المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

اللائحة بعد تعديلها قَلِيلا وارسلوها إِلَى الْبَاب العالي وَهَذَا نَصهَا - تاريخ الدولة العلية العثمانية

[محمد فريد بك]

فهرس الكتاب

- ‌بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

- ‌فِيمَن ولي الْخلَافَة الاسلامية قبل مُلُوك الدولة الْعلية العثمانية

- ‌الْخُلَفَاء الامويون

- ‌دولة بني امية

- ‌ظُهُور دولة العباسيين

- ‌بَنو طولون بِمصْر

- ‌ظُهُور الدولة الفاطمية بتونس

- ‌دولة بني بويه

- ‌الاخشيديون بِمصْر

- ‌الفاطميون بِمصْر

- ‌السلجوقيون

- ‌الحروب الصليبية

- ‌دولة المماليك البحرية بِمصْر

- ‌دولة المماليك الجراكسة

- ‌الْخُلَفَاء العباسيون فِي بَغْدَاد

- ‌الْخُلَفَاء العباسيون فِي مصر

- ‌دولة المماليك

- ‌ المماليك البرجية

- ‌ المماليك الشراكسة

- ‌ السُّلْطَان الْغَازِي

- ‌ السلكان الْغَازِي

- ‌ السُّلْطَان الْغَازِي

- ‌وواقعة قوص اوه

- ‌ السُّلْطَان الْغَازِي

- ‌وَاقعَة نيكوبلي فَلَمَّا علم سجسمون ملك المجر خبر مَا حل بِبِلَاد البلغار خشِي عَليّ مَمْلَكَته اذ صَار متاخما فِي عدَّة نقط للدولة الْعلية فاستنجد باوروبا وساعده البابا واعلن

- ‌اغارة تيمورلنك على آسيا الصُّغْرَى

- ‌الفوضى بعد موت السُّلْطَان بايزيد

- ‌ انْفِرَاد السُّلْطَان

- ‌ السُّلْطَان مرادخان الثَّانِي الْغَازِي

- ‌تنازل السُّلْطَان عَن الْملك وعودته اليه

- ‌فتْنَة اسكندر بك

- ‌ السُّلْطَان الْغَازِي

- ‌فتح جزائر اليونان ومدينة اوترانت

- ‌حِصَار مَدِينَة رودس

- ‌ترتيباته الداخلية

- ‌ السُّلْطَان الْغَازِي بايزيد خَان الثَّانِي واخوه الامير جم

- ‌ابْتِدَاء العلاقات مَعَ دوَل اوروبا

- ‌عصيان اولاد السُّلْطَان عَلَيْهِ وتنازله عَن الْملك لِابْنِهِ سليم

- ‌ السُّلْطَان سليم الاول الْغَازِي الملقب ب ياوز أَي الْقَاطِع

- ‌محاربة الْعَجم وَدخُول العثمانيين مَدِينَة تبريز

- ‌فتح مصر ودخولها ضمن الممالك المحروسة

- ‌ السُّلْطَان الْغَازِي سُلَيْمَان خَان الاول القانوني

- ‌فتح مَدِينَة بلغراد

- ‌فتح جَزِيرَة رودس

- ‌تدَاخل الدولة الْعلية فِي بِلَاد القرم والفلاخ وفتنة الانكشارية

- ‌ابْتِدَاء المخابرات والمراسلات بَين الدولة الْعلية وَملك فرانسا

- ‌فتح بِلَاد المجر وعاصمتها

- ‌اغارة ملك النمسا على المجر وفتحه مَدِينَة بود وانتصار العثمانيين عَلَيْهِ واسترجاع المجر

