الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تلتهبها وَلَو لم يرفع الْوَزير بلطه جي مُحَمَّد باشا الْحصار عَن بطرس الاكبر لما احاط بِهِ وخليلته وجيوشه احاطة السوار بالمعصم على نهر البروت وَلما وصلت دولتنا الْعلية مَا وصلت اليه بمعاهدة قينارجه الَّتِي مَا لَبِثت ان ظَهرت نتائجها فِي الْعَالم وَبعد ذَلِك اخذت الدولة فِي اصلاح بعض الشؤون وبذل القبطان باشي حسن باشا جهده فِي انشاء المراكب الحربية بدل مَا فقد فِي محاربة الروسية الاخيرة وَمن جِهَة اخرى استعانت بِمُحَمد بيك ابي الذَّهَب على طَاهِر عمر فاتى لمحاصرته بِمَدِينَة عكا من جِهَة الْبر وحاصرها حسن باشا البحري من جِهَة الْبَحْر وضايق عَلَيْهِ الْحصار حَتَّى فر هَارِبا من الْعقَاب على عصيانه قَاصِدا جبال صفد فَقتل فِي اثناء هروبه وتخلصت الدولة من شَره وَكَذَلِكَ قتل ابو الذَّهَب اثناء محاصرة عكا ثمَّ سَقَطت الْمَدِينَة فِي ايدي العثمانيين وانتهت الْفِتْنَة بِسَلام
اسْتِيلَاء الروسيا على بِلَاد القرم
اما الروسيا فاخذت تبث رجالها فِي بِلَاد القرم لايجاد المشاغب الداخلية بهَا وبالتالي لابتلاعها وَضمّهَا الى املاكها حَيْثُ لم يكن قَصدهَا من استقلالها السياسي وَقطع روابط تبعيتها للدولة الا الْوُصُول لهَذِهِ الْغَايَة وَمَا زَالَت مستمرة فِي القاء الدسائس وَنشر الْفِتَن بَين الاهالي حَتَّى عزلوا اميرهم دولت كراي الَّذِي انتخبه الاهالي بِمُقْتَضى نُصُوص معاهدة قينارجه واقاموا جاهين كراي مَكَانَهُ فَلم يقبل تَعْيِينه فريق عَظِيم من الاعيان وَخيف من وُقُوع حروب داخلية وَلذَا امرت الروسيا الجنرال بوتمكين باحتلالها فَدَخلَهَا بسبعين الف جندي كَانُوا منتظرين على الْحُدُود لهَذِهِ الْغَايَة فتم لَهَا مقصدها الَّذِي كَانَت تسْعَى وَرَاءه من مُدَّة وَهُوَ امتلاك كَافَّة سواحل الْبَحْر الاسود الشمالية فِي غُضُون سنة 1773 فهاجت الدولة وارادت اشهار الْحَرْب على الروسيا لالزامها باحترام معاهدة قينارجه القاضية باستقلال بِلَاد القرم اسْتِقْلَالا سياسيا تَاما لَكِن حولت انظارها ثَانِيًا عَن الْحَرْب بمساعي فرنسا الَّتِي اقنعتها بَان هَذِه الْحَرْب مَعَ استعداد كاترينه وتأهبها لَهَا لَا
يكون وَرَاءَهَا الا الخراب والدمار ولعلمها ان الروسيا ابرمت مَعَ النمسا وفَاقا سريا تمّ بَين كاترينه الثَّانِيَة وَبَين الامبراطور يُوسُف الثَّانِي عِنْد مقابلتهما بِمَدِينَة كرزن قَاضِيا بمحاربة الدولة لانشاء حُكُومَة مُسْتَقلَّة تكون حاجزا بَينهمَا وَبَين الدولة ومكونة من الفلاخ والبغدان واقليم بساربيا يكون اسْمهَا مملكة داسي ويعين لَهَا ملك من الْمَذْهَب الارثوذكسي وَبِأَن تَأْخُذ الروسيا ميناء اوتشاكوف الَّتِي تسمى فِي كتب التّرْك بِمَدِينَة اوزي وَبَعض جزائر الرّوم وَتَأْخُذ النمسا بِلَاد الصرب وبوسنه وهرسك من املاك الدولة وبلاد دلماسيا من املاك البندقية وتعطيها عوضا عَن ذَلِك بِلَاد موره وجزيرتي كريد وقبرص وان تُعْطى بَاقِي دوَل اوروبا اجزاء اخرى يتَّفق عَلَيْهَا فِيمَا بعد
اما ان اتيح لَهُم النَّصْر ودخلوا مَدِينَة الاستانة فيعيدون مملكة بيزانطه الاهلية كَمَا كَانَت قبل الْفَتْح العثماني ويعين الغراندوق الروسي قسطنطين بن بولص ملكا عَلَيْهَا بِشَرْط ان يتنازل عَن حُقُوقه فِي مملكة الروسيا حَتَّى حَتَّى لَا يتَّفق وجود المملكتين الروسية والبيزانطية الوهمية فِي قَبْضَة ملك وَاحِد
