الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمقيدَة فِي السّجل العمومي كل ثَلَاثَة اشهر وتتنازل لَهُ الدولة لوفائها عَن بعض ايرادات مُعينَة وَبِذَلِك امكن دفع الكوبونات اولا فاولا وَاتَّقَى شَرّ تاخير دَفعهَا الَّذِي يعد فِي عرف الْمَالِيَّة افلاسا وَصَارَت الدولة تقترض مَا يلْزمهَا من البنوك بِدُونِ اصدار اسهم عمومية
بعد ان اسْتَقَرَّتْ احوال الدولة الْمَالِيَّة اَوْ كَادَت تحركت الْفِتَن السياسية اولا بِسَبَب عدم قبُول حُكُومَة الصرب بِاتِّفَاق 11 ربيع الاول سنة 1279 6 سبتمبر سنة 1862 رَاجع صحيفَة 523 القَاضِي بِبَقَاء الجيوش العثمانية محتلة لاربع قلاع بداخل بِلَاد الصرب كَمَا سبق ذكر ذَلِك وطلبها من الدول بِكُل الحاح ابطال هَذَا الشَّرْط وانجلاء عَسَاكِر الدولة عَنْهَا قَطْعِيا فَلم تقبل الدولة بل هددت الصرب بِالْحَرْبِ لَو مست عساكرها المحتلين بِسوء وَلَكِن اشتعال نَار الْفِتَن بكريد اشغلها عَن اخضاعها وَقبلت اخيرا فِي ذِي الْقعدَة سنة 1283 مارس سنة 1867 سحب عساكرها فكمل اسْتِقْلَال الصرب وَلم يبْق على اميرها الا لقب ملك
وَمثل ذَلِك حصل بِخُصُوص الِاعْتِرَاف بانتخاب الْبُرْنُس شارل دي هوهنزولرن البروسي فان الدولة بعد ان جمعت جَيْشًا جرارا على حُدُود رومانيا لفسخ الانتخاب والزام الاهالي بِاتِّبَاع نُصُوص المعاهدات اضطرتها
ثورة كريد
إِلَى الْعُدُول عَن هَذِه الخطة وَالِاعْتِرَاف بانتخابه وَلَقَد اصابت الدولة فِي ذَلِك لَان وجود مثل هَذِه الامارة فِي طَرِيق الروسيا يفيدها وَقت الْحَرْب خُصُوصا إِذا لم يكن اميرها مصافيا للروسيا وَلَا متحدا مَعهَا فِي الْمَذْهَب وَالْجِنْس
ثورة كريد
اما ثورة جَزِيرَة كريد فَنَشَأَتْ من دسائس اليونان بهَا وسعيهم فِي ضمهَا اليهم لَكِن يظْهر ان مصلحَة الدول البحرية لم تسمح لَهُم هَذِه الْمرة بتأييد مطَالب اليونان بل كَانَت كلهَا مضادة لسلخ هَذِه الجزيرة عَن املاك الدولة الْعلية
وَلذَلِك منعت الدول مملكة اليونان من مساعدة الجزيرة الثائرة وارسلت الدولة العثمانية لقمعها جَيْشًا عرمرما وارسل المرحوم اسماعيل باشا خديوي مصر الاسبق فرقة لمساعدتها على مُقْتَضى الفرمانات واظهرت الجيوش المصرية بهَا شجاعتها الْمُعْتَادَة
وفازت بالنصر فِي عدَّة مواقع مهمة خُصُوصا فِي وَاقعَة ارقاذي اركاديون حَتَّى استحقوا ثَنَاء خديويهم عَلَيْهِم وشكره لَهُم فارسل لَهُم بكريد رِسَالَة قُرِئت على جَمِيع العساكر والضباط المصريين وَكَانَ الْمُحَرر لَهَا المرحوم عبد الله باشا فكري الَّذِي كَانَ اذ ذَاك نَاظر قلمي التحريرات والعرضحالات وَقد اردنا ايرادها حرفيا لرقة مبانيها ودقة مَعَانِيهَا شاهدة بِفضل المصريين فِي براعة التَّحْرِير كَمَا تشهد لَهُم بالنصر والفوز الْعَظِيم وَهَا هِيَ بحروفها
إِلَى من باشروا وَاقعَة ارقاذي من الضباط الجهادية وافراد العساكر المصرية سَلام من الله وَتَسْلِيم ورضوان كريم يهدى لاولكم وآخركم ويسدى لمأموركم وآمركم لَا زلتم محفوفين من الله بنصره محفوظين بأَمْره غَالِبين على عَدوكُمْ بقهره متقلبين فِي نعْمَته وبره وَلَا انفكت عزائمكم فِي كروب الْحَرْب عزائم وصوارمكم فِي قطوب الخطوب بواسم واعلامكم للنجح والتمكين علائم وايامكم لِلْفَتْحِ الْمُبين مواسم ورياح الْقَهْر والدمار على عَدوكُمْ سمائم ونسمات النَّصْر والفخار فِي رواحكم وغدوكم