- ‌ابْتِدَاء الحروب مَعَ النمسا وحصار ويانه عاصمتها اول دفْعَة

- ‌دُخُول العثمانيين مَدِينَة تبريز ثَانِي دفْعَة

- ‌فتح مَدِينَة بَغْدَاد

- ‌الامتيازات القنصلية

- ‌خير الدّين باشا البحري وَفتح اقليمي الجزائر وتونس

- ‌اتِّحَاد فرنسا والدولة الْعلية على محاربة النمسا وَبَعض وقائع اخرى

- ‌موت زابولي ملك المجر وسفر السُّلْطَان إِلَى بود لمحاربة النمساويين

- ‌سفر الدونانمة العثمانية إِلَى فرانسا وَفتح مَدِينَة نيس

- ‌ابرام الصُّلْح مَعَ النمسا

- ‌فتح عدن

- ‌دُخُول العثمانيين مَدِينَة تبريز ثَالِث دفْعَة

- ‌حِصَار جَزِيرَة مالطه

- ‌فتح مَدِينَة سكدوار

- ‌موت السُّلْطَان سُلَيْمَان

- ‌اسباب الانحطاط

- ‌ السُّلْطَان الْغَازِي سليم خَان الثَّانِي

- ‌فتح جَزِيرَة قبرص

- ‌وَاقعَة ليبانت البحرية

- ‌ السُّلْطَان الْغَازِي مرادخان الثَّالِث

- ‌محاربة الْعَجم وَدخُول العثمانيين مَدِينَة تبريز رَابِع دفْعَة

- ‌ السُّلْطَان الْغَازِي مُحَمَّد خَان الثَّالِث

- ‌السُّلْطَان الْغَازِي احْمَد خَان الاول وانتصار الشاه عَبَّاس

- ‌ السُّلْطَان مصطفى خَان الاول

- ‌ السُّلْطَان عُثْمَان خَان الثَّانِي وخلعه ثمَّ قَتله وارجاع السُّلْطَان مصطفى ثمَّ عَزله

- ‌ السُّلْطَان الْغَازِي مُرَاد خَان الرَّابِع

- ‌محاربة الْعَجم واستيلائهم على بَغْدَاد

- ‌ثورة الانكشارية وقتلهم الصَّدْر الاعظم حَافظ باشا وثورة فَخر الدّين الدرزي

- ‌فتح اريوان واسترجاع بَغْدَاد

- ‌ السُّلْطَان الْغَازِي ابراهيم خَان الاول وَفتح جَزِيرَة كريد

- ‌ السُّلْطَان الْغَازِي مُحَمَّد خَان الرَّابِع

- ‌فتح قلعة نوهزل

- ‌حِصَار مَدِينَة ويانه اخر دفْعَة

- ‌ السُّلْطَان الْغَازِي سُلَيْمَان خَان الثَّانِي

- ‌ السُّلْطَان الْغَازِي مصطفى خَان الثَّانِي

- ‌ السُّلْطَان الْغَازِي احْمَد خَان الثَّالِث

- ‌معاهدة بسار وفتس

- ‌تَقْسِيم مملكة الْعَجم بَين العثمانيين والروس وعزل السُّلْطَان الْغَازِي احْمَد الثَّالِث

