الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل [في تكفين الميت]
يُكَفَّنُ بِمَا لَهُ لُبْسُهُ حَيًّا، وَأَقَلُّهُ: ثَوْبٌ، وَلَا تنفَّذُ وَصِيته بإسْقَاطِهِ. وَالأَفْضَلُ لِلرَّجُلِ: ثَلَاثة،
===
وصح النهي عن محدثات الأمور، وكما أنه لا يختن على الأصحِّ.
وهذا القول ليس بقديم كما يقتضيه كلامه، بل جديد نص عليه في "الأم" و"المختصر" كما ذكره في "شرح المهذب"(1).
* * *
(فصل: يكفن بما له لبسه حيًّا) فيجوز تكفين المرأة بالحرير مع الكراهة، بخلاف الرجل والخنثى.
(وأقله: ثوب) واحد في حق الرجل والمرأة (2)؛ لأن ما دونه لا يسمى كفنًا، ويكفي ساتر العورة فقط على الأصح في "زيادة الروضة" و"شرح المهذب"(3)، وقيل: لابدَّ من ثوب يعمّ البدن، وصححه جمع، منهم: المصنف في "الإيضاح"(4).
(ولا تنفذ وصيته بإسقاطه) أي: بإسقاط الثوب الواجب؛ لأنه حقّ لله تعالى، بخلاف الثاني والثالث.
(والأفضل: للرجل) ولو صبيًا (ثلاثة) لأنه عليه السلام كفن فيها، متفق عليه (5).
نعم؛ إن كفن من بيت المال، أو من مال المسلمين عند فقده .. لم يزد على واحد
(1) المجموع (5/ 138).
(2)
في "فتاوى الحناطي": أن بعض الورثة إذا أسرف في كفن الميت .. يَغرم للباقين قيمةَ ما أسرف فيه. اهـ هامش (أ).
(3)
روضة الطالبين (2/ 110)، المجموع (5/ 148).
(4)
الإيضاح (ص 90 - 91).
(5)
صحيح البخاري (1264)، صحيح مسلم (941) عن عائشة رضي الله عنها.
وَيَجُوزُ رَابِعٌ وَخَامِسٌ، وَلَهَا: خَمْسَةٌ. وَمَنْ كُفِّنَ مِنْهُمَا بثَلَاثَةٍ .. فَهِيَ لَفَائِفُ. وَإِنْ كُفِّنَ فِي خَمْسَةٍ .. زِيدَ قَمِيصٌ وَعِمَامَةٌ تَحْتَهُنَّ. وَإِنْ كُفِّنَتْ فِي خَمْسَةٍ .. فَإِزَارٌ، وَخِمَارٌ، وَقَمِيصٌ، وَلِفَافَتَانِ،
===
في الأصحِّ، قال ابن الصلاح: وكذا من الوقف على الأكفان.
(ويجوز رابع وخامس) بلا كراهة؛ لأن ابن عمر كفن ابنًا له في خمسة أثواب: قميص، وعمامة، وثلاث لفائف، رواه البيهقي (1)، وتكره الزيادة على الخمسة، قال في "شرح المهذب": ولا يبعد التحريم؛ لأنه إضاعة مال، إلّا أنه لم يقل به أحد. انتهى (2)، وقد جزم ابن يونس في "شرح التنبيه" بالتحريم.
(ولها خمسة) أي: والأفضل للمرأة: خمسة؛ رعاية لزيادة الستر في حقهما، ولأنه عليه الصلاة والسلام أعطى في كفن ابنته الحَقْو -وهو الإزار- ثم الدِّرْع، ثم الخمار، ثم المِلحفة، ثم أدرجت بعدُ في الثوب الآخر. رواه أبو داوود ولم يضعفه (3)، والخنثى كالمرأة.
(ومن كفن منهما بثلاثة .. فهي لفائف) أي: ليس فيها قميص ولا عمامة للرجل، ولا إزار ولا خمار للمرأة؛ لأنه عليه السلام كُفن في ثلاثة أثواب يمانية بِيض ليس فيها قميص، ولا عمامة، متفق عليه (4).
وتكون الثلاثة متساوية طولًا وعرضًا، يأخذ كلّ لِفافة جميع بدن المرأة، وكذا الرجل على الأصحِّ.
(وإن كفن في خمسة .. زيد قميص وعمامة تحتهن) اقتداء بفعل ابن عمر رضي الله عنهما.
(وإن كفنت في خمسة .. فإزار، وخمار، وقميص، ولفافتان) اقتداء بفعله عليه
(1) السنن الكبرى (3/ 402) عن نافع رحمه الله تعالى، وأخرجه ابن سعد في "الطبقات"(7/ 202) عن الزهري رحمه الله تعالى.
(2)
المجموع (5/ 150).
(3)
سنن أبي داوود (3157)، وأخرجه أحمد (6/ 380) عن ليلى بنت قانف رضي الله عنها.
(4)
صحيح البخاري (1264)، صحيح مسلم (941) عن عائشة رضي الله عنها.
وَفِي قَوْلٍ: ثَلَاثُ لَفَائِفَ وَإِزَارٌ وَخِمَارٌ. وَيُسَنُّ الأَبْيَضُ. وَمَحَلُّهُ: أَصْلُ التَّرِكَةِ، فَإِنْ لَمْ تكُنْ .. فَعَلَى مَنْ عَلَيْهِ نَفَقَته من مِنْ قَرِيبٍ وَسَيدٍ، وَكَذَا الزَّوْجُ فِي الأَصَحِّ. وَتبسَطُ أَحْسَنُ اللَّفَائِفِ وَأَوْسَعُهَا، وَالثَّانِيَةُ فَوْقَهَا، وَكَذَا الثَّالِثَةُ، وَيُذَرُّ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ حَنُوط.
