعيان؛ لأن كلّ عين مشتركة.

(وكذا لو خلطا مجاورة) بالإجماع؛ كما نقله الشيخ أبو حامد، وتسمى هذه خُلطةَ جوار وخُلطةَ أوصاف.

وقوله: (أهل الزكاة) قَيْدٌ في الخُلطتين، فلو كان أحدُ المالين موقوفًا أو لذمّي أو لبيت المال .. لم تؤثر الخُلطة شيئًا، بل يعتبر نصيب من هو من أهل الزكاة إن بلغ نصابًا زكّاه بزكاة المنفرد، وإلا .. فلا زكاة، (بشرط ألا يتميز في المَشْرَع) وهو: الموضع الذي تشرب منه.

(والمسرح) وهو: موضع رعيها؛ كما فسره في "التحرير"(2)، وفسراه في "الشرح" و"الروضة" بالموضع الذي تجتمع فيه، ثم تساق إلى المرعى (3)، وكلّ منهما يشترط اتحاده.

(والمراح) بضم الميم، وهو: موضع مبيتها، (وموضع الحلب) بفتح (اللام)، وحكي إسكانها، وهو: المكان الذي تحلب فيه؛ لأنه إذا تميز مال كلّ واحد بشيء مما ذكر .. لم يصيرا كَمَالٍ واحد.

والقصد بالخلطة: أن يصير المالان كمال واحد؛ لتخفّ المؤنة، قال الرافعي في

(1) أخرجه البخاري (1458)، ومسلم (19) عن ابن عباس رضي الله عنهما.

(2)

تحرير ألفاظ التنبيه (ص 108).

(3)

الشرح الكبير (2/ 504) وروضة الطالبين (2/ 171).

ص: 489

وَكَذَا الرَّاعِي وَالْفَحْلُ في الأَصَحِّ، لَا نِيَّةُ الْخُلْطَةِ في الأَصَحِّ

===

"الشرح الصغير": وليس المقصود ألا يكون لها إلا مشرع أو مرعى أو مراح واحد بالذات، بل لا بأس بتعددها، ولكن ينبغي ألا تختص ماشية هذا بمَسرح ومُراح، وماشية ذاك بمسرح ومُراح. انتهى.

وإلى ذلك أشار المصنف بقوله: (ألّا يتميز)، لكن كان الأصوب أن يقول:(يتميز أحدهما عن الآخر) أو (يتميز المالان)، وبه عبر في "المحرر"(1)، وإلا .. فالمال المختلط متميز عن غيره بالضرورة، وأفهم إيراد المصنف: أنه لا يشترط اتحاد الحالب، ولا المِحلب بكسر الميم، وهو: الإناء الذي يحلب فيه، وهو الأصحُّ.

(وكذا الراعي والفحل في الأصح) لحديث: "وَالْخَلِيطَانِ: مَا اجْتَمَعَا في الْفَحْلِ وَالْحَوْضِ وَالراعِي" رواه الدارقطني بإسناد ضعيف (2).

ومعنى اتحاد الراعي: ألا يختص أحدهما براع، ولا بأس بتعدد الرعاة قطعًا، ومعنى اتحاد الفعل: أن تكون مرسلة بين ماشيتهما.

ومقابل الأصحِّ: أنه لا يشترط اتحاد الراعي والفحل؛ لأن الافتراق فيهما لا يرجع إلى نفس المال.

نعم؛ يشترط على هذا: اتحاد موضع الإنزاء.

ومحل الخلاف في اشتراط اتحاد الفعل: إذا اتحد النوع، فإن اختلف؛ كضأن ومعز .. لم يشترط بلا خلاف؛ للضرورة، قاله في "شرح المهذب"(3)، وهذه الشروط المذكورة مختصة بخُلطة الجوار.

(لا نية الخُلطة في الأصح) لأن المقتضي لتأثير الخُلطة وهو خفة المؤنة حاصلٌ؛ نوى أو لم ينو، والثاني: تشترط؛ لأن الخُلطة مُغيِّرة لمقدار الزكاة، فلا بد من قصده؛ دفعًا لضرره في الزيادة وضرر الفقراء في النقصان.

وأهمل شروطًا أخر، وهي: دوام الخلطة سنة إن كان المالك حوليًّا، وكون

(1) المحرر (ص 92).