- ‌ السُّلْطَان الْغَازِي مَحْمُود خَان الاول وَظُهُور نادرشاه

- ‌معاهدة بلغراد

- ‌ السُّلْطَان الْغَازِي عُثْمَان خَان الثَّانِي

- ‌ السُّلْطَان الْغَازِي مصطفى خَان الثَّالِث

- ‌ وَصِيَّة بطرس الاكبر

- ‌عصيان عَليّ بك بِمصْر

- ‌ السُّلْطَان الْغَازِي عبد الحميد خَان الاول

- ‌اسْتِيلَاء الروسيا على بِلَاد القرم

- ‌ السُّلْطَان الْغَازِي سليم خَان الثَّالِث

- ‌معاهدتي زشتوي وياش

- ‌بعض اصلاحات داخلية

- ‌عصيان بازوند اوغلي

- ‌دُخُول الفرنساويين مصر

- ‌خُرُوج الفرنساويين من مصر

- ‌الْفِتَن الداخلية واسبابها

- ‌مُحَمَّد عَليّ باشا وَالِي مصر

- ‌عزل السُّلْطَان سليم الثَّالِث

- ‌ السُّلْطَان الْغَازِي مصطفى خَان الرَّابِع

- ‌ السُّلْطَان الْغَازِي مَحْمُود خَان الثَّانِي

- ‌معاهدة بخارست مَعَ الروسيا

- ‌الوهابيون ومذهبهم

- ‌محاربة مُحَمَّد عَليّ باشا للوهابيين

- ‌ابادة المماليك

- ‌عصيان عَليّ باشا وَالِي يانيه

- ‌ثورة اليونان وطلبها الِاسْتِقْلَال

- ‌سفر الْجنُود العثمانية إِلَى اليونان

- ‌تدَاخل الدول

- ‌ اتِّفَاق آق كرمان

- ‌العقد الْمُنْفَصِل الْمُخْتَص بالافلاق والبغدان

- ‌العقد الْمُنْفَصِل الْخَاص بالصرب

- ‌وَاقعَة ناورين

- ‌خُرُوج العساكر المصرية من موره

- ‌الغاء طَائِفَة الانكشارية

- ‌الْحَرْب مَعَ الروسيا ومعاهدة ادرنه

- ‌احتلال فرنسا لجزائر الغرب

- ‌مُحَمَّد عَليّ باشا وَحرب الشَّام الاولى

- ‌معاهدة كوتاهيه

- ‌معاهدة خونكار اسكله سي

- ‌حَرْب الشَّام الثَّانِيَة

- ‌وَاقعَة نَصِيبين

- ‌ السُّلْطَان الْغَازِي عبد الْمجِيد خَان

- ‌اخلاء المصريين لبلاد الشَّام

- ‌مَسْأَلَة لبنان ونقتلة المارونية

- ‌الاصلاحات الداخلية

- ‌فرمان الكلخانة

- ‌الاصلاحات الْخَيْرِيَّة

- ‌اتِّفَاق بلطه ليمان

- ‌اسباب حَرْب القرم

- ‌وَاقعَة سينوب البحرية

- ‌النمسا وَحرب القرم

- ‌اطلاق الانكليز المدافع على مَدِينَة جدة

- ‌حَادِثَة الشَّام واحتلال فرنسا لَهَا

- ‌ السُّلْطَان الْغَازِي عبد الْعَزِيز خَان

- ‌فؤاد باشا الصَّدْر الاعظم واصلاحاته

- ‌ ثورة كريد

- ‌سفر السُّلْطَان عبد الْعَزِيز لمصر

- ‌سفر السُّلْطَان لباريس

- ‌وضع مجلة الاحكام العدلية

- ‌الفرمان الشَّامِل لجَمِيع امتيازات الخديوية المصرية

- ‌علاقات تونس مَعَ الدولة الْعلية

- ‌مَسْأَلَة قنال السويس

- ‌الاحتفال بِفَتْح قنال السويس

- ‌عزل السُّلْطَان عبد الْعَزِيز

- ‌الْفَتْوَى بعزله

- ‌ السُّلْطَان مُرَاد خَان الْخَامِس

- ‌وَفَاة السُّلْطَان عبد الْعَزِيز

- ‌قتل حسن بك لكل من حُسَيْن عوني باشا وَمُحَمّد رَاشد باشا

- ‌عزل السُّلْطَان مُرَاد

- ‌صُورَة استفتاء الوزراء فِي وجوب خلع السُّلْطَان مُرَاد خَان الْخَامِس

- ‌ السُّلْطَان الْغَازِي عبد الحميد خَان الثَّانِي

- ‌البرلمان العثماني الاول

- ‌حَرْب الروسيا وَبَيَان اسباب لائحة الكونت اندراسي

- ‌حَادِثَة سلانيك ولائحة برلين

- ‌ثورة البلغار وَجَوَاب اللورد دربي

- ‌حَرْب الصرب والجبل الاسود

- ‌مؤتمر الاستانة

- ‌اخلاص المجر للدولة الْعلية

- ‌لائحة لوندرة

- ‌اعلان الْحَرْب

- ‌وَاقعَة بلفنه

- ‌الاعمال الحربية فِي الاناطول

- ‌سُقُوط قارص

- ‌المخابرات الابتدائية والهدنة

- ‌حل مجْلِس النواب

- ‌احتلال انكلترا لجزيرة قبرص

- ‌الدستور العثماني

- ‌القانون الاساسي وَالسُّلْطَان عبد الحميد

- ‌اجْتِمَاع مجْلِس المبعوثين الاول

- ‌الْحَادِثَة الارتجاعية وخلع عبد الحميد

- ‌ خَليفَة الْمُسلمين وسلطان العثمانيين مُحَمَّد رشاد خَان الْخَامِس

- ‌الاصلاحات الداخلية

- ‌الاصلاحات الْمَالِيَّة

- ‌الاصلاحات الحربية

الفصل: اللائحة بعد تعديلها قَلِيلا وارسلوها إِلَى الْبَاب العالي وَهَذَا نَصهَا

اللائحة بعد تعديلها قَلِيلا وارسلوها إِلَى الْبَاب العالي وَهَذَا نَصهَا نقلا عَن منتخبات الجوائب

