الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الاخشاب الصَّالِحَة لعمل المراكب تقطع فِي جَمِيع جِهَات الْقطر وَيُؤْتى بهَا إِلَى الورش الَّتِي اقيمت فِي بولاق فتجهز فِيهَا ثمَّ تنقل على ظُهُور الْجمال إِلَى السويس فتركب بِكُل سهولة
وَلما استعدت المراكب وجمعت الجيوش والكتائب اضمر هَذَا الشهم على ابادة طَائِفَة المماليك ليخلص الْبِلَاد من شرهم ويمكنه التفرغ لاصلاحها واخراج مشروعاته المفيدة من حيّز الْفِكر إِلَى حيّز الْعَمَل
ابادة المماليك
ولتتميم هَذَا الْمَشْرُوع اعد حفلة فِي القلعة فِي يَوْم الْجُمُعَة 5 صفر سنة 1226 اول مارس سنة 1811 لتسليم وَلَده طوسن باشا الفرمان الْمُؤَذّن بتقليده قيادة الْجَيْش المزمع ارساله إِلَى بِلَاد الْعَرَب لمحاربة الوهابيين وَالسيف المهدى اليه من قبل الحضرة السُّلْطَانِيَّة وَفِي الْيَوْم الْمَعْهُود طلع جَمِيع رُؤَسَاء المماليك إِلَى القلعة فِي موكب مُنْتَظم وَلما دخل الْجَمِيع من بَاب الغرب وانحشروا فِي الْمضيق الْموصل مِنْهُ إِلَى الْبَاب الاوسط اغلقت الابواب واطلقت عَلَيْهِم البنادق من خلف الاسوار وَمن اعلاها حَتَّى قتلوا عَن آخِرهم وَفِي الْوَقْت نَفسه نهبت جنود مُحَمَّد عَليّ باشا مَنَازِلهمْ بِالْمَدِينَةِ وَقتلت من تخلف مِنْهُم عَن الْحُضُور ثمَّ ارسل إِلَى عماله فِي الاقاليم بقتل جَمِيع المماليك القاطنين خَارج العاصمة فَقَتَلُوهُمْ وصاروا يتنافسون فِي ارسال رؤوسهم اليه وبذل طهرت مصر من ادران هَذِه الفئة وَلَو لم يكن لمُحَمد عَليّ باشا من الايادي الْبيض على مصر سوى تَخْلِيصهَا من شَرّ المماليك لكفى لتخليد ذكره وتمجيد اسْمه
وَبعد ذَلِك سَافر طوسن بجيوشه إِلَى بِلَاد الْعَرَب وَحَارب الوهابيين واستخلص الْمَدِينَة المنورة بعد أَن نسف اسوارها بالالغام ودخلها عنْوَة وَكتب لوالده بذلك ثمَّ حصره الوهابيون فِي مَدِينَة الطَّائِف فسافر مُحَمَّد عَليّ باشا إِلَى مَدِينَة مَكَّة فِي 28 شعْبَان سنة 1228 26 اغسطس سنة 1812 وَقبض على الشريف غَالب شرِيف مَكَّة المكرمة وارسله إِلَى مصر واقام مَكَانَهُ الشريف يحيى ابْن سرُور واحتل عدَّة مراكز مهمة من مراكز الوهابيين فتضعضع حَالهم
خُصُوصا وَقد توفّي زعيمهم سعود فِي 19 ربيع الآخر سنة 1229 10 ابريل سنة 1814 فَسَاد الامن فِي طَرِيق الْحَج واتى النَّاس افواجا لتأدية فَرِيضَة الْحَج فِي الْحجَّة سنة 1229 وَحج مُحَمَّد عَليّ باشا وَجَمِيع من مَعَه ثمَّ عَاد إِلَى مصر فوصلها فِي 15 رَجَب سنة 1230 23 يونيو 1815
وَقبل عودته كَانَ قد سَار طوسن باشا إِلَى بِلَاد نجد لمهاجمة الوهابيين فِي مَدِينَة الدرعية عَاصِمَة زعيمهم فاحتل مَدِينَة الرس الْوَاقِعَة على مقربة من الدرعية ثمَّ راسله عبد الله بن سعود الَّذِي تولى زعامة الوهابيين بعد موت ابيه وارسل اليه رَسُولا يدعى الشَّيْخ احْمَد الْحَنْبَلِيّ يطْلب مِنْهُ الْكَفّ عَن الْقِتَال والخضوع لامير الْمُؤمنِينَ وَترك دعوتهم فَأَجَابَهُ طوسن باشا بِأَنَّهُ لَا يُمكنهُ اجابة ملتمسه الا بعد اخذ رَأْي وَالِده واتفقا على مهادنة عشْرين يَوْمًا ريثما يخابر طوسن باشا وَالِده عِنْد ذَلِك اتى اليه خبر عودة وَالِده إِلَى مصر فَأخذ على نَفسه اتمام الصُّلْح واخبار وَالِده بعد اتمامه فاتفق مَعَ عبد الله بن سعود الوهابي على أَن يحتل طوسن باشا بجيوشه مَدِينَة الدرعية وَيرد الوهابيون مَا أَخَذُوهُ من المجوهرات والنفائس من الْحُجْرَة الشَّرِيفَة النَّبَوِيَّة خُصُوصا الْكَوْكَب الدُّرِّي الَّذِي زنته مائَة وَثَلَاثَة واربعون قيراطا من الماس وَكتب لوالده بذلك فَأتى اليه الرَّد بتكليف عبد الله بن سعود بالتوجه إِلَى الاستانة وان لم يقبل يُرْسل اليه جَيْشًا جَدِيدا لمحاربته
