الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صُدِّقَ ذُو الْيَدِ بِيَمِينِهِ.
فصْلٌ [في أحكام زكاة التجارة]
شَرْطُ زَكَاةِ التِّجَارَةِ الْحَوْل، وَالنِّصَابُ مُعْتبَرًا بِآخِرِ الْحَوْل، وَفِي قَوْل: بِطَرَفَيْهِ، وَفِي قَوْل: بجَمِيعِهِ. فَعَلَى الأَظْهَرِ: لَوْ رُدَّ إِلَى النَّقْدِ فِي خِلَال الْحَوْل، وَهُوَ دُونَ النِّصَابِ، وَاشْتَرَى بِهِ سِلْعَةً .. فَالأَصَحُّ: أَنَّهُ يَنْقَطِعُ الْحَوْل، وَيَبْتَدِئُ حَوْلُهَا مِنْ شِرَائِهَا
===
والمكتري والمستعير: هو لي وأنا دفنته، وقال البائع. والمكري والمعير مثل ذلك ( .. صدِّق ذو اليد) وهو المشتري والمكترى والمستعير (بيمينه) كغيره من الأمتعة، هذا إذا احتمل صدق صاحب اليد ولو على بُعدٍ، فأما إذا لم يحتمل؛ لكون مثله لا يمكن دفنه في مدة يده .. فلا يصدق صاحب اليد.
* * *
هذا الفصل معقود لزكاة التجارة، قال ابن المنذر:(وأجمع عامة أهل العلم على وجوبها (1).
(فصل: شرط زكاة التجارة: الحول، والنصاب) كغيرها من المواشي، والناضّ (معتبرًا بآخر الحول) فقط؛ لأنه وقت الوجوب، (وفي قول: بطرفيه) أما الأول .. فليَجريَ في الحول، وأما الآخر .. فلأنه وقت الوجوب ولا يعتبر ما بينهما؛ لأن تقويم العرض في كلّ لحظة يشقّ، (وفي قول: بجميعه) كالمواشي، فعلى هذا: لو نقصت القيمة عن النصاب في لحظة .. انقطع الحول؛ فإن كمل بعد ذلك .. استأنف الحول من يومئذ.
(فعلى الأظهر) وهو اعتبار آخر الحول (لو رُدَّ إلى النقد في خلال الحول وهو دون النصاب، واشترى به سلعة .. فالأصح: أنه ينقطع الحول، ويبتدئُ حولها من شرائها) لتحقق نقصانها حِسًّا بالتنضيض، والثاني: لا ينقطع؛ كما لو بادل بها سلعة
(1) الإشراف (3/ 81).
وَلَوْ تَمَّ الْحَوْلُ وَقِيمَةُ الْعَرْضِ دُونَ النِّصَابِ .. فَألأَصَحُّ: أَنَّهُ يَبْتَدِئُ الْحَوْلُ، وَيَبْطُلُ الأَوَّلُ. وَيَصِيرُ عَرْضُ التِّجَارَةِ لِلْقُنْيَةِ بِنِيَّتِهَا،
===
ناقصة عن النصاب .. فإن الحول لا ينقطع على الصحيح (1).
وصورة المسألة: إذا ردّ إلى النقد الذي يقوّم به، [فلو باع بالدراهم](2) والحالُ يقتضي التقويم بالدنانير .. فهو كبيع سلعة بسلعة، والأصحُّ: أنه لا ينقطع، وهذا الحكم يجري أيضًا إذا قلنا بالقول الثاني من باب أولى.
(ولو تمّ الحول وقيمة العرض دون النصاب .. فالأصح: أنه يبتدئ الحول، ويبطل الأول) لأنه مضى ولا زكاة فيه، والثاني: لا ينقطع، بل متى بلغت نصابًا .. لزمته الزكاة، ويبتدئ الحول الثاني من ذلك الوقت.
ومحل الخلاف: ما إذا لم يكن له من جنس ما يكمل به النصاب، أما لو كان له؛ مثل: أن يملك مئةَ درهم، فيشتري بخمسين منها عرضًا للتجارة، وبقيت الخمسون عنده، وبلغت قيمة العرض آخر الحول مئة وخمسين .. فإن ذلك يضمّ إلى ما عنده، ويلزمه زكاة الكلّ قطعًا، بخلاف ما لو اشترى بالمئة وملك الخمسين بعد ذلك؛ لأن الخمسين إنما يضمّ في النصاب لا في الحول، بل إذا تمَّ حول الخمسين .. زكَّى المئتين؛ قاله في "شرح المهذب"(3).
