الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بصيرة فى اليد
اليَدُ: الكَفُّ، وقيل: اليَدُ من أَطْرافِ الأَصابع إِلى الكَتِفِ وأَصلُها يَدْىٌ، والجَمْعُ يُدِىٌّ، وجمع الجمع أَيادٍ. وفيها لُغات: اليَدُ بالتخفيف، واليَدُّ بالتشديد، واليَدَى كفَتَى، واليَدَه. وإِنمّا قلنا أَصلها يَدْىٌ لأَنهم يجمعونها على أَيْدٍ، وأَيْدٍ أَفْعُلٌ، وأَفعُلٌ فى جمع فَعْلٍ أَكثرُ نحو أَظْبٍ وأَفْلُس، قال الله تعالى:{أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَآ} ، وقوله تعالى:{فاغسلوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى المرافق} وقولُهم: يَدَيان يدلّ على أَنَّ أَصلَه فَعْلٌ. ويَدَيْتُه: ضربتُ يَدَه.
واستُعِير اليَدُ للجاهِ، والوَقارِ، والطَّرِيق، ومَنْع الظُلْم، والقُوَّةِ، والقُدْرَة، والسُّلْطانِ، والمِلْكِ - بكسر الميم - والجماعَةِ، والأَكل، والنَّدَم، والغِياثِ، والإِسْلامِ، والذُلِّ، والنِّعْمَة، والإِحسان، والجمع: يُدِىٌّ مثلَّثة الأَوّل، وأَيْدٍ.
ويُدِىَ كعُنَى، ويَدِىَ كرَضِىَ، وهذه ضعيفة: أُولِىَ بِرّاً.
ويَدَيْتُه: أَصَبْتُ/ يَدَه؛ واتْخَذْت عنده يَداً كأَيْدَيْتُ عِنْدَه، وهذه أَكثر، فأَنا مُودٍ، وهو مُودًى إِليه.
ويقال: هذا فى يَدِ فُلان، أَى فى حَوْزه ومِلْكه، قال الله تعالى:{أَوْ يَعْفُوَاْ الذي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النكاح} .
ولفُلان يَدٌ على كذا، أَى قُوَّةٌ وتسلُّطٌ. ومالِى بكذا يَدٌ، وَمالى به يَدانِ..
وَيدُهُ مُطْلَقَة، عبارة عن بَثِّ النِّعْمة، ويَدُه مَغْلُولَة، عبارة عن إِمْساك النِّعَم، قال الله تعالى:{وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إلى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ البسط} تنبيها على التوسُّط بين طَرَفى التبذير والتَّقتير.
ويُقال: نَفضْتُ يَدِى عن كذا، أَى خَلَّيْتُه وَتَركتُه.
وقولُه تعالى: {إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ القدس} أَى قَوَّيْتُ يَدَك وقوله: {فَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ} تنبيه أَنَّهم اخْتَلَقُوه، وذلك كنسبة القول إِلى أَفْواهِهم فى قوله:{ذلك قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ} تنبيهاً على اختلاقِهم.
وقوله تعالى: {أُوْلِي الأيدي والأبصار} إِشارَة إِلى القُوَّةِ الموجودة لهم. وقولُه: {واذكر عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا الأيد} أَى القَوىّ.
وقوله: {حتى يُعْطُواْ الجزية عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} أَى يُعْطُون ما يُعْطُون عن مُقابَلَةِ نِعْمَة عليهم فى مُقارَّتِهِم. ومَوْضِعُ قولِه عن يَد
حالٌ. وقيل: بعد اعْتِرافِ أَنَّ أَيْدِيَكم فَوْق أَيْدِيهم، أَى يُلْزَمون الذُل.
ويقال: فلانٌ يَدُ فُلان، أَى وَلِيُّه وناصِرُهُ. ويقال لأَولِياءِ الله هم أَيْدِى الله، وعلى هذا الوجه قال الله تعالى:{إِنَّ الذين يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ الله يَدُ الله فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} فإِذا يَدُه صلى الله عليه وسلم يَدُ الله، وإِذا كان يَدُه فوق أُيْدِيهم فيَدُ الله فوق أَيْدِيهم. ويؤيّد ذلك ما فى الصّحيحين من الحديث القدسىّ:"لا يزال العَبْدُ يَتَقَرّب إِلّى بالنَّوافل حَتَّى أُحِبَّه، فإِذا أَحْبَبْتُه كنتُ سَمْعَه الَّذى يَسْمَع به، وبصره الذى يُبْصر بهِ، ويَدُه الَّتى يَبْطِشُ بها".
وقوله تعالى: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} عبارةٌ عن تَوَلِّيهِ لِخَلْقه باختراعه الذى ليس إِلا له تعالى. وخُصَّ لفظُ اليَد إِذ هى أَجَلُّ الجوارح الَّتى يُتَوَلَّى بها الفعل فيما بيننا لِيُتَصَوَّر لنا اختصاصُ المعنَى، لا لنَتَصَوَّر منه تَشْبِيهاً. وقيل: معناه بنِعْمَتى التى رشَّحْتُها لهم. والباءُ فيه ليس كالباءِ فى قَطَعْتُه بالسِكين، بل هو كقولهم: خرجَ بسَيْفه، أَى ومَعَه سَيْفُه، أَى خلقتُه ومعه نِعْمتاىَ الدُّنْيَويّة والأُخَروِيّة الَّلتان إِذا رعاهُما بلغ بهما السّعادة الكبرى.
وقولُه: {يَدُ الله فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} ، قيل: نِعْمَتُه ونُصْرَتُه وقُوَّته.
ورجُلٌ يَدِىٌّ، وامرأَةٌ يَدِيَّةٌ، أَى صَناعٌ.
وقولُه: {وَلَمَّا سُقِطَ في أَيْدِيهِمْ} أَى نَدِمُوا، يقال: سُقِط (فى يده وأُسْقِط)، وذلك عبارة عن المُتَحَسِّر أَو عمّن يُقَلِّب كَفَّيْه كما قال تعالى:{فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَآ أَنْفَقَ فِيهَا} .
وقوله تعالى: {فردوا أَيْدِيَهُمْ في أَفْوَاهِهِمْ} أَى كَفُّوا عمّا أُمِرْوا بقَبُوله من الحقَّ، يقال رَدَّ يَدَه فى فَمِهِ، أَى أَمْسَك ولم يُجبْ. وقيل: رَدُّوا أَيْدِى الأَنبياءِ فى أَفْواههم، أَى قالوا ضَعُوا أَنامِلَكم على أَفواهكم واسْكُتُوا. وقيل: رَدُّوا نِعَمَ الله بأَفْواههم، أَى بتكذيبهم. وقوله تعالى:{بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} ، أَى يد نِعْمَته ويَد مِنَّتِه. وفى الحديث "اليَدُ العُلْيَا خَيْرٌ من اليَدِ السُّفْلَى".
وقيل فى قوله تعالى: {تَبَّتْ يَدَآ أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} إِنَّها على الأَصل، لأَنَّ يَدَا لغة فى اليَد، أَوْ هى الأَصلُ وحُذِف أَلِفُه كما قدّمناه، وقيل بل هى تَثْنِيَة اليَدِ.