نواسم وَبعد فَمَا زلت اتشوق من اخبار شجاعتكم مَا يسر الخواطر واتشوف من آثَار براعتكم مَا يقر النواظر واثقا بعزمكم وحزمكم فِي المضايق مبتهجا بِمَا ابديتموه من حسن السوابق حَتَّى ورد فابور الشرقية من طرف حَضْرَة الباشا نَاظر الجهادية بيوميات الوقائع العسكرية مُشْتَمِلَة على وَاقعَة ارقاذي وتفصيلاتها وَمَا كَانَ من رسوخ اقدامكم وثباتها واقدامكم فِي جهاتها واقتحامكم مضايق حصونها واستحكاماتها وتسخير مستعصماتها وتدمير اشقياء العصاة وكماتها حَتَّى زلرلت صياصيها وذللت نَوَاصِيهَا ودنا لكم قاصيها ودان عاصيها فَهَكَذَا تكون رجال الْجِهَاد وابطال الْجِدَال والجلاد وَهَكَذَا تفتح الْحُصُون ويبرز سر النَّصْر المصون وَفِي ذَلِك فَلْيَتَنَافَس الْمُتَنَافسُونَ فقد اسفر لكم بِحَمْد الله وَجه التهاني واثمر فِيكُم يعون الله غرس الاماني وايدتم مَا ثَبت للعساكر المصرية من حسن الامور العسكرية فَحصل لي من
الانس وَالسُّرُور بِهَذِهِ الْبشَارَة مَا لاتقدر الالسن ان تصف مِقْدَاره وَلَا يَتَّسِع لَهُ مجَال الاشارة وتأيد فِيكُم حسن انظاري وَظَهَرت ثَمَرَات افكاري وتحققت انكم الْآن بعون الله الْكَرِيم لَا تزالون عَن هَذَا الطَّرِيق القويم وَلَا تزالون فِي تأييد مالكم من الْمجد الْقَدِيم وَقد شاع حَدِيث نصرتكم بَين الاهل والديار وسارت الركْبَان بمحاسن هَذِه الاخبار كَمَا نقلته صَحَائِف الوقائع إِلَى جَمِيع الاقطار فانشرحت صُدُور اهلكم واخوانكم وفرحت بكم جَمِيع اهل بلدانكم وابتسمت ثغور اوطانكم وافتخرت باحاديث شجعانكم وارتاحت ارواح الشُّهَدَاء من اقرانكم والمأمول فِي الطاف الله الْعلية وبركات السلطنة السّنيَّة ثمَّ فِي حميتكم الملية وغيرتكم الوطنية ان يَزُول حَال الاختلال عَن قرب وَيَنْتَهِي امْر الْقِتَال وَالْحَرب ويطيع الْجَمِيع ويسهل كل صَعب منيع وتعودوا لوطننا الْعَزِيز ظافرين بالنصر والتعزيز وَقد قرب حُصُول الامل ونجاح الْعَمَل وَمضى الاكثر وَبَقِي الاقل وَالْحَرب للرجل العسكري والبطل الجريء سوق عَظِيم وموسم كريم تشتري فِيهِ غوالي الْمَعَالِي باعالي الغوالي وتنال فِيهِ منَازِل الاكارم فِي ظلال السيوف الصوارم وَيدْرك الْفَخر الصَّادِق بمرامي المدافع والبنادق وَقد علمْتُم ان الشجَاعَة وان كَانَت تبلغ الامال لَا تقصر الْآجَال كَمَا ان الْجُبْن وان كَانَ يُورث الْعَار لَا يُؤَخر الاعمار وانما هِيَ آجال محدودة وانفاس مَعْدُودَة لَا تقبل التَّغَيُّر وَلَا التَّقْدِيم وَالتَّأْخِير والشجاعة صَبر سَاعَة ثمَّ ينْكَشف الْغُبَار وتسفر الاخبار ويتناقل حَدِيث الشجعان ويخلد فِي تواريخ الزَّمَان فدوموا على ابداء الِاجْتِهَاد وَقومُوا باداء حُقُوق الْجِهَاد واثبتوا على الشجَاعَة والاقدام وثبات الْقُلُوب والاقدام وانجزوا بمعونة الله تَمام هَذَا المرام وكما جودتم براعة المطلع فاحسنوا براعة الختام اهـ
وَلم يكن اهتمام الدولة الْعلية ورجالها بَاقِل من اهتمام الْجنُود المصرية المظفرة فَبعد ان وجهت اليها الجيوش ارسلت اليها مَنْدُوبًا ساميا للمفاوضة مَعَ الثائرين اسْمه كريدلي مُحَمَّد باشا لمعرفته احوال الْبِلَاد لَكِن لم ينجح فِي ماموريته لما كَانَ بَينه وَبَين اعيان الجزيرة من الشحناء بِسَبَب ولَايَته السَّابِقَة على تِلْكَ الجزيرة
ثمَّ فِي 6 شَوَّال سنة 1283 11 فبراير سنة 1867 استقال مُحَمَّد رشدي باشا