===
الصلاة والسلام بابنته أم كلثوم؛ كما سلف (1).
(وفي قول: ثلاث لفائف، وإزار، وخمار) أي: واللِّفافة الثالثة بدل القميص؛ لأن الخمسة لها؛ كالثلاثة للرجل، والقميص لم يكن في كفنه صلى الله عليه وسلم.
(ويسن الأبيض) لقوله صلى الله عليه وسلم: "الْبَسُوا مِنْ ثِيَابِكُمُ الْبَيَاضَ، وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ" صححه الترمذي (2)، فلو كانت كلّها حِبَرة .. لم يكره.
(ومحله أصل التركة) بالإجماع، وكذلك سائر مؤن تجهيزه، إلا أن يتعلق حقّ الغير بعين التركة؛ كما ذكره في الفرائض (3).
(فإن لم تكن) تركة ( .. فعلى من عليه نفقته؛ من قريب وسيد) اعتبارًا بحال الحياة (وكذا الزوج في الأصح) لأنها في نفقته في الحياة، فلزمه مؤنتها بعد الموت؛ كالسيد مع العبد، والثاني: لا تجب عليه، لزوال التمكين المقابل للنفقة.
وظاهر كلامه: أنه إنما يجب على الزوج إذا لم تكن للمرأة تركة، وليس كذلك، بل الأصح في "الروضة" و"أصلها": وجوبه عليه مطلقًا؛ فإن لم يكن له مال .. ففي مالها (4)، وفي حكم الزوجة خادمها؛ كما ذكره الرافعي في (النفقات)(5).
(وتبسط أحسن اللفائف وأوسعها، والثانية فوقها، وكذا الثالثة) لأن المبسوطة أولًا هي التي تظهر، فناسب أن تكون أحسن؛ إذ الحي يقصد ذلك.
(ويذرّ على كل واحدة حنوط) لأنه يدفع سرعة بَلاء الكفن، ويَقيه من بلل يصيبه.
(1) في (ص 443).
(2)
سنن الترمذي (994)، وأخرجه ابن حبان (5423)، والحاكم (4/ 185)، وأبو داوود (4061) عن ابن عباس رضي الله عنهما.
(3)
منهاج الطالبين (ص 337).
(4)
روضة الطالبين (2/ 111)، الشرح الكبير (2/ 411).
(5)
الشرح الكبير (10/ 9).
ويوضَعُ الْمَيِّتُ فَوْقَهَا مُسْتَلْقِيًا وَعَلَيْهِ حَنُوطٌ وَكَافُور، وَتشُدُّ أَلْيَاهُ، وَيُجْعَلُ عَلَى مَنَافِذِ بَدَنِهِ قُطْنٌ، وَتُلَفُّ عَلَيْهِ اللَّفَائِفُ وَتشُدُّ، فَإِذَا وضِعَ فِي قَبْرِهِ .. نُزِعَ الشِّدَادُ. وَلَا يُلْبَسُ الْمُحْرِمُ الذَّكَرُ مَخِيطًا، وَلَا يُسْتَرُ رَأْسُهُ وَلَا وَجْهُ الْمُحْرِمَةِ. وَحَمْلُ الْجِنَازَةِ بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ أَفْضلُ مِنَ التَّرْبِيعِ فِي الأَصَحِّ،
===
(ويوضع الميت فوقها مستلقيًا وعليه حنوط وكافور) لأنه يقويه ويَصلُبه، ويذهب عنه الهوام والرائحةَ الكريهة.
وكان الأولى حذف قوله: (وكافور) لدخوله في الحنوط؛ إذ الحنوط يشتمل على الكافور والصَّنْدَل الأحمر وذَرِيرة القَصَب؛ كما قاله الأزهري (1).
(وتشد ألياه) بأن يشق رأس خرقة ويجعل وسطها عند أليتيه وعانته، ويشدها عليه فوق السرة بأن يرد ما يلي ظهره إلى سرته، وذلك بعد دسّ قطنٍ عليه حنوطٌ في أليتيه حتى يتصل بالحلقة؛ إحكامًا لمنع الخارج.
(ويجعل على منافذ بدنه) كالعين والأذن والمَنْخِر والمخرج (قطن) حَليجٌ عليه حنوط؛ دفعًا للهوام، ويجعل الطيب على مساجده، وهي: الجبهة، والأنف، والركبتان، وباطن الكفين، والقدمين؛ إكرامًا لها.
(وتلف عليه اللفائف) بأن يثنى الطرفُ الأيسر ثم الأيمن؛ كما يَفعل الحي بالقَباء، (وتشد) منعًا لانتشارها بحركته عند الحمل.
(فإذا وضع في قبره .. نزع الشداد) لزوال المقتضى؛ لأنه يكره أن يكون عليه في القبر شيء معقود.
(ولا يلبس المحرم الذكر مخيطًا، ولا يستر رأسه، ولا وجه المحرمة) لما سبق في فصل الغسل.
(وحمل الجنازة بين العمودين أفضل من التربيع في الأصح) لفعل الصحابة ذلك، منهم: سعد بن أبي وقاص لمّا حمل عبد الرحمن بن عوف، رواه الشافعي في "الأم" بإسناد صحيح (2)، والثاني: التربيع أفضل؛ لأنه أصون للميت، والثالث:
(1) تهذيب اللغة (4/ 390).
(2)
الأم (2/ 603).