الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بابُ الإحرام
يَنْعَقِدُ مُعَيَّنًا؛ بِأَنْ يَنْوِيَ حَجًّا أَوْ عُمْرَةً أَوْ كِلَيْهِمَا، وَمُطْلَقًا؛ بِأَلَّا يَزِيدَ عَلَى نَفْسِ الإِحْرَامِ، وَالتَّعْيِينُ أَفْضَلُ، وَفِي قَوْلٍ: الإِطْلَاقُ. فَإِنْ أَحْرَمَ مُطْلَقًا فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ .. صَرَفَهُ بِالنِّيَّةِ إِلَى مَا شَاءَ مِنَ النُّسُكَيْنِ أَوْ إِلَيْهِمَا ثُمَّ اشْتَغَلَ بِالأَعْمَالِ، وَإِنْ أَطْلَقَ فِي غَيْرِ أَشْهُرِهِ .. فَالأَصَحُّ: انْعِقَادُهُ عُمْرَةً، فَلَا يَصْرِفُهُ إِلَى الْحَجِّ فِي أَشْهُرِهِ. وَلَهُ أَنْ يُحْرِمَ كَإِحْرَامِ زَيْدٍ،
===
(باب الإحرام)
الإحرام: هو الدخول في حجّ أو عمرة، أو فيهما، أو فيما يصلح لهما، ولأحدهما، وهو المطلق.
(ينعقد معينًا؛ بأن ينوي حجًّا أو عمرة أو كليهما) بالإجماع (ومطلقًا؛ بألا يزيد على نفس الإحرام) لأنه أحد ما قيل في إحرامه صلى الله عليه وسلم.
(والتعيين أفضل) لأنه أقرب إلى الإخلاص، وليعرف ما يدخل عليه، (وفي قول: الإطلاق) ليتمكن من صرفه إلى ما يخاف فوته.
(فإن أحرم مطلقًا في أشهر الحجّ .. صرفه بالنية) لا باللفظ (إلى ما شاء من النسكين أو إليهما ثمَّ اشتغل بالأعمال) ولا يجزئ العمل قبل الصرف بالنية، ومحل صرفه لما شاء منهما: إذا صلح الوقت لهما، فلو ضاق الوقت، وخاف فوت الحج، أو فات .. صرفه إلى العمرة، قاله الروياني (1).
(وإن أطلق في غير أشهره .. فالأصح: انعقاده عمرة، فلا يصرفه إلى الحجّ في أشهره) لأن الوقت لا يقبل غير العمرة، والثاني: ينعقد مبهمًا، فله صرفه إلى حجّ أو قران في أشهره، فإن صرفه إلى الحجّ قبل أشهره .. كان كمن أحرم بالحج قبل أشهره، فينعقد عمرةً.
(وله أن يحرم كإحرام زيد) لأن أبا موسى أهلّ بإهلال كإهلال رسول الله صلى الله
(1) بحر المذهب (5/ 89).
فَإِنْ لَمْ يَكُنْ زَيْدٌ مُحْرِمًا .. انْعَقَدَ إِحْرَامُهُ مُطْلَقًا - وَقِيلَ: إِنْ عَلِمَ عَدَمَ إِحْرَامِ زَيْدٍ .. لَمْ يَنْعَقِدْ - وَإِنْ كَانَ زَيْدٌ مُحْرِمًا .. انْعَقَدَ إِحْرَامُهُ كَإِحْرَامِهِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ مَعْرِفَةُ إِحْرَامِهِ بِمَوْتهِ .. جَعَلَ نَفْسَهُ قَارِنًا وَعَمِلَ أَعْمَالَ النُّسُكَيْنِ.
===
عليه وسلم فلما قدم أخبره، فقال:"أَحْسَنْتَ، طُفْ بِالْبَيْتِ وَبِالصفَا وَالْمَرْوَةِ، وَأَحِلَّ"، وكذا فعل علي رضي الله عنه، وكلاهما في "الصحيحين"(1).
نعم؛ لو علق على إحرام زيد في المستقبل، أو على طلوع الشمس، ونحوه .. ففيه وجهان، وميل الرافعي إلى الجواز (2).
(فإن لم يكن زيد محرمًا .. انعقد إحرامه مطلقًا) لأنه قصدُ الإحرام بصفة خاصة، فإذا بطلت الصفة .. بقي أصلُ الإحرام، (وقيل: إن علم عدمَ إحرام زيد .. لم ينعقد) كما لو علَّق، فقال: إن كان محرمًا .. فقد أحرمت، فلم يكن محرمًا، والفرق على الأول: أنه هنا جازم بالإحرام، بخلاف ما إذا علَّق.
(وإن كان زيد محرمًا .. انعقد إحرامُه كإحرامه) من حجّ، أو قران، أو عمرة، أو إطلاق؛ لحديث أبي موسى المارّ، وقد يوهم كلامه: أنه لو أحرم زيد بعمرة بنية التمتع أنه يلزم عمرًا التمتع وليس كذلك، بل تلزمه العمرة فقط.
ويستثنى من إطلاقه: ما إذا كان إحرام زيد فاسدًا .. فإنه ينعقد إحرامه مطلقًا على الأصحِّ في "زيادة الروضة" و"شرح المهذب"(3).
(فإن تعذر معرفةُ إحرامه بموته) أو جنونه، أو غيبته ( .. جعل نفسه قارنًا) بأن ينوي القران (وعمل أعمالَ النسكين) ولا يتحرى على المذهب؛ لأنه لا سبيل إلى الاطلاع على نية الغير.
* * *
(1) أما حديث أبي موسى .. فهو عند البخاري برقم (1559)، ومسلم برقم (1221) عن أبي موسى رضي الله عنه، وأما حديث علي .. فعند البخاري برقم (1558)، ومسلم برقم (1250) عن أنس بن مالك رضي الله عنه.
(2)
الشرح الكبير (3/ 368).
(3)
روضة الطالبين (3/ 61)، المجموع (7/ 205).