‌لائحة لوندرة

ان الدول الَّتِي اتّفقت على اجراء الصُّلْح فِي الشرق واشتركت فِي مؤتمر الاستانة تعترف ان آكِد الْوَسَائِل للحصول على هَذِه الْغَايَة الَّتِي وطنت نَفسهَا عَلَيْهَا هُوَ دوَام الِاتِّفَاق الَّذِي حصل بَينهَا وَمن لَوَازِم هَذَا الِاتِّفَاق تَحْقِيق الْمَنْفَعَة الَّتِي قصدوها لتحسين احوال النَّصَارَى سكان الممالك العثمانية وَفِي الاصل تركية ولاجراء الاصلاح فِي بوسنه وهرسك والبلغار الَّذِي قبله الْبَاب العالي بِشَرْط انه هُوَ الَّذِي يجريه فعلا وَكَذَلِكَ عِنْدهَا علم باجراء الصُّلْح مَعَ الصرب اما من جِهَة الْجَبَل الاسود فان الدول ترى ان تعْيين الْحُدُود وحرية السّفر فِي البوجانا امْر مَرْغُوب لاحكام الِاتِّفَاق وادامته كَمَا انها ترى ان هَذَا الِاتِّفَاق الَّذِي تمّ اَوْ سيتم بَين الْبَاب العالي وَهَاتين الولايتين هُوَ وسلة الصُّلْح الَّذِي هُوَ غَايَة مرامها وَلِهَذَا تدعوا الْبَاب العالي لاحكامه وتوكيده بِأَن يَجْعَل عساكره فِي حَالَة السّلم ماعدا العساكر الَّتِي لَا بُد مِنْهَا لابقاء الامن والطمأنينة وان يسْرع من دون تَأْخِير فِي اجراء الاصلاح لتطمين سكان الولايتين وَغَيرهَا مِمَّا جرت المذاكرة على شُرُوطه فِي المؤتمر وَكَذَلِكَ تعترف ان الْبَاب العالي صرح بانه يجْرِي من هَذِه الصلاحيات مَا هُوَ الاهم وَعِنْدهَا علم ايضا باللائحة الَّتِي نشرها الْبَاب العالي فِي 13 من فبراير شباط سنة 1876 وبالاعلان الَّذِي اصدره مُدَّة انْعِقَاد المؤتمر بِوَاسِطَة سفراءه وَبِنَاء عل هَذِه الْمَقَاصِد الْحَسَنَة الَّتِي ابداها ومنفعته الظَّاهِرَة فِي اجراء الاصلاحات حَالا قَامَ بخاطر الدول ان لَهَا اسبابا تحملهَا على ان ترجو ان الْبَاب العالي يَسْتَفِيد من هَذِه الفترة الْحَاضِرَة فيبذل همته فِي اتِّخَاذ الْوَسَائِل الَّتِي يحصل بهَا تَحْسِين احوال النَّصَارَى الَّتِي اتّفقت الدول على وُجُوبهَا لاجل بَقَاء السَّلامَة والطمأنينة باوروبا فاذا اخذ فِي هَذَا الْمَشْرُوع يكون مَعْلُوما عِنْده ان شرفه ونفعه ايضا يوجبان الْمُحَافظَة عَلَيْهِ بِالْوَفَاءِ والاخلاص والانجاز فَمن رَأْي الدول

ص: 620

وَالْحَالة هَذِه ان تكون مراقبة بِوَاسِطَة سفرائها بالاستانة واعمالها فِي الولايات للمنوال الَّذِي ينجز بِهِ مواعيد الدولة العثمانية فاذا خابت آمالها مرّة اخرى وَلم تحسن حَال رعية السُّلْطَان على وَجه يمْنَع من اعادة الارتباكات الَّتِي تتعاقب فِي الشرق وتكدر موارد السّلم فِيهِ ترى من الصَّوَاب ان تعلن ان مثل هَذِه الامور لَا تناسب مصلحتها ومصلحة اوروبا عُمُوما فَفِي مثل هَذِه الْحَال تستبقي لنَفسهَا ان تنظر بالِاتِّفَاقِ فِي اتِّخَاذ الْوَسَائِل الَّتِي ترَاهَا الاصلح لتأمين خير النَّصَارَى ولابقاء السّلم عُمُوما

حرر فِي لوندره فِي 31 مارس سنة 1877 مونستر دربي بوست ل ف مينارايا ل داركور شوفالوف

وَقد اتينا على ذكر هَذِه اللائحة ليرى الْقَارئ تعصب الدول لحماية المسيحيين بالدولة مَعَ انه لَو تداخلت الدولة فِي شؤون احداها وَطلبت من فرنسا مثلا عدم التَّعَرُّض لما يمس الامة الاسلامية بالجزائر اَوْ مُسَاوَاة الْمُسلمين بهَا بالمسيحيين وَالْيَهُود لشددوا النكير عَلَيْهَا ورموها بالتعصب الديني المتصفين هم بِهِ دون غَيرهم وَلَكِن هِيَ الْقُوَّة قضى التمدن الغربي الحَدِيث ان تسود على كل حق تَحت راية الانسانية والمساواة وَمَا هِيَ الا الفاظ لَا مَعَاني لَهَا الا فِيمَا يلائم مصالحهم ومانحن بمغرورين