وَفِي هَذِه الاثناء جمع طوسن باشا خبر تمرد الْجنُود على وَالِده بالعاصمة ونهبهم الْمَدِينَة فَرجع هُوَ ايضا إِلَى العاصمة منيطا قيادة جيوشه لَاحَدَّ من كَانَ مَعَه من القواد وَوصل هُوَ إِلَى الْقَاهِرَة فِي غَايَة ذِي الْقعدَة سنة 1230 3 نوفمبر سنة 1815
وَبعد استتباب الامن فِي العاصمة اخذ مُحَمَّد عَليّ باشا فِي تجهيز حَملَة جَدِيدَة لمحاربة الوهابيين فجهزها وَجعل قائدها بكر اولاده ابراهيم باشا فَسَار هَذَا الشبل إِلَى بِلَاد الْعَرَب من طَرِيق قِنَا فالقصير فجدة وابحر من فرضة بولاق فِي 12 شَوَّال سنة 1231 5 سبتمبر 1816 فوصل يَنْبع فِي 9 ذِي الْقعدَة من السّنة الْمَذْكُورَة 1 اكتوبر 1816 وَمِنْهَا قصد الْمَدِينَة المنورة لزيارة قبر خَاتم الْمُرْسلين سيدنَا مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم ثمَّ سَار بجيوشه إِلَى بِلَاد نجد بعد أَن رتب النقط فِي خطّ رجعته
إِلَى فرضتي يَنْبع وَجدّة لعدم النقطاع وُصُول المدد اليه فاحتل الرس ومدينة عنيزة وَغَيرهَا وَفِي 29 جُمَادَى الاولى سنة 1233 6 ابريل سنة 1818 وصل امام مَدِينَة الدرعية وَكَانَ بهَا عبد الله بن سعود ومعظم جُنُوده
وَلما كَانَت هَذِه الْمَدِينَة متسعة الارجاء وَلَا يُمكن لابراهيم باشا محاصرتها بكيفية تضطرها إِلَى التَّسْلِيم اشار عَلَيْهِ اُحْدُ اركان حربه من الفرنساويين الْمَدْعُو المسيو فسيير بحصار الْقرى الاربع المحيطة بِالْمَدِينَةِ الْوَاحِدَة بعد الاخرى حَتَّى إِذا احتلها امكنه محاصرة الْمَدِينَة الاصلية بِكُل سهولة فَاتبع ابراهيم باشا هَذَا الرَّأْي لما فِيهِ من الْمُطَابقَة على اصول الْحَرْب وَمَعَ ذَلِك فاستمر الْحصار عدَّة اشهر لَكِن لما رأى عبد الله بن سعود أَن المصريين قد احتلوا ثَلَاث قرى من ضواحي الْمَدِينَة مَال إِلَى التَّسْلِيم وَطلب من ابراهيم باشا فِي 7 ذِي الْقعدَة سنة 1233 9 سبتمبر سنة 1818 ايقاف الْقِتَال للمفاوضة فِي الصُّلْح فأوقفه واتى عبد الله بن سعود إِلَى ابراهيم باشا فِي مُعَسْكَره فَأكْرمه واحسن وفادته وَبعد محادثة طَوِيلَة قبل الوهابي تَسْلِيم مَدِينَة الدرعية اليه بِشَرْط عدم تعرضه للاهالي بِسوء وبالسفر إِلَى الاستانة كرغبة الحضرة السُّلْطَانِيَّة وَبرد الْكَوْكَب الدُّرِّي وَمَا بَقِي من المجوهرات والتحف الَّتِي اخذها الوهابيون حِين استيلائهم على الْمَدِينَة سنة 1220 هجرية
ثمَّ سَافر عبد الله بن سعود إِلَى الاستانة من طَرِيق مصر فوصل الْقَاهِرَة فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ 17 محرم سنة 1234 16 نوفمبر 1818
وَبعد أَن قَابل مُحَمَّد عَليّ باشا بسراي شبْرًا سَافر قَاصِدا الاستانة فِي 19 من الشَّهْر الْمَذْكُور 18 نوفمبر سنة 1818 وَقتل بِالْقُسْطَنْطِينِيَّةِ بِمُجَرَّد وُصُوله
وَلما هدأت الْحَال فِي بِلَاد الْحجاز ونجد وَضرب الامن اطنابه بهَا واستؤصلت شأفة الوهابيين مِنْهَا عَاد ابراهيم باشا إِلَى مصر فوصل الْقَاهِرَة فِي يَوْم الْخَمِيس 21 صفر سنة 1235 9 دسمبر سنة 1819