(2)

سنن الدارقطني (2/ 104) عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه.

(3)

المجموع (5/ 392).

ص: 490

وَالأَظْهَرُ: تأثِيرُ خُلْطَةِ الثَّمَرِ وَالزَّرْعِ وَالنَّقْدِ وَعَرْضِ التِّجَارَةِ بِشَرْطِ أَلَّا يَتَمَيَّزَ: النَّاطُورُ، وَالْجَرِينُ، وَالدُّكَّانُ، وَالْحَارِسُ، وَمَكَانُ الْحِفْظِ .. وَنَحْوُهَا. وَلِوُجُوبِ زَكَاةِ الْمَاشِيَةِ شَرْطَانِ:

===

مجموع المالين نصابًا فأكثر، وكون المالين من جنس واحد.

(والأظهر؛ تأثير خلطة الثمر، والزرع، والنقد، وعرض التجارة) لأن المقتضي لتأثير الخلطة في الماشية هو خفة المؤنة، وذلك موجود؛ كما سيأتي، والثاني: أنها لا تؤثر؛ لأن المواشي فيها أوقاص، فالخُلطة فيها تنفع المالك تارة، والمساكين أخرى، ولا وقصَ في المعشّرات، فلو أثبتنا فيها الخلطة .. لتمحضت ضررًا في حق أرباب الأموال، [وذلك فيما إذا خلط دون النصاب بمثله](1).

(بشرط ألا يتميز الناطور، والجرين والدكان، والحارس، ومكان الحفظ، ونحوها) كالماء الذي تشرب منه، والحرّاث، والمتعهّد، وجذّاذ النخل، والميزان، والوزّان، والكيّال، والحمّال (2)، واللقّاط، والنقّاد، والمُنادي، والمطالِب بالأثمان.

قال المنكت: ولم أر من صرح باشتراط شيء من ذلك، وإنما ذكره الرافعي وغيره في معرض التعليل، فقالوا: لأنهما كما يرتفقان بالخلطة في المواشي كذلك يرتفقان بها في غيرها باتحاد الجرين

إلى آخره، وأسقطه من "الروضة"، فلم يذكره لا شرطًا، ولا تعليلًا (3). انتهى.

والناطور -بالطاء المهملة-: حافظ النخل والشجر، وحكي إعجامُها، والجرين -بجيم مفتوحة-: موضع تجفيف الثمار، وقيل غيرُ ذلك، قاله في "الدقائق"(4).

(ولوجوب زكاة الماشية شرطان) مضافان لما مرّ؛ من كونها نصابًا من النعم، ولما يأتي؛ من كمال الملك، وإسلام المالك وحريته.

(1) ما بين المعقوفتين زيادة من غير (أ).

(2)

في (د): (الجمال).

(3)

السراج (2/ 65 - 66).

(4)

دقائق المنهاج (ص 54).

ص: 491

مُضِيُّ الْحَوْلِ في مِلْكِهِ، لكِنْ مَا نتُجَ مِنْ نِصَابٍ يُزَكَّى بِحَوْلهِ، وَلَا يُضَمُّ الْمَمْلُوكُ بِشِرَاءٍ وَغَيْرِهِ في الْحَوْلِ،

===

(مضي الحول في ملكه) لحديث: "لَا زَكَاةَ في مَالٍ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ" رواه أبو داوود، ولم يضعفه (1)، ويعضده إجماع التابعين والفقهاء عليه؛ كما قاله الماوردي (2) وإن خالف فيه بعض الصحابة.

(لكن ما نتج من نصاب يزكى بحوله) أي: بحول الأصل؛ لأن الحول إنما اعتبر لتكامل النماء الحاصل، والنتاج نماء في نفسه، وفي "الموطأ" عن عمر رضي الله عنه أنه قال لساعيه:(اعتدّ عليهم بالسخلة)(3)، فعلى هذا: إذا كان عنده مئة وعشرون من الغنم، فولدت واحدةٌ منها سخلةً قبل الحول بلحظة، والأمهات كلّها باقية .. لزمه شاتان.

واحترز بقوله: (نتُج) عن المستفاد بشراء وغيره؛ كما سيأتي، وبقوله:(من نصاب) عما نتج من دونه؛ كعشرين شاة نَتجت عشرين، فحولُها من حين تمام النصاب.