وَلما وصلت هَذِه اللائحة إِلَى الْبَاب العالي وانتشر خَبَرهَا بَين الْعُمُوم ايقن الْكل ان لَا بُد من الْحَرْب اذ من المستحيل ان توَافق عَلَيْهَا أَي دولة تغار على شرفها ووجودها بَين الْعَالم السياسي واصدرت الدولة منشورا إِلَى سفرائها لَدَى الدول السِّت بِقصد تبليغه لَهَا يشف بِعِبَارَة صَرِيحَة عَن عدم تصديقها على هَذِه اللائحة وَقد اتى فِيهِ محرروه من الْعبارَات المؤثرة الدَّالَّة على تعصب الدول مَا راينا مَعَه ضَرُورَة نشره برمتِهِ وَهَا هُوَ نقلا عَن مَجْمُوعَة الجوائب

وَقد وصل إِلَى الْبَاب العالي البروتوكول الَّذِي وَقع عَلَيْهِ فِي لندرة فِي 31 مارس سنة 1877 نَاظر الخارجية بلندره وسفراء المانيا واوستريا وفرنسا وايطاليا والروسيا مَعَ الاعلام الَّذِي الْحق بِهِ من نَاظر الخارجية الموما اليه وَمن سفيري ايطاليا والروسيا

ص: 621

وَبعد اطلَاع الْبَاب العالي على ذَلِك تاسف جدا على انه راى ان الدول الْعِظَام لم تَرَ من الْوَاجِب ان تشترك الدولة الْعلية فِي المذكرات الَّتِي تثار فِيهَا الْمسَائِل المهمة الْمُتَعَلّقَة بالدولة مَعَ ان المراعاة الَّتِي ابدتها الدولة فِي جَمِيع الاحوال لنصائح الدول والتكفل الَّذِي قرن مصالحها بمصالحهم واصول الانصاف الَّتِي لَا نزاع فِيهَا والتعهد الخطير الشان تحمل الدولة على ان تظن انه كَانَ من اللَّازِم ان الدول تدعوها إِلَى هَذَا الْعَمَل المُرَاد بِهِ ان اجراء الصُّلْح فِي الشرق والاتفاق الْعَام يبنيان على اساس راسخ عَادل وَحَيْثُ جرى الامر على خلاف المامول رأى الْبَاب العالي انه من الْوَاجِب عَلَيْهِ ان يُعَارض فِيهِ وان يبين مَا عَسى ان يحدث مِنْهُ فِي الْمُسْتَقْبل من المحدور وَلَو ان الدول امعنت النّظر فِيمَا اعْترض من الْخطر وَمن تَغْيِير الْحَال بعد انْعِقَاد المؤتمر فِي استانبول لامكن الْوُصُول إِلَى هَذَا الِاتِّفَاق المروم اما فِي اثناء انْعِقَاد المؤتمر فان الْبَاب العالي كَانَ مُعْتَمدًا على القانون الاساسي وَفِي الاصل كونستيتوسيون الَّذِي تفضل بِهِ سلطاننا الْمُعظم متكفلا بتحقيق اصلاح عَام لم يعْهَد لَهُ نَظِير مُنْذُ ابْتِدَاء الدولة السُّلْطَانِيَّة فَرَأى انه من الْوَاجِب عَلَيْهِ ان يُنكر الطّلب الْمشْط فِي تَمْيِيز بعض الولايات بالاصلاح دون غَيرهَا وينبذ ايضا كل مَا من شَأْنه ان يجحف باستقلال الدولة الْعلية وبسلامة ممالكها وَهَذَا عين مَا اعلنته دولة انكلترا وقبلته سَائِر الدول فان هَذَا الاعلان بني على اسْتِقْلَال الدولة وعَلى ان يكون فِي بعض الولايات تنظيمات تتكفل بِمَنْع سوء الادارة من قبل المأمورين وقصرهم عَن التَّصَرُّف الْمُطلق فَهَذِهِ التنظيمات الْمَطْلُوبَة مُحَققَة فعلا فِي الْمِنْهَاج السياسي الْجَدِيد الَّذِي انشئ فِي الممالك من دون فرق فِي لُغَات اهلها وَلَا فِي مذاهبهم ثمَّ عقد مجْلِس المشورة العثماني فِي الاستانة فاجتمعت فِيهِ اعضاؤه بانتخاب جرى على وَجه الِاخْتِيَار وَالْحريَّة فان كَانَ اُحْدُ يُعَارض فِي طَريقَة هَذَا الاصلاح الَّذِي لقرب عَهده يظنّ تَأْخِير الثَّمَرَة الْمَطْلُوبَة مِنْهُ يُقَال لَهُ ان هَذِه الْمُعَارضَة هِيَ ضد مَا رامته الدول من الاصلاح اما التامين فِي دَاخل المملكة فان الصُّلْح اسْتَقر بَين الْبَاب العالي والصرب وَمَا زَالَت الْمُفَاوضَة جَارِيَة مَعَ وَفد الْجَبَل الاسود وفيهَا اظهر لَهُم الْبَاب العالي مساهلة عَظِيمَة وَفِي خلال ذَلِك طَرَأَ من سوء البخت امْر جَدِيد وَهُوَ مُبَالغَة دولة الروسيا فِي تجهيز عساكرها فاوجب ذَلِك على الْبَاب العالي ان يستعد لدفع الْخطر عَنهُ مَعَ ان اقصى مرامه ان يتشبث بالوسائل المؤدية إِلَى السّلم والسلامة

