الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وبموته ضعف امْر آل بويه بِبَغْدَاد وَعظم امْر الاتراك وحصلت فتن كَثِيرَة وعمت الفوضى جَمِيع انحائها وَاسْتمرّ الْحَال كَذَلِك إِلَى ان حضر جلال الدولة بن بهاء الدولة إِلَى الْبَصْرَة فِي رَمَضَان سنة 418 فَخرج الْخَلِيفَة لملاقاته وَسلمهُ قيادة الامور
السلجوقيون
وَفِي ذِي الْحجَّة سنة 422 توفّي الْقَادِر بِاللَّه وعمره يقرب من سبع وَثَمَانِينَ سنة وخلافته احدى واربعين سنة وَشهر وبويع بعده ابْنه ابو جَعْفَر عبد الله بِعَهْد مِنْهُ ولقب الْقَائِم بامر الله وَفِي خِلَافَته ابتدأت دولة آل سلجوق وجد هَذِه العائلة يُسمى دقاق من رُؤَسَاء قبائل التّرْك الَّتِي كَانَت تَأتي من بِلَاد كشغر الْوَاقِعَة فِي غرب بِلَاد الصين تباعا وَولد لَهُ سلجوق ولنجابته قدمه ملك التّرْك اذ ذَاك واسْمه يبغو ثمَّ تَركه سلجوق وَقصد بِلَاد الاسلام واسلم هُوَ وَجَمِيع من تبعه من رجال قبيلته وَنزل بجنده بِقرب بُخَارى واخذ فِي غَزْو الْكفَّار من التّرْك فَعظم امْرَهْ وَكَثُرت جُنُوده وَخلف من الاولاد ارسلان وَمِيكَائِيل ومُوسَى قتل مِنْهُم مِيكَائِيل فِي الْحَرْب وَخلف يبغو وطغرل بك وجغرو بك ثمَّ حصلت فتن بَينهم وَبَين بغراخان ملك تركستان فِي ذَاك الْعَهْد ادت إِلَى سفك الدِّمَاء وَلما عظم امْر السلجوقيين خشى مَحْمُود الغزنوي من تعديهم على املاكه فحاربهم وَفرق قبائلهم بَين خُرَاسَان واصفهان ثمَّ اجْتَمعُوا ثَانِيًا وحاربوه وانتصروا عَلَيْهِ وعَلى وَلَده مَسْعُود من بعده واستولوا على خُرَاسَان وخطب لَهُم على منابرها فِي سنة 431 وَفِي سنة 432 انتهز طغرل بك السلجوقي فرص الحروب الداخلية الَّتِي وَقعت بَين مَسْعُود الغزنوي واخيه مُحَمَّد وَابْنه مودود فاستولى طغرل بك الْمَذْكُور على جرجان وطبرستان وَفِي السّنة التالية أَي سنة 434 ملك خوارزم وَمَا حولهَا وَفِي اثناء ظُهُور ونمو دولة
آل سلجوق بِهَذِهِ الْجِهَات كَانَت الفوضى عَامَّة فِي بَغْدَاد لقِيَام الْفِتَن بَين جنود آل بويه من الديلم والجيوش التركية حَتَّى لما توفّي جلال الدولة بن بويه فِي شعْبَان سنة 435 لم يتَّفق الْجند على تعْيين خلف لَهُ وَبقيت دَار السَّلَام بِلَا حُكُومَة ان صَحَّ تَسْمِيَتهَا بِهَذَا الِاسْم إِلَى ان قبل ابو كاليجار بن سُلْطَان الدولة بن بهاء الدولة الامارة واتى إِلَى بَغْدَاد فِي صفر سنة 436 وَلم تطل مُدَّة ابي كاليجار بل توفّي فِي جُمَادَى الاولى سنة 440 بكرمان وَتَوَلَّى بعده وَلَده الْملك الرَّحِيم وَفِي مدَّته وَقعت عدَّة فتن فِي بَغْدَاد بَين السّنة والشيعة ادت إِلَى حرق قُبُور بعض الْخُلَفَاء وامراء بني بويه وَقتل فِيهَا خلق كثير لعدم امكان الْحُكُومَة قمع الْفِتَن وَفِي هَذِه الاثناء عظم امْر طغرل بك السلجوقي فاستولى على اصفهان فِي محرم سنة 443 وَدخل تبريز سنة 446 ثمَّ قصد حلوان وَنزل بهَا سنة 447 فراسله قواد الاتراك واستدعوه إِلَى بَغْدَاد باذلين لَهُ الطَّاعَة فَقبل وَقبل الْخَلِيفَة وخطب لطغرل بك فِي 22 رَمَضَان من هَذِه السّنة ثمَّ دخل بَغْدَاد بِمن اتى مَعَه من جيوشه بعد ان اقْسمْ للخليفة الْقَائِم وللملك الرَّحِيم باحترام حُقُوقهم لَكِن لم تلبث جيوشه بِالْمَدِينَةِ
حَتَّى حصلت فتْنَة بَينهم وَبَين جنود الْملك الرَّحِيم كَانَت نتيجتها الْقَبْض على الْملك الرَّحِيم وقواد جيوشه وَبِذَلِك انْقَضتْ دولة آل بويه بعد ان استمرت مُدَّة ملكهم مائَة وَثَلَاث عشرَة سنة من تَارِيخ دُخُول معز بن بويه بَغْدَاد فِي جُمَادَى الاولى سنة 334 وابتدأت دولة آل سلجوق بِبَغْدَاد ولتوطيد اقدامهم بهَا زوج طغرل بك ابْنة اخيه إِلَى الْخَلِيفَة سنة 448 وَتزَوج هُوَ بنت الْخَلِيفَة فِي شعْبَان سنة 454