(ويصير عرضُ التجارة للقنية بنيتها) أي: بنية القِنية، بخلاف عرض القِنية، لا يصير للتجارة بالنية على الأصحِّ كما سيأتي، والفرق: أن القِنية هو: الحبس للانتفاع وقد وجد بالنية المذكورة مع الإمساك (4)، فرتبنا عليها أثرها، والتجارة هو: التقليب بقصد الأرباح ولم يوجد ذلك.
(1) وقع في "العجالة "[/ 491] بعد قول المصنف: (فعلى الأظهر)(أي: والثالث أيضًا) وهو سبق قلم أو وهم، وصوابه:(والثاني) لأنه على الثالث: متى نقصت القيمة عن النصاب ولو لحظةً .. انقطع الحول نضَّ أو لم يَنِضّ. اهـ هامش (أ).
(2)
ما بين المعقوفين زيادة من غير (أ).
(3)
المجموع (6/ 51).
(4)
في غير (أ): (مع الاتصال)، وفيها:(مع الامتثال)، ولعلّ الصحيح ما أثبت.
وَإِنَّمَا يَصِيرُ الْعَرْضُ لِلتِّجَارَةِ إِذَا اقْتَرَنَتْ نِيَّتُهَا بِكَسْبِهِ بمُعَاوَضَةٍ كَشِرَاءٍ، وَكَذَا الْمَهْرُ وَعِوَضُ الْخُلْعِ فِي الأَصَحِّ، لَا بِالْهِبَةِ وَالاحْتِطَابِ وَاسْتِرْدَادٍ بِعَيْبٍ. وَإِذَا مَلَكَهُ بِنَقْدِ نِصَابٍ .. فَحَوْلُهُ مِنْ حِينِ مِلْكِ النَّقْدِ، أَوْ دُونَهُ أَوْ بِعَرْضِ قُنْيَةٍ. . فَمِنَ الشِّرَاءِ، وَقِيلَ: إِنْ مَلَكَهُ بِنِصَابِ سَائِمَةٍ .. بَنَى عَلَى حَوْلهَا
===
(وإنما يصير العرض للتجارة إذا اقترنت نيتها بكسبه بمعاوضة؛ كشراء) لانضمام قصد التجارة إلى فعلها؛ كما لو نوى وسار .. يصير مسافرًا، وإذا ثبت حكم التجارة .. لم يحتج في كلّ معاملة إلى نية جديدة.
(وكذا المهر وعوض الخلع في الأصح) لأنهما مُلكا بمعاوضة، ولهذا ثبتت الشفعة فيما ملك بهما، والثاني: لا؛ لأنهما ليسا من عقود المعاوضات المحضة.
(لا بالهبة) المحضة (والاحتطاب) والاصطياد، والإرث؛ لأن التملك مجانًا لا يعدُّ تجارة؛ فإن شرط في الهبة ثوابًا معلومًا .. صارت كالبيع.
(واسترداد بعيب) كأن باع عرضًا للقِنْية، ثم ردّ عليه بعيب فقصد به التجارة .. فإنه لا يصير مال تجارة؛ لأنه ليس بعقد معاوضة.
(وإذا ملكه) أي: مال التجارة (بنقدِ نصابٍ) وهو الذهب والفضة اللذان تجب الزكاة فيهما وإن لم يكونا مضروبين (فحوله من حين ملك النقد) أي: بنى حول التجارة على حول النقد؛ لاشتراكهما في قدر الواجب وفي جنسه، هذا إذا كان الشراء بعين النصاب، فإن اشترى في الذمة ثم نقد ما عنده فيه .. لم يَبْنِ؛ لأن صرفه إلى هذه الجهة لم يتعين؛ كذا جزم به في "الروضة"، وقال في "شرح المهذب": إنه لا خلاف فيه (1).
(أو دونه) أي: أو ملكه بدون نصاب (أو بعرض قِنْية) كالثياب ( .. فمن الشراء) لأن ما ملكه لم يكن مال زكاة، (وقيل: إن ملكه بنصاب سائمة .. بنى على حولها) لأنها مال زكاة جارٍ في الحول؛ كالنقد، والصحيح: المنع؛ لاختلاف الزكاتين قدرًا ومتعلقًا.
(1) روضة الطالبين (2/ 268)، المجموع (6/ 51).
