الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الوهابيون ومذهبهم
الوهابيون قوم من الْعَرَب اتبعُوا طَريقَة عبد الْوَهَّاب وَهُوَ رجل ولد بالدرعية بِأَرْض الْعَرَب من بِلَاد الْحجاز كَانَ من وَقت صغره تظهر عَلَيْهِ النجابة وعلو الهمة وَالْكَرم وشب على ذَلِك واشتهر بالمكارم عِنْد كل من يلوذ بِهِ
وَبعد أَن درس مَذْهَب ابي حنيفَة فِي بِلَاده سَافر إِلَى اصفهان ولاذ بعلمائها واخذ عَنْهُم حَتَّى اتسعت معلوماته فِي فروع الشَّرِيعَة وخصوصا فِي تَفْسِير الْقُرْآن ثمَّ عَاد إِلَى بِلَاده فِي سنة 1171 هجرية فَأخذ يُقرر مَذْهَب ابي حنيفَة مُدَّة ثمَّ ادته المعيته إِلَى الِاجْتِهَاد والاستقلال فانشأ مذهبا مُسْتقِلّا لتلامذته فَاتَّبعُوهُ واكبوا عَلَيْهِ وَدخل النَّاس فِيهِ بِكَثْرَة وشاع امْرَهْ فِي نجد والاحساء والقطيف وَكثير من بِلَاد الْعَرَب مثل عمان وَبني عتبَة من ارْض السّمن وَلم يزل امرهم شَائِعا ومذهبهم متزايدا إِلَى أَن قيض الله لَهُم عَزِيز مصر مُحَمَّد عَليّ باشا فأطفأ سراجهم فِي سنة 1232 وَكسر شوكتهم واخفى ذكرهم وهاك رِسَالَة من كَلَامهم تدل على بعض مَذْهَبهم ومعتقداتهم وَهِي منقولة حرفيا من الْجُزْء الثَّانِي عشر صحيفَة 83 من كتاب الخطط الجديدة التوفيقية تأليف الْعَالم الْعَلامَة فقيد الوطن المرحوم عَليّ مبارك باشا المتوفي لَيْلَة الثَّلَاث 5 جُمَادَى الاولى سنة 1311 14 نوفمبر سنة 1893
اعْمَلُوا رحمكم الله أَن الحنيفية مِلَّة ابراهيم أَن نعْبد الله مخلصا لَهُ الدّين وَبِذَلِك امْر جَمِيع النَّاس وخلقهم لَهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى {وَمَا خلقت الْجِنّ وَالْإِنْس إِلَّا ليعبدون} فَإِذا عرفت أَن الله خلق الْعباد لِلْعِبَادَةِ فَاعْلَم أَن الْعِبَادَة لَا تسمى عبَادَة الا مَعَ التَّوْحِيد كَمَا أَن الصَّلَاة لَا تسمى صَلَاة الا مَعَ الطَّهَارَة فَإِذا دخل الشّرك فِي الْعِبَادَة فَسدتْ كالحدث إِذا دخل فِي الطَّهَارَة كَمَا قَالَ تَعَالَى {مَا كَانَ للْمُشْرِكين أَن يعمروا مَسَاجِد الله شَاهِدين على أنفسهم بالْكفْر أُولَئِكَ حبطت أَعْمَالهم وَفِي النَّار هم خَالدُونَ}
فَمن دَعَا غير طَالب مِنْهُ مَا لَا يقدر عَلَيْهِ الا الله من جلب خير اَوْ دفع ضرّ اشرك فِي الْعِبَادَة كَمَا قَالَ تَعَالَى {وَمن أضلّ مِمَّن يَدْعُو من دون الله من لَا يستجيب لَهُ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وهم عَن دُعَائِهِمْ غافلون وَإِذا حشر النَّاس كَانُوا لَهُم أَعدَاء وَكَانُوا بعبادتهم كَافِرين} وَقَالَ تَعَالَى {وَالَّذين تدعون من دونه مَا يملكُونَ من قطمير إِن تدعوهم لَا يسمعوا دعاءكم وَلَو سمعُوا مَا اسْتَجَابُوا لكم وَيَوْم الْقِيَامَة يكفرون بشرككم وَلَا ينبئك مثل خَبِير} فاخبر تبارك وتعالى أَن دُعَاء غير الله شرك فَمن قَالَ يَا رَسُول الله أَو يَا ابْن عَبَّاس أَو يَا عبد الْقَادِر زاعما أَنه بَاب حَاجته إِلَى الله وشفيعه عِنْده ووسيلته اليه فَهُوَ الْمُشرك الَّذِي يهدر دَمه وَمَاله الا أَن يَتُوب من ذَلِك وَكَذَلِكَ الَّذين يحلفُونَ بِغَيْر الله أَو الَّذِي يتوكل على غير الله أَو يَرْجُو غير الله أَو يخَاف وُقُوع الشَّرّ من غير الله أَو يلتجئ إِلَى غير الله أَو يَسْتَعِين بِغَيْر الله فِيمَا لَا يقدر عَلَيْهِ الا الله فَهُوَ ايضا مُشْرك وَمَا ذكرنَا من أَنْوَاع هُوَ الَّذِي قَالَ الله فِيهِ إِن الله لَا يغْفر أَن يُشْرك بِهِ وَيغْفر مَا دون ذَلِك لمن يَشَاء وَهُوَ الَّذِي قَاتل رَسُول الله الْمُشْركين عَلَيْهِ وَأمرهمْ باخلاص الْعِبَادَة كلهَا لله تَعَالَى وَيصِح ذَلِك أَي التشنيع عَلَيْهِم بِمَعْرِِفَة ارْبَعْ قَوَاعِد ذكرهَا الله تَعَالَى فِي كِتَابه اولها أَن تعلم أَن الْكفَّار الَّذين قَاتلهم رَسُول الله يقرونَ أَن الله هُوَ الْخَالِق الرازق المحيي المميت الْمُدبر لجَمِيع الامور وَالدَّلِيل على ذَلِك قَوْله تَعَالَى {قل من يرزقكم من السَّمَاء وَالْأَرْض أم من يملك السّمع والأبصار وَمن يخرج الْحَيّ من الْمَيِّت وَيخرج الْمَيِّت من الْحَيّ وَمن يدبر الْأَمر فسيقولون الله فَقل أَفلا تَتَّقُون} وَقَوله تَعَالَى {قل لمن الأَرْض وَمن فِيهَا إِن كُنْتُم تعلمُونَ سيقولون لله قل أَفلا تذكرُونَ قل من رب السَّمَاوَات السَّبع وَرب الْعَرْش الْعَظِيم سيقولون لله قل أَفلا تَتَّقُون قل من بِيَدِهِ ملكوت كل شَيْء وَهُوَ يجير وَلَا يجار عَلَيْهِ إِن كُنْتُم تعلمُونَ سيقولون لله قل فَأنى تسحرون} إِذا عرفت هَذِه الْقَاعِدَة واشكل عَلَيْك الامر فَاعْلَم انهم بِهَذَا اقروا ثمَّ توجهوا إِلَى غير الله يَدعُونَهُ من دون الله فاشركوا الْقَاعِدَة الثَّانِيَة انهم يَقُولُونَ مَا نرجوهم الا لطلب الشَّفَاعَة عِنْد الله نُرِيد من الله لَا مِنْهُم وَلَكِن بشفاعتهم وَهُوَ شرك وَالدَّلِيل على ذَلِك قَول الله تَعَالَى {ويعبدون من دون الله مَا لَا يضرهم وَلَا يَنْفَعهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شفعاؤنا عِنْد الله قل أتنبئون الله بِمَا لَا يعلم فِي السَّمَاوَات وَلَا فِي الأَرْض سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يشركُونَ}