فخوفا من وُقُوع الْحَرْب بِسَبَب القرم مَعَ عدم استعداد الدولة وقدرتها فِي ذَاك الْوَقْت على مقاومة الروسيا فضلت قبُول مشورة فرنسا وَالِاعْتِرَاف بِضَم القرم للروسيا على ان تتعرض لِحَرْب تكون عَاقبَتهَا وخيمة وَاعْتَرَفت بذلك فِي سنة 1774 م لَكِن لم يكن قصد الروسيا ومساعديها الا انتشاب الْقِتَال ليحظى كل مِنْهُم بامنيته لذَلِك عمِلُوا على اثارة خاطر الدولة وايقاعها فِي الْحَرْب فاخذوا فِي تحصين مينا سباستوبول واقاموا ترسانة عَظِيمَة فِي ميناء كرزن
وانشاوا عمَارَة بحريّة من الطّراز الاول فِي الْبَحْر الاسود وارسلوا جواسيسهم إِلَى بِلَاد اليونان وولايتي الفلاخ من البغدان لتهييج المسيحيين على الدولة ثمَّ توصلت كاترينه إِلَى ادخال هِرقل ملك الكرج تَحت حمايتها مُقَدّمَة لفتح بِلَاده نهائيا
واخيرا فِي سنة 1787 م ساحت كاترينه فِي الْبِلَاد الجنوبية وبلاد القرم بابهة واحتفال زَائِد واقام لَهَا الْقَائِد بوتمكين اقواس نصر كتب عَلَيْهَا طَرِيق بيزانطه فَعلمت الدولة من كل هَذِه الاحوال انها تقصد محاربتها ثَانِيًا وتاكد لَهَا هَذَا الْعَزْم لما تقابلت كاترينه فِي سياحتها هَذِه مَعَ ملك بولونيا وامبراطور النمسا وَلذَلِك ارادت هِيَ الْمُبَادرَة باعلان الْحَرْب قبل تَمام استعداد اعدائها ولايجاد سَبَب لَهُ ارسلت بلاغا إِلَى سفير الروسيا بالاستانة المسيو جولغا كوف فِي صيف سنة 1787 م تطلب مِنْهُ تَسْلِيم موروكرداتو حَاكم الفلاخ الَّذِي كَانَ عصى الدولة والتجا إِلَى الروسيا والتنازل عَن حماية بِلَاد الكرج بِمَا انها تَحت سيادة الدولة وعزل بعض قناصلها المهيجين للاهالي وَقبُول قناصل للدولة فِي موانيء الْبَحْر الاسود وان يكون لَهَا الْحق فِي تفتيش مراكب الروسيا التجارية الَّتِي تمر من بوغاز الاستانة للتحقيق من انها لَا تحمل سِلَاحا اَوْ ذخائر حربية
فرفض السفير هَذِه الطلبات باذن دولته فاعلن الْبَاب العالي الْحَرْب عَلَيْهَا فَوْرًا وسجن سفيرها فِي اغسطس سنة 1787 م
وَلما كَانَ الجنرال بوتمكين لم يتم معدات الْحَرْب وَقع فِي حيص بيص وَكتب إِلَى كاترينه يخبرها بِعَدَمِ صَلَاحِية الْبَقَاء فِي القرم ناصحا لَهَا باخلائها فِي اقْربْ وَقت لاسيما وان ملك السويد جوستاف الثَّالِث اراد انتهاز هَذِه الفرصة لاسترجاع مَا فقدته دولته من المقاطعات والبلاد الَّتِي اخذتها مِنْهَا الروسيا لَكِن لم تثن هَذِه الْحَوَادِث همة هَذِه الامبراطورة الَّتِي اعانتها الايام بل كتبت للجنرال بوتمكين بِعَدَمِ انْتِظَار العثمانيين وَالسير بِكُل شجاعة واقدام على مدينتي بندر واوزي فصدع بامرها وَسَار نَحْو اوزي فحاصرها مُدَّة ثمَّ دَخلهَا عنْوَة فِي 30 ربيع الاخر سنة 1203 هـ 19 نوفمبر سنة 1788 م وَفِي هَذِه الاثناء كَانَت النمسا اعلنت الْحَرْب على الدولة مساعدة للروسيا وحاول امبراطورها يُوسُف
الثَّانِي الِاسْتِيلَاء على مَدِينَة بلغراد فَعَاد بالخيبة إِلَى مَدِينَة تمسوار حَيْثُ اقتفى اثره الْجَيْش العثماني وانتصر عَلَيْهِ نصرا مُبينًا وَلذَلِك ترك الامبراطور قيادة جيوشه إِلَى الْقَائِد لودن ثمَّ بعد ذَلِك بِقَلِيل توفّي السُّلْطَان عبد الحميد الاول فِي 12 رَجَب سنة 1203 هـ 8 ابريل سنة 1789 بَالغا من الْعُمر 66 سنة وَمُدَّة حكمه 15 سنة وَثَمَانِية شهور وَتَوَلَّى بعده سليم الثَّالِث