نعم؛ يشترط: كون النتاج ملكًا لمالك النصاب بالسبب الذي ملك به النصاب، فلو أوصى يحمل لشخص .. لم يضم النتاج لحول الوارث، وكذا لو أوصى الموصى له بالحمل به قبل انفصاله لمالك الأمهات، ثم مات، ثم حصل النتاج .. لم يُزكَّ بحول الأصل، نقله في "الكفاية" عن المتولي وأقرّه (4).

(ولا يضم المملوك بشراء وغيره في الحول) لأن الدليل قام على اشتراط الحول، خرج النتاج لما سبق، فيبقى ما عداه على الأصل.

واحترز بقوله: (في الحول) عن النصاب، فإنه يضمّ إليه فيه على المذهب: لبلوغه بالكثرة احتمال المواساة فإذا ملك ثلاثين من البقر في أول المحرم، ثم ملك

(1) سنن أبي داوود (1573) عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وأخرجه الترمذي (631) عن ابن عمر رضي الله عنهما، وابن ماجه (1792) عن عائشة رضي الله عنها.

(2)

الحاوي الكبير (4/ 33).

(3)

الموطأ (1/ 265)، وأخرجه البيهقي (4/ 100).

(4)

كفاية النبيه (5/ 255).

ص: 492

فَلَوِ ادَّعَى النِّتَاجَ بَعْدَ الْحَوْلِ .. صُدِّقَ، فَإِنِ اتُّهِمَ .. حُلِّفَ. وَزَالَ مِلْكُهُ في الْحَوْلِ فَعَادَ أَوْ بَادَلَ بِمِثْلِهِ .. اسْتَأْنَفَ. وَكَوْنُهَا سَائِمَة،

===

عشرة أخرى في أول رجب .. لزمه في أول المحرم السنة الثانية تبيع، وفي أول رجب منها ربع مسنة، وفي أول المحرم السنة الثالثة ثلاثة أرباع مسنة، وفي أول رجب منها ربع مسنة، وهكذا أبدًا.

(فلو ادعى) المالك (النتاج بعد الحول .. صدق) لأن الأصل عدمُ الحدوث قبل ذلك، والأصل أيضًا: عدم الوجوب.

(فإن اتهم .. حُلِّف) ندبا؛ احتياطًا لحق الفقراء.

(ولو زال ملكه في الحول فعاد، أو بادل بمثله) لا لقصد التجارة ( .. استأنف) لأنه ملك جديد، فلا بدّ له من حول؛ للحديث السالف (1).

(و) الشرط الثاني: (كونها سائمة) أي راعية؛ لثبوت ذلك في الغنم والإبل (2)، وألحق البقر بهما قياسًا، ولأن مؤنتها لما توفرت .. احتملت المواساة، بخلاف المعلوفة.

وشمل إطلاقه: ما لو أسامها في كلأ مملوك له، وفيها وجهان في "زوائد الروضة" و"شرح المهذب" عن "البيان" بلا ترجيح (3)، ورجح السبكي الوجوبَ إن لم تكن له قيمة، أو كانت يسيرة، وسقوطَها إن كانت له قيمة يُعدُّ مثلها كلفة في مقابلة نمائها.

وفي "فتاوى القفال": إن اشترى كلأ فرعته في مكانها .. فسائمة، فلو جَزَّه وأطعمها إياه في المرعى أو البلد .. فمعلوفة، ولو رعاها ورقًا تناثر .. فسائمة، فلو جمع وقدم لها .. فمعلوفة، واستحسنه في "المهمات" وقال:(ينبغي الأخذ به)(4).

(1) في (ص 492).

(2)

أما ثبوت ذلك في الغنم .. فأخرجه البخاري (1454) عن أنس بن مالك رضي الله عنه، وأما في الإبل .. فأخرجه أبو داوود (1575)، والنسائي (5/ 15) عن معاوية بن حَيْدة رضي الله عنه.

(3)

روضة الطالبين (2/ 191)، والمجموع (5/ 316).

(4)

المهمات (3/ 555).

