الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القانون الاساسي وَالسُّلْطَان عبد الحميد
خلع السُّلْطَان مُرَاد سنة 1293 هجرية الْمُوَافق 1876 م وَجلسَ السُّلْطَان عبد الحميد على عرش الْخلَافَة وَكَانَ قد وعد رَئِيس الاحرار مدحت باشا قبل جُلُوسه على الْعَرْش بمنح القانون الاساسي وامتاع الامة العثمانية بِالْحُرِّيَّةِ
الا ان عبد الحميد اظهر حِين جُلُوسه عَلَامَات دلّت على اخلافه وعده فَمن ذَلِك انه جمع اعداء الاحرار واضداد القانون الاساسي وعينهم فِي السراي لتقوية مركزه مَعَ انه وعد مدحت باشا بِتَعْيِين الشَّاعِر العثماني الْكَبِير نامق كَمَال بك زعيم الانقلاب باشكاتبا وضياء باشا الاديب السياسي الشهير مُشِيرا للمابين فاخلف وعده كَمَا انه كَانَ يسْعَى جهده لاستمالة الرَّأْي الْعَام اليه فَكَانَ يخدع الاهالي الا ان الاحرار لم ينخدعوا واستعدوا للمناضلة فِي سَبِيل القانون الاساسي
وَكَانَت الدولة فِي ذَلِك الْوَقْت تحارب الصرب فهزمتها وَاسْتولى العثمانيون على قلعة اكسناج فَطلب امير الصرب توَسط الدول فراجعت الْبَاب العالي بعد ان قررت وقف الْحَرْب لمُدَّة بموافقة الْبَاب العالي وَقد اشْترط الْبَاب العالي شُرُوط لعقد الصُّلْح مجملها ان يحضر امير الصرب إِلَى الاستانة ويعرض طَاعَته على السُّلْطَان والا تجند الصرب اكثر من 10000 جنديا وان تحتل الْجنُود العثمانية القلاع الصربية كلهَا وان تهدم جَمِيع الاستحكامات المقامة فِي ميدان الْقِتَال وان تدفع الصرب التعويضات الحربية وان يقوم بانشاء الخطوط الحديدية فِي الصرب شركات عثمانية بموافقة الْبَاب العالي
وَلَكِن هَذِه الدول رفضت هَذِه الشُّرُوط وَطلبت من الْبَاب العالي ابقاء الصرب على مَا كَانَت عَلَيْهِ قبل الْحَرْب ومنح البوسنه والهرسك الَّتِي كَانَت ثائرة ايضا ادارة مُسْتَقلَّة مَعَ منح البلغار مثلهَا
فَكَانَ ذَلِك سَببا لطمع الصربيين فقرروا محاربة الدولة ونظم جيوشهم المهندسون الروسيون وَلَكِن كَانَ الانهزام نصِيبهم فاستولى العثمانيون على الكسناج ودلغراد وَسَارُوا نحوالعاصمة بلغراد فاستنجد امير الصرب بالروسيا فامر قيصرها سفيره فِي الاستانة بِتَقْدِيم بَلَاغ شَدِيد اللهجة إِلَى الْبَاب العالي وقررت بعد ذَلِك عقد مؤتمر فِي الاستانة للنَّظَر فِي امْر البلقان
وَبِالْجُمْلَةِ فقد كَانَ مَرْكَز الدولة الْعلية حرجا للغالية لَان اوروبا كلهَا تألبت عَلَيْهَا وَكَانَ يشْتم من بَلَاغ سفير الروسيا رَائِحَة الْحَرْب فقرر الوكلاء اذ ذَاك منح القانون الاساسي للتخلص من هَذِه الغوائل واقتنع السُّلْطَان عبد الحميد بِوُجُوب تنفيذه لانه كَانَ من المستحيل قبُول طلبات اوروبا ولاتقاء الاخطار الَّتِي تنجم من رفض تِلْكَ الطلبات كَانَ الْوَاجِب اجراء بعض الاصلاحات والاصلاح الَّذِي لَا تتمكن اوروبا من انتقاده هُوَ تَنْفِيذ القانون الاساسي
وَفِي ذَلِك الْوَقْت تعين مدحت باشا صَدرا اعظم وَذَلِكَ لَان الدول الاوروبية كلهَا تثق بِهِ لعلمها انه رَئِيس الاحرار وَوَاضِع القانون الاساسي
وَقرر السُّلْطَان عبد الحميد تعْيين مدحت باشاكي ينظر فِي مَسْأَلَة المؤتمر الاوروبي الَّذِي قررت الدول عقده فِي الاستانة
فَكَانَ اول مَا قَامَ بِهِ مدحت باشا هُوَ انهاء المنازعات بَين الدولة وَبَين الصرب والجبل الاسود وبلغاريا فَتمكن من انهائها فِي زمن قصير وَبَدَأَ يسْعَى جهده لاعلان القانون الاساسي فِي السَّاعَة الَّتِي سيجتمع فِيهَا المؤتمر الدولي فِي الاستانة
وَفِي الْيَوْم السَّابِع من شهر ذِي الْحجَّة سنة 1295 24 دسمبر 1877 اجْتمع الوكلاء وَالْعُلَمَاء والامراء وَغَيرهم فِي الْبَاب العالي ثمَّ اقبل مدحت باشا وَقَرَأَ الارادة الشاهانية الَّتِي منحت الامة العثمانية الدستور وَالْحريَّة فهتفوا لَهُ جَمِيعًا وحياه العثمانيون من صميم قُلُوبهم واذ ذَاك اطلقت القنابل تَحِيَّة للقانون الاساسي وَكَانَ