هَذَا وَفِي سنة 450 ثار ابراهيم أَخُو طغرل بك على اخيه فحاربه وَقَتله وَفِي اثناء اشْتِغَاله بمحاربة اخيه ثار بعض الْجنُود بِبَغْدَاد تَحت قيادة من يدعى البساسيري فَخرج الْخَلِيفَة مِنْهَا وخطب فِي الْجَوَامِع للمستنصر بِاللَّه الْخَلِيفَة الفاطمي لَكِن لم تدم هَذِه الْحَالة بل عَاد طغرل بك إِلَى بَغْدَاد واعاد الْخَلِيفَة اليها وَحَارب البساسيري حَتَّى قبض عَلَيْهِ وَقَتله فِي 8 ذِي الْحجَّة سنة 451 وَفِي رَجَب من هَذِه السّنة توفّي دَاوُد بن مِيكَائِيل بن سلجوق اخو طغرل بك صَاحب خُرَاسَان وَتَوَلَّى مَكَانَهُ ابْنه الب ارسلان ثمَّ توفّي طغرل بك فِي لَيْلَة الْجُمُعَة 8 رَمَضَان سنة 455 عَن غير عقب وَخَلفه الب ارسلان السالف الذّكر فَصَارَ حَاكما على خُرَاسَان وَالْعراق والموصل واصفهان وتبريز وَغَيرهَا من الْبِلَاد الَّتِي فتحهَا طغرل بك قبل وَفَاته ثمَّ اضاف الب ارسلان إِلَى املاكه بلادا كَثِيرَة واطاعه صَاحب جند وبخارى وَكَذَلِكَ اصحاب ديار بكر وحلب وَفتح مَدِينَة
الرملة وَبَيت الْمُقَدّس وحاصر دمشق وَلم يفتحها وَحَارب قطلومش بن ارسلان ابْن سلجوق لعصيانه عَلَيْهِ وَقتل فِي الْحَرْب فخلفه وَلَده سُلَيْمَان الَّذِي اسس دولة سلجوقية بقونية استمرت إِلَى ان فتحهَا العثمانيون وَاسْتمرّ الب ارسلان مَالِكًا لجَمِيع هَذِه الْجِهَات المتسعة إِلَى ان قتل فِي 11 ربيع الآخر سنة 456 وَولى بعده ابْنه ملكشاه وَفِي 13 شعْبَان سنة 467 توفّي الْخَلِيفَة الْقَائِم بِاللَّه وَكَانَت مُدَّة خِلَافَته خمْسا واربعين سنة تَقْرِيبًا وبويع عبد الله ابْن وَلَده مُحَمَّد ذخيرة الدّين لوفاة ذخيرة الدّين قبل ابيه الْقَائِم ولقب عبد الله الْمُقْتَدِي بامر الله وَهُوَ الثَّامِن وَالْعِشْرين من خلفاء بني الْعَبَّاس وساس ملكشاه الْأُمُور بغاية الْحِكْمَة وَفتح الْبِلَاد شرقا وغربا واقام بِبَغْدَاد مرْصدًا فلكيا وجامعا عَظِيما سمي جَامع السُّلْطَان وَعظم فِي ايامه امْر الاسلام فِي الشرق حَتَّى خطب باسمه من بِلَاد الصين إِلَى الشَّام وَمن اقاصي بِلَاد الاسلام فِي الشمَال إِلَى بِلَاد الْيمن فِي الْجنُوب وَتُوفِّي فِي نصف شَوَّال سنة 485 وبينما كَانَت هَذِه الدولة ى الاسلامية ترتقي فِي دَرَجَات الْكَمَال كَانَت الدول الاسلامية فِي الغرب آخذة فِي الانحطاط فتفرقت بِلَاد الاندلس طوائف وَملك الافرنج مَدِينَة طليطلة وَعبر يُوسُف بن تاشفين من مراكش إِلَى الاندلس
وَضم إِلَى رايته بعض ولاياته وَضعف حَال الْمُسلمين بِجَزِيرَة صقلية وتفرق اهلها واستحكم الشقاق بَينهم حَتَّى استعانوا على بَعضهم بملوك الافرنج وَلما توفّي ملكشاه اخفت زَوجته خبر مَوته إِلَى ان استحلفت القواد لابنها مَحْمُود وعمره ارْبَعْ سِنِين وشهور فانكر عَلَيْهَا ذَلِك ابْنه الاكبر بركيارق وَحَارب جنودها فَهَزَمَهُمْ وَاسْتقر لَهُ الامر وخطب لَهُ فِي بَغْدَاد يَوْم الْجُمُعَة 14 محرم سنة 487 وَفِي يَوْم السبت 15 مِنْهُ توفّي الْخَلِيفَة الْمُقْتَدِي بامر الله وعمره ثَمَان وَثَلَاثُونَ سنة ومدته نَحْو عشْرين سنة وبويع بعده ابْنه ابو الْعَبَّاس احْمَد المستظهر بِاللَّه وسنه سِتّ عشرَة سنة
هَذَا وَبعد موت ملكشاه تفرق ملكه وَلم يضم شتاته اُحْدُ من خلفائه بل ثارت بَينهم الحروب الداخلية الَّتِي ادت إِلَى تجزئتها واستحواز كل فَرد على جُزْء مِنْهَا واستمرار الحروب بَين الامراء السلجوقيين الَّذين أستقلوا بِبِلَاد الشَّام والموصل والكرد وَفَارِس وَغَيرهَا فثار تتش اخو ملكشاه على السُّلْطَان بركيارق فَقتل