ص: 622

وان يُوَافق الدول على قدر مَا يُمكنهُ وان يزِيل من خواطر النَّاس الريب فِي اخلاص مانواه من الاصلاح وان يستريح من الْفِتَن الَّتِي توجب عَلَيْهِ بذل المَال لغير طائل فاضطراره إِلَى الاستعداد للدفاع وَالْحَالة هَذِه اوجب عَلَيْهِ ان يَسْتَعِين بسكان الممالك على غير مُرَاده وان يقدم على حَرْب رُبمَا تكون سَببا فِي تكدير سلم جَمِيع الاقطار والامصار وَكَانَ من الضَّرُورِيّ ان الدول الْعِظَام تهتم بِهَذِهِ الْحَال وَكَانَ مِمَّا استصوبه الْبَاب العالي لبَعض اسباب ان لَا يطْلب مِنْهَا طلبا رسميا ان تعتني بِهَذِهِ الْمَسْأَلَة المهمة وَلَكِن بعد ان بَين اللورد دربي والكونت شوفالوف مَا بَيناهُ عِنْد توقيعهما على البروتوكول رأى الْبَاب العالي لُزُوم مطالعة الدول فِي انهاء هَذِه الارتباكات الَّتِي تُفْضِي إِلَى الْخطر مماليس فِي طاقته انهاؤه فاول ذَلِك ان يبين لَهَا جَوَابا عَمَّا قَالَه الكونت شوفالوف فِي البروتوكول هَذِه الملاحظان الْآتِيَة وَاحِدَة ان الْبَاب العالي فِي نهجه طَريقَة الْمُصَالحَة مَعَ امير الْجَبَل الاسود على نَحْو مانهجه مَعَ حُكُومَة الصرب افاد عَن طيب نفس مُنْذُ نَحْو شَهْرَيْن ان الدولة الْعلية تبذل جهدها فِي الإتفاق مَعَه وَلَو كَانَ فِي ذَلِك بعض خسارة عَلَيْهَا يرى ان الْجَبَل جُزْء من الممالك العثمانية خَيره فِي تَعْدِيل التخوم بِمَا فِيهِ نفع لحكومة الْجَبَل وطمع فِي ان ذَلِك يُنْهِي الْخلاف فِي الْمُسْتَقْبل فَصَارَ الْحُصُول على المامول مُتَعَلقا بِالْجَبَلِ ان الدولة الْعلية شرعت فعلا فِي اجراء الاصلاحات الَّتِي وعدت بهَا لَكِن هَذَا الاجراء لَا يكون على وَجه التَّخْصِيص وَالتَّرْجِيح وفَاقا لما تقرر فِي القانون الاساسي فَهُوَ فِي حريَّة الدولة ان تنهجه على الْوَجْه الْمَذْكُور ان الدولة مستعدة لَان تجْعَل عساكرها على قدم السّلم عِنْدَمَا ترى ان دولة الروسيا فعلت مثل ذَلِك وان المُرَاد من حشد عساكرها مُجَرّد الدفاع وانها ترجو من علاقَة الْمَوَدَّة والمراعاة الْحَاصِلَة بَينهمَا ان دولة الروسيا لَا تصر وَحدهَا على ان تظن ان رعية الدولة الْعلية من النَّصَارَى معرضون من طرف حكومتهم لخطر يُوجب عزو بلادها ومايعقبه من الغوائل اما من جِهَة مَا يحْتَمل حُدُوثه من الاختلال مِمَّا يمْنَع صرف عَسَاكِر الروسيا فان الدولة الْعلية تجيب عَن هَذَا الشَّرْط الاليم الَّذِي نَشأ عَن هَذَا الظَّن بَان تَقول انه قد ثَبت عِنْد دوَل اوروبا ان الاختلال الَّذِي حدث فِي بعض الولايات وكدر احوالها انما نَشأ من اغواء المغوين من الْخَارِج فالدولة الْعلية غير مسؤولة عَنهُ وَلَا مُطَالبَة بِهِ فَلَا حق لدولة الروسيا فِي ان تعلق صرف