وَيَضُمُّ الرِّبْحَ إِلَى الأَصْلِ فِي الْحَوْلِ إِنْ لَمْ يَنِضَّ، لَا إِنْ نَضَّ فِي الأَظْهَرِ. وَالأَصَحُّ: أَنَّ وَلَدَ الْعَرْضِ وَثَمَرَهُ مَالُ تِجَارَةٍ،
===
(ويضم الربح إلى الأصل في الحول إن لم يَنِضّ) كالنِّتاج مع الأمهات، فلو اشترى في المُحرَّم عرضًا يساوي مئتين، فساوى قبيل آخر الحول ولو بلحظة ثلاث مئة .. زكّى الجميع عند تمام الحول.
وقوله: (ينضّ) هو بكسر النون؛ أي: يصير ناضًّا، وهو: الدراهم والدنانير.
(لا إن نضَّ في الأظهر) بجنس رأس المال؛ كعرض اشتراه بمئتين، وباعه بعد ستة أشهر بثلاث مئة درهم، وأمسكها إلى تمام الحول، أو اشترى بها عرضًا، وهو يساوي ثلاث مئة في آخر الحول .. فيخرج الزكاة عن مئتين؛ فإذا مضت ستة أشهر أخرى .. أخرج عن المئة؛ لأن الربح متميز، فاعتبر بنفسه، بخلاف ما لم يَنِضّ؛ فإنه كامن فيه، والثاني: يضمّ؛ كما يضمّ النتاج إلى الأمهات.
وفرق الأول: بأن النتاج جزء من الأصل، فألحقناه به، بخلاف الربح؛ فإنه ليس جزءأ، وحصوله إنما هو بحسن التصرف، ولهذا يردّ الغاصب نتاج الحيوان دون الربح، ولو نضَّ بغير جنس رأس المال؛ كعرض بمئتين باعه بعشرين دينارًا .. فهو كإبدال عرض بعرض؛ إذ لا يقوّم به.
وقيل: كالجنس، وجميع ما ذكرناه فيما إذا اشترى العَرْض بنصاب من النقد، أو بعرض قيمته نصاب، فأما إذا اشتراه بمئة درهم مثلًا، وباعه بعد ستة أشهر بمئتي درهم، وبقيت عنده إلى تمام الحول من حين الشراء؛ فإن قلنا بالأصح: إن النصاب لا يشترط إلا في آخر الحول .. بني على القولين في أن الربح من الناضّ هل يضمّ إلى الأصل في الحول؟ إن قلنا: نعم .. فعليه زكاة المئتين، وإن قلنا: لا .. لم يزك مئة الربح إلا بعد ستة أشهر أخرى.
(والأصح: أن ولد العرض وثمره مال تجارة) لأنهما جزءان من الأم، والشجر، والثاني: لا؛ لأنهما لم يحصلا بالتجارة، فإن هذا نماء وهي استنماء.
والوجهان فيما إذا لم تنقص قيمة الأم بالولادة، فإن نقصت؛ بأن كانت قيمة الأم ألفًا فصارت بالولادة ثمان مئة، وقيمة الولد مئتان .. جبر نقص الأم بالولد، وزكّى
وَأَنَّ حَوْلَهُ حَوْلُ الأَصْلِ. وَوَاجِبُهَا رُبُعُ عُشْرِ الْقِيمَةِ، فَإِنْ مُلِكَ بِنَقْدٍ .. قُوِّمَ بِهِ إِنْ مُلِكَ بِنِصَابٍ، وَكَذَا دُونَهُ فِي الأَصَحِّ، أَوْ بِعَرْضٍ .. فَبِغَالِبِ نَقْدِ الْبَلدِ، فإِنْ غَلَبَ نَقْدَانِ وَبَلَغَ بأَحَدِهِمَا نِصَابًا .. قُوِّمَ بِهِ،
===
الألف، وفيه احتمال للإمام (1).
(وأن حوله حول الأصل) تبعًا؛ كنتاج السائمة، والثاني: لا، بل يفرد بحول؛ كربح الناضّ.
(وواجبها: ربع عشر القيمة) أما كونه ربع عشر .. فلا خلاف فيه؛ كالنقد، وأما كونه من القيمة .. فهو الجديد؛ لأن القيمة متعلق هذه الزكاة، ولا يجوز الإخراج من عين العرض، والقديم: يخرج من عين العرض؛ لأنه الذي يملكه، والقيمة تقدير؛ فلو كان عرضه مئة قَفيز يساوي مئتين .. فعلى الجديد: واجبه: خمسة دراهم، وعلى القديم: قَفيزان ونصف.