ص: 493

فَإِنْ عُلِفَتْ مُعْظَمَ الْحَوْلِ .. فَلَا زَكَاةَ، وَإِلَّا .. فَالأَصَحّ: إِنْ عُلِفَتْ قَدْرًا تَعِيشُ بِدُونِهِ بِلَا ضَرَرٍ بينٍ .. وَجَبَتْ، وَإِلَّا .. فَلَا. وَلَوْ سَامَتْ بنَفْسِهَا أَوْ اعْتَلَفَتِ السَّائِمَةُ، أَوْ كَانَتْ عَوَامِلَ في حَرْثٍ وَنَضْحٍ وَنَحْوه .. فَلَا زَكَاةَ في الأصَحِّ.

===

(فإن عُلفت معظمَ الحول .. فلا زكاة) لأن الغلبة لها تأثير في الأحكام، (وإلا) أي: وإن لم تُعلَف معظمَ الحول ( .. فالأصح: إن عُلفت قدرًا تعيش بدونه بلا ضرر بين .. وجبت) زكاتها؛ لخفة المؤنة.

(وإلا) أي: وإن كانت لا تعيش في تلك المدة بدونه، أو تعيش ولكن بضرر بين ( .. فلا) زكاة؛ لظهور المؤنة، والثاني: تجب مطلقًا، ولا يؤثر إلا ما زاد على النصف، والثالث: لا تجب مطلقًا، بل يبطل السوم بما يتموّل من العلف وإن قلّ؛ لأن رفق السوم لم يتكامل، وقيد صاحب "العدة"، وغيره الخلاف بما إذا لم يقصد قطع السوم، فإن قصده .. انقطع قطعًا، قال الرافعي: ولعله الأقرب (1)، قال السبكي: وحكاه الروياني عن النصّ، لكنه استغربه، وزعم أن البَنْدَنِيجي قال: إنه المذهب، وذلك يقتضي إثبات خلاف. انتهى.

قال الإسنوي: وقد صرح الجرجاني في "الشافي" بأن الخلاف جار مع نية القطع (2).

(ولو سامت بنفسها، أو اعتلفت السائمة، أو كانت عواملَ في حرث ونضح ونحوه .. فلا زكاة في الأصح) الخلاف في المسألة الأولى والثانية مبني على الخلاف في أنه هل يعتبر القصد في السوم والعلف أم لا؟

وقضية التصحيح في المسألتين: اشتراط قصد السوم دون العلف، وأما في الثالثة .. فلقوله صلى الله عليه وسلم:"لَيْسَ في الْبقَرِ الْعَوَامِلِ شَيْء"، رواه الدارقطني بإسناد صحيح (3)، ولأنها مُعَدّة لاستعمال مباح، فأشبهت ثيابَ البدن.

(1) الشرح الكبير (2/ 536).

(2)

المهمات (3/ 555).

(3)

سنن الدارقطني (2/ 103)، وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى"(4/ 99) عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

ص: 494

وَإِذَا وَرَدَتْ مَاءً .. أُخِذَتْ زَكَاتُهَا عِنْدَهُ، وَإِلَّا .. فَعِنْدَ بُيُوتِ أَهْلِهَا. وَيُصَدَّقُ الْمَالِكُ في عَدَدِهَا إِنْ كَانَ ثِقَةً، وَإِلَّا .. فَتُعَدُّ عِنْدَ مَضِيقٍ.

===

ووجه مقابله: أن السوم بلا عمل موجب، فمع العمل أولى؛ لانضمام رفق العمل إلى رفق السوم.

(وإذا وردت ماء .. أُخذت زكاتُها عنده) لحديث: "تُؤْخَذُ صَدَقَاتُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى مِيَاهِهِمْ"، رواه الإِمام أحمد (1)، ولأنه أسهل على المالك والساعي، وأقرب إلى الضبط من المرعى.

(وإلا .. فعند بيوت أهلها) لحديث: "لَا جَلَبَ، وَلَا جَنَبَ، وَلَا تُؤْخَذُ صَدَقَاتُهُمْ إِلَّا في دُورِهِمْ"، رواه أبو داوود بإسناد حسن (2).

(ويُصدّق المالكُ في عددها إن كان ثقة) لأنه أمين، (وإلا) أي: وإن لم يكن ثقة، أو قال:(لا أعرف عددها)( .. فتعدّ عند مَضِيق) لأنه أسهل لعدّها، وأبعد عن الغلط.

* * *

(1) مسند أحمد (2/ 184) عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، وأخرجه ابن ماجه (1806) عن ابن عمر رضي الله عنهما.

(2)

سنن أبي داوود (1591) عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما.

ص: 495