ص: 623

عساكرها على حُدُوث الاختلال اما ارسال مامور مَخْصُوص من الدولة الْعلية إِلَى سان بطرسبورج للمفاوضة فِي صرف العساكر فان الدولة لَا ترى سَببا لرفض فعل يدل على المجاملة والملاطفة مِمَّا توجبه طَريقَة الْمُعَامَلَات السفارية من كلا الطَّرفَيْنِ لَكِنَّهَا لَا ترى تنَاسبا بَين هَذَا الْفِعْل وَبَين وضع السِّلَاح الَّذِي لَا يجب تَأْخِيره لأي سَبَب كَانَ اذ يُمكن انجازه بِمُجَرَّد خبر بالتلغراف فالدولة الْعلية تطلب من الدول ان تتبصر فِيمَا اوجب رقم البروتوكول وَفِي خطر هَذِه الْحَال الْحَاضِرَة الت يلا مسؤولية مِنْهَا عَلَيْهَا وَمن الْغَرِيب ان الدول رَأَتْ من اللُّزُوم ان تذكر فِي البروتوكول ان من مصلحتها الْمُشْتَركَة اجراء الاصلاح فِي بوسنه وهرسك والبلغار وانه بِالنّظرِ إِلَى حسن مَقَاصِد الْبَاب العالي وَإِلَى ظُهُور الْفَائِدَة لَهُ من الاصلاح تؤمل ان يُبَادر إِلَى اجرائه فعلا فِي تِلْكَ الولايات من دون امهال كَمَا جرت عَلَيْهِ المذاكرة فِي المؤتمر وانه مَتى شرع فِيهِ اول مرّة يكون مَعْلُوما عِنْده ان شرفه ومصلحته يقضيان بالاستمرار فِيهِ فالباب العالي لَا يقبل الاصلاح الْمَخْصُوص بالولايات الثَّلَاث الْمَذْكُورَة وَلَيْسَ عِنْده شكّ ايضا ان مصْلحَته وَمن الْوَاجِب عَلَيْهِ ان يقْضِي حُقُوق رَعيته من النَّصَارَى قَضَاء كَافِيا وَلَكِن لَا يسلم ان الاصلاح يكون مَقْصُورا على النَّصَارَى فَقَط بل يجب ان يكون شَامِلًا لجَمِيع سكان الممالك المحروسة رعية الدولة الْعلية المتصفين بِالْوَلَاءِ وَالطَّاعَة حَتَّى يَكُونُوا بِمَنْزِلَة جسم وَاحِد وعَلى هَذَا فالباب العالي محقوق بَان يدْفع الاوهام الَّتِي تثيرها عبارَة البروتوكول من جِهَة اخلاص قَصده وَنِيَّته نَحْو رَعيته المسيحيين وان يعْتَرض على عدم المبالاة المفهومة من فحوى هَذِه الْعبارَة بباقي رَعيته من الْمُسلمين وَغَيرهم فَمن المنكران الاصلاح الَّذِي من شَأْنه ان يَشْمَل الْمُسلمين بالراحة وَالْمَنْفَعَة يكون فِي عُيُون اهل اوروبا البصيرة المنصفة مِمَّا لَا يبالى بِهِ وَلَا يلْتَفت اليه وَلذَا كَانَ من قصد الدولة وَفِي الاصل تركية الْيَوْم احداث تنظيمات مَخْصُوصَة يحصل بهَا لجَمِيع رعاياها التَّأْمِين على حُقُوقهم ومنافعهم المعنوية والمادية على التَّسَاوِي من دون فرق وتحسب من مُوجبَات شرفهاان تحافظ على القانون الاساسي وَذَلِكَ آكِد ضَمَان وعهد وَلَكِن إِذا رَأَتْ نَفسهَا مضطرة إِلَى دفع الْمَقَاصِد المُرَاد بهَا ابقاء الْعَدَاوَة بَين رعاياها وَحَملهمْ على عدم الثِّقَة بهَا لم تكن محقوقة بايجاب مَا بني عَلَيْهِ البروتوكول من قصد الاصلاح كَيفَ وَقد قَالَ ان قصد الدول ان تراقب بِوَاسِطَة