(فإن مُلك بنقد .. قُوِّم به إن مُلك بنصاب) لأن الحول مبني على حوله، والزكاة واجبة فيه؛ فإن بلغ به نصابًا .. زكَّاه، وإلا .. فلا وإن كان يبلغ نصابًا بنقد البلد، وحكى صاحب "التقريب" قولًا: أن التقويم لا يكون إلا بنقد البلد دائمًا.
(وكذا دونه في الأصح) لأنه أصله، والثاني: يقوَّم بغالب نقد البلد؛ كما لو اشترى بعرض.
ومحله: ما إذا لم يملك من جنس النقد الذي اشترى به ما يُتمّ به النصاب، فإن ملكه .. قوِّم بذلك الجنس قطعًا، قاله الرافعي، قال في "الروضة":(ولكن يجري فيه القول الذي حكاه صاحب "التقريب")(2).
(أو بعرض .. فبغالب نقد البلد) لأنه لمَّا تعذر التقويم بالأصل .. رجع إلى نقد البلد؛ جريًا على قاعدة التقويمات؛ كما في الإتلاف ونحوه.
(فإن غلب نقدان، وبلغ بأحدهما نصابًا .. قُوّم به) لبلوغه نصابًا بنقد غالب لا مغلوب.
(1) نهاية المطلب (3/ 311).
(2)
الشرح الكبير (3/ 117)، روضة الطالبين (2/ 274).
فَإِنْ بَلَغَ بِهِمَا .. قُوِّمَ بِالأَنْفَعِ لِلْفُقَرَاءِ، وَقِيلَ: يَتَخَيَّرُ الْمَالِكُ. وَإِنْ مُلِكَ بِنَقْدٍ وَعَرْضٍ .. قُوِّمَ مَا قَابَلَ النَّقْدَ بِهِ، وَالْبَاقِي بِالْغَالِبِ. وَتَجِبُ فِطْرَةُ عَبْدِ التِّجَارَةِ مَعَ زَكَاتِهَا. وَلَوْ كَانَ الْعَرْضُ سَائِمَةً، فَإِنْ كَمُلَ نِصَابُ إِحْدَى الزَّكَاتينِ فَقَطْ .. وَجَبَتْ، أَوْ نِصَابُهُمَا .. فَزَكَاةُ الْعَيْنِ فِي الْجَدِيدِ
===
(فإن بلغ بهما .. قُوّم بالأنفع للفقراء) كاجتماع الحِقاق وبنات اللبون، (وقيل: يتخير المالك) فيقوّم بأيهما شاء؛ كما يتخير معطي الجُبْران بين الشاتين والدراهم، وصححه في "أصل الروضة"، وكلام "الشرح الكبير" يقتضيه، ولا ترجيح في "الصغير"، قال في "المهمات": والفتوى على ما في "الروضة"(1).
(وإن مُلك بنقد وعرض) بأن اشترى بمئتي درهم وعرض قِنْية ( .. قُوّم ما قابل النقد به، والباقي بالغالب) لأن كلًّا منهما لو انفرد .. لكان حكمه كذلك، فإن كان النقد دون النصاب .. عاد الخلاف المارّ فيما إذا ملكه بنقد دون النصاب.
(وتجب فطرة عبد التجارة مع زكاتها)(2) أي: زكاة التجارة؛ لأنهما يجبان بسببين مختلفين: أحدهما: المال، والآخر: البدن، فلا يتداخلان؛ كالقيمة والكفارة في العبد المقتول.
(ولو كان العرض سائمة؛ فإن كمل نصاب إحدى الزكاتين فقط) كتسعة وثلاثين من الغنم قيمتها مئتان، أو أربعين من الغنم قيمتها دون المئتين ( .. وجبت) زكاة ما يكمل به نصابه؛ لوجود سببها من غير معارض.
(أو نصابُهما .. فزكاة العين في الجديد) لقوتها فإنها مجمع عليها، بخلاف زكاة التجارة فإنها مختلف فيها، ولهذا لا يكفر جاحدها بخلاف الأولى، والقديم: تقدم زكاةُ التجارة؛ لأنها أنفع للمساكين، فإنها تجب في كلّ شيء، وزكاة العين مختصة ببعض الأعيان، ولا خلاف أنه لا يجمع بين الزكاتين، والأصح: طرد الخلاف سواء اتفق وقت الوجوب أو اختلف.
وتعبيره بالسائمة ناقص فإن الثمار والزرع يأتي فيهما ما ذكره في السائمة.
(1) روضة الطالبين (2/ 275)، الشرح الكبير (3/ 118)، المهمات (3/ 646).
(2)
في (ب) و (د): (فطرة عبيد التجارة).
فَعَلَى هَذَا: لَوْ سَبَقَ حَوْلُ التِّجَارَةِ؛ بِأَنِ اشْتَرَى بِمَالِهَا بَعْدَ سِتة أَشْهُرٍ نِصَابَ سَائِمَة .. فَالأَصحُّ: وُجُوبُ زَكَاةِ التِّجَارَةِ لِتَمَامِ حَوْلهَا، ثُمَّ يَفْتَتِحُ حَوْلًا لِزَكَاةِ الْعَيْنِ أَبَدًا، وَإِذَا قُلْنَا: عَامِلُ الْقِرَاضِ لَا يَمْلِكُ الرِّبح بالظُّهُورِ .. فَعَلَى الْمَالِكِ زَكَاةُ الْجَمِيعِ، فَإِنْ أَخْرَجَهَا مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ .. حُسِبَتْ مِنَ الرِّبْحِ فِي الأَصحِّ
===
(فعلى هذا) وهو تقديم زكاة العين (لو سبق حول التجارة؛ بأن اشترى بمالها بعد ستة أشهر نصابَ سائمة) ولم يقصد القِنْية ( .. فالأصح: وجوب زكاة التجارة لتمام حولها) لئلا يحبط بعض حولها، ولأن الموجب قد وُجد ولا معارض له، ولا يتصوَّر سبق حول العين؛ لأنه ينقطع بالمبادلة، قاله الرافعي (1).
ويصوّر سبقُ زكاة العين في الثمار ببدو الصلاح فيها قبل تمام الحول وزرعها ببِذْر التجارة.
(ثم يفتتح حولًا لزكاة العين أبدًا) من منقرض حول التجارة (2)، وتستمر زكاة العين أبدًا، وما مضى من السوم في بقية الحول الأول غير معتبر، والثاني: أنَّا نعطل ما سبق من حول التجارة، وإنما نوجب زكاة العين عند تمام حولها؛ لما سبق من كونها أقوى، والثالث: يُبنى حول السائمة على حول التجارة كعكسه، أما إذا غلّبنا زكاة التجارة .. فيزكيها في آخر حولها جزمًا.
(وإذا قلنا: عامل القراض لا يملك الربح بالظهور) وهو الأصح، بل بالقسمة؛ كما سيأتي في بابه ( .. فعلى المالك زكاةُ الجميع) أي: رأسِ المال والربح؛ لأن الجميع مِلكه.
(فإن أخرجها من مال القراض .. حُسبت من الربح في الأصح) المنصوص؛ كالمؤن التي تلزم المال؛ من أجرة الدَّلال، وفطرة عبيد التجارة، وجنايتهم، والثاني: أنها من رأس المال خاصةً؛ لأن الوجوب على من له المال، والتفريع على أنه للمالك لا للعامل، والثالث: زكاة الربح من الربح، وزكاة الأصل من الأصل؛ لأنها وجبت فيهما.
(1) الشرح الكبير (3/ 121).
(2)
عبارة غير (أ): (ثم من منقرض حول التجارة يفتتح حولًا لزكاة العين).
وَإِنْ قُلْنَا: يَمْلِكُ بِالظُّهُورِ .. لَزِمَ الْمَالِكَ زَكَاةُ رَأْسِ الْمَال، وَحِصَّتِهِ مِنَ الرِّبْحِ، وَالْمَذْهَبُ: أَنَّهُ يَلْزَمُ الْعَامِلَ زَكَاةُ حِصَّتِهِ.
===
(وإن قلنا: يملك بالظهور .. لزم المالكَ زكاةُ رأس المال، وحصتِه من الربح) لأنه مالك لهما (والمذهب: أنه يلزم العامل زكاةُ حصته) من الربح؛ لتمكنه من التوصل إليه متى شاء بالقسمة، فأشبه الدين الحالَّ على مليء، والطريق الثاني: القطع بالمنع؛ لعدم استقرار ملكه؛ لكونه وقايةً لرأس المال عن الخسران، والطريق الثالث: أنه على قولين؛ كالمغصوب؛ لأنه غير متمكن من كمال التصرف.
وإذا أوجبنا الزكاة على العامل .. لم يلزمه إخراجها قبل القسمة على المذهب.
* * *