ص: 625

سفرائها بالاستانة وعمالها فِي الولايات المنوال الَّذِي تنجز بِهِ مواعيد الدولة العثمانية وَقَالَ ايضا إِذا كَانَ هَذَا الامل يخيب مرّة اخرى فانها أَي الدول تستبقي لنَفسهَا ان تتَّخذ بالِاتِّفَاقِ الْوَسَائِل الَّتِي يتراها اولى واحرى لتأمين مَنَافِع النَّصَارَى واستتباب السّلم عُمُوما فَهَذَا يُوجب على الدولة الْعلية ان تقيم الْحجَّة عَلَيْهِ وتنكره اشد الانكار فان الدولة من حَيْثُ كَونهَا مُسْتَقلَّة لَا تذعن بَان تكون تَحت مراقبة الدول مُفْردَة كَانَت اَوْ مَجْمُوعَة لِأَنَّهَا لما كَانَت علاقتها مَعَ الدول المتحابة مَبْنِيَّة على الْحُقُوق المتعارفة بَين الامم وعَلى المعاهدات لم يكن لَهَا ان تعترف ان سفراء الدول وعمالها الَّذين وظيفتهم المحاماة عَن مصَالح رعاياهم يكون لَهُم حق المراقبة على وَجه رسمي فَهَذَا امْر مهين لَهَا وَلم يعْهَد لَهُ نَظِير لَدَى سَائِر الدول وَهُوَ ايضا مناقص لما تقرر فِي معاهدة باريس الَّتِي اتّفقت عَلَيْهَا الدولة الْعلية مَعَ سَائِر الدول فانها تصرح بِعَدَمِ المداخلة وتتخذه اصلا من اصول السياسة فَلَا يَصح إِذا الغاء شَيْء مِنْهَا من دون مُوَافقَة الْبَاب العالي فاذا كَانَت الدول تحتج بِتِلْكَ المعاهدة فَلَيْسَ لكَونهَا تخولها حقوقا لَيست فِي حيازتها من دونهَا وَلَكِن لتذكر الدول بالاسباب الخطيرة الَّتِي حملتها مُنْذُ عشْرين سنة حبا لبَقَاء السّلم الْعَام فِي اوروبا على ان تتعهد بِحِفْظ حُقُوق سلطنة الدولة الْعلية عَن الانهاك اما مَا تقرر فِي البروتوكول من ان الدول إِذا رَأَتْ الاصلاح غير منجز يكون لَهَا ان تتشبث بالوسائط الفعالة لانجازه فان الدولة ترى فِي ذَلِك اجحافا بِشَرَفِهَا وحقوقها وتخويفا من شَأْنه ان يجرد افعالها الَّتِي تأتيها عَن رِضَاء ومبادرة عمالها من الِاسْتِحْقَاق وسببا يزِيد فِي ارتباكاتها فِي الْحَال والاستقبال فعلى كل حَال لَا يعوق الدولة الْعلية شَيْء عَن ان تجزم باقامة الْحجَّة على البروتوكول الْمَذْكُور وان تعتبره بِالنّظرِ إِلَى مايتعلق بهَا خَالِيا من الانصاف ومجردا عَن الاوصاف الَّتِي يتجعله مُوجبا وَحَيْثُ ظهر لَهَا ان مَوْضُوعه اثارة الظنون والاتهام وَنقض حُقُوق الدولة الَّذِي هُوَ نقض ايضا لحقوق النَّاس عُمُوما وطنت نَفسهَا على الدفاع صونا لوجودها فَهِيَ تعلن الْآن اتكالا على الْبَارِي تَعَالَى واعتمادا على الْعدْل انها تنكر كل مَا يحكم بِهِ عَلَيْهَا اُحْدُ من دون مواطأتها وجازمة بَان تحافظ على الْمقَام الَّذِي اقامها فِيهِ الْقَادِر عز وجل وَقدره لَهَا فَلَا تزَال تدفع كل مَا من شَأْنه ان يجحف بالاصول العمومية وبصحة ذَلِك الْعَهْد الَّذِي اوجبته الدول على انفسها ولاعتقادها بَان البروتوكول

ص: 626